المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ محمد السعيد إدريس
د‏.‏ محمد السعيد إدريس

الشعب يحمي دستوره

الثلاثاء 31/ديسمبر/2013 - 11:50 ص
بعد أسبوعين من اليوم‏,‏ لا أكثر‏,‏ سوف يجري الاستفتاء الشعبي علي مسودة الدستور المصري الجديد‏,‏ وسواء أردنا أو لم نرد فإن هذا الاستفتاء سوف تحسب نتيجته علي ثورة‏30‏ يونيو‏2013,‏ باعتبار هذه النتيجة تعد بمثابة استفتاء علي الثورة ذاتها‏.‏
وفي اعتقادي أن هذا يكفي كمبرر قوي كي تذهب الملايين التي احتشدت في الميادين ابتداء من30 يونيو ولم تنفض إلا بعد ساعة متأخرة من مساء يوم3 يوليو بعد استماعها لبيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة الذي أعلن فيه بنود ما سمي بـ خريطة المستقبل, وبعد اطمئنانها علي الثورة وإسقاط حكم الإخوان, ورضاها عن محتوي خريطة المستقبل باعتبارها الطريق الآمن لإنجاح الثورة.
أهم ما تضمنته خريطة المستقبل تلك, بعد تأكيدها إسقاط حكم الإخوان كان اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا ليكون رئيسا مؤقتا للبلاد خلال الأشهر المعدودة للمرحلة الانتقالية, وتشكيل حكومة مؤقتة تتولي إدارة البلاد والإشراف مع الرئيس علي تنفيذ باقي بنود الخريطة وهي إعداد مسودة دستورية معدلة لدستور عام2012 تصلح ما أفسده الإخوان في ذلك الدستور, وتضمنها ما يريده الشعب في دستوره الجديد, وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة تنتهي بها المرحلة أو الفترة الانتقالية كي تدخل مصر طريق الاستقرار لتبدأ مرحلة الجهاد الأكبر لتحويل الثورة إلي دولة, ولتحويل الدستور إلي قوانين تحقق عزة وكرامة وحرية كل المصريين في وطنهم المنشود.
نحن الآن إذن نكاد نكون في منتصف الطريق, بعد إكمال الاستفتاء علي الدستور, والذي بدونه لن يكون هناك أي حق لانتخابات رئاسية أو برلمانية, لأن إفشال الاستفتاء علي الدستور معناه إسقاط ثورة30 يونيو, وتجديد شرعية حكم الإخوان. وهذا ما يريدونه ويخططون له منذ يوم3 يوليو2013, يوم أن تحدت مصر كلها بشعبها وجيشها التحالف الأمريكي الإخواني الذي كان يريد تحويل مصر إلي قاعدة حماية للكيان الصهيوني وللدفاع عن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لأن الولايات المتحدة تنوي التحول في اهتماماتها الاستراتيجية من إقليم الشرق الأوسط إلي إقليم الشرق الأقصي لمواجهة التحديات والمخاطر الهائلة علي مصالحها هناك جراء ظهور الصين كعملاق اقتصادي وعسكري قادر علي تهديد المصالح الأمريكية في تلك المنطقة, لكن ثورة30 يونيو التي أسقطت حكمهم في مصر أسقطت أيضا حلم تأسيس هذا الحلف, وهذا ما أفقد الأمريكيين صوابهم, ودفعهم إلي تهديد مصر بقطع المعونة العسكرية, والتعامل مع ثورة30 يونيو باعتبارها انقلابا.
وإذا كان الأمريكيون قد أدركوا فشلهم في تحدي ثورة30 يونيو بعد أن وقف الشعب ليدافع عن ثورته, وبدأوا في التعامل مع الواقع كما هو, فإنهم مازالوا يضغطون من أجل فرض الإخوان كطرف مشارك في العملية السياسية, يريدون أن يكون لهم في مصر وكيل يعمل بأوامرهم. هؤلاء الوكلاء هم من تعاهدوا مع الأمريكيين علي إسقاط ثورة30 يونيو. يحاولون إسقاطها بالعمل الدموي الذي تحول إلي إرهاب بكل معني الكلمة, ويحاولون منع الاستفتاء علي الدستور بالإرهاب أيضا والدعوة إلي مقاطعة هذا الاستفتاء.
وإذا كان الإخوان يخططون من أجل مقاطعة شعبية للدستور وإذا كان هدفهم أن يعودوا إلي حكم مصر, فإن هذا التخطيط وهذا الهدف سببان كافيان لأن يخرج الشعب كله ليقول كلمته في الدستور, لأن يحمي الشعب دستوره, بقدر حرصه علي حماية ثورته.
سنذهب لنقول نعم للدستور ونحن علي وعي ويقين أننا نذهب لنقول نعم لثورة25 يناير التي سنستردها بهذا الدستور وما سيعقبه من إجراءات انتخابية برلمانية ورئاسية, ونذهب لنقول نعم لثورة30 يونيو التي أكملت مشروع ثورة25 يناير واستردت في يوم3 يوليو استقلالية مصر وسيادتها وقرارها الوطني, وسنذهب أيضا لنقول نعم لدستور يتضمن من الحقوق والحريات والمكتسبات للشعب ولمصر ما يجعلنا نفخر به وندافع عنه.
رغم ذلك فأنا شديد الحماس للدستور لما يتضمنه من نصوص غير مسبوقة في حماية الحقوق والحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل المصريين, وما أكد عليه من انحياز لـ عروبة مصر بالنص في مادته الأولي علي أن الشعب المصري جزء من الأمة العربية يسعي إلي تكاملها ووحدتها, إضافة إلي ما جاء في باب نظام الحكم من مواد عظيمة تعطي للبرلمان حق سحب الثقة من الحكومة, وتمنع رئيس الجمهورية من حل البرلمان إلا باستفتاء شعبي, وتمنع الرئيس من التوقيع علي أي معاهدات إلا باستفتاء شعبي, كما تمنعه ونهائيا من إبرام أي معاهدات تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.
وفضلا عن ذلك فإن الدستور( المادة159) تعطي للبرلمان بشروط- حق اتهام الرئيس بانتهاك الدستور أو بالخيانة العظمي ومحاكمته أمام محكمة خاصة, كما انتصر الدستور للشعب ولثورة30 يونيو عندما تجاوز الحدود الضيقة لما يسمي بـ ديمقراطية الصناديق وأجاز عزل الرئيس أثناء ولايته وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بإرادة شعبية واستفتاء شعبي بالشروط الواردة في نص المادة(161).
دستورنا يستحق أن نفخر به وأن نتحمس له, لكن سيبقي هذا الدستور ناقصا لأن الكثير من مواده تنص علي أن تكمل بقوانين يصدرها البرلمان( مجلس النواب). معني هذا أن الدستور سيبقي ناقصا إلي أن يكمله البرلمان وهذا معناه أن البرلمان القادم سيكمل عمل الدستور, وهذا معناه أيضا أن ندقق ونحسن اختيار النواب الجدد لأن هؤلاء النواب هم من ستقع عليهم مسئولية إكمال الدستور وهم من ستقع عليهم مسئولية حماية الثورة لأنهم المعنيون بالتشريع وبمحاسبة ومراقبة الرئيس والحكومة.
إذا أردنا للثورة وللدستور أن ينجحا علينا أن نصمم علي اختيار نواب أكفاء مقتدرين وليس ما يسمون بـ نواب الخدمات لأن هؤلاء سماسرة سلطة وعودتهم للبرلمان ليس لها غير معني واحد, هو إفشال الثورة وإفساد الدستور, وإذا أردنا للثورة وللدستور أن ينجحا علينا أيضا أن نكمل مشوارنا وأن نختار رئيسا لمصر يليق بها وبشعبها وبثورتها. دون وصاية من كل هؤلاء الذين يحاولون ركوب موجة ثورة30 يونيو وهدفهم هدم ثورة25 يناير, سواء تحت غطاء محاربة الإخوان أو تحت غطاء الدعوة بحماس للدستور أو حتي تحت غطاء الحماس الزائف لترشيح الفريق أول السيسي رئيسا لمصر. الشعب يعرف كل هؤلاء, والشعب هو من سيحمي ثورته, ويدافع عن دستوره ويختار رئيسه.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟