تحديات التحول من التسلطية إلى الديمقراطية (2-2) صراعات وأسئلة وإشكاليات المرحلة الانتقالية
الثلاثاء 31/ديسمبر/2013 - 11:56 ص
نبيل عبد الفتاح
نواصل في السطور القادمة عرض إشكاليات وتحديات التحول الديمقراطي في المنطقة العربية
خامساً: تحدى طبيعة الدولة المصرية ما بعد التسلطية السياسية: دولة حديثة أم دولة دينية أم دولة دينية ذات قناع مدنى؟
يعد الصراع حول هوية الدولة وشكل النظام السياسى من مواريث الجدل السياسى والثقافى والتاريخى على ساحة الصراعات السياسية بين الصفوات السياسية والثقافية والدينية المصرية منذ مطالع عملية بناء الدولة الحديثة وحتى اللحظة التاريخية الحالية. أحد أثار الحداثة السياسية والثقافية والتحديث المؤسسى، بروز مسألة الدين والدولة والهوية، وهى من أبرز الإشكاليات السياسية بامتياز في مصر، لأن مسألة الهوية لم تعد سوسيو – ثقافية وتاريخية، بل تحولت منذ عقد السبعينيات من القرن الماضى إلى مسألة سياسية – دينية، تستخدم في الصراع بين القوى السياسية الإسلامية وبين القوى الليبرالية والديمقراطية واليسارية وبعض القوميين من دعاة الفكرة العربية الجامعة. لم تعد هوية المصريين موضوعاً للتراضى والوفاق العام ولو عند الحد الأدنى بل تحولت إلى ساحة للتديين السياسى، والصراع عليها بين هذه القوى على اختلافها. لم تعد مسألة الهوية خاصة بالجوامع الثقافية والقيمية والتاريخية المشتركة والجدل الداخلى والسياقى حول الهوية ومكوناتها وتطوراتها عبر الزمن بل أصبحت موضوع تم تحديده إيديولوجياً ودينياً واعتباره محضُ معطى مسبق ومستمر عبر المراحل التاريخية. يبدو هذا النمط من أدلجة وتديين مفهوم الهوية وتحويله من المجال السوسيو – تاريخى، والسوسيو – ثقافى إلى مجال القيم والحقائق المطلقة هو مسعى لإضفاء شبه قداسة على الهوية لا يجوز نقد الصياغة الدينية لها ولدلالاتها.
ثمة استراتيجية دينية – إسلامية ومسيحية – تنطوى على بعض من الأساطير السياسية التى تنطلق من إدراكات تدور حول حقائق تبدو مطلقة لدى بعضهم، وترمى إلى إضفاء “,”قداسة“,” وضعية ذات سند دينى على نماذج الهوية الدينية التى يطرحها بعضهم فوق حقائق التاريخ المصرى والعالمى، والجغرافيا والثقافة، والإنتاج الاجتماعى للأمة المصرية.
من هنا تثار أسئلة من قبيل هل الهوية المصرية متعددة المكونات في إطار مفهوم الأمة المصرية الحديثة أم أنها هوية مستمدة من مصدر واحد هو ديانة الأكثرية من “,”المواطنين“,” المصريين؟ هل الهوية الإسلامية تختصر وتختزل كافة الهويات الآخرى للمصريين على المستويين الثقافى والاجتماعى والسياسى والرمزى؟ أين موقع الأديان الأخرى في بناء الهوية المصرية الجامعة؟ أين موقع المذاهب الدينية والمدارس الفقهية واللاهوتية داخلها، في بناء الهوية المصرية؟
هل تديين الهوية المصرية يعنى تديين الدولة وإضفاء الصفة والطبيعة الدينية عليها؟
هل تستمر التقاليد والمواريث الثقافية الدينية هى جزء محورى من مكونات الثقافة المصرية وحياة الأمة أم ينتقل الصراع من المجال الثقافى والاجتماعى إلى السعى إلى بناء الدولة الدينية ذات القناع المدنى؟ أم القول أننا إزاء دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية وفق بعض المقولات الشائعة لدى بعض الجماعات الإسلامية السياسية؟
ما معنى الدولة المدنية هذا المصطلح الشائع والغامض والخلاس والمناور الذى يطرحه بعضهم كجزء من مناورات جماعات سياسية ودينية أدمن بعضها تشويه المصطلحات العلمية، وشيطنة بعضها ووصمها بالدنس والشرور من أجل استبعادها من مجال الاستهلاك المعرفى والسياسى.
إن محاولة بعض القوى الإسلامية السياسية السعى إلى اختزال مسألة هوية المصريين والدولة في نص دستورى - المادة الثانية من دستور 1971 الذى سقط بعد 25 يناير 2011، ومن البيان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد الاستفتاء الدستورى الذى جرى في 19 مارس وأعلنت الموافقة عليه في 20 مارس 2011 - هى تعبير عن صراع سياسى ممتد واحتقانات وأزمات إسلامية – مسيحية حادة.
من هنا يبدو أن أخطر أنماط الصراعات في المرحلة الانتقالية وما بعدها هو الصراع على الدولة من خلال الصراع على الهوية المصرية الجامعة ومحاولة تفريغها من مكوناتها المتعددة الدينية والثقافية والسياسية والتاريخية وتحويلها إلى هوية ذات بعد واحد أو أحادى هو وفق الإيديولوجيا الدينية الوضعية، واعتماداً على تفسيرات وتأويلات ومصالح هذه الجماعة أو تلك من الجماعات الإسلامية السياسية كالإخوان المسلمين – وثمة استثناءات محدودة داخلها وخارجه عنها- ، والجماعات السلفية، والصوفية والجهاد والجماعة الإسلامية، أو بعض بقايا التصورات الإيديولوجية “,”الأسطورية“,” حول الأمة القبطية.
سيزداد أوار الصراع على الهوية وطبيعة الدولة أثناء المرحلة الانتقالية ولاسيما في إطار الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، وذلك كجزء من استراتيجيات التعبئة الدينية والسياسية والحشد على أساس الانتماء الدينى على نحو ما حدث في أثناء عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011.
أن خطورة عملية تديين الدولة وهوية المصريين ستؤدى إلى تصدعات في الحد الأدنى من بقايا الإجماع القومى المصرى أو ما يقال عنه الوحدة الوطنية في الخطاب السياسى العام. ثمة عديد التهديدات ستواجه بقايا التكامل الوطنى تتمثل في تحول بعض النزاعات السياسية الكبرى والمشاكل اليومية بين المواطنين إلى المجال الدينى والطائفى على نحو يشكل بؤر متفجرة للنزاعات الطائفية بما يفتح المجال عن سعة للعنف الاجتماعى والسياسى ذو السند والمحمولات الدينية والطائفية. ربما يؤدى هذا الصراع وسجالاته على اختلافها إلى ضغوط مختلفة إقليمية ودولية على السلطة الواقعية أو الفعلية وحكومة تسيير الأعمال، بل وحتى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية واختيار رئيس منتخب وحكومة جديدة للبلاد.
سادساً: تحدى صراع الشرعيات السياسية أثناء المرحلة الانتقالية: التنافس على تحديد وبناء شرعية ما بعد نظام يوليو 1952
يبدو الصراع بين نظامين للشرعية السياسية – شرعية تآكلت وهوت وسقطت وأخرى ديمقراطية تحاول أن تتأسس على العملية الثورية - هو أحد أبرز الصراعات السياسية والاجتماعية التى ستستمر في ظل مرحلة الانتقال بكافة مكوناتها. أطراف الصراع تتمثل في القوى التى شاركت في الانتفاضة الثورية الديمقراطية بين القوى الديمقراطية عموماً – الليبراليين ودعاة حقوق الإنسان واليساريين وبعض من شباب الإخوان المسلمين - وبين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وغيرهم من أحزاب وجماعات حول الشرعية السياسية الجديدة وأسسها الدستورية والسياسية والقيم السياسية المحددة لها، وهل تنتمى إلى النظام الديمقراطى الغربى، وثقافته ونظمه وقواعده وآلياته؟ أم أن الديمقراطية المبتغاه تستند إلى المرجعية الدينية الإسلامية؟! هذا الصراع السياسى والإيديولوجى بين التيار الديمقراطى وبين التيار الإسلامى سيستمر وسيستعر لهيبه خلال المرحلة المقبلة. من ناحية ثانية ثمة خلاف مستتر حيناً وظاهراً حيناً آخر حول موقع المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية في إطار شرعية ما بعد نظام يوليو؟ ما هو حدود الهندسة السياسية للعلاقة بين الجيش والنظام السياسى وجهاز الدولة؟ هل ستستمر الصيغ التى تأسست في ظل نظام يوليو؟ أم أن نهاية النظام وشرعيته ستؤدى إلى تغيير نوعى في طبيعة العلاقات؟ وتطرح أسئلة أخرى ومنها ما هى حدود هذا التغير في تركيبة السلطة السياسية وأجهزة الدولة على اختلافها؟
ما تأثير عملية بناء الشرعية الجديدة على معايير التجنيد السياسى للمواقع العليا للدولة، ومنها رئيس الجمهورية، وتشكيلة الوزارات، والمحافظين وأجهزة الحكم المحلى وغيرها من الوظائف العامة؟
هل ستكون المؤسسة العسكرية الوطنية هى حامية الدستور والنظام الديمقراطى والدولة الأمة الحديثة على النمط التركى؟
ثمة قدر من الغيوم يشوب عملية تنظيم الوضع الدستورى المستقبلى للمؤسسة العسكرية المصرية الوطنية في ظل الحكم المدنى الذى سيتأسس على طبيعة النظام الدستورى الجديد للبلاد – برلمانى أو رئاسى أو شبه رئاسى وفق دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية وتعديلاته – من حيث الرقابة والمسئولية، ومن ثم على القوانين المنظمة للمؤسسة ولقضاءها العسكرى، واختصاصاته وحدودها. في هذا الإطار ذهب مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، بضرورة أن يكون للقوات المسلحة وضع خاص في الدستور الجديد. ( [1] )
الأسئلة سالفة البيان هى جزء من أى مسعى للأطراف المختلفة في بناء شرعية ما بعد 25 يناير 2011. يبدو أيضاً أن الإجابة عن هذه الأسئلة رهين بكيفية إدارة كافة الأطراف للصراع السياسى في المرحلة الانتقالية على اختلاف خطواتها وعملياتها.
من عديد المؤشرات، وتصريحات بعض أعضاء المجلس العسكرى ( [2] ) يبدو واضحاً أن ثمة مسعى لإعادة إنتاج شرعية 23 يوليو 1952، من خلال الدور البارز الذى لعبته المؤسسة العسكرية في إطار النظام السياسى المصرى، وإعطاء دور متميز لها في إدارة شئونها الداخلية، وعدم خضوع ميزانيتها للرقابة أو المتابعة من قبل البرلمان أو رئيس الجمهورية باعتبارهما سلطتين منتخبتين من الشعب. من ناحية أخرى أكدت هذا التوجه السياسى للمجلس العسكرى وثيقة د. على السلمى نائب رئيس الوزراء السابق في حكومة د. عصام شرف، وذلك في المادتين التاسعة والعاشرة، في صيغتهما الأولى والثانية المعدلة، والتى تم رفضهما من قبل غالب القوى الإسلامية السياسية، والأحزاب السياسية الليبرالية والديمقراطية، ومن القوى الثورية الشابة.
يبدو أن ثمة حاجة موضوعية لاستيعاب جوهر المواريث التاريخية لعلاقة المؤسسة العسكرية الوطنية بمشروع الحداثة والتحديث المصرى باعتبار أن دولة محمد على وإسماعيل باشا لعب فيها الجيش دوراً تحديثياً، مع المثقف ورجل الدولة، وهو تقليد استمر مع ثورة عرابى وبدايات تشكل القومية المصرية الحديثة – مصر للمصريين -، والحركة الوطنية الدستورية المعادية للاستعمار البريطانى، ثم دراسة تجربة ثورة يوليو 1952 بكافة جوانبها وعلاقة المؤسسة العسكرية بالدولة ومؤسساتها، وبالسياسة المصرية وتحولاتها التاريخية من الناصرية، والساداتية إلى مرحلة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، والتى تحتاج إلى دراسة موضوعية ونزيهة حتى يمكن استخلاص جوهر هذه التجربة، حتى يمكن التعامل مع الأوضاع المؤسسية في إطار عملية تجديد الدولة، وتحويلها إلى دولة ديمقراطية دستورية حديثة ومعاصرة، تتأسس على إقرار الحريات العامة والشخصية والمواطنة وضماناتهم الدستورية، وكذلك على الفصل والتعاون بين السلطات والرقابة المتبادلة فيما بين بعضهم بعضاً، ومن ثم على الطابع المؤسسى لإدارة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها في ضوء التقاليد والمعايير الدستورية المقارنة، ومبادئ دولة القانون، وقيم وقواعد المساءلة والشفافية.
ثمة تجارب مقارنة حول علاقة الجيوش بالمؤسسات الدستورية والسياسية المعاصرة، في أعقاب الثورات وعمليات التحول من نظم شمولية إلى نظم سياسية ديمقراطية ودستورية. ثمة ضرورة لدرس هذه التجارب جميعها، واستخلاص ما انتهت إليه من صياغة للعلاقة بين الجيش والسياسة والدولة، والسياقات والظروف التى تمتد فيها هذه القواعد على اختلاف تجاربها. أن الإشارة إلى التجربة التركية مفيدة، ولكنها ليست التجربة الوحيدة، هناك تجربتى اندونيسيا وشيلى على سبيل المثال.
ثمة احتياج في معالجة هذه الأسئلة / القضايا إلى الحكمة السياسية ورصانة المعالجة وهدوء الفكر، والإبداع في ظل مصالح الأمة المصرية العليا، ولاسيما سعيها للانعتاق من أسار التسلطية السياسية والبيروقراطية إلى آفاق الديمقراطية الكاملة وحكم القانون الحديث.
سابعاً: تحدى طبيعة الدولة المصرية ما بعد التسلطية السياسية: دولة حديثة أم دولة دينية أم دولة دينية ذات قناع مدنى؟ سياسة الهوية: الصراع على الأسلمة من الأمة إلى الدولة.
يعد الصراع حول هوية الدولة وشكل النظام السياسى من مواريث الجدل السياسى والثقافى والتاريخى على ساحة الصراعات السياسية بين الصفوات السياسية والثقافية والدينية المصرية منذ مطالع عملية بناء الدولة الحديثة وحتى اللحظة التاريخية الحالية. أحد أثار الحداثة السياسية والثقافية والتحديث المؤسسى، بروز مسألة الدين والدولة والهوية، وهى من أبرز الإشكاليات السياسية والتاريخية بامتياز في مصر، لأن مسألة الهوية لم تعد سوسيو – ثقافية وتاريخية، بل تحولت منذ عقد السبعينيات من القرن الماضى إلى مسألة سياسية – دينية، تستخدم في الصراع بين القوى السياسية الإسلامية وبين القوى الليبرالية والديمقراطية واليسارية وبعض القوميين من دعاة الفكرة العربية الجامعة. لم تعد هوية المصريين موضوعاً للتراضى والوفاق العام ولو عند الحد الأدنى بل تحولت إلى ساحة للتديين السياسى، والصراع عليها بين هذه القوى على اختلافها. لم تعد مسألة الهوية خاصة بالجوامع الثقافية والقيمية والتاريخية المشتركة للأمة وقواها الاجتماعية والدينية والثقافية والسياسية، والجدل الداخلى والسياقى حول الهوية ومكوناتها وتطوراتها عبر الزمن بل أصبحت موضوع تم تحديده إيديولوجياً ودينياً واعتباره محضُ معطى مسبق ومستمر عبر المراحل التاريخية. يبدو هذا النمط من أدلجة وتديين مفهوم الهوية وتحويله من المجال السوسيو – تاريخى، والسوسيو – ثقافى إلى مجال القيم والحقائق المطلقة هو مسعى من غالب القوى الإسلامية السياسية لإضفاء شبه قداسة على الهوية لا يجوز نقد الصياغة الدينية لها ولدلالاتها.
ثمة استراتيجية دينية لدى بعض القوى والجماعات والمؤسسات – الإسلامية والمسيحية – تنطوى على بعض من الأساطير السياسية التى تنطلق من إدراكات تدور حول حقائق تبدو مطلقة لدى بعضهم، وترمى إلى إضفاء “,”قداسة“,” وضعية ذات سند دينى على نماذج الهوية الدينية التى يطرحها بعضهم فوق حقائق التاريخ المصرى والعالمى، والجغرافيا والثقافة، والإنتاج الاجتماعى للأمة المصرية.
من هنا تثار أسئلة من قبيل هل الهوية المصرية متعددة المكونات في إطار مفهوم الأمة المصرية الحديثة؟ أم أنها هوية مستمدة من مصدر واحد هو ديانة الأكثرية من “,”المواطنين“,” المصريين؟ هل الهوية الإسلامية تختصر وتختزل كافة الهويات الآخرى للمصريين على المستويين الثقافى والاجتماعى والسياسى والرمزى؟ أين موقع الأديان الأخرى في بناء الهوية المصرية الجامعة؟ أين موقع المذاهب الدينية والمدارس الفقهية واللاهوتية داخلها، في بناء الهوية المصرية؟
هل تديين الهوية المصرية يعنى تديين الدولة وإضفاء الصفة والطبيعة الدينية عليها؟
هل تستمر التقاليد والمواريث الثقافية الدينية هى جزء محورى من مكونات الثقافة المصرية وحياة الأمة؟ أم ينتقل الصراع من المجال الثقافى والاجتماعى إلى السعى إلى بناء الدولة الدينية ذات القناع المدنى؟ أم القول أننا إزاء دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية وفق بعض المقولات الشائعة لدى بعض الجماعات الإسلامية السياسية؟
ما معنى الدولة المدنية؟ هذا المصطلح الشائع والغامض والخلاسى والمناور الذى يطرحه بعضهم كجزء من مناورات جماعات سياسية ودينية أدمن بعضها تشويه المصطلحات العلمية، وشيطنة بعضها ووصمها بالدنس والشرور من أجل استبعادها من مجال الاستهلاك المعرفى والسياسى.
إن محاولة بعض القوى الإسلامية السياسية السعى إلى اختزال مسألة هوية المصريين والدولة في نص دستورى - المادة الثانية من دستور 1971 الذى سقط بعد 25 يناير 2011، ومن البيان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد الاستفتاء الدستورى الذى جرى في 19 مارس وأعلنت الموافقة عليه في 20 مارس 2011 - هى تعبير عن صراع سياسى ممتد واحتقانات وأزمات إسلامية – مسيحية حادة.
من هنا يبدو أن أخطر أنماط الصراعات في المرحلة الانتقالية وما بعدها هو الصراع على الدولة من خلال الصراع على الهوية المصرية الجامعة ومحاولة تفريغها من مكوناتها المتعددة الدينية والثقافية والسياسية والتاريخية وتحويلها إلى هوية ذات بعد واحد أو أحادى هو وفق الإيديولوجيا الدينية الوضعية، واعتماداً على تفسيرات وتأويلات ومصالح هذه الجماعة أو تلك من الجماعات الإسلامية السياسية كالإخوان المسلمين – وثمة استثناءات محدودة داخلها وخارجه عنها- ، والجماعات السلفية، والصوفية والجهاد والجماعة الإسلامية، أو بعض بقايا التصورات الإيديولوجية “,”الأسطورية“,” حول الأمة القبطية.
سيزداد أوار الصراع على الهوية وطبيعة الدولة أثناء المرحلة الانتقالية ولاسيما في إطار الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، وذلك كجزء من استراتيجيات التعبئة الدينية والسياسية والحشد على أساس الانتماء الدينى على نحو ما حدث في أثناء عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011.
أن خطورة عملية تديين الدولة وهوية المصريين ستؤدى إلى تصدعات في الحد الأدنى من بقايا الإجماع القومى المصرى أو ما يقال عنه الوحدة الوطنية في الخطاب السياسى العام. ثمة عديد التهديدات ستواجه بقايا التكامل الوطنى تتمثل في تحول بعض النزاعات السياسية الكبرى والمشاكل اليومية بين المواطنين إلى المجال الدينى والطائفى على نحو يشكل بؤر متفجرة للنزاعات الطائفية بما يفتح المجال عن سعة للعنف الاجتماعى والسياسى ذو السند والمحمولات الدينية والطائفية. ربما يؤدى هذا الصراع وسجالاته على اختلافها إلى ضغوط مختلفة إقليمية ودولية على السلطة الواقعية أو الفعلية وحكومة تسيير الأعمال، بل وحتى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية واختيار رئيس منتخب وحكومة جديدة للبلاد.
إن الجدل القانونى والسياسى حول المادة الثانية من الدستور الذى ثار بضراوة على الرغم من أن المادة لم تكن مطروحة ضمن التعديلات الدستورية الأخيرة بعد الانتفاضة الديمقراطية الثورية – في 25 يناير 2011 -، يكشف عن إعادة طرح بعض التغيرات فى السياق الذى تمت فيه المادة ثم تعديلها عام 1980، منها أن الظروف والمتغيرات العولمية باتت ملائمة، لتبرز الأصوات التى تطالب بالعلمانية، أو بضرورة تخفيف صياغة المادة لكى تتواءم مع مبدأ الحرية الدينية، وأن الدولة شخص معنوى لا دين له، وإنما اعتناق الأديان مسألة تتعلق بحرية الضمير والاعتقاد للأشخاص الطبيعيين.
وثمة من طرح مسألة غموض صياغة المادة، وهل هى المبادئ العامة الكلية فى الشريعة، أم من المصادر التاريخية، أم المصدر الموضوعى، إلى آخر هذا الجدل الفقهى.
ربط بعض ذوى الانتماء السياسى الإخوانى، والإسلاموى السياسى عموما ما بين المادة الثانية وهوية الدولة، والشعب المصرى، ورفضوا مطالب تعديلها أو إلغائها، ونفوا أن بقاءها يمس حقوق الأقباط بمقولة أن الشريعة تحمى حقوق غير المسلمين إلى آخر هذا النمط من الخطابات السياسية الدينية.
بصفة عامة، يمكن القول إن ملف العلاقة بين الإسلام والدولة والقانون طرح مجدداً. وعلى نحو صراعى ومتوتر واحتقانى، وعنيف على مستوى الخطاب السياسى والدينى الحامل لتوتراته وشحناته النفسية المحتدمة على نحو يؤثر على طبيعة المقاربات الخطابية لإشكاليات وأزمات معقدة، وتحتاج إلى مناقشات في صلب التطور التاريخى والمستقبلى للدولة المصرية ومجتمعها وقواها السياسية الحية.
ثامناً: الفجوات الأمنية وتحدى سلطة قانون الدولة في مواجهة قانون القوة والأعراف والفساد
البيئة الأمنية تتسم بقدر من عدم الاستقرار نظراً لوهن الحضور الأمنى في الحياة اليومية للمواطنين في غالب محافظات الجمهورية على اختلاف مكوناتها، وذلك كأثر خطير لانكسار المنظومة الأمنية في أعقاب ما حدث يوم 28 يناير ويوم 2، و3 فبراير 2011 المسمى إعلامياً “,”بموقعة الجمل“,”.
أن فجوة الثقة العميقة والواسعة النطاق بين المواطنين وأجهزة الأمن، والطابع الديمقراطى والوطنى والإنسانى للانتفاضة الثورية التحررية، كانت وراء تصدع المنظومة والأجهزة الأمنية، خاصة في ظل إطلاق الرصاص على المتظاهرين والاستعانة بمجموعات من الجانحين والمجرمين من معتادى الإجرام والبلطجية في مواجهة المواطنين الثائرين. زاد هذا التوجه الأمنى الخطير من الفجوات النفسية وروح الكراهية والثأر على نحو تمثل في هجوم المواطنين على مراكز الشرطة وأقسامها في عديد المحافظات، بل وصل الأمر إلى الهجوم على مواقع مباحث أمن الدولة بكل الدلالات السياسية والرمزية لهذه العملية التى تتمثل فى كراهية المواطنين للنظام ورموزه وأجهزته الأمنية ذات الطبيعة السياسية.
كشفت وقائع انكسار المنظومة والأجهزة الأمنية عن عديد النتائج المؤثرة على سلطة قانون الدولة ومسار عملية الإدارة الأمنية لمرحلة الانتقال، وعلى رأسها ما يلى:
1- ضعف مستويات الكفاءة والمهنية في تكوين غالب الكوادر القيادية والاستثناءات محدودة، وذلك مقارنة بمستويات التكوين والأداء وإدارة الأمن في عديد العقود الماضية.
2- غياب الرؤية السياسية – لدى بعض قادة الأجهزة الأمنية - في إدارة الأزمات والعمليات الأمنية ولاسيما في ظل اتساع مشاركة وحركية وإرادة القواعد الجماهيرية المتظاهرة في عديد المحافظات والمدن.
3- استعانة الأجهزة الأمنية بمجموعات من الخارجين على القانون في مواجهة المواطنين، على نحو يشير بعض الباحثين والمعلقين إلى أن البلطجة شكلت جزءاً من مكونات المنظومة الأمنية، وهو ما كان شائعاً أثناء الانتخابات العامة على اختلافها في ظل نظام الرئيس السابق حسنى مبارك. هذا التوجه لدمج الخارجين على قانون الدولة ضمن الأجهزة المنوط بها تطبيق القانون أضفى شرعية ما على عملية الخروج عليه وعلى بؤر القوة اللا مشروعة والجانحة، بما كرس إدراك في الوعى شبه الجمعى للمواطنين يتمثل في أن قانون القوة والفساد هو المسيطر نسبياً على الحياة اليومية للمصريين، وفى أطر التعامل مع الدولة وأجهزتها ولاسيما الأمنية وكذلك بين المواطنين بعضهم بعضاً. لا شك أن هذا الإدراك شبه الجمعى ساعد على اتساع ثقافة الكراهية لأجهزة الدولة الأمنية ووصمها بسمات بالغة السلبية، بل وصل بعضهم إلى اتهامها بالعمل خارج قانون الدولة، بل وتحولها إلى أنها تعمل لصالح حماية النظام والأسرة الحاكمة، وبعض رجال الأعمال، أو لصالح بعض قادتها على نحو ما تشير إليه التحقيقات والمحاكمات الجارية حالياً، وبعض الأحكام القضائية التى صدرت في هذا الصدد.
4- كانت مساحات الفراغ الأمنى واسعة النطاق قبل 25 يناير 2011 وأن اهتمامات الأجهزة الأمنية كانت سياسية بامتياز، وأن ثمة فجوات أمنية ذات طبيعة جنائية شاعت في عديد المناطق داخل البلاد وتركت لعصب من البلطجية ومعتادى الإجرام.
ترتب على انكسار المنظومة الأمنية، بروز مشاكل تتصل بإعادة هيكلة السياسة والمنظومة والأجهزة الأمنية أثناء المرحلة الانتقالية، خاصة في ظل سيطرة القوات المسلحة على غالب مقاليد الأمور الأمنية. من أبرز المشاكل الأمنية التى تواجه السلطة الانتقالية ما يلى:
أ- كيفية ملء الفراغات الأمنية بين الحضور الشكلى للأجهزة الأمنية وبين الوجود الفاعل في الحياة اليومية والتصدى لأعمال البلطجة وأشكال العنف وفرض السيطرة وغيرها من أشكال الخروج على القانون أيا كانت طبيعته ومجاله الجنائى والإدارى والمدنى، بالإضافة إلى تنفيذ الأحكام القضائية. ( [3] )
ب- إعادة الثقة بين المواطنين وأجهزة الأمن والعاملين فيها بعد فجوات نفسية وإدراكية عميقة، وكذلك نظرة رجال الأمن لأنفسهم ودورهم في التطبيق النزيه والفاعل للقانون وللمواطن المصرى وقيمته وقيم المواطنة، والأهم ضرورة شيوع قيمة أن القانون يطبق على الجميع بما فيهم رجال الأمن أو ذوى السلطة والمكانة والنفوذ السياسى والاجتماعى والاقتصادى، وأن لا أحد فوق القانون.
ج- عدم التمييز بين المواطنين في تطبيق القانون أيا كانت أساليب التمييز ومعاييره اجتماعية أو سياسية أو دينية أو مذهبية أو بحسب النوع الاجتماعى ... إلخ.
د- ضرورة مواجهة تحدى القوى الخارجة على القانون وتقديمها لسلطات العدالة الجنائية، وإعادة الهيبة لقانون الدولة وتطبيقه في تفاصيل الحياة اليومية، ولاسيما في تنظيم المرور والطرق وتحقيق السكينة العامة والضبط الإدارى، والأمن الجنائى ...إلخ.
هـ- التصدى الأمنى / العسكرى المشترك لمحاولات بعض عناصر داخل الجماعات الإسلامية السياسية والسلفية تطبيق القانون الدينى بالقوة خارج قانون الدولة الرسمى، وذلك لفرض قانون الأمر الواقع على نحو ما قامت به عناصر بعض الجماعات الإسلامية السياسية – كالجماعة الإسلامية - عمله، وذلك من خلال تطبيق “,”الحدود“,” على المواطنين في عقد الثمانينيات من القرن الماضى. إن التسامح مع هذا السلوك الخارج على قانون الدولة بالغ الخطورة على الاستقرار الأمنى والسياسى والوحدة الوطنية وصورة السلطة الفعلية والدولة المصرية في الإعلام العالمى المعولم ولدى المجتمع الدولى المعولم. أن السماح لبعض الجماعات السلفية بإقامة العدالة من وجهة نظر بعضهم وخارج قانون الدولة، يؤدى إلى تحدى شرعية الدولة الحديثة وهيبتها بين المواطنين.
مما سبق يتبين أن تحدى إعادة هيكلة سياسة وأجهزة الأمن وكوادرها من أهم وأخطر تحديات مرحلة الانتقال لأنها تتسم بالتضاغط السياسى والاجتماعى والدينى والمناطقى. من ناحية أخرى بروز ميل بعض الجماعات إلى التخليط بين قضايا الأمن والدين والخروج على قانون الدولة.
تاسعاً: التحقيقات والمحاكمات أمام قضاء الدولة، وخطورة المحاكمات الإعلامية الموازية
من أبرز تحديات ومخاطر مرحلة الانتقال بروز نمط من المحاكمات الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة في الأجهزة الإعلامية على اختلافها للمتهمين من قادة نظام الرئيس السابق حسنى مبارك وأسرته وحاشيته ومراكز القوى الرئيسة داخله، ومن قادة الأجهزة الأمنية على اختلاف درجاتهم الوظيفية في الهيكل القيادى للأجهزة الأمنية، وبعض رجال الأعمال والمال وقادة داخل الحزب الوطنى المنحل وآخرين .. إلخ.
هذا النمط من المحاكمات الإعلامية يشكل تهديداً خطيراً لأسس العدالة الجنائية الحديثة والمعاصرة للدولة المصرية الحديثة، وتؤدى إلى إدخال المواطنين طرفاً في إطلاق الاتهامات المرسلة حيناً أو ذات السند الدينى حيناً آخر، وفى إقامة المحاكمات الجنائية وإصدار الأحكام على المتهمين وفق منطق الأهواء ورغبات الجمهور الجامحة. لا شك أن هذه النزعة بالغة الخطورة على سير العدالة الجنائية بدءاً من استدعاء المتهمين وإجراء التحقيقات واتخاذ قرارات الحبس الاحتياطى، أو المطلق ذات الطبيعة التحفظية وتقديمهم للمحاكمة أمام القضاء العادى بوصفه قاضيهم الطبيعى، وذلك وفق قواعد العدالة الإجرائية والموضوعية المستقرة في التقاليد القضائية المقارنة عالمياً، ومن ثم إصدار الأحكام بالبراءة أو الإدانة في حيدة ونزاهة. أن الإدارة الإعلامية الإثارية في غالب الأجهزة الإعلامية، تخلق بيئة من الاتهامات والإدانات والأحكام المعيارية والأخلاقية التى قد تؤثر على مواقف المتهمين في مرحلة التحقيق الجنائى والمحاكمة.
أن خطورة التحقيقات والمحاكمات والإدانات الإعلامية ذات الطابع الشعبوى والإثارى تشكل خطراً على الصورة الدولية للدولة والمؤسسات القضائية الرسمية وأنها تتأثر بالأجواء الإعلامية والإثارية والشعبوية المحيطة بالتحقيقات والمحاكمات. بعض ما يحدث الآن من محاكمات إعلامية وسياسية يؤثر على صورة الانتفاضة الثورية الديمقراطية المصرية وتطورها، وعلى طابعها السلمى والإنسانوى على مستوى أولوية المطالب الحقوقية الرئيسة لها، والتى تمثلت في الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان العالمية وعلى رأسها المحاكمة المنصفة، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، أيا كانت التقييمات السياسية السلبية لهؤلاء المتهمين وأيا كانت الرغبات الشعبية في إدانتهم.
أن المحاكمات العادلة والمنصفة التى يجب إجراءها والاعتصام بالمعايير الدولية في هذا الصدد، ستشكل أحد أبرز أرصدة القوة الرمزية والسياسية، والهيبة للانتفاضة الثورية الديمقراطية، ومن ثم تأثيرها على مكانة الأمة والدولة المصرية في الإقليم والعالم، بكل آثار ذلك على إدارة السياسة الخارجية، وأساليب التفاوض وأوراق القوة لدى الدولة وممثليها.
شكل البطء في إجراءات المحاكمات إلى تزايد الشكوك في بعض الأوساط حول سر العدالة، ومطالبة بعضهم بضرورة الأخذ بنظم العدالة الانتقالية لمواجهة الفساد السياسى وفاعلية أثناء حكم الرئيس المخلوع.
عاشراً: مشكلة غياب الرؤية السياسية في اختيار قادة مرحلة الانتقال
بدت بعض قرارات الحكومات الانتقالية السابقة بقيادة د. عصام شرف، والحالية بقيادة د. كمال الجنزورى، أقرب إلى تركيبة غالب الحكومات المصرية المتعاقبة في مراحل حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، وهو غلبة العناصر التكنوبيروقراطية والأمنية والعسكرية، ومن ثم تبدو الرؤية السياسية غائمة والأداء السياسى شاحب، على نحو يؤدى إلى إصدار قرارات تؤدى إلى إثارة أزمات ووقائع عنف واضطراب تساهم في استمرارية الفجوات والأزمات الأمنية.
بدت قرارات حكومات تصريف الأعمال السابقة وبعض الحالية بقيادة د. كمال الجنزورى مضطربة وغير مدروسة وبطيئة في أحيان أخرى وهو ما يبرز في عديد القرارات، وذلك كنتاج للفجوة الجيلية والرأسمال الثقافى والخبراتى للوزراء – في أروقة البيروقراطية والدولة المصرية، فهم نتاج لثقافة سياسية تسلطية عاشوا معها وبها-، وبين جيل جديد شاب من أبناء الطبقة الوسطى المدينية ذوى تطلعات ورؤى وتفكير يعكس العصر الجديد المعلوماتى والاتصالى والمعرفى وأدواته. أن نظرة على الفيس بوك Face Book وتويتر Twitter تشير إلى أن موجة انتقادات لاذعة لقرارات الحكومة تؤدى إلى تراجعها عن قرار ما أو تأجيله أو تعديله!
ثمة انتقادات أخرى قد تشكل ضغطاً على قرارات الحكومة وتحدياتها، وتعبئة جماهيرية شابة للنزول للتظاهر إزاء بعض المواقف للسلطة الواقعية الحاكمة.
من أبرز القرارات التى يفتقر بعضها إلى رؤية سياسية تتوافق أو تتساوق مع الانتفاضة الثورية الديمقراطية ما برز سابقاً في حركة تعيينات المحافظين في 7/8/2011– في حكومة د. عصام شرف - والتى شكلت أزمة خطيرة وصلت إلى ما يشبه العصيان المدنى، من تظاهر مستمر، وقطع الطرق البرية والمواصلات والسكك الحديدية بين محافظة قنا وغيرها من المحافظات، وذلك لأسباب تتصل بديانة المحافظ الجديد المسيحية. أن هذا القرار يفتقر إلى الدراسة والتقييم لتجربة المحافظ السابق الفاشلة، بالإضافة إلى عدم القدرة على مواجهة بعض قادة وعناصر من السلفيين والإخوان المسلمين في محافظة قنا ورفضهم تعيين مواطن مسيحى في موقع محافظ، أن ما حدث هو تعبير عن تراكمات تاريخية وأخطاء سياسية فادحة وإهمال جسيم من قبل قادة النظام السابق إزاء التهميش التاريخى لمحافظات صعيد مصر، ولاسيما قنا. تهميش تنموى والأخطر تراكم المشكلات والتهميش الذى ساد الوعى السياسى للسلطة الحاكمة. أن بعض من غياب الرؤية السياسية الجديدة بدت في قرارات إلغاء محافظتى حلوان و6 أكتوبر دونما تسويغ موضوعى وسياسى وإدارى لقرارات الإنشاء السابقة على عهد حكومة أحمد نظيف، ولا الإلغاء في حكومة تصريف الأعمال.
أن رفض المواطنين بعض المحافظين الجدد في محافظتى المنيا والإسكندرية – اللذين تم تعيينهما في حكومة د. عصام شرف الثانية، يشير إلى فجوة ثقة بينهم وبين بعض كبار رجال الأمن أو التكنوقراط اللذين شغلوا بعض المواقع الشرطية أو في الجامعة، وهو ما يشير إلى أن استمرارية نمط التجنيد والاختيار لمواقع المحافظين ونوابهم لا يزال يعكس ذهنية قديمة سادت طيلة نظام يوليو التسلطى ولا تزال متحكمة في حكومة تصريف الأعمال والسلطة الفعلية التى تحكم وتدير مرحلة الانتقال وسلطاتها الحاكمة وقراراتها.
أن اختيارات المجلس العسكرى لرئيس حكومة “,”الانقاذ الوطنى“,” د. كمال الجنزورى، تشير إلى نمط من الاختيارات لا يزال ينتمى إلى معايير التجنيد السياسى التى سادت في ظل النظام التسلطى التى تقوم على المصادر التقليدية للتجنيد ومنها التكنوقراط، وكبار الموظفين، ورجال الأمن، ومن المؤسسة الأمنية.
لا شك أن هذا التوجه هو أقرب إلى بيئة التفكير لدى رؤساء الجمهوريات السابقين اللذين ينتمون إلى المؤسسة العسكرية، ومن ثم إلى نمط من فكر جمهوريات الإدارة، لا الفكر السياسى ومن ثم المعايير السياسية في الاختيار. من ناحية أخرى ينتمى د. كمال الجنزورى إلى ذات الجيل الذى وسم الحياة السياسية بالجمود والشيخوخة السياسية إذا يبلغ من العمر 78 عاماً وهو ما أثار رفض عديد القوى الثورية الشابة وبعض القوى السياسية الديمقراطية.
الحادى عشر: تحدى الشفافية والوضوح والإنجاز
يبدو أن بعض الغموض فيما يجرى وراء أروقة الحكم، يؤدى إلى توسيع فجوة الثقة التى تحتاجها المرحلة الانتقالية من أجل إدارة سلمية وآمنة وفعالة وكفوءة للعمليات السياسية والأمنية والاقتصادية أثناء المرحلة الانتقالية. تبدو بعض القرارات البطيئة أو الغامضة حاملة لشكوك ما سرعان ما تشيع بين بعض أطراف ائتلاف شباب الثورة وبعض الشرائح الاجتماعية الوسطى الداعمة لهم، وهو ما يجعل من مساحة الشك والريبة السياسية مجالاً لنفاذ قوى داخل النظام وذات مصالح أطلق عليها “,”الثورة المضادة“,” من رجال نظام مبارك لتوسيع الهوة والشك وعدم الثقة بين السلطة الواقعية – المجلس الأعلى للقوات المسلحة – وبين شباب الثورة ومؤيدوهم وبين الأمة عموماً وهذه الفجوة أخذت في الاتساع خلال المرحلة الأخيرة وبعد أحداث فض الاعتصام بالقوة الدموية من أمام مجلس الوزراء أيام 16 و17 و18/12/2011 وما تلاهم من آثار. لا شك أن ذلك يشكل خطراً كبيراً في المرحلة الانتقالية وهو ما يتطلب التصدى لبعض الشائعات المغرضة ومحاولات القوى المضادة الانقضاض من خلال هذه الفجوة. أن الشفافية تبدو لازمة وواجبة في التعامل أثناء المرحلة الانتقالية ووضوح خارطة الطريق والحوار الوطنى الجاد، وليس على النمط الحكومى البيروقراطى الذى فشل قبل بدايته. لكن يبدو أن ذلك أصبح أمر أكثر تعقيداً عن ذى قبل.
الثانى عشر: تحدى الأساطير والأحلام والأوهام السياسية المجنحة
أحد أخطر تحديات مراحل الانتقال والتحول السياسى من الشمولية والتسلطية السياسية إلى الديمقراطية والحريات العامة والشخصية وحقوق الإنسان، هو موجات تلو أخرى من الأساطير والأحلام والأوهام السياسية المجنحة لدى بعضهم من شباب الثورة، وآخرين من أجيال أخرى، والأخطر لدى النخب السياسية والسلطة الفعلية، وعلى رأسها ما يلى:
1- إمكانية الانتقال من التسلطية إلى الديمقراطية بسرعة دونما تغيير في الثقافة السياسية والمدنية – الحقوق المدنية والقيم والإدراكات والسلوك والتقاليد السياسية – وتحولها من النمط الطغيانى إلى النمط الديمقراطى المؤسس على المشاركة السياسية للمواطنين في إطار دولة القانون. أن سلطة اللحظة الثورية وسيكولوجية الانتصار تولد معها الأحلام والأوهام والأساطير التى غالباً ما تصطدم بالموروثات السياسية والإدارية والبيروقراطية، وصدمة الواقع المختلف والمتخلف تاريخياً، ومن ثم يبدو من الأهمية بمكان ضرورة التبصير بمخاطر الأوهام التى تهيمن على فضاءات مرحلة الانتقال لأنها تؤدى إلى الإحباط شبه الجمعى الذى يحمل معه بعض اليأس السياسى وعدم القدرة على الفعل التغييرى للواقع الاجتماعى المعقد. إن التصدى لرهاب الإنجاز السريع أمر من الأهمية بمكان سواء لدى “,”شباب الثورة“,”، أو المواطنين العاديين.
2- تزايد المطالب الفئوية والعمالية وأحلام تحقيق العدالة الاجتماعية الناجزة التى تشيع بين عديد الجماعات المهنية والعمالية، على تفاوت مطالبهم ومدى شرعية بعضها أو عدالته على مستوى توزيعات الدخل والأجور. بعض المطالب العمالية والشعبية للفئات الأكثر فقراً واستضعافاً تبدو عادلة واستثنائية ومطلوب إنجازها لخلق إحساس جمعى لدى هذه الفئات بأنها جزء من عملية التغيير وتولد الثقة بينها وبين السلطة الانتقالية بما يؤدى إليه هذا الإحساس من تقليل لمعدلات التوتر الاجتماعى وانعكاسات ذلك على المستوى الأمنى، وبكل مردودات ذلك على البيئة الاستثمارية.
3- رهاب كراهية المواطنين لرجال الأعمال: ثمة نزعة للخلط بين طبقة رجال الأعمال ودورها الاقتصادى والاجتماعى وبين ممارسات بعضهم في إطار الحزب الوطنى المنحل وفى الفساد ومشاركة بعضهم في تخطيط وإدارة واقعة الجمل ذائعة الصيت ضد شباب الانتفاضة الثورية وقتلهم وإصابتهم للعديد من الثوار.
هذا الخلط الذى يشيعه بعضهم في الإعلام وبعض السياسيين يؤدى إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية سلبية على مناخ الاستثمار والاقتصاد المصرى ومدى إمكانية تعافيه من الأزمة الحادة التى يعانى منها. أن التمييز السياسى ضرورى بين العناصر الفاسدة من رجال الأعمال ودعاة قانون دعه ينهب المال العام دعه يمر وبين رجال الأعمال ذوى الالتزام الاجتماعى من الأهمية بمكان. من ناحية أخرى لابد من الانتقال إلى صيغة قانون السوق الاجتماعى وشفافيته وخضوع عملياته إلى قوانين السوق ذات الالتزام الاجتماعى وسلطة قانون الدولة. إن بناء الثقة مجدداً بين رجال الأعمال وقوى الانتفاضة الثورية والمواطنين، تبدو مهمة وأساسية لإعادة الثقة في الاقتصاد المصرى وفى المشروع الخاص.
4- إمكانية التغيير السريع للواقع الموضوعى – القانونى والأخلاقى والسياسى .. إلخ - من القوى الإسلامية السياسية، وتطبيق تصوراتهم حول الدولة والمجتمع الإسلامى ونظام الشريعة في ظل تعقيدات بنائية، وتاريخية، ومعاصرة أكبر من النموذج التاريخى الوضعى والمتخيل – الذى ارتبط بمراحل تاريخية واجتماعية واقتصادية ومناطقية .. إلخ محددة - الذى يخايل هذا النمط من القوى الإسلامية السياسية وقادتها.
الثالث عشر: تحدى الصراع بين قانون وقضاء الدولة وبين المجالس والقوانين العرفية
في أثناء الانتفاضة الثورية – الثمانية عشر يوماً بين 25 يناير إلى 11 فبراير – وما بعد ما سمى باللجان الشعبية التى تشكلت في عديد المناطق والمدن لحماية الممتلكات العامة والخاصة، إلا أن ذلك تطور من خلال تشكيل جماعة الإخوان المسلمين، والقوى السلفية لبعض هذه اللجان لكى تنظم المرور، ثم تفض بعض المنازعات العادية بين المواطنين، ثم تدريب جماعة الإخوان لخمسمائة قاضى عرفى لحل المشكلات.
لا شك أن هذا التوجه التنظيمى المضاد لقانون الدولة وقضاءها يشكل محاولة لخلق أجهزة موازية لأجهزة الدولة، وهو توجه خطر على ثقافة الدولة وأجهزتها.
في ثنايا بعض الفوضى والسيولة وغياب الأمن قام بعض غلاة السلفيين بتطبيق تصوراتهم حول الشريعة الإسلامية الغراء على بعض البلطجية ومعتادى الإجرام وتوقيع عقوبة الموت عليهم بل وصل الأمر إلى حد تقطيع وتشويه جثامينهم لاعتبارات تتصل بتصورهم للردع. لا شك أن بعض هذه الوقائع تشكل خطورة على معنى ورمزية القانون الحديث وسيادته على السلوك الاجتماعى والاقتصادى والسياسى .. إلخ للمواطنين من خلال أجهزة الدولة المختصة.
لا شك أن هذا النمط من التفكير والسلوك لدى بعض هذه الجماعات يثير بعض الشكوك حول مدى التزامهم بقيم وتقاليد الدولة الحديثة وأجهزتها التشريعية والقضائية.
الرابع عشر: ثقافة المدينة الثائرة وثقافة الأرياف المحافظة
1- تبدو الأرياف والمدن المريفة في غالب محافظات مصر – باستثناء القاهرة والوقفة الجسورة للطبقة العاملة الصناعية في السويس، وكفر الدوار قبل وأثناء الانتفاضة الثورية - ولاسيما في الوجه القبلى، والدلتا، وكأنها بعيدة عن روح الانتفاضة الثورية، بل تبدو دروسها ودلالاتها لم تصل بعد إلى المناطق الريفية ذات الثقافة المحافظة والمحمولة على الحنين إلى ثقافة ما قبل الدولة الحديثة ونزوعهم إلى استدعاء قانون الأعراف والمكانة والدين وأبنية القوة التقليدية. أن هذا النمط ذو جذور تاريخية عميقة تتصل بأساليب الضبط الدولتى القمعية للدولة المركزية والنهرية وآثارها السلبية على الوعى شبه الجمعى للفلاحين المصريين وغالب العمال ذو الجذور الريفية. بعض الجديد ظهر في أعقاب 25 يناير وتمثل في لجوء بعض القوى السلفية والدينية إلى رفض تعيين بعض المحافظين كما حدث في قنا مؤخراً، أو تطبيق بعضهم للحدود بعد إجراء محاكمات وإصدار أحكام بقطع أذن بعض المواطنين أو إبعادهم عن منازلهم ومناطقهم إلى خارجها، وهو ما يشكل خروج سافر على قانون وقضاء الدولة المصرية. من هنا تبدو ثقافة الانتفاضة الثورية رهينة المدينة – القاهرة أساساً وبعض نظائرهم في الإسكندرية والسويس وكفر الدوار - وثقافتها وطلائعها من الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية وبعض كوادر الطبقة العاملة الصناعية، ومن ثم تواجه الحركة الثورية المدينية تحدى ضرورة التمدد إلى قلب وروح قوى اجتماعية أوسع نطاقاً، ولاسيما في الأرياف والمدن المريفة في البلاد.
2- الفجوة بين الأجيال تبدو متزايدة في طرائق التفكير وأدواته، وفى الرؤى السياسية والاجتماعية، وخاصة فجوة الخبرات والتجريف السياسى والنخبوى الذى مارسه نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، التى تطل بوجوهها السلبية في مرحلة الانتقال، حيث تبدو الفجوة الجيلية ومحاولات بعض شيوخ النظام التسلطى إدارة البلاد بعقلية وذهنية أعدت للماضى وليس إلى المستقبل المصرى المأمول.
المراجع
( [1] ) أنظر في هذا الصدد تصريحات، اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، بضرورة أن يكون للقوات المسلحة وضع خاص فى الدستور الجديد يحقق لها نوعاً من التأمين حتى لا تكون تحت هوى رئيس الدولة، مشيراً فى كلمته، خلال جلسة “,”الأمن القومى والقوات المسلحة“,” بمؤتمر الوفاق القومى المنعقد بقاعة المؤتمرات اليوم الخميس، إلى أن الدساتير القديمة نصت على أن الجيش يحمى الشرعية، أما فى النص الحالى، فدوره حماية البلاد فقط، وهو ما رأيناه فى تواجد القوات المسلحة فى الشارع لحماية الشعب أثناء الثورة. ودعا شاهين إلى ضرورة أن يحدد الدستور العلاقة بين المؤسسة العسكرية والرئيس الجديد الذى قد يكون مدنياً خالصاً أو مدنياً بخلفية عسكرية، مشيراً إلى أن غالبية الدساتير فى العالم تقول إن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة فى العديد من الدول، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية. وطالب شاهين بعدم طرح الأمور الخاصة بالقوات المسلحة فى البرلمان، لافتاً إلى أن هذا لا يحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لوجود أسرار تتعلق بالقوات المسلحة لا يمكن مناقشتها بشكل علنى، كما يحدث فى الدستور التركى الذى ينص على عدم طرح أى استجواب خاص بالقوات المسلحة داخل البرلمان. ورداً على سؤال حول وضع القائد العام والقائد الأعلى للقوات المسلحة فى الدستور، قال شاهين إن القوات المسلحة تحكمها عدة قوانين، وإن المنصبين لهما وظائف محددة، وإن القوانين الحالية لا تسمح بوزير من خارج المؤسسة العسكرية، ويمكن للرئيس والبرلمان الجدد أن يغيرا القانون، وأن يسمح بوزير دفاع مدنى من خارج المؤسسة العسكرية، أنظر في هذا الصدد اليوم السابع، 26 مايو 2011.
( [2] ) من هذه التصريحات أيضاً ما سبق أن صرح به اللواء مختار الملا عضو المجلس العسكرى لبعض الصحف الأجنبية في 7/12/2011
المُلابداية بارحّب بيكم وباشكر السفير إسماعيل خيرت على هذه الفرصة، وأحب أقولكم إنمافيش أشياء عندنا كمجلس أعلى
نخبيها، كل ما عندنا واضح وصريح وأى سؤال هتسألوهإجابتى فيه يا إما هاقول ما أعرف يا إما هتيجى الإجابة السليمة الدقيقة اللىمافيهاش لبس، واللى يراجع ما أعلناه يوم أول فبراير ويراجع ما أعلناه من دقائق يجدأننا لم نتغير خطوة عن الخطوات والمبادئ التى أعلناها من بداية هذه الثورة، وأناتحت أمركم فى أى أسئلة .
سؤالمن «وول ستريت جورنال»: ما الصلاحيات والسلطات التنفيذية التى سوف تمنحونها للسيدكمال الجنزورى؟
المُلا: الدكتور كمال الجنزورى رئيس وزراء مصروله جميع الصلاحيات التى تحقق وتمنح هذه الوزارة العبور لمصر خلال هذه الفترةوالهدف بتاعها واضح: الأمن والاقتصاد والانتخابات، وبالتالى كل الصلاحيات ممنوحةله .
سؤال : هل سيكون له الصلاحيات لتعيين وزرائه دون الرجوع إلى المجلس العسكرى؟
المُلا: رئيس الوزراء السابق الدكتور عصام شرف ورئيس الوزراء المكلف الحالى الدكتور كمالالجنزورى له كامل الصلاحية فى اختيار من يراه من وزراء لأنه هو المسؤول، ولو كناعايزين نتدخل كانت الوزارة اتشكلت فى يومين تلاتة، لكن تجاوزنا 11 أو 12 يوما ومازال يشكل وزارة حتى اللحظة اللى إحنا فيها الوقت .
سؤال : مع الانتخابات الدائرة حاليا ومع حرية الشعب فى اختيار ممثليه، كان للمجلس العسكرىأيضا الحرية فى ترك السلطة وتسليمها منذ تعيين رئيس للوزراء وفى ظل وجود مجلس شعبمنتخب.. ما رأى سيادتكم؟
المُلا:السلطة لا تسلم إلا لمناصب معينة وتسلم لجهة معينة، ولو تتذكروا حضراتكم أننا يوم 13 فبراير لما طلّعنا أول إعلان دستورى وفى المادة الثانية منه قلنا مهمة المجلسالأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد لحين تسليمها خلال ستة أشهر أو تشكيلمجلسى شعب وشورى وانتخاب رئيس للدولة، وأكدنا هذه المعلومة فى الإعلان الدستورىاللى صدر فى 30 مارس وحطينا نفس القيود ولكن اضطرينا إن إحنا نأجل لأن كل التياراتوالأحزاب طلبوا فترة عشان يدخلوا الانتخابات، وأجلناها إلى إنها تبتدى فى 30سبتمبر، وهو ما حدث أن دعينا الناخبين يوم 27 سبتمبر، وهى تتم الآن من يوم 28نوفمبر بدء الانتخابات، لما يبقى فى رئيس دولة يستلم السلطة هتبقى القوات المسلحةسعيدة ورئيس المجلس الأعلى حدد يوم 30 يونيو 2012 لتسليم السلطة إلى رئيس الدولةالمنتخب، بالإضافة إلى هذا فور انتخاب مجلس الشعب.. النهادره اللى بيدير السلطةالتشريعية والتنفيذية هو المجلس الأعلى أو السلطة التنفيذية بينفذها مجلس الوزراء .. فور انتخاب مجلس الشعب سيتم تسليمه السلطة التشريعية والرقابية .
سؤال : يبدو من كلام سيادتكم أنه سيكون لمجلس الشعب الحق فى مساءلة رئيس الوزراء أو حتىإسقاط الحكومة؟
المُلا:لا هو سلطة مجلس الشعب طبقا للإعلان الدستورى التشريع والمراقبة حتى نجتاز هذهالمرحلة، وسوف يتولى مجلس الشعب مع الحكومة العمل لإنجاح هذه المرحلة لتنتهى فى 30يونيو بعد سبعة أشهر .
سؤال : هل ده معناه إن فيه حكومة جديدة فى 30 يونيو بتسليم السلطة للرئيس؟ ثانيا الفترة دىمن مارس ليونيو، هل هى الفترة الكافية لكتابة الدستور؟ وسامعين النهارده إن فيهاستعداد وإن المجلس العسكرى يتجه إلى إصدار وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور هل دهقادم فعلا وكيف تخطينا مشكلة الاختلاف عليها؟
المُلا: بالنسبة لأن تكون هناك حكومة جديدة لـ30 يونيو، إحنا ما زلنا دولة رئاسية والنظامرئاسى برلمانى وبالتالى رئيس الدولة هو اللى بيعين الحكومة الجديدة، لما يبقى فيهرئيس دولة ومجلس شعب ومجلس شورى بالتأكيد رئيس الدولة الجديد هيبقى ليه نظرة أخرىفى تشكيل الحكومة الجديدة، وهذه الحكومة من المؤكد أنها هتستمر ولكن مهمتها تنتهىبوجود رئيس جمهورية، دى النقطة الأولانية .
الجزءالتانى هل الفترة كافية لعمل دستور جديد؟ قيل إن الدستور المصرى وده رأى الفقهاء فىالقانون والدستور، إنه دستور من الدساتير المميزة عالميا عدا الباب الخامس اللى حصلفيه تلاعب فى عملية الانتخابات والترشيحات والصلاحيات، أما الباب الأول والثانىوالثالث والرابع فهى من الأبواب المميزة جدا، وبالتالى لو صدقت النوايا وتعاونت كلالجهات، هنستطيع أن نطلع الدستور خلال هذه الفترة، وأعتقد إنهم هيقدروا ينفذواده .
الجزءالثالث، هو المبادئ الحاكمة، المبادئ الحاكمة فى أى دستور فى الدنيا اللى هى عندنافى الباب الأول والثانى والتالت والرابع، مافيش حاجة اسمها مبادئ حاكمة، فيهأساسيات للدستور، اللى تحمى حقوق المواطن وتوصف الدولة وشرعيتها، المسمى اللى طلعالمبادئ الحاكمة والمواد فوق الدستورية، اجتهادات أساءت للعملية الديمقراطية اللىبتتم فى مصر، أكتر مما أفادتها، مافيش حاجة اسمها مبادئ حاكمة، لكن فيه إن شاء اللهدستور يعد خلال الفترة المحددة .
سؤال : مانتوقعش وثيقة زى وثيقة الدكتور السلمى أو ورقة…؟
المُلا:أنا عايز أوضح لكم إيه قصة وثيقة السلمى وجت منين المبادئ الحاكمة، نعود إلى 30مارس لما طلعنا الإعلان الدستورى، والانتخابات كانت هتتم بعد ستة أشهر، فرأى المجلسالأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء أن نستغل الفترة إننا نعمل فكرتين فكرة اسمهاالوفاق الوطنى، والأخرى اسمها الحوار الوطنى، تولى اللجنة الأولى الدكتور يحيىالجمل، وتولى المهمة الأخرى الدكتور عبد العزيز حجازى، لدراسة بعض المشكلات البعيدةعن الدستور. نعود إلى الوفاق الوطنى، المهمة اللى كانت محددة ليهم إنهم يدرسوا كيفنعد دستورا جديدا، كآراء ومقترحات، يشارك فيها جميع الأحزاب والائتلافات والمفكرينمن كل أنحاء مصر، ليضعوا أسسا ومبادئ وموادَّ مقترحة للدستور الجديد، إذا توافقواعلى مواد سوف نعتبرها من أساسيات الدستور الجديد، إذا لم يتوافقوا فهى مجرد آراءومقترحات، إذن لجنة الوفاق الوطنى مشكلة للمعاونة فى إعداد دستور جديد، ونستغلالستة أشهر دول فى بناء أفكار للدستور، ثم تناولت الأفكار والآراء اللى موجودة إلىما حدث، ثم سموها وثيقة الدكتور على السلمى، وأخرجوها من هدف المعاونة فى وضعالدستور، وخلوها إلى فرض مواد فى الدستور وهذا غير سليم، وقد يكون هناك دور لجهازجديد اسمه «مجموعة المستشارين» أو اللجنة الاستشارية للمجلس الأعلى، قد تكون لهاهذه المهمة أن تعيد تانى التفكير للمعاونة أيضا فى وضع الدستور اللى هيتم بواسطةالجمعية التأسيسية المنتخبة من مجلسى الشعب والشورى .
سؤال : هل ده معناه إن مافيش دور للمجلس العسكرى فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية؟
المُلا:إطلاقا .
سؤال : هل سيكون هناك أى وثيقة أو معايير على اتفاق لاختيار أعضاء الجمعيةالتأسيسية؟
المُلا: أنا باعد دستور للبلاد ولعشرات السنين القادمة، وبالتالى الضابط الأهم فى الجمعيةالتأسيسية، ويصر عليه كل قوى المجتمع المصرى بما فيها القوات المسلحة، أن يشارك فىالجمعية التأسيسية جميع أطياف وتيارات وفئات المجتمع المصرى، وبالتالى ليس بالضرورةأن أغلبية مجلس الشعب هى التى تشكل الجمعية التأسيسية فقط، بالتأكيد هناك فئات منالشعب مثل النقابات والمهندسين والفلاحين والعمال قد لا يكون لها هذه الفرصة فىمجلس الشعب وبالتالى لا بد أن تكون الجمعية التأسيسية انعكاس للمجتمع المصرى، نحققده إزاى؟ ده كمالة السؤال، هل ده مطلب منطقى لكل فئات الشعب المصرى ولّا غير منطقى؟وبالتالى أعتقد إن ماحدش هيعارض هذا المطلب .
سؤال : هل ستكون هناك معايير ملزمة؟
المُلا: سيكون عليها توافق كبير من كل فئات الشعب .
سؤال : هل ستصدر فى صورة إعلان دستورى؟
المُلا: هتصدر بالصورة اللى تحقق الهدف .
سؤال : هل هناك أى ظرف من الظروف يمنع المجلس العسكرى من تسليم السلطة إلى رئيس منتخب فىيونيو القادم؟ وإذا ما تم التسليم ماذا سيكون دور القوات المسلحة فى الحياةالسياسية فى مستقبل مصر؟ وهل هناك ما يمنع تسليم السلطة لرئيس منتخب؟ وهل سيكونهناك دور لتدخل القوات المسلحة فى مصر أم لا؟
المُلا: أنا ماعنديش أسباب تمنع من تسليم السلطة، والتخطيط والفكر، وأنا باقول برضه وارجعتانى إلى كل ما صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، من شهر فبراير وحتى أمس، أنالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس بديلا للشرعية الدستورية، وأنه لم يفكر ولم يخططولم يسع ليستمر فى السلطة، وزى ما باقول إن فيه 13 فبراير، أعلنا هذا الكلام، وفى 30 مارس أعلنا هذا الكلام، وفى البيان الأخير لرئيس المجلس الأعلى أكد هذا البيان،والقوات المسلحة لن تتدخل فى الحياة السياسية ما دام هناك شعب راضى بالمجالسالنيابية وراضى برئيس الدولة والأمور ماشية، لا علاقة للقوات المسلحة بالحياةالسياسية، لها مهامها العسكرية .
سؤال : هناك بعض الادعاءات والدعاوى حول الوضع الاقتصادى للقوات المسلحة من أنها تملك مايقرب من نصف اقتصاد مصر فهل ستقوم سيادتكم بتوضيح هذا الأمر لنا، هل سيكون هناكتوضيح أو شىء من الشفافية والعلنية فى ما يتعلق بالوضع الاقتصادى للقواتالمسلحة؟
المُلا : البعض ادّعى أن ميزانية وزارة الدفاع تستخدم فى المشروعات الاقتصادية، والبعض الآخرقال إن المساعدات الأمريكية تحول إلى مشروعات اقتصادية، وزى ما هى قالت إن إحناعندنا نصف اقتصاد مصر، وأنا باشكرها على الثقة دى، أنا عايز أوضح نقطة فى هذاالموضوع لأن الموضوع ده كثر فيه الكلام، أن ما لدى القوات المسلحة من مشروعاتاقتصادية، لا تمول بأى صورة من الصور من موازنة القوات المسلحة، وأن المعونات أوالمساعدات الأمنية التى تقدم من الخارج تقدم فى صورة أسلحة ومعدات وتدريبات، ومافيشفلوس سايلة، أما المشروعات الاقتصادية التى تتولاها القوات المسلحة، هى مشروعاتلصالح مصر، وعائدها لصالح مصر، وأنا هادى لحضراتكم مثال يمكن شفتوه وهو طريقالقطامية-العين السخنة، هذا المشروع نفذته القوات المسلحة، بربع تكلفة الشركةالأجنبية اللى كانت هتنفذه، نفذناه فى تقريبا نصف المدة، وكانت هذه الشركة هتاخد حقاستغلال هذا الطريق لمدة 25 سنة، بنظام الأوبى تى، إحنا غطينا تكلفة هذا الطريقخلال ثلاث سنوات، والعائد من هذا الطريق أنشأنا به طريقا جديدا من القاهرة إلىأسيوط، إذن القوات المسلحة لا تهدف إلى تحقيق مكاسب ولكنها تهدف إلى صالحمصر .
سؤال : إذا كان سيادتكم تقولون إن بعض المشروعات تمت فى نصف الوقت ونصف التكلفة فلماذا لاتكون هذه المشروعات علنية للجميع؟
المُلا:أقولها لكم صراحة، وهذا عيب فى القوات المسلحة أنا باعترف بيه، نحن لا نعلن عنمشروعاتنا، لنترك العمل يعلن عن نفسه، لأن إحنا مااحناش مشروعات استثمارية إحنامشروعات وطنية، ويدير هذه المشروعات جهاز الخدمة الوطنية، وتنشر طبقا للقانون،ويعرض على الإشراف والرقابة الكاملة للجهاز المركزى للمحاسبات، قد يكون البعضمايعرفش هذه المعلومات، وقس على هذا مشروعات الأمن الغذائى واستصلاح الأراضى.. وصلاستصلاح الأراضى فى العوينات السنة دى 80 ألف فدان، لزراعة القمح والذرة للشعبالمصرى .
سؤال : فى حالة انتخاب حكومة ومطالبتها للقوات المسلحة بالإفصاح عن جميع مشروعاتهاالاقتصادية، فهل تنصاع القوات المسلحة لأوامر هذه الحكومة المنتخبة، وتحت أى ظرف منالظروف لن يتم التعاون مع هذه الحكومة المنتخبة؟
المُلا:الأول زى ما باقول كل المشروعات اللى بنفذها بتخضع للجهاز المركزى للمحاسبات،وماهياش مشروعات سرية، هى مشروعات أمن غذائى وطرق ومشروعات كلها معلنة، والجهازالمركزى للمحاسبات يتبع رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ويدخل كل ما فيها حساباتهوتقديراته، إذن إحنا ماعندناش أسرار، اللى عايز يعرف ما لدينا يدخل على الجهازالمركزى للمحاسبات ويعرف ما لدينا من مشروعات، الهدف واضح .
سؤال : هل سيكون البرلمان له سلطة فى الرقابة على القوات المسلحة؟
المُلا:النقطة الأولانية وهى مناقشة موازنة القوات المسلحة، لا يوجد دولة فى العالم يتممناقشة موازنة قواتها المسلحة فى البرلمان، ولكن بيُشكّل فى البرلمان مجموعة خاصةوتسمى مثلا الأمن القومى أو أى مسمى اللى لها صلاحية أن تناقش فى بعض بنود ميزانيةالقوات المسلحة، وهذا ليس فى مصر فقط.. العالم كله يتبع هذا الأسلوب. الشق الثانىوهو قبول قروض من صندوق النقد على سبيل المثال، أسهل حاجة كان على المجلس الأعلىإنه يقبل القروض من الخارج ويوزع على الشعب المصرى ويعيش حياة مرفهة ثم يغادرالمجلس الأعلى السلطات ويتحمل الشعب المصرى سداد هذه الديون، وبالتالى قلنا هذهالقروض عند الضرورة القصوى، إنما لوزير المالية ورئيس مجلس الوزراء إذا رأى أنهمحتاج قرض للضرورة القصوى من أى جهة لازم يحل المشكلة وياخده .
سؤال : السؤال شقين.. السؤال الأول خاص بتحديد معنى الصلاحيات الكاملة، هل نعنى بهاصلاحيات كاملة سوف تعطى للجنزورى غير تلك الصلاحيات التى أعطيت من قبل لشرف؟ الشقالثانى، يتعلق بالتسلسل القيادى ما بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية وما مدىالتنسيق بين هاتين الوزارتين وهل هناك تنسيق يتدخل فى تفاصيل قد تعنى بفض المظاهراتوالقبض على بعض المتظاهرين وخلاف ذلك؟
المُلا:بالنسبة للسؤال الأول أنا يمكن أجبت عنه قبل كده، وأؤكد إن إحنا يهمنا النجاح ونعبرهذه الأزمة، وبالتالى الجنزورى أو شرف لهما صلاحيات رئيس الوزراء، إذا استدعى إنهياخذ تفويض فى شىء آخر مافيش فيها مشكلة، ولكن الصلاحيات الكاملة لرئيس الوزراءمحددة فى الإعلان الدستورى، والجنزورى قال لما بيجى رئيس وزراء لازم يطلعله قرارجمهورى بتكليفه ببعض المهام، ودايما باقول كمجلس أعلى لا يعنينا شىء غير النجاح، لوطلب الجنزورى صلاحية معينة لحل مشكلة معينة.. ما المشكلة؟ إحنا عايزين ننجح ونعدىهذه المرحلة، الانتخابات اللى فاتت اللى شفنا فيها الملايين الموجودة فى الانتخاباتتقول الشعب ده ماهوّاش الشعب اللى كان قبل 25 يناير. الشق الثانى هو الخاص بالشرطةوالقوات المسلحة، أنا عايز أرجع ليوم 28 يناير، ونرى الحال فى مصر سواء فى شوارعهاوقراها ومدنها، وهروب المساجين وسرقة السلاح، وكان دور القوات المسلحة وطبقاللدستور، حماية الشعب وأمنه، فتدخلت القوات المسلحة لتحقيق نسبة من الأمن، وفى نفسالتوقيت نعيد تانى دعم الشرطة لتعود لمهامها، وقد يكون البعض لا يرغب فى أن تعودالشرطة إلى مهامها، وعلى سبيل المثال مهاجمة وزارة الداخلية ومديريات الأمن وأقسامالشرطة حتى وقت قريب، ولكن من منطلق المسؤولية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة،وبالتعاون مع وزارة الداخلية، حققنا مرحلة كويسة من التعاون لإعادة الشرطة إلىمكانها، وأرجو أن يعاوننا الإعلام المصرى وغيره فى هذا .
سؤال : مرة أخرى نريد توضيحاً، هل تعامل الأمن المركزى فى التحرير وفى أثناء فض الاعتصاماتالأخيرة طبقا لتعليمات وأوامر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أم كان ذلك طبقالتعليمات وزارة الداخلية دون الرجوع للمجلس الأعلى؟
المُلا:ما قيل فى معظم وسائل الإعلام عن أحداث التحرير فى الفترة الأخيرة فى مجمله خطأ،وكل ما تم فى ميدان التحرير هو حول وزارة الداخلية، ما المطلوب من وزارة الداخليةاللى بيهاجمها ناس بالحجارة والمولوتوف؟ مسؤولية الوزارة أن تدافع عن نفسها كوزارة،وطبقا للقانون، ومن حقها أن تستخدم حتى الذخيرة الحية فى الدفاع، ولكنها وللأمانةلم تستخدم الذخيرة الحية فى الدفاع عن هذه الوزارة، وكل من أصيب أو قتل فى هذهالمنطقة، أرجو أن ننتظر إلى أن يصدر تقرير الطب الشرعى عن أسباب الوفاة، فسوف تجدونفيه مفاجآت عن أنواع الخرطوش اللى أصيب به الناس وعدم توفر هذا النوع فى وزارةالداخلية، وأحب أقول لكم على نقطة فنية بحكم إن أنا من العسكريين إن الطلقة الخرطوشلا تقتل إنسانا على مسافة أكثر من ثلاثين أربعين مترا، إذن عشان يموت إنسان بطلقةخرطوش، لازم يطلق عليه النيران من مسافة قريبة جدا، وإذا شفنا الواقع نجد أنهم لميقتربوا أكثر من 50 مترا أقصاها من وزارة الداخلية .
سؤال : السؤال ليس معنيا بمدى صحة أو خطأ هذا التصرف، ولكنه معنى هل كان لكم تصرف علىالداخلية فى هذا الوقت؟
المُلا: المجلس الأعلى مسيطر على الدولة كلها، وكل واحد بيأمن نفسه طبقا لما يراه مش منتظرأمر من المجلس الأعلى عشان يقول لوزارة الداخلية أمّنى نفسك، وأنا عايز أقول علىنقطة، إحنا يوم 2 فبراير، قلنا إن القوات المسلحة لم ولن تستخدم العنف ضد الشعبالمصرى، وبالتالى لن تشجع أحدا على استخدام العنف ضد الشعب المصرى لأن دول أهاليناوأولادنا، إلا بالدفاع الشرعى عن النفس، وهذا إجراء قانونى .
سؤال : نحن نتفهم حجة الدفاع عن النفس وهى حجة مفهومة ولكن لماذا كان الانتظار لفترة طويلةأصيب خلالها ما يقرب من 3500 فرد وقُتل 36 شخصا آخرين ثم جاءت بعد ذلك القواتالمسلحة وأقامت جدارا فاصلا؟
المُلا:هل وزارة الداخلية هى اللى راحت للمعتدين، ولا المعتدين هم اللى راحوا لوزارةالداخلية؟ النقطة الأخرى أن وزارة الدفاع تدخلت فى بداية الاعتداء على وزارةالداخلية، وأقامت العديد من الحواجز والموانع والأسلاك لتمنع الاحتكاك بين الطرفين،ونظرا لالتزام القوات المسلحة بعدم استخدام العنف، تعدت إزالة هذه الموانع، ثم جاءتعناصر من الأوقاف ومن شباب ميدان التحرير لعمل حاجز بشرى بين الداخلية والمعتديندول، وتعرضوا أيضا للاعتداء، الشباب الموجودين بالتحرير أعلنوا أكثر من مرة أنه لاعلاقة لهم بمن يهاجم وزارة الداخلية، وكل الأحزاب ومعظم الائتلافات أعلنت أنه لاعلاقة لها بمن يهاجم وزارة الداخلية .
سؤال : مرة أخرى أنا أعلم أنى أكرر نفس السؤال للمرة الرابعة، ولكن 19 نوفمبر وعندما هاجمتقوات الشرطة المدنية بعض المعتصمين ممن تحركوا إليها فى الليلة السابقة، هل كانللقوات المسلحة أى دور فى ذلك أم لا؟
المُلا: يوم السبت 19 نوفمبر وتقريبا الساعة 5 المغرب، كانت وزارة الداخلية فى وضع شديدالحرج، وطلبت الدعم من القوات المسلحة وتحركت القوات المسلحة لتأمين وزارةالداخلية، فى هذا اليوم خرجت بعض القوات من شارع محمد محمود إلى المدخل من ناحيةميدان التحرير، ونظرا لأننا نعلم أن من هو فى ميدان التحرير شباب من الشرفاء ليسلهم علاقة بمهاجمة وزارة الداخلية، صدرت الأوامر بأن تكون مهمة القوات المسلحةتأمين وزارة الداخلية، ومنع أى احتكاك ما بين قوات الشرطة وبين الشباب فى ميدانالتحرير، وفعلا رجعت تانى قوات الشرطة إلى وزارة الداخلية، وكان عدد قوات الشرطةاللى اتحركت فى هذا التوقيت عربيتين مدرعتين من وزارة الداخلية وحوالى 200 جندى لميتجاوزوا مخرج شارع محمد محمود من ناحية ميدان التحرير، إلا بمسافة قليلة جدا وعادتتانى إلى وزارة الداخلية .
سؤال : تذكرون سيادتكم الحديث عن تحقيقات تجرى الآن بشأن ما حدث فى ميدان التحرير مؤخراهذا يجرنا إلى التحقيقات التى وعدتم بها أيضا بشأن ما حدث فى ماسبيرو، نحن نعلموجود بعض أو أحد المدونين الآن فى السجن، نظرا لاتهامه بالضلوع فى أعمال ضمنماسبيرو، أيضا ما تعليق سيادتكم على هذا، هل هناك أى جديد تستطيعون تقديمه الآن فىهذا الشأن أم لا؟ وماذا عن الأيادى الخارجية؟
المُلا: أنا عايز أكد إنه لم يحاكم شخص على موقف أو ناشط أو من استخدم وسائل الفيسبوكوتويتر أو ما شابه حتى فى التطاول على القوات المسلحة، أؤكد أننا لم نحاكم شخصا علىرأى أيا كان هذا الرأى، أما بالنسبة لمايكل نبيل وبالنسبة لعلاء عبد الفتاحبالتحديد، فنبيل لم يحاكم على رأيه، وارجعوا للموقع بتاعه على الفيسبوك وانتوتعرفوا اتحاكم على إيه، ارجعوا للموقع اللى كان عامله مايكل نبيل منذ ثلاث سنوات،وأرجو أن تلاحظوا على هذا الموقع كم الشتائم التى وجهت اعتبارا من المشير طنطاوىإلى معظم ضباط القوات المسلحة، ولم يتخذ ضده إجراء خلال هذه الفترة الطويلة، أماالحكم الذى صدر ضده بالحبس ثلاث سنوات، فهو على جريمة أخرى، وكان معه خمسة محامينفى هذه الجلسة، وحاليا بينظر أمام محكمة الطعون العليا فى القوات المسلحة، إذنبأؤكد أنه لم يحاسب على أنه ناشط أو مدون .
سؤال : وما الجريمة الأخرى؟
المُلا:ارجعى للموقع وانتى تعرفيها .
سؤال : ما الجريمة؟
المُلا:ارجع للموقع وارجع إلى ما نشر فى وقائع هذا الحكم وأنت تعرف، أنا مش هاقولك، النقطةالأخرى عن علاء عبد الفتاح، المحامى بتاعه طلب عرضه على الطب النفسى لأنه غير مسؤولعن تصرفاته، هل ممكن المحامى يطلب هذا المطلب لمدون؟! على سبيل المثال بالنسبةلعلاء عبد الفتاح لم يحاكم على رأى، ولم يحاكم على أنه مدون أو ناشط، ولكنه حوكمعلى جرائم وقعت ضد أفراد القوات المسلحة، ومنها أخذ سلاح بالقوة، ونشر هذا الكلامفى جميع الصحف المصرية، بالاتهامات الموجهة إليه، ثم حول كل المتهمين فى ماسبيروإلى النيابة العامة، والنيابة العامة حبسته 15 يوما ثم 15 يوما، والمحامى العام رفضطلب الإفراج عنه، إذن الموضوع فى القضاء المدنى حاليا لا القضاء العسكرى، وأنا عايزأقول لكم على حاجة، إحنا كقضاء عسكرى لا يسعدنا أن نحاكم أى شخص سواء مدنى أوعسكرى، وحاليا القضاء العسكرى ومنذ أشهر لا يحاكم مدنيين إلا من ارتكب جرائم فىقانون القضاء العسكرى .
سؤال : تعذرنى سيادتكم لو طلبت توضيحا.. مايكل نبيل الآن فى إضراب عن الطعام لمدة ما يقربمن 100 يوم وهو الآن معرض للموت، فمرة أخرى ما جريمته، نريد أن نعرف جريمته، أمابالنسبة للشق الثانى فهو يتعلق بمايكل نبيل وعن كونه حوكم قبل ذلك بتهمة شن حملاتمضادة للتجنيد الإجبارى فى مصر قبل الثورة؟
المُلا:لما يقول رأيه وإنه مش عايز تجنيد إجبارى فى مصر، ده رأى ويجب أن يحترم، ومش هنحاسبواحد لأنه قال رأى لأن الرأى هرد عليه برأى مش هرد عليه إنى أحاسبه، ولكن الإضرابعن الطعام 100 يوم، مافيش واحد يقدر يضرب عن الطعام 100 يوم، وإحنا برضه مانجسمشالقصة، وحاليا هو غير موجود فى السجون العسكرية، وبرضه باقول إن المحامى بتاعه طلبعرضه وقال إنه غير مسؤول عن تصرفاته .
سؤال : مرة أخرى ما جريمته؟
المُلا:ماعلش أنا مش هاقول جريمته إيه، أنا عايز أقول حاجة أهم من اللى انتو بتقولوه،مايكل نبيل مصرى وعلاء عبد الفتاح مصرى، ونحن أحرص عليه كمصرى من أى حد تانى، ولكنكوننا نمسك موضوعا ونعمل منه قصة، واحد من ضمن 85 مليون، نحن لا نقبل أنه يظلم ولانقبل أن يوجه ليه تهمة خطأ.. إحنا كقوات مسلحة وكمصر لا نقبل أن يوجه ليه تهمة خطأ،هل مايكل نبيل لما طلب إنه يتعرض على لجنة الطعون العليا رفض ولّا عُرِض علىاللجنة؟ وما طلبه المحامى بعرضه على الطب النفسى نُفِّذ ولّا رُفِض؟ ولما تقريرالطب النفسى ييجى ويعرَض على المحكمة ويطلع برىء وياخد إفراج إحنا هنبقى سعداء لأنإحنا لا نسعد بحبس مواطن مصرى أيا كان .
سؤال : ماحدش بيقول إنكم مش مهتمين بالمواطنين، الفكرة إن حتى الآن معظم الإجراءات اللىفيها الشباب اللى شاركوا فى الثورة مش واضحة لينا بالظبط، وناس كتير بتقول إن أسبابالإجراءات القانونية وتسلسل المحاكمة فيها نواقص غير واضحة لينا، عشان كده بنسألأسئلة كتيرة، فإحنا بنحاول نوصل لإيه، لو علاء عبد الفتاح ومايكل نبيل فيه حاجاتتدينهم لماذا لا نطّلع عليها؟ لماذا هى حتى الآن مكفى عليها وإحنا مش عارفين إيههيّا؟
المُلا:يوم أن قبض على علاء عبد الفتاح طلعت كل وسائل الإعلام تقول القبض على ناشط مصرىلأنه بيعبر عن رأيه، وإنه اتقبض عليه ظلما أو تخليصا، بعديها بفترة طلع رئيس هيئةالقضاء العسكرى وقال الاتهامات الثلاثة الموجهة له هى سرقة سلاح، الاعتداء على جندىبالقوات المسلحة، والتحريض على مهاجمة قوات عسكرية، لم يظهر أحد ويقول إن هذا لميحدث، ومن شهد عليه زملاؤه اللى حواليه من نفس المنطقة، ولكن سبنا برضه الاتهاماتالموجهة وركزنا على إنه ناشط سياسى، بعد كده إحنا حوّلنا الموضوع كله للقضاء المدنىوالنيابة المدنية، برضه النقطة اللى هى بتسأل عليها وبتقول إنها مااتنشرتش، مظبوط،لأن القضية مابيعلنش عنها إلا بعدما تستكمل كل أركانها، وتوجه الاتهامات، وعلىالنيابة أن تثبت وعلى الدفاع أن ينفى، إنما ماينفعش إن كل قضية تتقال حيثيات القضيةقبل ما يصدر فيها الحكم .
سؤال : الحديث عن المعتقلين يجرنا للحديث عن معتقل آخر وهو عادل الجزار، وهو متهم فى تنظيمالوعد، وكان من أحد سجناء جوانتانامو، سافر إلى سلوفاكيا ثم عاد مرة أخرى إلى مصر،ما رأى سيادتكم فى هذا الموقف، بعدما أعيد سجنه مرة أخرى فى مصر، فى تونس توجد بعضبرامج لإعادة تأهيل العائدين من سجون مثل جوانتانامو أو المتهمين فى قضايا مثلالجهاد؟
المُلا: أنا مااعرفش مين عادل الجزار، ولكن عايزأقول هناك متطرفون كثيرون، سواء فى مصر أو ما حولها أو فى العالم كله، وإذا قضيناعلى التطرف هنبقى عايشين فى مدينة فاضلة وده غير وارد، هيظل التطرف موجود والشرموجود والخير موجود، وبالتالى هنظل فى هذا الصراع، واللى بييجى من جوانتانامووأفغانستان، مانتوقعش إن الأمور هتبقى طيبة، وماحدثتش فى الدنيا كلها إن فيه دولةفى العالم نجت من الإرهاب، أنا عايز أتصور حاجة قد تكون خيالية، إن أنا هاطلع فىأمريكا وأدعو تنظيم القاعدة عشان ييجى يأمن أمريكا، هل ده ممكن يبقى معقول؟
سؤال : لا نفهم السؤال .
المُلا:مش أنت بتسأل عن تهمة مايكل نبيل؟ «no comment».
سؤال : بالنسبة لمجلس الشعب المنتخب، تذكرون سيادتكم أنه لن يكون ممثلا لجميع فئات الشعب،فهل هذا يعنى عدم اختصاصه باختيار رئيس الوزراء وأيضا عدم اختصاصه بتعيين لجنةصياغة الدستور، وهل سيكون ذلك معنى وجود القوات المسلحة كجهة تضع بعض الحدودوالمعايير لاختيار هذه اللجنة أم لا؟
المُلا: بالنسبة للجزء الأول بارجع وأقول إحنادولة رئاسية واللى بيختار رئيس الوزراء هو رئيس الدولة، ولكن هذا لا ينفى أن رئيسالدولة يختار رئيس الوزراء من أقوى الأحزاب فى مجلس الشعب، والعكس خطأ مية فىالمية، يعنى مجلس الشعب لا يفرض على رئيس الدولة رئيس وزراء محدد، ولكن رئيس الدولةوالمجالس البرلمانية الاتنين بيهدفوا لصالح البلد فالاتنين لازم يتوافقا على رئيسحكومة يحقق الأهداف المرجوة، بالنسبة لاختيار الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور،الإعلان الدستورى اللى صدر فى 30 مارس 2011 نص على أن ينتخب مجلسى الشعب والشورىالجمعية التأسيسية، ليس من ضمن أعضاء مجلسى الشعب والشورى فقط، ولكن ما يحقق وضعدستور لصالح البلاد، وبالتالى من أهم الدراسات اللى بتم دلوقت كيف يتم اختيارالجمعية التأسيسية من كل فئات المجتمع، وده أعتقد إنها هتبقى من مهام المجلسالاستشارى اللى بيتشكل دلوقت، وأعتقد أنه من المنطقى هذا المطلب، إن لأى مواطن مصرىوأى فئة فى مصر، وأى ديانة فى مصر، لا بد أن يشارك فى وضع الدستور سواء من خلالنقابة أو حزب أو تنظيم أو ائتلاف لازم يشارك .
سؤال: سألت سيادتكم عن مدى صلاحية مجلس الشعب فىصياغة الدستور وكانت الإجابة أيضا بـ«لا»؟
في هذا الصدد سبق أن صرح اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع وعضوالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة في 25/7/2011 أن الجيش حدد منذ البداية مدة 6 أشهر للمرحلةالانتقالية أو حتى اختيار رئيس للجمهورية، على أن يتم خلال هذه المدة قيام القواتالمسلحة بتولي مسؤولية تحقيق الأمن ووضع تعديلات دستورية فى استفتاء عام للشعبالمصرى يعقبه تحديد موعد الانتخابات البرلمانية، الذى تم تأجيله بناء على طلبالأحزاب والحركات السياسية لتكمل استعدادها للمشاركة فى الحياة السياسية ليتم عقدالانتخابات البرلمانية فى نوفمبر القادم .
وأضافأنه سيتم بعدها وضع دستور جديد للبلاد من «خلال لجنة دستورية لتحديد مسار مصر بمافى ذلك دور القوات المسلحة وميزانيتها بكل شفافية فى الفترة القادمة دون مشاركةالجيش فى الانتخابات، ثم يتم بعد ذلك انتخاب رئيس الجمهورية، لتكتمل مهمة الجيشويعود إلى القيام بدوره الأساسي وهو مواصلة التدريب وحماية أمن البلاد فى منطقةتحيط بها الأخطار من كل جانب.
“,”وأشار عضو المجلس العسكري أن «الحديث عن مدة عامأو عامين للمرحلة الانتقالية وتولى الجيش لمسئولية البلاد خلالها أمر يرفضه الجيش،لافتا إلى أن «بعض الأصدقاء ومن بينهم الولايات المتحدة تساءلوا عن أسباب إسراعالجيش في نقل السلطة وهو ما تم الرد عليه بسرعة الاستجابة لمطالب الشعب وتركيزالجيش على مهمته الأساسية“,”.
( [3] ) حاولت حكومة الإنقاذ الوطنى بقيادة د. كمال الجنزورى ووزير داخليته اللواء محمد إبراهيم منذ بداية تشكيلها إلى السعى إلى إعادة الأمن إلى الشارع المصرى انطلاقاً من العاصمة القاهرة من خلال التصدى للبلطجة والباعة الجائلين وهو ما أدى إلى شيوع بعض من الطمأنينة النسبية لكن سرعان ما تبددت بعضها في أعقاب العنف الدموى الذى قامت به الشرطة العسكرية لفض الاعتصام أمام مجلس الوزراء وفى ميدان التحرير بالقوة منذ أيام 16، 17، 18، 19 ديسمبر 2011. من ناحية أخرى يبدو أن ثمة تشوش وغياب رؤية جديدة لسياسة الأمن قادرة على استقطاب تأييد قوة اجتماعية رئيسة وواسعة تمكن الشرطة من استعادة مكانتها ودورها وثقة المواطنين فيها، وتميز بين السلوك السياسى المباح والمشروع والتظاهر والاعتصامات والإضرابات .. إلخ، وبين السلوك غير المشروع الذى ينتهك قانون الدولة.