إستراتيجيات بناء المستوطنات في إسرائيل (2/3)
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:17 م
مصطفى أمين
ثالثًا: مستوطنات المرحلة الثانية من (1901م: 1948م)
تمثل هذه المرحلة أهم مراحل إنشاء المستوطنات؛ وذلك لارتباطها ببداية انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، الذي انعقد في 29 أغسطس 1897م، والذي أقر في أحد أهم قراراتــه اتباع الوسائل العلمية الفعالة لإنشاء المستوطنات الزراعية لتأوي عمال الزراعة والصناعة من اليهود .
وتم في خلال هذه المرحلة تبلور الفكر الصهيوني حول المواقع المراد إقامة مستوطنات بها، وتم تحديد مواقعها بدقة بعد أن اتخذت عملية إنشاء المستوطنات، والاستيطان بشكل عام، التنظيم المؤسسي الذي افتقرت إليه المرحلة الأولي .
وسوف يتم تقسيم هذه المرحلة إلى ثلاث فترات رئيسة :
(1) الفترة الأولى: امتدت من عام 1901م إلى عام 1917م.
(2) الفترة الثانية: امتدت من عام 1918م إلى عام 1936م.
(3) الفترة الثالثة: امتدت من عام 1937م إلى عام 1948م .
الفترة الأولى: امتدت من عام 1901م إلى عام 1917م :
أدى عدم نجاح اليهود في تحقيق النجاح المأمول في إنشاء المستوطنات خلال المرحلة الأولى، من جانب المشرفين على عملية إنشاء المستوطنات من قبل الرأسمالين اليهود، أمثال دي روتشيلد ومونتفيوري، إلى توجيه انتقادات عنيفة لهم من قبل تيودور هرتزل، وأعرب عن ذلك بالنقد العنيف لمساعي دي روتشيلد ووصفه بأنه استيطان غير سياسي، وأن إقامته لهذه المستوطنات الزراعية بدون التنظيم الكافي لن يخلق نواة يهودية، وإنما هو مجرد توطيد لجماعات يهودية وسط مجتمع غريب، وأنه غير سياسي في دوافعه وأغراضه، ولا يحل مشكلة اليهود (31) .
ولقد وصف (دافيد بن جوريون) المهاجرين الأوائل بأنهم كانت تنقصهم الثقافة السياسية، والفكرة الواضحة، حول إقامتهم لهذه المستوطنات الزراعية .
وتعد هذه الفترة هي التي أحدثت التغير الجذري في الإستراتيجية الصهيونية نحو إقامة المستوطنات، وحدث ذلك التغير في اعتمادها على قرارات مؤتمر بازل الذي عقــد في 29/ 8/ 1897م، وهو المؤتمر الصهيوني الأول، حيث قررت الحركة الصهيونية التخلي عن الاستيطان المفتقد إلى التقنين والتنظيم الكافي، الذي يدعمه الممولون اليهود لأهداف دينية واقتصادية، والأخذ ببرنامج استيطاني متكامل له أهدافه الواضحة والمحددة التي تحظى بتأييد اليهود، وذلك بعد أن لمست الحركة الصهيونية عدم تحقيق النجاح المنشود خلال مرحلة تأسيس المستوطنات الأولى منذ بدايتها حتى عام انعقاد المؤتمر؛ وذلك لعدة أسباب :
1. انعدام التنسيق بين جمعيات الاستيطان المحدودة داخل فلسطين .
2. أن معظم مؤسسات الاستيطان قامت بجهود فردية، ولم تحقق الاكتفاء الذاتي المنشود للمستوطنات اليهودية. (32)
3. اعتمادها على أفراد معينين، قد يؤدي تخليهم عن المشروع الاستيطاني إلى انهيار عملية إنشاء المستوطنات نفسها؛ وبالتالي انهيار الحلم الصهيوني في إقامة كيان استيطاني تقوم عليه الدولة فيما بعد .
ولذلك فقد عملت الحركة الصهيونية على إيجاد المؤسسات والأدوات التي كان الهدف منها هو إنشاء أكبر عدد من المستوطنات وانتشارها على مستوى الكيان الجغرافي المطلوب لإعلان الدولة عليه، وفي نفس الوقت تراعي عدم تعرض هذه المرحلة للصعوبات التي حدثت في المرحلة الأولي .
وبذلك أصبح هدف إنشاء المستوطنات اليهودية هو نفس أهداف الحركة الصهيونية، والتي تمثلت فيما يلي:
1) تشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين اليهود .
2) أن تتم عملية بناء المستوطنات اليهودية من خلال مؤسسات ومكاتب تابعة للحركة الصهيونية في كافة أنحاء فلسطين .
3) إثبات الوجود اليهودي في فلسطين، من خلال عمليات التسلل والهجرة المنظمة وإنشاء المستوطنات لهؤلاء المستوطنين .
4) وقد ارتكزت الحركة الصهيونية على ثلاث ركائز أساسية لإقامة المستوطنات في فلسطين، هي نفس الركائز التي قام عليها الاستيطان بكافة صوره، وتمثلت هذه الركائز فيما يلي:
- التنظيم: والهدف منه هو إنشاء جهاز تنظيمي يشرف على عملية بناء المستوطنات وتنظيمها داخل فلسطين، ويتمثل هذا الجهاز في المنظمة الصهيونية العالمية .
- مؤسسات تنفيذ عمليات الاستيطان : ويقصد بها إنشاء مؤسسات فاعلة تقوم بتنفيذ عملية بناء المستوطنات على الأرض بعد الحصول عليها عن طريق الشراء .
- المفاوضات: ويقصد بها بذل الجهود السياسية مع الدول المستعمرة بالمنطقة من قبل الزعماء اليهود؛ للحصول على تصريح لهم بإنشاء الدولة بعد إثبات عملية التوطين اليهودي، وإيجاد الذريعة للمطالبة بها، من خلال إنشاء المستوطنات وانتشارها في المنطقة المراد إعلان الدولة عليها. (33)
وقد استجاب البارون دي روتشيلد، وقام بالخطوة العملية التي تمثل بداية هذه المرحلة عام 1900م، عندما تنازل عن المستوطنات التسع عشرة التي يملكها إلى جمعية الاستيطان اليهودي المعروفة اختصارًا باسم ( بيكا)، والتي أسسها البارون مورس دي هرش عام 1891م برأسمال قدره 250 مليون فرنك ذهبي، وكان الهدف الأساسي، هو إنشاء مستوطنات زراعية تتمتع بالاستقلال الذاتي.
وفي إطار منظمة البيكا، وتحت مظلة الحركة الصهيونية العالمية، بدأت مؤسسة البيكا في شراء الأرض وتنظيم عملية بناء المستوطنات، وفي عام 1901م بدأت في شراء أراضٍ جديدة؛ لبناء مستوطنات جديدة عليها، حيث أنشئت “,”كفار تابور“,” في منطقة بحيرة طبرية عام 1901م، و“,”يفنتيل“,” في الجليل عام 1901م، وفي عام 1903م أقيمت مستوطنة بالقرب من عتليت في السهل الساحلي وأقيم في نفس العام مستوطنة “,”كفار سابا“,” .
وقد لعبت مؤسسات أخرى بجانب البيكا دورًا أساسيًّا في تدعيم إقامة المستوطنات، ومن أهمها صندوق الائتمان اليهودي للمستعمرات ولجنة الاستعمار اللتين أنشئتا عام 1898م، والصندوق القومي لليهود الذي أنشئ عام 1901م. (34)
وقامت هذه المؤسسات بالدور الأساسي في عملية تمويل واقتناء الأراضي الزراعية وتوطين المستوطنين بها. (35)
وخلال هذه الفترة وصلت أعداد المستوطنين إلى حوالي 40 ألف يهودي، وكان معظمهم من روسيا القيصرية، وكان الدافع الأساسي وراء هجرتهم إلى فلسطين الاضطرابات المعادية لليهود، وخاصة مذابح “,”كيشيف“,”، وشعور اليهود في الشتات بأنه لا إمكانية لحل المشكلة اليهودية في الشتات؛ ولذلك هاجر كثير منهم إلى فلسطين يحدوهم الأمل في إقامة وطن قومي لليهود، وقد مثلت هذه الموجه الدعم الأساسي للمستوطنات اليهودية في فلسطين، وقد حمل هؤلاء المستوطنون عدة سمات أساسية، هي التي كونت شكل ونوع المستوطنات الجديدة، التي تميزت بعدة سمات أساسية، تمثلت فيما يلي :
1) أنها كانت مكونة من مجموعات منظمة من الشباب اليهودي في روسيا وبولندا، الذين يحملون الأفكار الاشتراكية التي ترمي إلى إقامة مجتمع اشتراكي على النمط الأوروبي، وطبقوا ذلك في إنشاء العديد من المؤسسات التي من أهمها مستوطنات “,”الكيبوتز“,” الجماعية .
2) أحدث هذا الفكر الاشتراكي النوعين الأساسيين من المستوطنات، وهي المستوطنات الزراعية الجماعية (الكيبوتز)، والمستوطنات شبه الجماعية (الموشاف)، وتتميز بصغر الحجم إذا قورنت بالمستوطنات التي أنشئت في المرحلة الأولى، والتخفيف من الإدارة البيروقراطية، ومنح حرية أكبر للمستوطنين .
3) رفعت هذه الموجة من أفكار العمل الجسدي والارتباط بالأرض، ودعمت ذلك داخل المستوطنات، وعملت على زيادة حماس المستوطنين وإقبالهم على الأعمال الشاقة داخل المستوطنات، كما قامت بإنشاء مستوطنات في أماكن يصعب المعيشة فيها، ومنها المناطق الجبلية والمرتفعات في الشمال .
4) ضمت هذه الموجة من المستوطنين الزعماء الصهيونيين البارزين، الذين لعبوا دورًا هامًّا في إقامة الدولة الصهيونية، مثل دافيد بن جوريون واسحق بن زفي، وليفي أشكول .
5) إدخال المستوطنين القادمين اللغة العبرية في كافة المستوطنات، وإصرارهم على تعليمها المستوطنين القادمين من روسيا وشرق أوروبا .
ثم قامت المنظمة اليهودية بالإشراف على إنشاء المستوطنات الزراعية ابتداء من عام 1908م، فأنشأت في نفس العام فرعًا لها في فلسطين، كان يقدم خدماته إلى المستوطنين اليهود ويساعدهم في إنشاء المستوطنات مع التركيز على إنشاء المستوطنات ذات المساحات الصغيرة وتنوع المحاصيل، وأسس عام 1908م شركة فلسطين لتنمية الأراضي، وقد مكنت هذه الجهود من إقامة 47 مستوطنة حتى عام 1914م (36) والتي تمثلت في المستوطنات الآتية :
دجانيا (أ) - كينرت (أ) - كينرت - مجدال - جن شموئل - بن شمن - كركور - كفار حينم - متسفاة - كفار ملل - بئير يعقوف - حولداة - نحلت يهوداة – كفار اورياه - روحاماة - رامات جان .
وعلى الرغم من المحاولات الكبيرة التي قام بها المستوطنون اليهود للاستغناء عن العمالة العربية داخل المستوطنات، فإن قلة الإنتاج من قبل المستوطنين الأوروبيين ذوي الخبرة القليلة بالزراعة، أدت إلى استمرار العمالة العربية بالعمل في هذه المستوطنات. (37)
ومع بداية الحرب العالمية الأولى وحتى نهايتها لم يكن في فلسطين سوى 47 مستوطنة يهودية، أقيم منها بدعم من المنظمة الصهيونية 14 مستوطنة، وبإشراف من مكتب فلسطين، ولم تقم أي مستوطنات أثناء الحرب إلا ثلاث مستوطنات هي: “,”ايليت هشهر“,” في السهل الساحلي، و“,”كفار جلعادي“,” و“,”تل حاي“,” في سهل الحولة .
من العرض السابق يتضح لنا ما يلي :
1) تركز المستوطنات خلال تلك الفترة في منطقة السهل الساحلي التي بلغ عددها 25 مستوطنة امتدت حتي جنوب حيفا؛ وذلك لاعتبارات متعلقة بوجود مساحات خالية من الأراضي وابتعادها عن مناطق التجمعات العربية، بالإضافة إلى قربها من المستوطنات الأولى .
2) بداية الانتشار شمالاً من خلال مستوطنات متولاة وتل حي وكفار جلعادي، والتي شكلت أقصى امتداد للمستوطنات شمالاً، وهذا ما تم التأكيد عليه بضرورة التوسع في الانتشار شمالاً .
3) الاتجاه نحو إقامة مستوطنات جديدة في سهل الحولة وطبرية؛ وذلك لخلق تواجد استيطاني جديد داخل هذه المناطق، تمهيدًا للاتصال بمستوطنات السهل الساحلي من خلال مرج ابن عامر .
4) بداية التوجه نحو منطقة القدس كمصدر إلهام روحي لليهود، وإنشاء 4 مستوطنات بها تمهيدًا للتركز فيها .
5) خلو النقب من المستوطنات؛ حيث لم يكن تم وضعه في الإستراتيجية الصهيونية بعد؛ نظرًا لظروفه الطبيعية الوعرة .
هذا، وقد بلغ عدد اليهود في عام 1914م مع بداية الحرب حوالي 85 ألف يهودي، أقام منهم في المستوطنات 12 ألفًا، وكان يهود اليمن يمثلون 8% من اليهود في فلسطين، ولم تجذب المستوطنات اليهودية من الأوربيين إلا 6 آلاف يهودي فقط، ولم يتجاوز عددهم أكثر من 7 آلاف في أحسن الأحوال، وتركز باقي اليهود الأوربيين في المدن، وخاصة مدينة تل أبيب، التي ساعد على إقامتها الصندوق القومي اليهودي عام 1909م. (38)
من خلال العرض السابق يتضح لنا أن هذه الفترة تميزت بعدة سمات أساسية :
1. التحول في الفكر اليهودي في إنشاء المستوطنات عن المرحلة السابقة، عن طريق الاستيلاء على الأراضي وإقامة مستوطنات والاستقرار للاستمرار بها، وتحول المستوطن اليهودي من مستوطن مستغل إلى مستوطن مرتبط بالأرض يعمل بها دون الاستعانة بالأيدي العاملة العربية، وإن واجهته العديد من الصعوبات، ولكنه بفضل المؤسسات الصهيونية والدعم المستمر منها استطاع أن يحسن ظروفه داخل المستوطنة ويرتبط بالأرض الجديدة .
2. وجود تخطيط مركز ومنظم لإنشاء المستوطنات التي تتلاءم مع أهداف الحركة الصهيونية، وقد بدأت هذه الخطط المنظمة مع موجة الهجرة الثانية، والتي حملت إلى فلسطين المثقفين اليهود من الرواد. ولتحقيق هذا المخطط كان البنك اليهودي للمستعمرات يشتري الأرض من الأموال التي يجمعها الصندوق القومي لليهود، ثم يقوم الصندوق بتأجيرها إلى المهاجرين اليهود، مع تطبيق “,”نظرية العمل العبري“,”، أي بدون الاستعانة باليد العاملة العربية، والفصل بين المستوطن اليهودي والعربي؛ تمهيدًا للاستيلاء النهائي على الأرض، ولتسهيل عملية بناء المستوطنات وفق هذا المخطط أنشئت ما بين عامي 1907م و1908م عدة مؤسسات محلية، منها شركة إنماء أراضي فلسطين وصندوق التعمير، وقد توالى بعد ذلك إنشاء مستوطنات الموشاف 1908م والكيبوتز .
3. استمرار طابع إنشاء المستوطنات الفردية في فلسطين على الرغم من ظهور الموشاف والكيبوتز؛ ففي نهاية عام 1914م كان الصندوق القومي اليهودي يمتلك 3.9% فقط من مجموع الأراضي الزراعية التي يمتلكها اليهود، والتي تبلغ مساحتها 420.6 ألف دونم، كما أن العاملين من المستوطنين اليهود في الموشاف والكيبوتز لم تتعد نسبتهم 5% من مجموع السكان اليهود العاملين في الزراعة. (39)
4. ومع بداية الفترة الثانية عام 1918م، وعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى دخلت عملية إنشاء المستوطنات مرحلة جديدة من تاريخها في فلسطين، وتغيرت السمات والملامح العامة للمستوطنات داخل فلسطين من حيث شكل التخطيط والإطار الفكري للسياسة الصهيونية، وأصبحت المستوطنات جزءًا من الخطة الاستيطانية العامة، التي تهدف في الأساس إلى تكريس الوجود اليهودي بالتوطن الفعلي في القرى والمدن، وإنشاء العديد منها لكي يتحدد عليها شكل الدولة القادمة، التي قامت في الأساس على شكل التوزيع الجغرافي لهذه المستوطنات داخل فلسطين التاريخية .
2- الفترة الثانية: ( 1918م - 1936م)
وبدأت هذه الفترة عقب إعلان وعد بلفور مباشرة، وبالتحديد في مارس 1918م، عندما أرسلت بريطانيا بموافقة الحلفاء على إرسال لجنة صهيونية يرأسها حاييم وايزمان إلى فلسطين لتنسيق الاتصال والتعاون بين السلطة العسكرية البريطانية والمجتمع اليهودي في فلسطين، ولوضع أسس بناء الوطن القومي لليهود، والعمل على تدعيم وضع المستوطنات اليهودية هناك. (40)
وتعد فترة الانتداب البريطاني على فلسطين الفترة الأهم والأخطر للصهيونية الاستيطانية، حيث دعَّم الهجرةَ اليهودية مرسومٌ يسمح بالهجرة في عام 1921م من قبل سلطات الانتداب البريطاني، وتأسيس قسم الاستيطان في المنظمة الصهيونية التي حلت مكان “,”مكتب فلسطين“,”، وتنامى الوجود السياسي للحركة الصهيونية، وتوسعت الأنشطة الاستيطانية من خلال بناء المستوطنات، وامتدت المشاريع الاستيطانية خلال هذه الفترة لتشمل مرتفعات كريات غنيم، وعطرون في منطقة القدس. (41)
وقد تميزت هذه الفترة بعدة سمات أساسية منذ بدايتها، تمثلت فيما يلي :
1. تبلور الشخصية الصهيونية الاستيطانية على أرض فلسطين، ووضوح أهدافها في بناء المستوطنات، واعتمادها على مؤسسات منظمة لتحقيق أهدافها في نشر شبكة واسعة من المستوطنات اليهودية .
2. الدور الإيجابي الذي لعبته سلطات الانتداب البريطاني في دعم الاستيطان الصهيوني داخل أراضي فلسطين، والحماية المباشرة للمستوطنين اليهود (42) ، وخاصة بعد أحداث عام 1920م، ومهاجمة العرب عدد من المستوطنات التي أقيمت في منطقة الجليل الأعلى، وخاصة مستوطني تل حاي، وكفار جلعادي، ومقابلة السلطات البريطانية لهذه المقاومة العربية بكل عنف. (43)
3. النمو السريع والزيادة الكبيرة في أعداد المستوطنات من نوعي الكيبوتز الجماعية والموشافا التعاونية، على حساب المستوطنات المستقلة الفردية .
وقد قامت لجنة حاييم وايزمان بدراسة أوضاع الأراضي في فلسطين، وأعدت تقريرًا قدمته إلى مؤتمر الصلح، تطالبه فيه بوضع برنامج متكامل للنهضة الزراعية في فلسطين؛ لخدمة المستوطنات الزراعية اليهودية .
وقد أسفر التقرير عن سلسلة من القوانين والإجراءات التي اتخذها المندوب السامي البريطاني، وتهدف مباشرة إلى تشجيع إنشاء المستوطنات اليهودية في فلسطين، وتحديد حجم الملكية العربية وزيادة الضرائب على الأملاك .
ومن أهم القوانين التي خدمت بشكل مباشر عملية إنشاء وتطوير المستوطنات اليهودية داخل فلسطين :
1) قانون الهجرة عام 1920م، وتم إجراء عدة تعديلات به فيما بين عامي 1921م و1925م، وكان من شأنه فتح فلسطين أمام تيار الهجرة اليهودية التي تمثل بالتالي أعدادًا جديدة من المستوطنين، بالإضافة إلى الموجودين داخل المستوطنات اليهودية، وهذا ما فتح المجال أمام المؤسسات الصهيونية لتوسيع عملية بناء المستوطنات؛ لاستيعاب المستوطنين الجدد، والاستيلاء على الأراضي اللازمة لإقامة هذه المستوطنات.
2) قانون انتقال الأراضي عام 1920م، الذي يسمح بتسهيل أعمال البيع والشراء؛ مما يعني زيادة الأراضي التي سوف يقوم اليهود بشرائها لإقامة مستوطنات عليها، وذلك مع الأخذ في الاعتبار الحالة المتردية للفلاحين العرب في أراضيهم، وأن غالبية المساحات الكبيرة كانت لعائلات غير فلسطينية .
3) قانون المساحة عام 1920م، الذي يسهل أعمال البيع والشراء، خاصة شراء الأراضي بواسطة المؤسسات والمنظمات الصهيونية التي تملك الأموال الهائلة، والمدعومة من الخارج برأسمال يهودي غربي.
4) قانون الأراضي الموات عام 1921م، الذي يلغي القانون العثماني الخاص بالسماح للفلاح بأن يضم إلى أرضه الأراضي البور، وهذا ما سمح للعصابات الصهيونية بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي البور. (44)
وتمكن اليهود من خلال هذه القوانين من شراء مساحات كبيرة من الأراضي، بلغت أواخر عام 1922م 594 ألف دونم، مقارنة بـ420.600 دونم كانت في حوزتهم عام 1914م، ووقعت معظم هـذه الأراضي في منطقة القـدس منها 2200 دونم ضمت إلى مستوطنة قريات عناقيم، و5000 دونم بالقرب من مستوطنة كفار سابا أقيمت عليها مستوطنة رعناناة، و19000 دونم أقيم عليها مستوطنة ياجور، و16000 دونم أقيمت عليها مستوطنة هرتزليا .
كما شهدت هذه الفترة استيلاء اليهود على 120.000 دونم في أراضي مرج ابن عامر؛ لتصل بذلك مستوطنات طبرية بمستوطنات السهل الساحلي. (45)
وهاجر خلال تلك الفترة 277 ألف يهودي إلى فلسطين من عام 1919م حتى عام 1936م، وكان مهاجرو هذه الفترة من يهود قارة أوروبا؛ حيث بلغت نسبتهم 80% خلال الموجه الأولى والثانية من هذه الفترة، وبلغت 91% خلال الموجه الصغيرة من عام 1932م 1936م. (46)
وقد مثلت هذه الأعداد المستوطنين اليهود الذين أقاموا المستوطنات اليهودية، وإن كانت هناك نسبة كبيرة قد سكنت في المدن وليس في المستوطنات اليهودية .
وقد أدت هذه الموجات المتتالية من المستوطنين إلى زيادة أعداد المستوطنات اليهودية بشكل كبير، ففي عام 1922م زاد عدد المستوطنات ليصبح 39 مستوطنة، قفزت عام 1927م إلى 72 مستوطنة، وفي عام 1931م إلى 88 مستوطنة، بلغت عام 1936م 163 مستوطنة، وقد انتشرت هذه المستوطنات على مساحات كبيرة في سهل مرج ابن عامر وغور الأردن، وقد زادت أعدادها بالسهل والغور، حتى وصل إلى 15 مستوطنة عام 1922م بعد أن كانت 6 مستوطنات عام 1914م، ثم وصلت إلى 17 مستوطنة عام 1927م، ثم 35 مستوطنة عام 1936م. وزادت المستوطنات في الجليل الأعلى والأسفل، فبعد أن كانت مستوطنة واحدة عام 1882م زادت إلى 3 مستوطنات عام 1890م، ثم إلى 7 عام 1900م، ارتفعت إلى 12 عام 1920م، ثم إلى 17 عام 1922م، زادت إلى 23 عام 1936م. ثم بدأ الاهتمام بالمناطق الجبلية، خاصة في مرتفعات القدس التي أقيم بها مستوطنتان، زادتا إلى 4 مستوطنات عام 1922، ثم زادت إلى 7 مستوطنات عام 1927، زادت إلى 9 مستوطنات عام 1935م. (47)
من خلال العرض السابق يتضح لنا :
1. استحواذ السهل الساحلي على أكبر عدد من المستوطنات المقامة خلال تلك الفترة، والتي وصلت إلى 75% من عدد المستوطنات، إذا قورنت بمستوطنات مناطق الجليل ومرج ابن عامر والمناطق الجبلية .
2. امتداد المستوطنات نحو الشمال لتشكل منطقة اتصال بين مستوطنات السهل الساحلي ووادي طبرية والحولة .
3. الاتساع في مناطق جديدة استيطانيًّا، خاصة في وادي بيسان، وإلى الشمال من حيفا وعكا.
4. ظلت المناطق الجبلية والنقب تعاني من قلة المستوطنات، وهذا ما لفت الأنظار لهما خلال الفترات التالية.
ومن أهم المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة :
دجانيا (ب) - بلفورية - بيت ألفا - جفـع - جنيجر - حفتسي باة - عين حارود (أ) - عين حارود (ب) - كفار جدعون - ماعوز حاييم - مزراع - نهـلال - ياجور - بنيامياه - تلمي إلعازر - قربت عناقيم - رامات هشارون – رعنناة.
وقد تميزت تلك المرحلة بالسمات الآتية:
- تركز معظم المستوطنات في منطقة السهل الساحلي في مرج بني عامر وساحل يافا .
- اختلاف عناصر المستوطنين خلال فترة العشرينيات، والذين كان معظمهم من أحد أصحاب الطبقة الوسطي .
- تركز معظم المستوطنين في المدن الرئيسة مثل حيفا ويافا وتل أبيب، وانخفاض التركز في المستوطنات .
- شكلت المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة النواة الأولى لإطار الكيان السياسي الذي قامت عليه الدولة الإسرائيلية فيما بعد .
- ظهور نوع جديد من المستوطنات، وهي الموشافيم شيتوفي، وهي مستوطنات الطبقة الوسطى التي تأسست منذ عشرينيات هذه الفترة، وتميزت بالزراعة الحرة، ولكنها لم تلق النجاح المنشود. (48)
3- الفترة الثالثة: (1937م – 1948م)
تمثل هذه الفترة الحقبة الأخيرة من بناء المستوطنات داخل فلسطين، التي استمر وجودها داخل إطارها الجغرافي طوال الفترات السابقة ككيان جغرافي يحمل اسم فلسطين، وكانت جميع عمليات الاستيطان وبناء المستوطنات والتوطن اليهودي مجرد فرض أمر واقع من جانب اليهود والجماعات اليهودية، ولكن هذه المرحلة مثلت الفترة الأخيرة لهذا الإطار الجغرافي، واستطاعت الجماعات اليهودية ومؤسساتها أن تحول هذا التوطن المتناثر في بدايته وفقًا لأهداف اقتصادية، والمنظم في فترات تالية وفقًا لاعتبارات سياسية وإستراتيجية، إلى تحديد الإطار الجغرافي الذي تشكلت عليه حدود الدولة الإسرائيلية، التي أعلنت في 14 مايو 1948م .
وقد تميزت هذه الفترة بمجموعة من السمات الأساسية في التوجه نحو إقامة مستوطنات في مناطق جغرافية جديدة، مع خضوعها لاعتبارات سياسية وإستراتيجية للحفاظ على هذا الإطار الجغرافي الجديد.. وتمثلت فيما يلي :
(أ) ظهور نوع جديد من المستوطنات وهي حوما ومجدال (السور والبرج).
(ب) البدء في التوجه نحو الجنوب ( النقب)
(ج) ارتباط المستوطنات بنظرية الأمن الإسرائيلية.
(أ) مستوطنات حوما ومجدال (السور والبرج):
أطلق هذا الاسم على عملية إقامة 52 مستوطنة يهودية محصنة في فلسطين خلال ثورة 1936م و1939م، وخاصة في مناطق الحدود البعيدة عن مراكز المستوطنات اليهودية في منطقة السهل الساحلي والقطاع الشمالي .
وقد بدأ المستوطنون اليهود والمؤسسات اليهودية في البدء بحملة استيطانية واسعة لإقامة مجموعة من المستوطنات داخل مناطق المنع التي صدرت بموجب الكتاب الأبيض؛ وذلك لترسيخ الوجود اليهودي في مناطق جديدة لكي توسع من شكل الدولة المقترحة دوليًّا، وبعد أن أصبحت القضية في حيز التقسيم الدولي للأراضي التي يملكها اليهود والتي يملكها العرب .
وقد تطلب ذلك السرعة في إقامة هذه المستوطنات؛ وعليه فقد أقيمت المستوطنات ضمن عمليات سريعة في ساعات الليل وطيلة يوم واحد، وأشرفت منظمة الهاجاناه على إقامة هذه المستوطنات التي بلغ عددها 52 مستوطنة خلال ثورتي 1936م إلى 1939م
وبدأت عملية بناء هذه المستوطنات بتحديد إقامة مستوطنة كفار حطين قرب طبرية في 7/12/1936م، وتل عمال في 7/12/1936م في نفس اليوم، وقد اشترك في هذه العملية جميع التيارات الاستيطانية من الكيبوتس القطري حتي منظمة بيتار، بالإضافة إلى الصندوق القومي اليهودي، ودوائر الاستيطان في الوكالة اليهودية والمركز الزراعي التابع للهستدروت، ومؤسسات وهيئات ومؤسسات عبرية مختلفة، ساهمت جميعًا في توسيع حدود الاستيطان اليهودي عن طريق هذه العملية، التي سميت باسم حوما ومجدال (السور والبرج). (49)
§ مستوطنات (سور وبرج) حوما ومجدال وتاريخ تأسيسها:
اسم المستوطنة
عام التأسيس
اسم المستوطنة
عام التأسيس
كفار حطيم
7/12/1936م
عين هامفراتس
25/8/1938م
تل عمال
7/12/1936م
معين تسفي
30/8/1938م
بئر دافيد
10/12/1936م
شارونا
16/11/1938م
سدة ناحوم
5/1/1937م
جيؤوليم
17/11/1938م
شاعرها غولان
31/1/1937م
ايالون
24/11/1938م
مسادة
31/1/1937م
نفة انيان
25/11/1938م
جينوسار
25/2/1937م
كفار ساريك
29/11/1938م
تل يوسف
9/4/1937م
مسلوت
12/12/1938م
مشمارها شلوش
13/4/1937م
دالياة
2/5/1939م
طيرت تسفي
30/6/1937م
دفنة
3/5/1939م
موليدت
4/7/1937م
دان
4/5/1939م
عين ها شوفيط
5/7/1937م
سدة الياهو
8/5/1939م
عين جف
6/7/1937م
مناحيم
23/5/1939م
ماعوز حاييم
6/7/1937م
سدا موت دبورا
23/5/1939م
كفار مناحييم
28/7/1937م
شورش
23/5/1939م
كفار سولد
15/8/1937م
هازرعيم
23/5/1939م
تسور موشية
13/9/1937م
تل تنور
23/5/1939م
أفنشة
7/11/1937م
كفار جليلون
23/5/1939م
كفار روبين
25/11/1937م
معيليم
23/5/1939م
حبتياة
31/3/1938م
مشمار حاييم
28/5/1939م
شفي تسيون
13/4/1938م
بيت اورن
1/10/1939م
سدة وربورج
17/5/1938م
كفار نطر
26/6/1939م
رامات هدار
26/5/1938م
نوجيف
12/7/1939م
الونيم
26/6/1938م
بيت أورن
1/10/1939م
معالية همحشاة
17/7/1938م
عمير
29/10/1939م
تل اسحاق
25/7/1938م
جيشر
1939م
بيت يهشوع
17/8/1938م
ـــــــــ
ــــــــ
ومن خلال الجدول يتضح لنا :
1) التقارب الزمني بين إنشاء هذا العدد الكبير من المستوطنات، والبالغ 53 مستوطنة، في فترة زمنية لم تتجاوز ثلاث سنوات، وهذا ما يؤكد على خضوعها لسياسة محددة هدفها توسيع الحدود الاستيطانية داخل مناطق جديدة، خاصة في الجليل وأجزاء من شمال فلسطين وجنوب السهل الساحلي .
2) الكثافة العددية الواضحة في عدد هذه المستوطنات، والتوازن في عمليات تأسيسها على مدار أعوام 1937، 1938، 1939م .
3) يعد عام 1936م أقل هذه الأعوام في إقامة المستوطنات؛ وذلك باعتبار أن عمليات الإنشاء قد تمت في الشهر الأخير منه، وبلغت ثلاث مستوطنات في ثلاثة أيام .
4) التوازن في إنشاء المستوطنات من نوع السور والبرج خلال عامي 1937، 1938م، حيث أنشئت 16 مستوطنة في كلٍّ منهما، زادت إلى 18 مستوطنة في عام 1939م .
5) اعتُبر إنشاء هذه المستوطنات هي الرد العملي على الكتاب الأبيض، الذي أكد على الحد من الهجرة والاستيلاء على الأراضي من جانب اليهود، بل ووضعت هذه المستوطنات إستراتيجية جديدة في سرعة الاستيلاء على الأرض وفرض وجود المستوطنات كأمر واقع .
6) نتج عن إنشاء هذه المستوطنات ضرورة جلب مهاجرين للإقامة بها، وهو ما ترتب عليه موجات جديدة من الهجرة السرية لمهاجرين يهود .
7) تعد إنشاء هذه المستوطنات أكبر عملية عصيان ضد سلطات الانتداب البريطاني التي طالما ساعدت في إنشاء المستوطنات وجلب المهاجرين إليها .
8) أضافت هذه المستوطنات رقمًا جديدًا وكبيرًا إلى المستوطنات المقامة في فلسطين لتزيد عن 230 مستوطنة ويتعدى سكانها 97 ألف مستوطن .
وقد تم التركيز خلال هذه الفترة على الأهداف السياسية في عمليات شراء الأراضي، وإقامة مستوطنات عليها، حيث تم شراء 6000 دونم في أراضي قرية سمخ العربية، بالإضافة إلى 10.400 دونم على الحدود الشمالية بالقرب من مستوطنة حفيقاة، وتم التركيز على منطقة سهل بيسان، الذي بلغت مساحات المستوطنات به 53.548 دونم. (50)
وخلال تلك الفترة تم تأسيس نوع جديد من المستوطنات هدفه تأمين دخول المهاجرين السريين، وعرفت باسم (مستوطنات البحارة)، التي أقام بها مجموعة من الصيادين اليهود على طول ساحل البحر المتوسط؛ وذلك لتهريب اليهود خلسة فيما عرف بعملية غزو البحر، وتم نقل العديد منهم إلى مجموعة من المستوطنات حول مدينة حيفا؛ للتغلب على الأغلبية العربية بها. (51)
وكانت ظروف الحرب العالمية الثانية مواتية لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع انتشارها داخل كافة المناطق في فلسطين، وذلك بمساعدة سلطات الانتداب البريطاني؛ رغبة في تجنيد أعداد من سكان المستوطنات في الجيش البريطاني، واستخدام منتجاتها في تزويد الجيش البريطاني بالمؤن. (52)
استمرت الجهود اليهودية في صراعها ضد الكتاب الأبيض واستغلال قانون الأراضي، الصادر عام 1940م للحد من امتلاك اليهود لأراضي فلسطين؛ في محاولة لخلق وجود استيطاني في مناطق جديدة والمناطق الموجود بها مستوطنات يهودية، ونجح اليهود في إنشاء 135 مستوطنة على مجمل أراضي بلغت مساحتها 400000 دونم حتى قيام الدولة عام 1948م، وتمثلت في 30 مستوطنة في منطقة الجليل، وهي: بيت هليل – متسوباة – شتاريشوف – سدية نحمياة – كفار سالد – جفعون رايد – كفار بلوم – تحاليم – رميم – عبرون - شامير – بيريه – شيفر – حوكوك – لهفوت هبشان – مسجاف عام – عين زيتيم – عميعاد – رجبا – نيئوت مود خلي – يحيعام – مشمار هيردين – معين باروخ – الوموت – رمات تسفر – جازيت – بيت كيشت – مخمياة – كفار كيش – دبيرت.
بالإضافة إلى 6 مستوطنات في مرتفعات الضفة والسهل الساحلي، وهي: كفار عصيون – جينرر – مسؤوت يتسحاف – عين حوريم – نفية ايلون – ريدليم. و13 مستوطنة في السهل الساحلي الجنوبي، وهي: دوروت – يبنية – جات – جيفرعام – بينروت بتسحات – نير عام – يد مردخاي – ينتساتنيم – روحمة – حيفنس – حاييم – حنسور – جال أون – كدمة. و2 في وادي بيسان، هما: أبو كا وعين هنتسيف، و17 مستوطنة في سهل الشاوروتا ومرتفعات منشة، وهي: رمات هشوفيط معنيت – ابين اسحاق - بيت يتسحق – سروت يام – جليل يام – بيت هليفي – همعبيل – مكمورت – بنيه – درور – كفار موناشي – مشمبرت بحرة – يكوم – بتية صهيون – حيرب ليئات – هعوجين. (53)
وقد أكدت مستوطنات حوما ومجدال، وباقي المستوطنات التي أنشئت خلال تلك الفترة، على حقيقة هامة، وهي التوجه السياسي الواضح في التوسع على أي أرض يمكن شراؤها أو الاستيلاء عليها؛ لتوسيع حدود المنطقة الاستيطانية، والتمدد في مناطق جديدة؛ تمهيدًا لرسم حدود المنطقة المراد إقامة الدولة عليها، وهذا ما نقل التوجه نحو منطقة جديدة، وهي (النقب).
(ب) البدء في التوجه نحو الجنوب ( النقب)
مرت حركة الاستيطان بالنقب خلال تلك الفترة بالأوضاع السياسية لحركة الاستيطان الصهيونية، والتي أرسى قواعدها مؤتمر بلتيمور الذي انعقد عام 1942م، والذي أكد فيه على ضرورة التمركز نحو الجنوب ومحاولة الاستيلاء على الأراضي بالنقب وإنشاء مستوطنات جديدة بها، وهذا ما حدث بإنشاء مستوطنات جيفولوت – بيت ايشل – رفيفنيم. (54)
وقد بلور دافيد بن جوريون نظريته السياسية – الإستراتيجية نحو استيطان النقب من منطلق اعتبارها جسرًا بين الدولة اليهودية والقارات الثلاث (آسيا – إفريقيا – أوربا)، بالإضافة إلى ضرب المحاولات البريطانية وفقًا لمشروع موريسون – جرايدي عام 1946م لتقسيم فلسطين، الذي اقترحته لجنة بيل، والتي تبقي القدس والنقب تحت المسئولية البريطانية، وهذا ما رفضه اليهود، وتجسد عمليًّا في إنشاء وتجديد مستوطنة حتسور، وإنشاء 11 مستوطنة مساء يوم 6/10/1946 وهي: جال اون – كدماة – اوريم – باري حتسريم – كفار دروم – مشمار هانقب - نيطيم – نيريم – تكوما – شوبال. (55)
وأعقب ذلك هجوم مسلح للفرق اليهودية على المناطق العربية في شمال النقب وغربه، وطرد القبائل العربية منها، وإقامة مستوطنات جديدة، ليصل العدد إلى 18 مستوطنة. (56)
ووصل عدد المستوطنين بها عام 1948م إلى 3600 مستوطن، معظمهم من سكان الكيبوتز المتسللين من المستوطنات الشمالية والمهاجرين غير الشرعيين. (57)
(ج) ارتباط المستوطنات بنظرية الأمن الإسرائيلي :
تعد هذه الفترة هي بداية ارتباط أمن المستوطنات بأمن الدولة الإسرائيلية التي لم تكن قد أعلنت بعد، وإن كانت قد شكلت حدودها في أذهان اليهود والمؤسسات الاستيطانية، وقد قامت هذه النظرية على عدم إنشاء أي مستوطنة قبل تأمينها وحاميتها، خاصة مع الهجمات العربية التي حدثت على مستوطنتي تل حاي وتل جلعادي، وارتكزت هذه النظرية على فكرة التمركز والانتشار من خلال إنشاء شبكة من المستوطنات المتقاربة على شكل تجمعات تمتد بين الشاطئ بالسهل الساحلي والأودية، ومناطق المرتفعات، مع مراعاة التأمين الدفاعي لها ووجود قدرات للاكتفاء الذاتي من خلال التنمية الزراعية، بالإضافة إلى قرب كل مستوطنة من الطرق الرئيسية وربطها بها بطرق قريبة .
وقد أخذت هذه التجمعات شكل حرف (N) ، واستخدام كل منطقة استيطانية كقاعدة داخل الإقليم الجغرافي للتوسع على أساسها فيما بعد .
وقد كان للأمن العامل الحاسم في اختيار مواقع المستوطنات وإنشائها طوال تلك الفترة وما قبلها؛ من خلال اختيار المواقع بعيدًا عن التجمعات العربية وإشرافها على مناطق إستراتيجية وتجهيزها بوسائل حماية متنوعة؛ خوفًا من قيام هجوم عربي محتمل، حتى لا تتكرر مرة أخرى واقعة تل حاي وكفار جلعادي. (58)
ومن أهم المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة هي :
معلية هاباشان - سدي نحمياة - عامير - بيت هليل - بارود - مليكاة - رامات نفتالي - دفنــاة - ألوموت - شامر - شعر ياشوف - كفار بلوم - كفار سولد - لهفوت هباشان - محنيم - مسجاف عام - دان - أشدوت يعقوف - بيت - يتسحاف - جفعتون - بيتانيا - بيت قتست - جيشر - نؤوت مردخاي - عميعاد دوثن - معين باروخ - بيت جان - كفار كش - كفار ناتان - هاؤون - اشزب - رجباة - سعر - شعرها علياة - مشمر هيام - ألوفي ابا - بيت لحم هجليت - رامون منتسة - رامون - راشافيم - شلوحوت - شيمرون - عين هنانسف - يزرعل - عين كرمل – حاجور .
ومن خلال العرض السابق يتضح لنا :
1) التوجه الاستيطاني المخطط خلال تلك الفترة للتركز في مناطق محددة لتوسيع إطار الدولة اليهودية القادمة .
2) ظهور أنواع جديدة من المستوطنات أقرب إلى المعسكرات منها إلى المستوطنات السكانية.
3) ارتباط مستوطنات هذه الفترة بالأمن اليهودي والحفاظ على الأراضي التي تم السيطرة عليها .
ومن خلال العرض السابق للمرحلة الثانية من الاستيطان اليهودي في فلسطين يتضح لنا عدة نتائج هامة :
1. عدم تبلور الفكر الاستيطاني اليهودي في بداية تلك المرحلة حول إستراتيجية محددة في إقامة المستوطنات، وظل الاستغلال الاقتصادي هو الأغلب حتى بداية الحرب العالمية الأولى.
2. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى أخذ الاستيطان اليهودي في الزيادة المطردة في عدد المستوطنات، حيث بلغ أعلى مستوياته قبيل قيام الدولة؛ وذلك بسبب التوجه السياسي المخطط في تكوين وطن قومي لليهود في فلسطين .
3. التنوع في أنماط المستوطنات خلال تلك المرحلة؛ وذلك لاختلاف الأفكار الوافدة مع المهاجرين وتأثيرها على شكل وطبيعة كل مستوطنة، ومن أهم هذه الأفكار: المبادئ الاشتراكية التي جاءت مع مهاجري شرق أوربا وروسيا، بالإضافة إلى الأفكار البرجوازية القادمة مع مهاجري الطبقة الوسطى من أوربا الغربية .
4. شكل أمن المستوطنات خلال تلك المرحلة أحد العناصر الهامة لزيادة أعدادها مع شعور اليهود المهاجرين بأن وجودهم أصبح يمثل استفزازًا وتهديدًا للعرب المقيمين في فلسطين، الذين لم يدركوا خطورة هذه المستوطنات إلا متأخرًا.
5. يعد عام 1948م هو المرحلة النهائية لإقامة المستوطنات بكافة أنواعها داخل فلسطين؛ وذلك باعتباره العام الذي أعلنت فيه الدولة الإسرائيلية، وأصبحت جميع المستوطنات المقامة بعد ذلك داخلها، وبذلك انتهت مرحلة التوطن اليهودي داخل أراضي فلسطين التاريخية بتجسيد وجوده واقتطاعه 77% من أراضي فلسطين التاريخية؛ لتصبح إسرائيل هي تجسيد الأمر الواقع؛ من خلال الاستيلاء على الأرض، وإقامة مستوطنات عليها، لتكون نواة الدولة، التي استقرت في شكل حدودها السياسية على هذه المستوطنات، وأعلنت عليها دولة إسرائيل؛ لتصبح إسرائيل هي دولة المستوطنة، أو الدولة المستوطنة -إذا جاز التعبير .
المصادر والمراجع
1. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ 129.
2. احمد طربين، مرجع سابق، صـ صـ 38، 40 .
3. فايز الصايغ، الاستعمار الصهيوني في فلسطين، ترجمة، عبد الوهاب الكيالي، منطقة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1965م، صـ صـ 9- 11.
4. صادق على الربيعي، الاستيطان الصهيوني في فلسطين إبان حكم الدولة العثمانية 1882م- 1917م، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978م، صـ صـ 89- 90 .
5. خليل ابو رجيلي، مرجع سابق، صـ 17.
6. محمد محمود الصياد، مرجع سابق، صـ 223 .
7. هندامين البديري، مرجع سابق، صـ 130.
8. السيد يسين، على الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 156، 157
9. أنيس صايغ، مرجع سابق، صفحات متفرقة .
10. السيد يسين، علي الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 158، 159.
11. عبد الرحمن أبو عرفة، الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية، طـ 2، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، الأردن، 1986م، صـ 132.
12. السيد يسين، علي الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 159، 207، 208.
13. السيد يسين، علي الدين هلال، مرجع سابق، جـ 1، صـ 208 .
14. عبد الرحمن أبو عرفة، مرجع سابق، صـ 134 .
15. السيد يسين، عليّ الدين هلال، المرجع السابق، صـ 209 .
16. عبد الرحمن أبو عرفة، مرجع سابق، صـ 134
17. السيد يسين، عليّ الدين هلال، مرجع سابق، صـ 209، 210.
18. صبري جريس، تاريخ الصهيونية (1862– 1948م)، الوطن القومي اليهودي في فلسطين(1918– 1939م)، الجزء الثاني، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1986م، ص 131.
19. عمران أبو صبيح، مرجع سابق، صـ صـ 28- 29.
20. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ صـ 133 – 134.
21. أنيس صايغ، المرجع السابق، صفحات متفرقة .
22. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ 132.
23. إفرايم ومناحم قلمي، معجم المصطلحات الصهيونية، ترجمة أحمد بركات العجرمي، الطبعة الأولى، دار الجميل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، عمان، صـ 198، 199.
24. جاك كنو، مشكلة الأراضي في النزاع القومي بين اليهود والعرب منذ وعد بلفور، ترجمة محمد عودة الدويري، الطبعة الأولي، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، عمان، 1997م، صـ صـ 91- 95.
25. هند أمين البديري، مرجع سابق، ص 133.
26. محمد عبد الرءوف سليم، نشاط الوكالة اليهودية لفلسطين منذ إنشائها وحتى قيام دولة إسرائيل 1922 – 1948م، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1982م، ص 420.
27. جاك كنو، المرجع السابق، صـ صـ 100 – 104.
28. صبحي يوسف عيد، جغرافية الاستيطان الصهيوني في منطقة النقب، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978م، ص 104 .
29. جاك كنو، المرجع السابق، صـ صـ 107 – 108 .
تمثل هذه المرحلة أهم مراحل إنشاء المستوطنات؛ وذلك لارتباطها ببداية انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، الذي انعقد في 29 أغسطس 1897م، والذي أقر في أحد أهم قراراتــه اتباع الوسائل العلمية الفعالة لإنشاء المستوطنات الزراعية لتأوي عمال الزراعة والصناعة من اليهود .
وتم في خلال هذه المرحلة تبلور الفكر الصهيوني حول المواقع المراد إقامة مستوطنات بها، وتم تحديد مواقعها بدقة بعد أن اتخذت عملية إنشاء المستوطنات، والاستيطان بشكل عام، التنظيم المؤسسي الذي افتقرت إليه المرحلة الأولي .
وسوف يتم تقسيم هذه المرحلة إلى ثلاث فترات رئيسة :
(1) الفترة الأولى: امتدت من عام 1901م إلى عام 1917م.
(2) الفترة الثانية: امتدت من عام 1918م إلى عام 1936م.
(3) الفترة الثالثة: امتدت من عام 1937م إلى عام 1948م .
الفترة الأولى: امتدت من عام 1901م إلى عام 1917م :
أدى عدم نجاح اليهود في تحقيق النجاح المأمول في إنشاء المستوطنات خلال المرحلة الأولى، من جانب المشرفين على عملية إنشاء المستوطنات من قبل الرأسمالين اليهود، أمثال دي روتشيلد ومونتفيوري، إلى توجيه انتقادات عنيفة لهم من قبل تيودور هرتزل، وأعرب عن ذلك بالنقد العنيف لمساعي دي روتشيلد ووصفه بأنه استيطان غير سياسي، وأن إقامته لهذه المستوطنات الزراعية بدون التنظيم الكافي لن يخلق نواة يهودية، وإنما هو مجرد توطيد لجماعات يهودية وسط مجتمع غريب، وأنه غير سياسي في دوافعه وأغراضه، ولا يحل مشكلة اليهود (31) .
ولقد وصف (دافيد بن جوريون) المهاجرين الأوائل بأنهم كانت تنقصهم الثقافة السياسية، والفكرة الواضحة، حول إقامتهم لهذه المستوطنات الزراعية .
وتعد هذه الفترة هي التي أحدثت التغير الجذري في الإستراتيجية الصهيونية نحو إقامة المستوطنات، وحدث ذلك التغير في اعتمادها على قرارات مؤتمر بازل الذي عقــد في 29/ 8/ 1897م، وهو المؤتمر الصهيوني الأول، حيث قررت الحركة الصهيونية التخلي عن الاستيطان المفتقد إلى التقنين والتنظيم الكافي، الذي يدعمه الممولون اليهود لأهداف دينية واقتصادية، والأخذ ببرنامج استيطاني متكامل له أهدافه الواضحة والمحددة التي تحظى بتأييد اليهود، وذلك بعد أن لمست الحركة الصهيونية عدم تحقيق النجاح المنشود خلال مرحلة تأسيس المستوطنات الأولى منذ بدايتها حتى عام انعقاد المؤتمر؛ وذلك لعدة أسباب :
1. انعدام التنسيق بين جمعيات الاستيطان المحدودة داخل فلسطين .
2. أن معظم مؤسسات الاستيطان قامت بجهود فردية، ولم تحقق الاكتفاء الذاتي المنشود للمستوطنات اليهودية. (32)
3. اعتمادها على أفراد معينين، قد يؤدي تخليهم عن المشروع الاستيطاني إلى انهيار عملية إنشاء المستوطنات نفسها؛ وبالتالي انهيار الحلم الصهيوني في إقامة كيان استيطاني تقوم عليه الدولة فيما بعد .
ولذلك فقد عملت الحركة الصهيونية على إيجاد المؤسسات والأدوات التي كان الهدف منها هو إنشاء أكبر عدد من المستوطنات وانتشارها على مستوى الكيان الجغرافي المطلوب لإعلان الدولة عليه، وفي نفس الوقت تراعي عدم تعرض هذه المرحلة للصعوبات التي حدثت في المرحلة الأولي .
وبذلك أصبح هدف إنشاء المستوطنات اليهودية هو نفس أهداف الحركة الصهيونية، والتي تمثلت فيما يلي:
1) تشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين اليهود .
2) أن تتم عملية بناء المستوطنات اليهودية من خلال مؤسسات ومكاتب تابعة للحركة الصهيونية في كافة أنحاء فلسطين .
3) إثبات الوجود اليهودي في فلسطين، من خلال عمليات التسلل والهجرة المنظمة وإنشاء المستوطنات لهؤلاء المستوطنين .
4) وقد ارتكزت الحركة الصهيونية على ثلاث ركائز أساسية لإقامة المستوطنات في فلسطين، هي نفس الركائز التي قام عليها الاستيطان بكافة صوره، وتمثلت هذه الركائز فيما يلي:
- التنظيم: والهدف منه هو إنشاء جهاز تنظيمي يشرف على عملية بناء المستوطنات وتنظيمها داخل فلسطين، ويتمثل هذا الجهاز في المنظمة الصهيونية العالمية .
- مؤسسات تنفيذ عمليات الاستيطان : ويقصد بها إنشاء مؤسسات فاعلة تقوم بتنفيذ عملية بناء المستوطنات على الأرض بعد الحصول عليها عن طريق الشراء .
- المفاوضات: ويقصد بها بذل الجهود السياسية مع الدول المستعمرة بالمنطقة من قبل الزعماء اليهود؛ للحصول على تصريح لهم بإنشاء الدولة بعد إثبات عملية التوطين اليهودي، وإيجاد الذريعة للمطالبة بها، من خلال إنشاء المستوطنات وانتشارها في المنطقة المراد إعلان الدولة عليها. (33)
وقد استجاب البارون دي روتشيلد، وقام بالخطوة العملية التي تمثل بداية هذه المرحلة عام 1900م، عندما تنازل عن المستوطنات التسع عشرة التي يملكها إلى جمعية الاستيطان اليهودي المعروفة اختصارًا باسم ( بيكا)، والتي أسسها البارون مورس دي هرش عام 1891م برأسمال قدره 250 مليون فرنك ذهبي، وكان الهدف الأساسي، هو إنشاء مستوطنات زراعية تتمتع بالاستقلال الذاتي.
وفي إطار منظمة البيكا، وتحت مظلة الحركة الصهيونية العالمية، بدأت مؤسسة البيكا في شراء الأرض وتنظيم عملية بناء المستوطنات، وفي عام 1901م بدأت في شراء أراضٍ جديدة؛ لبناء مستوطنات جديدة عليها، حيث أنشئت “,”كفار تابور“,” في منطقة بحيرة طبرية عام 1901م، و“,”يفنتيل“,” في الجليل عام 1901م، وفي عام 1903م أقيمت مستوطنة بالقرب من عتليت في السهل الساحلي وأقيم في نفس العام مستوطنة “,”كفار سابا“,” .
وقد لعبت مؤسسات أخرى بجانب البيكا دورًا أساسيًّا في تدعيم إقامة المستوطنات، ومن أهمها صندوق الائتمان اليهودي للمستعمرات ولجنة الاستعمار اللتين أنشئتا عام 1898م، والصندوق القومي لليهود الذي أنشئ عام 1901م. (34)
وقامت هذه المؤسسات بالدور الأساسي في عملية تمويل واقتناء الأراضي الزراعية وتوطين المستوطنين بها. (35)
وخلال هذه الفترة وصلت أعداد المستوطنين إلى حوالي 40 ألف يهودي، وكان معظمهم من روسيا القيصرية، وكان الدافع الأساسي وراء هجرتهم إلى فلسطين الاضطرابات المعادية لليهود، وخاصة مذابح “,”كيشيف“,”، وشعور اليهود في الشتات بأنه لا إمكانية لحل المشكلة اليهودية في الشتات؛ ولذلك هاجر كثير منهم إلى فلسطين يحدوهم الأمل في إقامة وطن قومي لليهود، وقد مثلت هذه الموجه الدعم الأساسي للمستوطنات اليهودية في فلسطين، وقد حمل هؤلاء المستوطنون عدة سمات أساسية، هي التي كونت شكل ونوع المستوطنات الجديدة، التي تميزت بعدة سمات أساسية، تمثلت فيما يلي :
1) أنها كانت مكونة من مجموعات منظمة من الشباب اليهودي في روسيا وبولندا، الذين يحملون الأفكار الاشتراكية التي ترمي إلى إقامة مجتمع اشتراكي على النمط الأوروبي، وطبقوا ذلك في إنشاء العديد من المؤسسات التي من أهمها مستوطنات “,”الكيبوتز“,” الجماعية .
2) أحدث هذا الفكر الاشتراكي النوعين الأساسيين من المستوطنات، وهي المستوطنات الزراعية الجماعية (الكيبوتز)، والمستوطنات شبه الجماعية (الموشاف)، وتتميز بصغر الحجم إذا قورنت بالمستوطنات التي أنشئت في المرحلة الأولى، والتخفيف من الإدارة البيروقراطية، ومنح حرية أكبر للمستوطنين .
3) رفعت هذه الموجة من أفكار العمل الجسدي والارتباط بالأرض، ودعمت ذلك داخل المستوطنات، وعملت على زيادة حماس المستوطنين وإقبالهم على الأعمال الشاقة داخل المستوطنات، كما قامت بإنشاء مستوطنات في أماكن يصعب المعيشة فيها، ومنها المناطق الجبلية والمرتفعات في الشمال .
4) ضمت هذه الموجة من المستوطنين الزعماء الصهيونيين البارزين، الذين لعبوا دورًا هامًّا في إقامة الدولة الصهيونية، مثل دافيد بن جوريون واسحق بن زفي، وليفي أشكول .
5) إدخال المستوطنين القادمين اللغة العبرية في كافة المستوطنات، وإصرارهم على تعليمها المستوطنين القادمين من روسيا وشرق أوروبا .
ثم قامت المنظمة اليهودية بالإشراف على إنشاء المستوطنات الزراعية ابتداء من عام 1908م، فأنشأت في نفس العام فرعًا لها في فلسطين، كان يقدم خدماته إلى المستوطنين اليهود ويساعدهم في إنشاء المستوطنات مع التركيز على إنشاء المستوطنات ذات المساحات الصغيرة وتنوع المحاصيل، وأسس عام 1908م شركة فلسطين لتنمية الأراضي، وقد مكنت هذه الجهود من إقامة 47 مستوطنة حتى عام 1914م (36) والتي تمثلت في المستوطنات الآتية :
دجانيا (أ) - كينرت (أ) - كينرت - مجدال - جن شموئل - بن شمن - كركور - كفار حينم - متسفاة - كفار ملل - بئير يعقوف - حولداة - نحلت يهوداة – كفار اورياه - روحاماة - رامات جان .
وعلى الرغم من المحاولات الكبيرة التي قام بها المستوطنون اليهود للاستغناء عن العمالة العربية داخل المستوطنات، فإن قلة الإنتاج من قبل المستوطنين الأوروبيين ذوي الخبرة القليلة بالزراعة، أدت إلى استمرار العمالة العربية بالعمل في هذه المستوطنات. (37)
ومع بداية الحرب العالمية الأولى وحتى نهايتها لم يكن في فلسطين سوى 47 مستوطنة يهودية، أقيم منها بدعم من المنظمة الصهيونية 14 مستوطنة، وبإشراف من مكتب فلسطين، ولم تقم أي مستوطنات أثناء الحرب إلا ثلاث مستوطنات هي: “,”ايليت هشهر“,” في السهل الساحلي، و“,”كفار جلعادي“,” و“,”تل حاي“,” في سهل الحولة .
من العرض السابق يتضح لنا ما يلي :
1) تركز المستوطنات خلال تلك الفترة في منطقة السهل الساحلي التي بلغ عددها 25 مستوطنة امتدت حتي جنوب حيفا؛ وذلك لاعتبارات متعلقة بوجود مساحات خالية من الأراضي وابتعادها عن مناطق التجمعات العربية، بالإضافة إلى قربها من المستوطنات الأولى .
2) بداية الانتشار شمالاً من خلال مستوطنات متولاة وتل حي وكفار جلعادي، والتي شكلت أقصى امتداد للمستوطنات شمالاً، وهذا ما تم التأكيد عليه بضرورة التوسع في الانتشار شمالاً .
3) الاتجاه نحو إقامة مستوطنات جديدة في سهل الحولة وطبرية؛ وذلك لخلق تواجد استيطاني جديد داخل هذه المناطق، تمهيدًا للاتصال بمستوطنات السهل الساحلي من خلال مرج ابن عامر .
4) بداية التوجه نحو منطقة القدس كمصدر إلهام روحي لليهود، وإنشاء 4 مستوطنات بها تمهيدًا للتركز فيها .
5) خلو النقب من المستوطنات؛ حيث لم يكن تم وضعه في الإستراتيجية الصهيونية بعد؛ نظرًا لظروفه الطبيعية الوعرة .
هذا، وقد بلغ عدد اليهود في عام 1914م مع بداية الحرب حوالي 85 ألف يهودي، أقام منهم في المستوطنات 12 ألفًا، وكان يهود اليمن يمثلون 8% من اليهود في فلسطين، ولم تجذب المستوطنات اليهودية من الأوربيين إلا 6 آلاف يهودي فقط، ولم يتجاوز عددهم أكثر من 7 آلاف في أحسن الأحوال، وتركز باقي اليهود الأوربيين في المدن، وخاصة مدينة تل أبيب، التي ساعد على إقامتها الصندوق القومي اليهودي عام 1909م. (38)
من خلال العرض السابق يتضح لنا أن هذه الفترة تميزت بعدة سمات أساسية :
1. التحول في الفكر اليهودي في إنشاء المستوطنات عن المرحلة السابقة، عن طريق الاستيلاء على الأراضي وإقامة مستوطنات والاستقرار للاستمرار بها، وتحول المستوطن اليهودي من مستوطن مستغل إلى مستوطن مرتبط بالأرض يعمل بها دون الاستعانة بالأيدي العاملة العربية، وإن واجهته العديد من الصعوبات، ولكنه بفضل المؤسسات الصهيونية والدعم المستمر منها استطاع أن يحسن ظروفه داخل المستوطنة ويرتبط بالأرض الجديدة .
2. وجود تخطيط مركز ومنظم لإنشاء المستوطنات التي تتلاءم مع أهداف الحركة الصهيونية، وقد بدأت هذه الخطط المنظمة مع موجة الهجرة الثانية، والتي حملت إلى فلسطين المثقفين اليهود من الرواد. ولتحقيق هذا المخطط كان البنك اليهودي للمستعمرات يشتري الأرض من الأموال التي يجمعها الصندوق القومي لليهود، ثم يقوم الصندوق بتأجيرها إلى المهاجرين اليهود، مع تطبيق “,”نظرية العمل العبري“,”، أي بدون الاستعانة باليد العاملة العربية، والفصل بين المستوطن اليهودي والعربي؛ تمهيدًا للاستيلاء النهائي على الأرض، ولتسهيل عملية بناء المستوطنات وفق هذا المخطط أنشئت ما بين عامي 1907م و1908م عدة مؤسسات محلية، منها شركة إنماء أراضي فلسطين وصندوق التعمير، وقد توالى بعد ذلك إنشاء مستوطنات الموشاف 1908م والكيبوتز .
3. استمرار طابع إنشاء المستوطنات الفردية في فلسطين على الرغم من ظهور الموشاف والكيبوتز؛ ففي نهاية عام 1914م كان الصندوق القومي اليهودي يمتلك 3.9% فقط من مجموع الأراضي الزراعية التي يمتلكها اليهود، والتي تبلغ مساحتها 420.6 ألف دونم، كما أن العاملين من المستوطنين اليهود في الموشاف والكيبوتز لم تتعد نسبتهم 5% من مجموع السكان اليهود العاملين في الزراعة. (39)
4. ومع بداية الفترة الثانية عام 1918م، وعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى دخلت عملية إنشاء المستوطنات مرحلة جديدة من تاريخها في فلسطين، وتغيرت السمات والملامح العامة للمستوطنات داخل فلسطين من حيث شكل التخطيط والإطار الفكري للسياسة الصهيونية، وأصبحت المستوطنات جزءًا من الخطة الاستيطانية العامة، التي تهدف في الأساس إلى تكريس الوجود اليهودي بالتوطن الفعلي في القرى والمدن، وإنشاء العديد منها لكي يتحدد عليها شكل الدولة القادمة، التي قامت في الأساس على شكل التوزيع الجغرافي لهذه المستوطنات داخل فلسطين التاريخية .
2- الفترة الثانية: ( 1918م - 1936م)
وبدأت هذه الفترة عقب إعلان وعد بلفور مباشرة، وبالتحديد في مارس 1918م، عندما أرسلت بريطانيا بموافقة الحلفاء على إرسال لجنة صهيونية يرأسها حاييم وايزمان إلى فلسطين لتنسيق الاتصال والتعاون بين السلطة العسكرية البريطانية والمجتمع اليهودي في فلسطين، ولوضع أسس بناء الوطن القومي لليهود، والعمل على تدعيم وضع المستوطنات اليهودية هناك. (40)
وتعد فترة الانتداب البريطاني على فلسطين الفترة الأهم والأخطر للصهيونية الاستيطانية، حيث دعَّم الهجرةَ اليهودية مرسومٌ يسمح بالهجرة في عام 1921م من قبل سلطات الانتداب البريطاني، وتأسيس قسم الاستيطان في المنظمة الصهيونية التي حلت مكان “,”مكتب فلسطين“,”، وتنامى الوجود السياسي للحركة الصهيونية، وتوسعت الأنشطة الاستيطانية من خلال بناء المستوطنات، وامتدت المشاريع الاستيطانية خلال هذه الفترة لتشمل مرتفعات كريات غنيم، وعطرون في منطقة القدس. (41)
وقد تميزت هذه الفترة بعدة سمات أساسية منذ بدايتها، تمثلت فيما يلي :
1. تبلور الشخصية الصهيونية الاستيطانية على أرض فلسطين، ووضوح أهدافها في بناء المستوطنات، واعتمادها على مؤسسات منظمة لتحقيق أهدافها في نشر شبكة واسعة من المستوطنات اليهودية .
2. الدور الإيجابي الذي لعبته سلطات الانتداب البريطاني في دعم الاستيطان الصهيوني داخل أراضي فلسطين، والحماية المباشرة للمستوطنين اليهود (42) ، وخاصة بعد أحداث عام 1920م، ومهاجمة العرب عدد من المستوطنات التي أقيمت في منطقة الجليل الأعلى، وخاصة مستوطني تل حاي، وكفار جلعادي، ومقابلة السلطات البريطانية لهذه المقاومة العربية بكل عنف. (43)
3. النمو السريع والزيادة الكبيرة في أعداد المستوطنات من نوعي الكيبوتز الجماعية والموشافا التعاونية، على حساب المستوطنات المستقلة الفردية .
وقد قامت لجنة حاييم وايزمان بدراسة أوضاع الأراضي في فلسطين، وأعدت تقريرًا قدمته إلى مؤتمر الصلح، تطالبه فيه بوضع برنامج متكامل للنهضة الزراعية في فلسطين؛ لخدمة المستوطنات الزراعية اليهودية .
وقد أسفر التقرير عن سلسلة من القوانين والإجراءات التي اتخذها المندوب السامي البريطاني، وتهدف مباشرة إلى تشجيع إنشاء المستوطنات اليهودية في فلسطين، وتحديد حجم الملكية العربية وزيادة الضرائب على الأملاك .
ومن أهم القوانين التي خدمت بشكل مباشر عملية إنشاء وتطوير المستوطنات اليهودية داخل فلسطين :
1) قانون الهجرة عام 1920م، وتم إجراء عدة تعديلات به فيما بين عامي 1921م و1925م، وكان من شأنه فتح فلسطين أمام تيار الهجرة اليهودية التي تمثل بالتالي أعدادًا جديدة من المستوطنين، بالإضافة إلى الموجودين داخل المستوطنات اليهودية، وهذا ما فتح المجال أمام المؤسسات الصهيونية لتوسيع عملية بناء المستوطنات؛ لاستيعاب المستوطنين الجدد، والاستيلاء على الأراضي اللازمة لإقامة هذه المستوطنات.
2) قانون انتقال الأراضي عام 1920م، الذي يسمح بتسهيل أعمال البيع والشراء؛ مما يعني زيادة الأراضي التي سوف يقوم اليهود بشرائها لإقامة مستوطنات عليها، وذلك مع الأخذ في الاعتبار الحالة المتردية للفلاحين العرب في أراضيهم، وأن غالبية المساحات الكبيرة كانت لعائلات غير فلسطينية .
3) قانون المساحة عام 1920م، الذي يسهل أعمال البيع والشراء، خاصة شراء الأراضي بواسطة المؤسسات والمنظمات الصهيونية التي تملك الأموال الهائلة، والمدعومة من الخارج برأسمال يهودي غربي.
4) قانون الأراضي الموات عام 1921م، الذي يلغي القانون العثماني الخاص بالسماح للفلاح بأن يضم إلى أرضه الأراضي البور، وهذا ما سمح للعصابات الصهيونية بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي البور. (44)
وتمكن اليهود من خلال هذه القوانين من شراء مساحات كبيرة من الأراضي، بلغت أواخر عام 1922م 594 ألف دونم، مقارنة بـ420.600 دونم كانت في حوزتهم عام 1914م، ووقعت معظم هـذه الأراضي في منطقة القـدس منها 2200 دونم ضمت إلى مستوطنة قريات عناقيم، و5000 دونم بالقرب من مستوطنة كفار سابا أقيمت عليها مستوطنة رعناناة، و19000 دونم أقيم عليها مستوطنة ياجور، و16000 دونم أقيمت عليها مستوطنة هرتزليا .
كما شهدت هذه الفترة استيلاء اليهود على 120.000 دونم في أراضي مرج ابن عامر؛ لتصل بذلك مستوطنات طبرية بمستوطنات السهل الساحلي. (45)
وهاجر خلال تلك الفترة 277 ألف يهودي إلى فلسطين من عام 1919م حتى عام 1936م، وكان مهاجرو هذه الفترة من يهود قارة أوروبا؛ حيث بلغت نسبتهم 80% خلال الموجه الأولى والثانية من هذه الفترة، وبلغت 91% خلال الموجه الصغيرة من عام 1932م 1936م. (46)
وقد مثلت هذه الأعداد المستوطنين اليهود الذين أقاموا المستوطنات اليهودية، وإن كانت هناك نسبة كبيرة قد سكنت في المدن وليس في المستوطنات اليهودية .
وقد أدت هذه الموجات المتتالية من المستوطنين إلى زيادة أعداد المستوطنات اليهودية بشكل كبير، ففي عام 1922م زاد عدد المستوطنات ليصبح 39 مستوطنة، قفزت عام 1927م إلى 72 مستوطنة، وفي عام 1931م إلى 88 مستوطنة، بلغت عام 1936م 163 مستوطنة، وقد انتشرت هذه المستوطنات على مساحات كبيرة في سهل مرج ابن عامر وغور الأردن، وقد زادت أعدادها بالسهل والغور، حتى وصل إلى 15 مستوطنة عام 1922م بعد أن كانت 6 مستوطنات عام 1914م، ثم وصلت إلى 17 مستوطنة عام 1927م، ثم 35 مستوطنة عام 1936م. وزادت المستوطنات في الجليل الأعلى والأسفل، فبعد أن كانت مستوطنة واحدة عام 1882م زادت إلى 3 مستوطنات عام 1890م، ثم إلى 7 عام 1900م، ارتفعت إلى 12 عام 1920م، ثم إلى 17 عام 1922م، زادت إلى 23 عام 1936م. ثم بدأ الاهتمام بالمناطق الجبلية، خاصة في مرتفعات القدس التي أقيم بها مستوطنتان، زادتا إلى 4 مستوطنات عام 1922، ثم زادت إلى 7 مستوطنات عام 1927، زادت إلى 9 مستوطنات عام 1935م. (47)
من خلال العرض السابق يتضح لنا :
1. استحواذ السهل الساحلي على أكبر عدد من المستوطنات المقامة خلال تلك الفترة، والتي وصلت إلى 75% من عدد المستوطنات، إذا قورنت بمستوطنات مناطق الجليل ومرج ابن عامر والمناطق الجبلية .
2. امتداد المستوطنات نحو الشمال لتشكل منطقة اتصال بين مستوطنات السهل الساحلي ووادي طبرية والحولة .
3. الاتساع في مناطق جديدة استيطانيًّا، خاصة في وادي بيسان، وإلى الشمال من حيفا وعكا.
4. ظلت المناطق الجبلية والنقب تعاني من قلة المستوطنات، وهذا ما لفت الأنظار لهما خلال الفترات التالية.
ومن أهم المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة :
دجانيا (ب) - بلفورية - بيت ألفا - جفـع - جنيجر - حفتسي باة - عين حارود (أ) - عين حارود (ب) - كفار جدعون - ماعوز حاييم - مزراع - نهـلال - ياجور - بنيامياه - تلمي إلعازر - قربت عناقيم - رامات هشارون – رعنناة.
وقد تميزت تلك المرحلة بالسمات الآتية:
- تركز معظم المستوطنات في منطقة السهل الساحلي في مرج بني عامر وساحل يافا .
- اختلاف عناصر المستوطنين خلال فترة العشرينيات، والذين كان معظمهم من أحد أصحاب الطبقة الوسطي .
- تركز معظم المستوطنين في المدن الرئيسة مثل حيفا ويافا وتل أبيب، وانخفاض التركز في المستوطنات .
- شكلت المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة النواة الأولى لإطار الكيان السياسي الذي قامت عليه الدولة الإسرائيلية فيما بعد .
- ظهور نوع جديد من المستوطنات، وهي الموشافيم شيتوفي، وهي مستوطنات الطبقة الوسطى التي تأسست منذ عشرينيات هذه الفترة، وتميزت بالزراعة الحرة، ولكنها لم تلق النجاح المنشود. (48)
3- الفترة الثالثة: (1937م – 1948م)
تمثل هذه الفترة الحقبة الأخيرة من بناء المستوطنات داخل فلسطين، التي استمر وجودها داخل إطارها الجغرافي طوال الفترات السابقة ككيان جغرافي يحمل اسم فلسطين، وكانت جميع عمليات الاستيطان وبناء المستوطنات والتوطن اليهودي مجرد فرض أمر واقع من جانب اليهود والجماعات اليهودية، ولكن هذه المرحلة مثلت الفترة الأخيرة لهذا الإطار الجغرافي، واستطاعت الجماعات اليهودية ومؤسساتها أن تحول هذا التوطن المتناثر في بدايته وفقًا لأهداف اقتصادية، والمنظم في فترات تالية وفقًا لاعتبارات سياسية وإستراتيجية، إلى تحديد الإطار الجغرافي الذي تشكلت عليه حدود الدولة الإسرائيلية، التي أعلنت في 14 مايو 1948م .
وقد تميزت هذه الفترة بمجموعة من السمات الأساسية في التوجه نحو إقامة مستوطنات في مناطق جغرافية جديدة، مع خضوعها لاعتبارات سياسية وإستراتيجية للحفاظ على هذا الإطار الجغرافي الجديد.. وتمثلت فيما يلي :
(أ) ظهور نوع جديد من المستوطنات وهي حوما ومجدال (السور والبرج).
(ب) البدء في التوجه نحو الجنوب ( النقب)
(ج) ارتباط المستوطنات بنظرية الأمن الإسرائيلية.
(أ) مستوطنات حوما ومجدال (السور والبرج):
أطلق هذا الاسم على عملية إقامة 52 مستوطنة يهودية محصنة في فلسطين خلال ثورة 1936م و1939م، وخاصة في مناطق الحدود البعيدة عن مراكز المستوطنات اليهودية في منطقة السهل الساحلي والقطاع الشمالي .
وقد بدأ المستوطنون اليهود والمؤسسات اليهودية في البدء بحملة استيطانية واسعة لإقامة مجموعة من المستوطنات داخل مناطق المنع التي صدرت بموجب الكتاب الأبيض؛ وذلك لترسيخ الوجود اليهودي في مناطق جديدة لكي توسع من شكل الدولة المقترحة دوليًّا، وبعد أن أصبحت القضية في حيز التقسيم الدولي للأراضي التي يملكها اليهود والتي يملكها العرب .
وقد تطلب ذلك السرعة في إقامة هذه المستوطنات؛ وعليه فقد أقيمت المستوطنات ضمن عمليات سريعة في ساعات الليل وطيلة يوم واحد، وأشرفت منظمة الهاجاناه على إقامة هذه المستوطنات التي بلغ عددها 52 مستوطنة خلال ثورتي 1936م إلى 1939م
وبدأت عملية بناء هذه المستوطنات بتحديد إقامة مستوطنة كفار حطين قرب طبرية في 7/12/1936م، وتل عمال في 7/12/1936م في نفس اليوم، وقد اشترك في هذه العملية جميع التيارات الاستيطانية من الكيبوتس القطري حتي منظمة بيتار، بالإضافة إلى الصندوق القومي اليهودي، ودوائر الاستيطان في الوكالة اليهودية والمركز الزراعي التابع للهستدروت، ومؤسسات وهيئات ومؤسسات عبرية مختلفة، ساهمت جميعًا في توسيع حدود الاستيطان اليهودي عن طريق هذه العملية، التي سميت باسم حوما ومجدال (السور والبرج). (49)
§ مستوطنات (سور وبرج) حوما ومجدال وتاريخ تأسيسها:
اسم المستوطنة
عام التأسيس
اسم المستوطنة
عام التأسيس
كفار حطيم
7/12/1936م
عين هامفراتس
25/8/1938م
تل عمال
7/12/1936م
معين تسفي
30/8/1938م
بئر دافيد
10/12/1936م
شارونا
16/11/1938م
سدة ناحوم
5/1/1937م
جيؤوليم
17/11/1938م
شاعرها غولان
31/1/1937م
ايالون
24/11/1938م
مسادة
31/1/1937م
نفة انيان
25/11/1938م
جينوسار
25/2/1937م
كفار ساريك
29/11/1938م
تل يوسف
9/4/1937م
مسلوت
12/12/1938م
مشمارها شلوش
13/4/1937م
دالياة
2/5/1939م
طيرت تسفي
30/6/1937م
دفنة
3/5/1939م
موليدت
4/7/1937م
دان
4/5/1939م
عين ها شوفيط
5/7/1937م
سدة الياهو
8/5/1939م
عين جف
6/7/1937م
مناحيم
23/5/1939م
ماعوز حاييم
6/7/1937م
سدا موت دبورا
23/5/1939م
كفار مناحييم
28/7/1937م
شورش
23/5/1939م
كفار سولد
15/8/1937م
هازرعيم
23/5/1939م
تسور موشية
13/9/1937م
تل تنور
23/5/1939م
أفنشة
7/11/1937م
كفار جليلون
23/5/1939م
كفار روبين
25/11/1937م
معيليم
23/5/1939م
حبتياة
31/3/1938م
مشمار حاييم
28/5/1939م
شفي تسيون
13/4/1938م
بيت اورن
1/10/1939م
سدة وربورج
17/5/1938م
كفار نطر
26/6/1939م
رامات هدار
26/5/1938م
نوجيف
12/7/1939م
الونيم
26/6/1938م
بيت أورن
1/10/1939م
معالية همحشاة
17/7/1938م
عمير
29/10/1939م
تل اسحاق
25/7/1938م
جيشر
1939م
بيت يهشوع
17/8/1938م
ـــــــــ
ــــــــ
ومن خلال الجدول يتضح لنا :
1) التقارب الزمني بين إنشاء هذا العدد الكبير من المستوطنات، والبالغ 53 مستوطنة، في فترة زمنية لم تتجاوز ثلاث سنوات، وهذا ما يؤكد على خضوعها لسياسة محددة هدفها توسيع الحدود الاستيطانية داخل مناطق جديدة، خاصة في الجليل وأجزاء من شمال فلسطين وجنوب السهل الساحلي .
2) الكثافة العددية الواضحة في عدد هذه المستوطنات، والتوازن في عمليات تأسيسها على مدار أعوام 1937، 1938، 1939م .
3) يعد عام 1936م أقل هذه الأعوام في إقامة المستوطنات؛ وذلك باعتبار أن عمليات الإنشاء قد تمت في الشهر الأخير منه، وبلغت ثلاث مستوطنات في ثلاثة أيام .
4) التوازن في إنشاء المستوطنات من نوع السور والبرج خلال عامي 1937، 1938م، حيث أنشئت 16 مستوطنة في كلٍّ منهما، زادت إلى 18 مستوطنة في عام 1939م .
5) اعتُبر إنشاء هذه المستوطنات هي الرد العملي على الكتاب الأبيض، الذي أكد على الحد من الهجرة والاستيلاء على الأراضي من جانب اليهود، بل ووضعت هذه المستوطنات إستراتيجية جديدة في سرعة الاستيلاء على الأرض وفرض وجود المستوطنات كأمر واقع .
6) نتج عن إنشاء هذه المستوطنات ضرورة جلب مهاجرين للإقامة بها، وهو ما ترتب عليه موجات جديدة من الهجرة السرية لمهاجرين يهود .
7) تعد إنشاء هذه المستوطنات أكبر عملية عصيان ضد سلطات الانتداب البريطاني التي طالما ساعدت في إنشاء المستوطنات وجلب المهاجرين إليها .
8) أضافت هذه المستوطنات رقمًا جديدًا وكبيرًا إلى المستوطنات المقامة في فلسطين لتزيد عن 230 مستوطنة ويتعدى سكانها 97 ألف مستوطن .
وقد تم التركيز خلال هذه الفترة على الأهداف السياسية في عمليات شراء الأراضي، وإقامة مستوطنات عليها، حيث تم شراء 6000 دونم في أراضي قرية سمخ العربية، بالإضافة إلى 10.400 دونم على الحدود الشمالية بالقرب من مستوطنة حفيقاة، وتم التركيز على منطقة سهل بيسان، الذي بلغت مساحات المستوطنات به 53.548 دونم. (50)
وخلال تلك الفترة تم تأسيس نوع جديد من المستوطنات هدفه تأمين دخول المهاجرين السريين، وعرفت باسم (مستوطنات البحارة)، التي أقام بها مجموعة من الصيادين اليهود على طول ساحل البحر المتوسط؛ وذلك لتهريب اليهود خلسة فيما عرف بعملية غزو البحر، وتم نقل العديد منهم إلى مجموعة من المستوطنات حول مدينة حيفا؛ للتغلب على الأغلبية العربية بها. (51)
وكانت ظروف الحرب العالمية الثانية مواتية لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع انتشارها داخل كافة المناطق في فلسطين، وذلك بمساعدة سلطات الانتداب البريطاني؛ رغبة في تجنيد أعداد من سكان المستوطنات في الجيش البريطاني، واستخدام منتجاتها في تزويد الجيش البريطاني بالمؤن. (52)
استمرت الجهود اليهودية في صراعها ضد الكتاب الأبيض واستغلال قانون الأراضي، الصادر عام 1940م للحد من امتلاك اليهود لأراضي فلسطين؛ في محاولة لخلق وجود استيطاني في مناطق جديدة والمناطق الموجود بها مستوطنات يهودية، ونجح اليهود في إنشاء 135 مستوطنة على مجمل أراضي بلغت مساحتها 400000 دونم حتى قيام الدولة عام 1948م، وتمثلت في 30 مستوطنة في منطقة الجليل، وهي: بيت هليل – متسوباة – شتاريشوف – سدية نحمياة – كفار سالد – جفعون رايد – كفار بلوم – تحاليم – رميم – عبرون - شامير – بيريه – شيفر – حوكوك – لهفوت هبشان – مسجاف عام – عين زيتيم – عميعاد – رجبا – نيئوت مود خلي – يحيعام – مشمار هيردين – معين باروخ – الوموت – رمات تسفر – جازيت – بيت كيشت – مخمياة – كفار كيش – دبيرت.
بالإضافة إلى 6 مستوطنات في مرتفعات الضفة والسهل الساحلي، وهي: كفار عصيون – جينرر – مسؤوت يتسحاف – عين حوريم – نفية ايلون – ريدليم. و13 مستوطنة في السهل الساحلي الجنوبي، وهي: دوروت – يبنية – جات – جيفرعام – بينروت بتسحات – نير عام – يد مردخاي – ينتساتنيم – روحمة – حيفنس – حاييم – حنسور – جال أون – كدمة. و2 في وادي بيسان، هما: أبو كا وعين هنتسيف، و17 مستوطنة في سهل الشاوروتا ومرتفعات منشة، وهي: رمات هشوفيط معنيت – ابين اسحاق - بيت يتسحق – سروت يام – جليل يام – بيت هليفي – همعبيل – مكمورت – بنيه – درور – كفار موناشي – مشمبرت بحرة – يكوم – بتية صهيون – حيرب ليئات – هعوجين. (53)
وقد أكدت مستوطنات حوما ومجدال، وباقي المستوطنات التي أنشئت خلال تلك الفترة، على حقيقة هامة، وهي التوجه السياسي الواضح في التوسع على أي أرض يمكن شراؤها أو الاستيلاء عليها؛ لتوسيع حدود المنطقة الاستيطانية، والتمدد في مناطق جديدة؛ تمهيدًا لرسم حدود المنطقة المراد إقامة الدولة عليها، وهذا ما نقل التوجه نحو منطقة جديدة، وهي (النقب).
(ب) البدء في التوجه نحو الجنوب ( النقب)
مرت حركة الاستيطان بالنقب خلال تلك الفترة بالأوضاع السياسية لحركة الاستيطان الصهيونية، والتي أرسى قواعدها مؤتمر بلتيمور الذي انعقد عام 1942م، والذي أكد فيه على ضرورة التمركز نحو الجنوب ومحاولة الاستيلاء على الأراضي بالنقب وإنشاء مستوطنات جديدة بها، وهذا ما حدث بإنشاء مستوطنات جيفولوت – بيت ايشل – رفيفنيم. (54)
وقد بلور دافيد بن جوريون نظريته السياسية – الإستراتيجية نحو استيطان النقب من منطلق اعتبارها جسرًا بين الدولة اليهودية والقارات الثلاث (آسيا – إفريقيا – أوربا)، بالإضافة إلى ضرب المحاولات البريطانية وفقًا لمشروع موريسون – جرايدي عام 1946م لتقسيم فلسطين، الذي اقترحته لجنة بيل، والتي تبقي القدس والنقب تحت المسئولية البريطانية، وهذا ما رفضه اليهود، وتجسد عمليًّا في إنشاء وتجديد مستوطنة حتسور، وإنشاء 11 مستوطنة مساء يوم 6/10/1946 وهي: جال اون – كدماة – اوريم – باري حتسريم – كفار دروم – مشمار هانقب - نيطيم – نيريم – تكوما – شوبال. (55)
وأعقب ذلك هجوم مسلح للفرق اليهودية على المناطق العربية في شمال النقب وغربه، وطرد القبائل العربية منها، وإقامة مستوطنات جديدة، ليصل العدد إلى 18 مستوطنة. (56)
ووصل عدد المستوطنين بها عام 1948م إلى 3600 مستوطن، معظمهم من سكان الكيبوتز المتسللين من المستوطنات الشمالية والمهاجرين غير الشرعيين. (57)
(ج) ارتباط المستوطنات بنظرية الأمن الإسرائيلي :
تعد هذه الفترة هي بداية ارتباط أمن المستوطنات بأمن الدولة الإسرائيلية التي لم تكن قد أعلنت بعد، وإن كانت قد شكلت حدودها في أذهان اليهود والمؤسسات الاستيطانية، وقد قامت هذه النظرية على عدم إنشاء أي مستوطنة قبل تأمينها وحاميتها، خاصة مع الهجمات العربية التي حدثت على مستوطنتي تل حاي وتل جلعادي، وارتكزت هذه النظرية على فكرة التمركز والانتشار من خلال إنشاء شبكة من المستوطنات المتقاربة على شكل تجمعات تمتد بين الشاطئ بالسهل الساحلي والأودية، ومناطق المرتفعات، مع مراعاة التأمين الدفاعي لها ووجود قدرات للاكتفاء الذاتي من خلال التنمية الزراعية، بالإضافة إلى قرب كل مستوطنة من الطرق الرئيسية وربطها بها بطرق قريبة .
وقد أخذت هذه التجمعات شكل حرف (N) ، واستخدام كل منطقة استيطانية كقاعدة داخل الإقليم الجغرافي للتوسع على أساسها فيما بعد .
وقد كان للأمن العامل الحاسم في اختيار مواقع المستوطنات وإنشائها طوال تلك الفترة وما قبلها؛ من خلال اختيار المواقع بعيدًا عن التجمعات العربية وإشرافها على مناطق إستراتيجية وتجهيزها بوسائل حماية متنوعة؛ خوفًا من قيام هجوم عربي محتمل، حتى لا تتكرر مرة أخرى واقعة تل حاي وكفار جلعادي. (58)
ومن أهم المستوطنات التي أقيمت خلال تلك الفترة هي :
معلية هاباشان - سدي نحمياة - عامير - بيت هليل - بارود - مليكاة - رامات نفتالي - دفنــاة - ألوموت - شامر - شعر ياشوف - كفار بلوم - كفار سولد - لهفوت هباشان - محنيم - مسجاف عام - دان - أشدوت يعقوف - بيت - يتسحاف - جفعتون - بيتانيا - بيت قتست - جيشر - نؤوت مردخاي - عميعاد دوثن - معين باروخ - بيت جان - كفار كش - كفار ناتان - هاؤون - اشزب - رجباة - سعر - شعرها علياة - مشمر هيام - ألوفي ابا - بيت لحم هجليت - رامون منتسة - رامون - راشافيم - شلوحوت - شيمرون - عين هنانسف - يزرعل - عين كرمل – حاجور .
ومن خلال العرض السابق يتضح لنا :
1) التوجه الاستيطاني المخطط خلال تلك الفترة للتركز في مناطق محددة لتوسيع إطار الدولة اليهودية القادمة .
2) ظهور أنواع جديدة من المستوطنات أقرب إلى المعسكرات منها إلى المستوطنات السكانية.
3) ارتباط مستوطنات هذه الفترة بالأمن اليهودي والحفاظ على الأراضي التي تم السيطرة عليها .
ومن خلال العرض السابق للمرحلة الثانية من الاستيطان اليهودي في فلسطين يتضح لنا عدة نتائج هامة :
1. عدم تبلور الفكر الاستيطاني اليهودي في بداية تلك المرحلة حول إستراتيجية محددة في إقامة المستوطنات، وظل الاستغلال الاقتصادي هو الأغلب حتى بداية الحرب العالمية الأولى.
2. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى أخذ الاستيطان اليهودي في الزيادة المطردة في عدد المستوطنات، حيث بلغ أعلى مستوياته قبيل قيام الدولة؛ وذلك بسبب التوجه السياسي المخطط في تكوين وطن قومي لليهود في فلسطين .
3. التنوع في أنماط المستوطنات خلال تلك المرحلة؛ وذلك لاختلاف الأفكار الوافدة مع المهاجرين وتأثيرها على شكل وطبيعة كل مستوطنة، ومن أهم هذه الأفكار: المبادئ الاشتراكية التي جاءت مع مهاجري شرق أوربا وروسيا، بالإضافة إلى الأفكار البرجوازية القادمة مع مهاجري الطبقة الوسطى من أوربا الغربية .
4. شكل أمن المستوطنات خلال تلك المرحلة أحد العناصر الهامة لزيادة أعدادها مع شعور اليهود المهاجرين بأن وجودهم أصبح يمثل استفزازًا وتهديدًا للعرب المقيمين في فلسطين، الذين لم يدركوا خطورة هذه المستوطنات إلا متأخرًا.
5. يعد عام 1948م هو المرحلة النهائية لإقامة المستوطنات بكافة أنواعها داخل فلسطين؛ وذلك باعتباره العام الذي أعلنت فيه الدولة الإسرائيلية، وأصبحت جميع المستوطنات المقامة بعد ذلك داخلها، وبذلك انتهت مرحلة التوطن اليهودي داخل أراضي فلسطين التاريخية بتجسيد وجوده واقتطاعه 77% من أراضي فلسطين التاريخية؛ لتصبح إسرائيل هي تجسيد الأمر الواقع؛ من خلال الاستيلاء على الأرض، وإقامة مستوطنات عليها، لتكون نواة الدولة، التي استقرت في شكل حدودها السياسية على هذه المستوطنات، وأعلنت عليها دولة إسرائيل؛ لتصبح إسرائيل هي دولة المستوطنة، أو الدولة المستوطنة -إذا جاز التعبير .
المصادر والمراجع
1. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ 129.
2. احمد طربين، مرجع سابق، صـ صـ 38، 40 .
3. فايز الصايغ، الاستعمار الصهيوني في فلسطين، ترجمة، عبد الوهاب الكيالي، منطقة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1965م، صـ صـ 9- 11.
4. صادق على الربيعي، الاستيطان الصهيوني في فلسطين إبان حكم الدولة العثمانية 1882م- 1917م، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978م، صـ صـ 89- 90 .
5. خليل ابو رجيلي، مرجع سابق، صـ 17.
6. محمد محمود الصياد، مرجع سابق، صـ 223 .
7. هندامين البديري، مرجع سابق، صـ 130.
8. السيد يسين، على الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 156، 157
9. أنيس صايغ، مرجع سابق، صفحات متفرقة .
10. السيد يسين، علي الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 158، 159.
11. عبد الرحمن أبو عرفة، الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية، طـ 2، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، الأردن، 1986م، صـ 132.
12. السيد يسين، علي الدين هلال، المرجع السابق، صـ صـ 159، 207، 208.
13. السيد يسين، علي الدين هلال، مرجع سابق، جـ 1، صـ 208 .
14. عبد الرحمن أبو عرفة، مرجع سابق، صـ 134 .
15. السيد يسين، عليّ الدين هلال، المرجع السابق، صـ 209 .
16. عبد الرحمن أبو عرفة، مرجع سابق، صـ 134
17. السيد يسين، عليّ الدين هلال، مرجع سابق، صـ 209، 210.
18. صبري جريس، تاريخ الصهيونية (1862– 1948م)، الوطن القومي اليهودي في فلسطين(1918– 1939م)، الجزء الثاني، منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت، 1986م، ص 131.
19. عمران أبو صبيح، مرجع سابق، صـ صـ 28- 29.
20. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ صـ 133 – 134.
21. أنيس صايغ، المرجع السابق، صفحات متفرقة .
22. هند أمين البديري، مرجع سابق، صـ 132.
23. إفرايم ومناحم قلمي، معجم المصطلحات الصهيونية، ترجمة أحمد بركات العجرمي، الطبعة الأولى، دار الجميل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، عمان، صـ 198، 199.
24. جاك كنو، مشكلة الأراضي في النزاع القومي بين اليهود والعرب منذ وعد بلفور، ترجمة محمد عودة الدويري، الطبعة الأولي، دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، عمان، 1997م، صـ صـ 91- 95.
25. هند أمين البديري، مرجع سابق، ص 133.
26. محمد عبد الرءوف سليم، نشاط الوكالة اليهودية لفلسطين منذ إنشائها وحتى قيام دولة إسرائيل 1922 – 1948م، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1982م، ص 420.
27. جاك كنو، المرجع السابق، صـ صـ 100 – 104.
28. صبحي يوسف عيد، جغرافية الاستيطان الصهيوني في منطقة النقب، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978م، ص 104 .
29. جاك كنو، المرجع السابق، صـ صـ 107 – 108 .