بداية، لا نشكك في نوايا أو وطنية أحد، وللكل الحق في أن يفعلوا وينتموا إلى ما يشاءون من التنظيمات - السياسية منها أو الخيرية - طبقًا للقانون وللدستور، وفي هذا الإطار شهد نهاية العام 2013 تأسيس أكثر من حركة وجبهة وطنية جديدة تضاف إلى المخزون الاستراتيجي من الحركات والأحزاب غير الفاعلة، والتي أصبح البعض منها "سيئ السمعة" لدى عموم الشعب المصري، بسبب ممارساتها التي لا ترتقي إلى المعنى الاحترافي في ممارسة العمل السياسي والحزبي.
يأتي على رأس هذه الحركات: "جبهة مصر بلدي"، والتي تضمّ في طياتها مجموعة مكوّنة من 120 شخصية وطنية بارزة، برئاسة شرفية لمفتى الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة، بينما استقر الأعضاء على اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية الأسبق، منسقًا عامًا للحركة، على أن يكون مصطفى بكري، الكاتب الصحفي والبرلماني السابق، المتحدث الرسمي لها.
وتهدف الجبهة - طبقًا لبيان تأسيسها - إلى الدفاع عن الثوابت الوطنية وأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وتدعم خارطة الطريق باعتبارها أولى خطوات الاستقرار، والتي تبدأ بالدستور ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية، كما أنها تتصدّى لأعداء الوطن.
وفي سياق آخر، دشن عدد من شباب الحركات والقوى السياسية "تيار الشراكة الوطنية 25 يناير – 30 يونيو"، للتأكيد على أنه لا انفصال بين الثورة الأولى، والموجة الثانية لها، والتصدي لفلول نظامي مبارك وجماعة "الإخوان"، وقد شارك في مؤتمر تدشين التيار، الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي، ونجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار.
وطبقًا للبيان الأول للتيار، فإنه يهدف إلى الاستمرار في مراقبة التحول الديمقراطي والمشاركة في بناء مصر الحديثة، عن طريق تمكين الشباب في مؤسسات الدولة البرلمانية والتنفيذية، وتوحيد الجماعة الوطنية على مرشح رئاسي واحد، وإقرار دستور معبّر عن الهوية الوطنية، كما تهدف الحركة إلى رفض قانون تنظيم التظاهر، وتفعيل المواد المتعلقة بالإرهاب من قانون العقوبات بصيغته الحالية، والتنفيذ الفوري لحكم القضاء القاضي بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها كجماعة إرهابية، إضافة إلى إقرار قانون العدالة الانتقالية الناجزة بعد مناقشته مع القوى السياسية والحركات الثورية، وتفعيل القرار الوزاري الخاص بالحدّ الأدنى للأجور، والنظر في إقرار الحدّ الأقصى للأجور، وإعادة تأهيل جهاز الشرطة وتغيير قياداته إذا لزم الأمر، وتفعيل باقي بنود خارطة الطريق، وإقرار ميثاق للشرف الإعلامي، وخطة واضحة لدمج الشباب في الحياة السياسية.
وبغض النظر عن أهداف ومبادئ كلتا الحركتين، نرصد عدة ملاحظات، منها:
* أولا: بعض رموز كلا التيارين أعضاء في حركات وأحزاب أخرى، بل لا نتجنّى على أحد بالقول - إذا أكدنا - أن عددًا منهم ينتمي إلى أكثر من 3 أو 4 تنظيمات أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: لماذا كل هذا التكالب على الانتماء إلى حركات جديدة؟، هل هو من أجل الظهور الإعلامي كما يؤكد بعض المحللين؟، أم أنه يأتي نتيجة إخفاق التنظيمات أو التيارات الأخرى التي ينتمون إليها؟.
* ثانيا: تتسم التكتلات الجديدة بـ "الشلّة" والدوائر المغلقة، بمعنى أنها تبدأ بمجموعة من القيادات الفوقية، وليس بالقيادة الطبيعية "التحتية" التي تعبّر عن نبض وإرادة الشارع السياسي المصري، بمعنى آخر، إن هذه التيارات تعبر عن اتجاهات وتوجهات مؤسسيها فقط، وليست نابعة من إرادة شعبية، على الرغم من استجابة الشارع لها في بعض الأحيان، وهذا عكس نشأة حركة "تمرد" على سبيل المثال، التي نبتت وترعرعت من بطن الشارع وانضمت إليها فيما بعد الأحزاب والنخبة والرموز الوطنية.
* ثالثا: تتسم هذه الحركات بـ "غياب الهدف"، أو بـ "واحدية الهدف"، بمعنى أنها تنشأ من أجل هدف واحد، وبتحقّقه تنتفي أسباب وجودها، ثم يبحث أعضاؤها عن حركات جديدة أو كيانات بديلة يحاولون من خلالها التواجد على الساحة السياسية، أو التأثير فيها، وذلك كله يؤدّي في النهاية إلى ضعف الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها أغلب أعضاء هذه الحركات.
"مصر هي الحل".