المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ محمد السعيد إدريس
د‏.‏ محمد السعيد إدريس

مســـار بديـــل وجبهــة لحمايــة الثــــورة

الثلاثاء 16/سبتمبر/2014 - 11:11 ص

يبدو المشهد السياسى المصرى شديد الارتباك هذه الأيام سواء على مستوى الحكم أو على مستوى القوى السياسية المتنافسة على السلطة. فعلى مستوى الحكم يبدو الارتباك واضحاً فى التردد إزاء مجموعة من المطالب والسياسات العاجلة يأتى فى مقدمة هذه المطالب والسياسات ما يتعلق بمطالب القاعدة الشعبية الواسعة بالحد من غلاء المعيشة وخاصة ارتفاع أسعار السلع وأسعار الخدمات (الكهرباء، البنزين، المياه، التعليم، العلاج) وما يتعلق بمراجعة قانون انتخابات مجلس النواب، ومراجعة قانون الطوارئ، والإفراج عن معتقلى هذا القانون من شباب كانوا ضمن طلائع تيار الثورة (25 يناير و30يونيو)، والتردد فى اتخاذ موقف واضح من آلاف المحبوسين احتياطيا دون تسوية مواقفهم القانونية سواء بالإفراج عنهم أو محاكمتهم، لكن التردد الأكثر إثارة يتعلق بإعلان الدوائر الانتخابية وتحديدا موعد إجراء انتخابات مجلس النواب.

الارتباك الأفدح موجود ومتفشى على مستوى أداء القوى والأحزاب السياسية، ومن يريد أن يتأكد فعليه أن يلقى مجرد نظره على الخرائط المراوغة لبناء تحالفات انتخابية بين أحزاب وقوى سياسية لا يربط بينها غير المطامح، بل والمطامع فى الحصول على النسبة الأغلب من مقاعد البرلمان القادم (مجلس النواب).

لو ألقينا نظرة سريعة على ما هو موجود الآن من تحالفات نستطيع أن نحدد ستة منها حتى الآن وهى على الترتيب: التيار الديمقراطي، وتحيا مصر، والوفد، والأمة المصرية، والجبهة المصرية، ثم حزب النور. وربما تتأسس خلال الأسابيع القادمة تحالفات أخرى جديدة، وقد تتفكك بعض هذه التحالفات، لكن ما هو أهم هو أن كل هذه التحالفات لا يجمعها مشروع سياسي، لكن يجمعها هدف واحد هو الاستحواذ على القدر الأكبر من مقاعد البرلمان. وفى غياب المشروع السياسى فإن السؤال الذى يفرض نفسه هو: ولماذا التصارع على الدخول إلى البرلمان؟ ويرتبط بهذا السؤال سؤال آخر هو: هل الدخول إلى البرلمان هدف أم وسيلة.

ما يكشفه المشهد السياسى المصرى الراهن يقول إن الدخول إلى البرلمان تحول إلى هدف وغاية لمعظم إن لم يكن كل الأحزاب والقوى السياسية، فلماذا تركض أحزاب تحالف التيار الديمقراطى (الكرامة والتيار الشعبي، والتحالف الشعبى الاشتراكى والدستور) للتحالف مع حزب الوفد مثلاً، أو مع حزب المصريين الأحرار، أو مع الحزب الديمقراطى الاجتماعى ولماذا تقبل بشروط ومراوغات قادة تلك الأحزاب طيلة الأشهر الماضية. أحزاب «التيار الديمقراطي» يمكن توصيفها بأنها أحزاب اليسار أو على الأقل يسار الوسط فى حين أن الوفد والمصريين الأحرار وبدرجة ما الحزب الديمقراطى الاجتماعى يمكن اعتبارهم ممثلين لليمين أو التيار الليبرالى المحافظ، وطبقة رجال الأعمال. وما الذى يدفع حزباً مثل «حزب التجمع التقدمى الوحدوي» (فى الأغلب يسار ماركسي) ليتحالف مع تحالف «الجبهة المصرية» الذى يقوده حزب الحركة الوطنية المصرية برئاسة الفريق أحمد شفيق، وهو الحزب الذى يعد امتداداً أو تجديداً للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل. وما الذى يجعل حزب النور (الإسلامى السلفي) يجرى حوارات واتصالات بقيادات حزبية وشخصيات عامة لدراسة إمكانية التنسيق الانتخابى معها، بينهم عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين، والسيد البدوى رئيس حزب الوفد، وأحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق ومؤسس حزب الحركة الوطنية المصرية. حزب النور لم يكتف بذلك بل إن أمينه العام جلال مرة كان حريصاً فى أحد حواراته الصحفية على تأكيد أن حزبه لن يجرى أى تنسيق أو تحالف أو اتصالات مع الإخوان لغرض الانتخابات، مشدداً على أن المجمعات الانتخابية للحزب تدقق تماماً لعدم تسلل أى من عناصر الجماعة لقوائم ترشيحات النور.

لهذه الدرجة يحرص حزب النور على أن يكون شريكاً فى البرلمان حتى لو كان الثمن هو التحالف مع أطراف سياسية أعلنت وأكدت أن معركتها بالأساس الآن هى مع «التيار الإسلامي» من أجل إقامة الدولة المدنية، وحتى لو كان الثمن هو التبرؤ من حلفاء الأمس الشركاء فى هدف معركة «الشريعة أولاً وقبل كل شىء » ومعركة «غزوة الصناديق» ومعركة دستور 2012.

ارتباك لا يفسره إلا حقيقة واحدة هى أن المشروع السياسى للثورة قد غاب تماما عن المشهد السياسي، وأن الثورة وأهدافها لم يعد لهما وجود فى حسابات تلك القوى السياسية، وأن الفرز السياسى لا يجرى الآن على قاعدة الثورة وتحقيق أهدافها. فالتحالفات الانتخابية الحالية باتت تجمع بين قوى تنتسب للثورة، وقوى أخرى تسعى لاحتوائها، وقوى ثالثة هدفها واضح ومحدد وهو إسقاط الثورة والانتقام منها بعد أن قامت بتخوينها، وإذا استمر المشهد على ما هو عليه فعلينا أن نتحدث من الآن عن حقيقة واحدة هى «انتكاسة الثورة».

ما هو الحل إذن؟

الحل بتأسيس مسار بديل تتحالف فيه قوى الثورة يكون هدفه هو حماية الثورة واحترام إرادة الشعب الذى فجر هذه الثورة والسعى لتحقيق الأهداف التى ثار من أجلها بإقامة دولة الثورة، أى تحويل الثورة إلى دولة للثورة عن طريق البرلمان الذى ستقع عليه مسئولية إقامة نظام الحكم الذى تتحقق من خلاله هذه الدولة المأمولة، دولة الحرية والعزة والكرامة التى ثار الشعب من أجلها مرتين فى يناير 2011، ويونيو 2013.

مطلوب تأسيس مسار بديل للمسار المرتبك الحالى الذى تتحالف فيه بعض قوى الثورة مع القوى المناوئة والمعادية للثورة بدافع واحد هو «فوبيا العداء للإخوان»، ليتكرر المشهد الخاطئ الذى حدث عام 2012 عندما تحالفت بعض قوى الثورة مع الإخوان بدافع من «فوبيا العداء للفلول». هذه القوى مازالت تدفع حتى الآن ثمن هذا الخطأ ومطلوب ألا يتكرر الخطأ مرة أخرى، بأن تتحالف قوى الثورة مع بعضها البعض على قاعدة: «لا عودة لنظام مبارك.. ولا عودة لنظام الإخوان» ويكون هدفه هو حماية الثورة وبناء دولة الثورة من خلال الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان، والتأسيس لتيار سياسى قوى يكون قادراً على أن يكون حزب الثورة، وظهيراً للنظام الثوري.

مطلوب أن يتحالف تيار اليسار بكل أحزابه مع يسار الوسط وشباب الثورة وكل القوى والحركات الثورية لتأسيس «جبهة لحماية الثورة» فالثورة فى خطر فى ظل مافيا التحالفات الانتخابية الحالية التى لم تعد ترى الثورة، وإن رأتها فهى تسعى لإسقاطها والانتقام منها وتصفيتها بدافع من استرداد المصالح. وهنا يجب أن تسعى القوى والحركات صاحبة المصلحة فى الانتصار للثورة والتى قادت الاحتجاج ضد نظام مبارك وبالذات «حركة كفاية» ورموزها الوطنية باعتبارها «حركة ضمير» معنية بتصحيح المسار الثوري، لتأسيس «تحالف انتخابى ثوري» يضم ابتداءً «التحالف الديمقراطي» و»تحالف 25- 30» و»تحالف العدالة الاجتماعية» كنواة لبناء هذا التحالف الثورى شرط أن يكون مفتوحاً لمشاركة كل القوى الثورية، وأن يخوض الانتخابات تحت شعار «تحالف الغلابة» أو «تحالف الثوار» فى مواجهة تحالفات الأغنياء من طبقة رجال الأعمال وأحزاب عهد مبارك وقوى الثورة المضادة، تحالف انتخابى ثورى يؤسس لجبهة تحمى الثورة، عندها ستكون الثورة هى المعيار وهى الحكم بين المتنافسين وعندها ستكون الرؤية واضحة أمام الشعب ليحدد خياراته وانحيازاته.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟