رؤية غائبة: دور التعليم قبل الجامعي في مواجهة الإرهاب والتطرف
الإثنين 28/سبتمبر/2015 - 10:24 ص
د. محمد محجوب
لا يمكننا – ونحن نحارب الإرهاب والتطرف ونواجههما – إلا أن نتذكر ونتدبر قول المولى سبحانه وتعالى في سورة العلق " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" [1]، وقوله تعالى في نفس السورة "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [4] ، وقوله الكريم في سورة القلم "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [1]، وتؤكد هذه الآيات الكريمات على أهمية العلم والتعلم والتعليم في مكافحة الطغيان، حيث يقول الله تعالي في سورة القلم "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ "[6].
كذلك تؤكد الأدبيات الحديثة على الأهمية القصوى لدور التعليم في مواجهة الإرهاب والتطرف من أجل بناء مواطن صالح قادر على بناء المجتمع المتقدم والحديث. وفي ضوْء مراجعتنا لهذه الأدبيات ورؤيتنا، نرى أنه لكي نُمكِّن العملية التعليمية من الاضطلاع بهذا الدور يجب علينا أن نزودها أولًا بالأسلحة التالية: الرؤية الواضحة، المحتوى والمناهج السليمة، والمعلم، وبيئة تعلم فاعلة، ومنظومة تقويم شاملة وفاعلة، بالإضافة إلى إتاحة التعليم عالي الجودة للجميع.
كذلك تؤكد الأدبيات الحديثة على الأهمية القصوى لدور التعليم في مواجهة الإرهاب والتطرف من أجل بناء مواطن صالح قادر على بناء المجتمع المتقدم والحديث. وفي ضوْء مراجعتنا لهذه الأدبيات ورؤيتنا، نرى أنه لكي نُمكِّن العملية التعليمية من الاضطلاع بهذا الدور يجب علينا أن نزودها أولًا بالأسلحة التالية: الرؤية الواضحة، المحتوى والمناهج السليمة، والمعلم، وبيئة تعلم فاعلة، ومنظومة تقويم شاملة وفاعلة، بالإضافة إلى إتاحة التعليم عالي الجودة للجميع.
ركزت رؤية وزارة التربية والتعليم في الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي على توفير موارد بشرية متنامية القدرة والكفاءة، وعلى أعلى درجة من الجودة والأخلاقيات المهنية
أولًا: الرؤية الواضحة
حدد دستور2014 – في المادة 19 – أهداف التعليم في "بناء الشخصية المصرية ... وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز"، ونص على التزام "الدولة بمراعاة(هذه الأهداف) في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاَ لمعايير الجودة العالمية" (نفس المادة). ولكن جاءت رؤية وزارة التربية والتعليم في الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي: 2014 – 2030 غير متسقة تمامًا مع هذه الأهداف، حيث ركزت فقط على "توفير موارد بشرية متنامية القدرة والكفاءة، وعلى أعلى درجة من الجودة والأخلاقيات المهنية" (ص. 2) ، وذلك تحقيقًا للرؤية الأعم والأشمل وهي "بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد المعرفة". وفي ضوء هذه الرؤية وضعت الخطة الحالية هدفين أساسيين أحدهما قريب الأمد والآخر بعيد الأمد، أما الأول فهو "التأكيد على الالتزام بحق كل طفل في فرصة متكافئة لتلقي خدمة تعليمية بمستوى من الجودة يتناسب مع المعايير العالمية"، وأما الآخر فيتمثل في " التنمية الشاملة للنشء مع غرس روح المواطنة والتسامح، ونبذ العنف، وتفهم أسس الحرية والعدالة من حقوق وواجبات وشعور بالمسئولية تجاه الوطن والمواطنين"(الخطة الإستراتيجية، ص2) . وهنا وفي ظل ما تفرضه علينا الحرب على الإرهاب والتطرف يجب أن نسأل أنفسنا: هل اتسقت رؤية وزارة التربية والتعليم – للتعليم قبل الجامعي – مع ما حدده الدستور من أهداف؟ أم حصرت نفسها في مجرد "توفير الموارد البشرية ذات القدرات المتنامية والأخلاق المهنية"؟ كما ركزت رؤيتها الأعم والأشمل – كما هو الحال في رؤى العديد من بلدان المنطقة، والتي تختلف ظروفها عن ظروف أرض الكنانة وحربها مع الإرهاب والتطرف – على "بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد المعرفة". وهنا نطرح التساؤلات التالية: ألا يجدر بنا ونحن في هذه المرحلة الحرجة من حياة الأمة المصرية أن نضع نصب أعيننا بناء مجتمع يقوم على المواطنة والتسامح ونبذ العنف والتطرف والمغالاة. وفي ضوء ذلك كله، أليس جديرًا بنا مراجعة رؤيتنا للتعليم قبل الجامعي؟ وقبل مراجعتها، نسأل هل يعلمها جميع أصحاب المصلحة في العملية التعليمية أم هي قاصرة على الخبراء وكبار المسئولين ولا يدري عنها المعلمون والمعلمات والطلبة وأولياء أمورهم شيئًا؟ إن حربنا مع الإرهاب الغاشم والتطرف تتطلب منا إعادة النظر في رؤيتنا ومراجعتها وصياغتها وإشراك الجميع في ذلك والتأكيد على امتلاكهم لها وإيمانهم بها، بحيث تكون نابعة من إحساسهم بهذا العدو الغاشم الذي لا يفرق في تفجيراته وإرهابه بين السكنات العسكرية وأماكن العمل أو الطرقات والمواصلات العامة ووسائلها. كذلك ألا ينبغي علينا في هذه المرحلة أن نجعل من "التنمية الشاملة للنشء مع غرس روح المواطنة والتسامح، ونبذ العنف، وتفهم أسس الحرية والعدالة من حقوق وواجبات وشعور بالمسئولية تجاه الوطن والمواطنين" هدفًا يجب تحقيقه فورًا وعلى المدى القصير، بالإضافة إلى توفير التعليم عالي الجودة لكل طفل؟
ثانيًا: المحتوى والمناهج السليمة
لكي يلعب التعليم قبل الجامعي دورًا فاعلًا في محاربة الإرهاب يجب علينا تصميم المحتوى والمناهج بحيث تنمي في النشء الجوانب الثلاث: المعرفي والمهاري والوجداني. وهنا نسأل هل تمت مراجعة الجانب المعرفي ليتناسب مع الحديث في العلوم والآداب والفنون؟ هل نعطي كل المعارف نفس القدر من الاهتمام والتركيز؟ أم نركز على بعض العلوم ونهمل بعضها (خاصة العلوم الإنسانية، بما فيها التربية الدينية والموسيقى والتربية البدنية)؟ هل نولي بناء المهارات – سواء منها الذاتي intrapersonal) ) مثل التفكير الناقد والتحليل وتنظيم الأفكار أو الاجتماعي (interpersonal) مثل العمل في فريق وقيادته وقبول الآخرين والتعاون معهم والمناظرات والحوار والتركيز على نقد الأفكار لا الأشخاص – ما نوليه للتركيز على مجرد حفظ واجترار المعارف وتخزينها؟ هل يراعي المحتوى في مناهجنا بناء الجانب الوجداني سواء كان ذلك على المستوى الديني الراسخ أم العائلي أو الشخصي؟ أم ليس لهذا الجانب الوجداني – ولا للجانب المهاري – مكان في مناهجنا لأن المحتوى لم يعد إلا المعرفي؟ هل رسخ هذا المحتوى وهذه المناهج المعرفة السليمة والراسخة بالتعاليم الدينية الوسيطة السمحة، والقدرة على التأمل والتفكير، والدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة، تأسيًا بقوله تعالي في سورة النحل " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ]125[، هل تأكدنا من أن المحتوى والمناهج تعكسان النسيج المتناغم والمنسجم لمجتمعنا وما به من ثروة من الأطياف والأشكال الدينية والثقافية؟ هل أشركنا أصحاب المصلحة جميعًا – خاصة النشء والمعلمين – في اختيار هذا المحتوى ووضعه ومراجعته وتحسينه وتطويره؟ أم يتم وضعه من قبل الخبراء والمؤلفين والناشرين ويُفْرض على من يَدْرسونه ويُدَرّسونه (المتعلمين والمعلمين)، كما تُفرض الأوامر بالإرهاب من قيادات الجماعات الإرهابية؟ ولو حدث – وتم استطلاع آرائهم – نادرًا ما تُأخذ مأخذ الجد عند المراجعة.
هل وفرنا هذا المحتوى وهذه المناهج في أشكال ومصادر تعلم متنوعة مثل الكتاب المطبوع ومواقع التعلم الإلكتروني، خاصة التفاعلية منها؟ أم وفرناهم فقط في شكل كتاب سيئ الطباعة تفوه منه رائحة كريهة – في كثير من الأحيان بسبب رداءة حبر الطباعة ونوعية الورق؟ هل يتم طباعة كتاب المعلم وتوزيعه على المعلمين والمعلمات ليكون لهم عونًا، أم لا يُطْبع أو يتأخر أو يتم تخزينه في المخازن حتى يُباع الكتاب الخارجي – الذي لا يساعد إلا على الحفظ والاجترار والإعداد للامتحان التحريري فقط؟ هل استخدمنا ما توفره الدولة من معامل الحاسب الآلي والوسائط المتعددة وأجهزة الحاسب اللوحي بشكل سليم وزودناها بالمحتوى التفاعلي الذي ينمي مهارات أبنائنا في البحث والتنظيم والإبداع والابتكار والعرض والتواصل والحوار والنقد البناء؟ أم أُهْمِلت وتجمّع عليها الغبار والتراب أو استُخدم بعضها في أغراض لا تحقق أهداف دستورنا العظيم بل تهدم الإنسان المصري وقد تستغل في تحقق أهدافًا غير أخلاقية وقد تكون إرهابية؟
حدد دستور2014 – في المادة 19 – أهداف التعليم في "بناء الشخصية المصرية ... وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز"، ونص على التزام "الدولة بمراعاة(هذه الأهداف) في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاَ لمعايير الجودة العالمية" (نفس المادة). ولكن جاءت رؤية وزارة التربية والتعليم في الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي: 2014 – 2030 غير متسقة تمامًا مع هذه الأهداف، حيث ركزت فقط على "توفير موارد بشرية متنامية القدرة والكفاءة، وعلى أعلى درجة من الجودة والأخلاقيات المهنية" (ص. 2) ، وذلك تحقيقًا للرؤية الأعم والأشمل وهي "بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد المعرفة". وفي ضوء هذه الرؤية وضعت الخطة الحالية هدفين أساسيين أحدهما قريب الأمد والآخر بعيد الأمد، أما الأول فهو "التأكيد على الالتزام بحق كل طفل في فرصة متكافئة لتلقي خدمة تعليمية بمستوى من الجودة يتناسب مع المعايير العالمية"، وأما الآخر فيتمثل في " التنمية الشاملة للنشء مع غرس روح المواطنة والتسامح، ونبذ العنف، وتفهم أسس الحرية والعدالة من حقوق وواجبات وشعور بالمسئولية تجاه الوطن والمواطنين"(الخطة الإستراتيجية، ص2) . وهنا وفي ظل ما تفرضه علينا الحرب على الإرهاب والتطرف يجب أن نسأل أنفسنا: هل اتسقت رؤية وزارة التربية والتعليم – للتعليم قبل الجامعي – مع ما حدده الدستور من أهداف؟ أم حصرت نفسها في مجرد "توفير الموارد البشرية ذات القدرات المتنامية والأخلاق المهنية"؟ كما ركزت رؤيتها الأعم والأشمل – كما هو الحال في رؤى العديد من بلدان المنطقة، والتي تختلف ظروفها عن ظروف أرض الكنانة وحربها مع الإرهاب والتطرف – على "بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد المعرفة". وهنا نطرح التساؤلات التالية: ألا يجدر بنا ونحن في هذه المرحلة الحرجة من حياة الأمة المصرية أن نضع نصب أعيننا بناء مجتمع يقوم على المواطنة والتسامح ونبذ العنف والتطرف والمغالاة. وفي ضوء ذلك كله، أليس جديرًا بنا مراجعة رؤيتنا للتعليم قبل الجامعي؟ وقبل مراجعتها، نسأل هل يعلمها جميع أصحاب المصلحة في العملية التعليمية أم هي قاصرة على الخبراء وكبار المسئولين ولا يدري عنها المعلمون والمعلمات والطلبة وأولياء أمورهم شيئًا؟ إن حربنا مع الإرهاب الغاشم والتطرف تتطلب منا إعادة النظر في رؤيتنا ومراجعتها وصياغتها وإشراك الجميع في ذلك والتأكيد على امتلاكهم لها وإيمانهم بها، بحيث تكون نابعة من إحساسهم بهذا العدو الغاشم الذي لا يفرق في تفجيراته وإرهابه بين السكنات العسكرية وأماكن العمل أو الطرقات والمواصلات العامة ووسائلها. كذلك ألا ينبغي علينا في هذه المرحلة أن نجعل من "التنمية الشاملة للنشء مع غرس روح المواطنة والتسامح، ونبذ العنف، وتفهم أسس الحرية والعدالة من حقوق وواجبات وشعور بالمسئولية تجاه الوطن والمواطنين" هدفًا يجب تحقيقه فورًا وعلى المدى القصير، بالإضافة إلى توفير التعليم عالي الجودة لكل طفل؟
ثانيًا: المحتوى والمناهج السليمة
لكي يلعب التعليم قبل الجامعي دورًا فاعلًا في محاربة الإرهاب يجب علينا تصميم المحتوى والمناهج بحيث تنمي في النشء الجوانب الثلاث: المعرفي والمهاري والوجداني. وهنا نسأل هل تمت مراجعة الجانب المعرفي ليتناسب مع الحديث في العلوم والآداب والفنون؟ هل نعطي كل المعارف نفس القدر من الاهتمام والتركيز؟ أم نركز على بعض العلوم ونهمل بعضها (خاصة العلوم الإنسانية، بما فيها التربية الدينية والموسيقى والتربية البدنية)؟ هل نولي بناء المهارات – سواء منها الذاتي intrapersonal) ) مثل التفكير الناقد والتحليل وتنظيم الأفكار أو الاجتماعي (interpersonal) مثل العمل في فريق وقيادته وقبول الآخرين والتعاون معهم والمناظرات والحوار والتركيز على نقد الأفكار لا الأشخاص – ما نوليه للتركيز على مجرد حفظ واجترار المعارف وتخزينها؟ هل يراعي المحتوى في مناهجنا بناء الجانب الوجداني سواء كان ذلك على المستوى الديني الراسخ أم العائلي أو الشخصي؟ أم ليس لهذا الجانب الوجداني – ولا للجانب المهاري – مكان في مناهجنا لأن المحتوى لم يعد إلا المعرفي؟ هل رسخ هذا المحتوى وهذه المناهج المعرفة السليمة والراسخة بالتعاليم الدينية الوسيطة السمحة، والقدرة على التأمل والتفكير، والدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة، تأسيًا بقوله تعالي في سورة النحل " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ]125[، هل تأكدنا من أن المحتوى والمناهج تعكسان النسيج المتناغم والمنسجم لمجتمعنا وما به من ثروة من الأطياف والأشكال الدينية والثقافية؟ هل أشركنا أصحاب المصلحة جميعًا – خاصة النشء والمعلمين – في اختيار هذا المحتوى ووضعه ومراجعته وتحسينه وتطويره؟ أم يتم وضعه من قبل الخبراء والمؤلفين والناشرين ويُفْرض على من يَدْرسونه ويُدَرّسونه (المتعلمين والمعلمين)، كما تُفرض الأوامر بالإرهاب من قيادات الجماعات الإرهابية؟ ولو حدث – وتم استطلاع آرائهم – نادرًا ما تُأخذ مأخذ الجد عند المراجعة.
هل وفرنا هذا المحتوى وهذه المناهج في أشكال ومصادر تعلم متنوعة مثل الكتاب المطبوع ومواقع التعلم الإلكتروني، خاصة التفاعلية منها؟ أم وفرناهم فقط في شكل كتاب سيئ الطباعة تفوه منه رائحة كريهة – في كثير من الأحيان بسبب رداءة حبر الطباعة ونوعية الورق؟ هل يتم طباعة كتاب المعلم وتوزيعه على المعلمين والمعلمات ليكون لهم عونًا، أم لا يُطْبع أو يتأخر أو يتم تخزينه في المخازن حتى يُباع الكتاب الخارجي – الذي لا يساعد إلا على الحفظ والاجترار والإعداد للامتحان التحريري فقط؟ هل استخدمنا ما توفره الدولة من معامل الحاسب الآلي والوسائط المتعددة وأجهزة الحاسب اللوحي بشكل سليم وزودناها بالمحتوى التفاعلي الذي ينمي مهارات أبنائنا في البحث والتنظيم والإبداع والابتكار والعرض والتواصل والحوار والنقد البناء؟ أم أُهْمِلت وتجمّع عليها الغبار والتراب أو استُخدم بعضها في أغراض لا تحقق أهداف دستورنا العظيم بل تهدم الإنسان المصري وقد تستغل في تحقق أهدافًا غير أخلاقية وقد تكون إرهابية؟
يلعب التعليم قبل الجامعي دورًا فاعلًا في محاربة الإرهاب ويجب علينا تصميم المحتوى والمناهج بحيث تنمي في النشء الجوانب الثلاث: المعرفي والمهاري والوجداني
ثالثًأ: المعلم
وهنا نأتي لأهم وأخطر الأسلحة لمحاربة الإرهاب والتطرف: ألا وهم زملائي وزميلاتي المعلمين والمعلمات. هناك قول بأن "المعلم قد يحيي الكتاب أو يدمره"، ولنا في اللـه ورسله خير عبرة حين أنزل كتابه على نبيه وجعل من سنته جزءًا لا يتجزأ من ديننا الحنيف، وأنزل الكتب السماوية على رسله الكرام (عليهم وعلى نبيينا الصلاة والسلام)، وكلفهم بدعوة خلقه لعبادته سبحانه. وهنا يجب علينا أن نفكر في التساؤلات التالية: هل أعددنا هؤلاء المعلمين – في كليات التربية والجامعة – باستخدام محتوى ومناهج تحقق الأهداف التي حددها الدستور للتعليم، لاتباع وتطبيق المنهج العلمي والتفكير الناقد وتنمية المهارات الذاتية والاجتماعية التي تنمي مهارات التواصل والحوار المناظرة والإقناع والعرض، وترسخ فيهم قيم التسامح والعفو والنقد البنّاء، وهل تم إعداد معلميهم وأساتذتهم لتنمية هذه المهارات لديهم، وهل تدربوا – قبل العمل بالتدريس وأثناءه – على هذه المهارات والاتجاهات الإيجابية؟ أم أنهم لم يعرفوا إلا أسلوب المحاضرة والتلقين؟ ولم تتح لهم الفرصة لممارسة مهارات تيسير التعلم النشط من: العمل في فريق ولعب الأدوار وإنجاز المشروعات الدراسية والتعلم المبني على إنجاز المهام والعروض الجماعية والمناظرات والحوار؟ هل يتم تدريبهم على تنفيذ المنهج واستخدام كتاب المعلم بما يذخر به من طرق متنوعة وحديثة للتدريس وإدارة الفصل وتنفيذ مشروعات التعلم والزيارات الميدانية وربط الحياة العامة بالفصل ودراسة أساليب التعلم لدى تلاميذهم ومراعاة ذلك وغيره من – العوامل الذهنية والوجدانية والبدنية – التي تؤثر على تعلم هؤلاء التلاميذ؟ هل ينمون لدى تلاميذهم مهارات الحوار والمناقشة ومهارات التعلم الذاتي وتعلم الأقران والعمل في مجموعات ومحاكاة الواقع وتحديد مشاكله واقتراح حلول لها؟ أم أنهم لا يعرفون إلا أسلوب المحاضرة والتلقين (ما يسمى خطًا بالشرح) حيث يجلس أمامهم التلاميذ صامتين مثل الأوعية الخاوية (والحسابات البنكية) التي يحاولون ملأها بالمحتوى والمعلومات؟ وليس على هؤلاء الطلبة إلا الاستماع والاستذكار ثم اجترار هذه المعلومات؟ مما يقتل فيهم روح الإبداع والابتكار؟ ولا يُعدهم إلا للسمع والطاعة وعدم القدرة على التعبير عن آرائهم ومهارات الحوار والنقد البنّاء. هل يستمع الموجهون ومدراء المدارس إلى آراء المعلمين والمعلمات في حجم المحتوى والمناهج؟ هل يتم تدريب المعلمين والمعلمات على الأساليب الفعالة في الإدارة الصفية؟ أم يضطرون إلا التدريس كما كان يُدرّس معلموهم ومعلمو معلميهم (من خلال التلقين) مما ينتج أجيال لا تعرف إلا السمع والطاعة والحفظ، وغير قادرة على التفكير العلمي والتعبير الواضح والتحاور والمناظرة ونقد الأفكار وحل المشكلات، مما يؤدي إلا وقوع أبنائنا – حتى المتفوقين مدرسيًا منهم – فريسة للتجنيد في تلك الجماعات. وكأننا – بكل أسف – نُعدّهم بأيدينا لهذه الجماعات الإرهابية.
رابعًا بيئة التعلم
تعد بيئة التعلم من أهم عناصر العملية التعليمية. وهنا نبدأ بالفصل، هل يتم تنظيم المقاعد الدراسية بشكل يساعد التلاميذ على التعلم النشط والتعاوني ومهارات الحوار والمناقشة؟ أم يجلسون – لساعات طويلة – في مقاعد غير مريحة في صفوف لا تساعدهم على بناء مهارات التواصل والحوار والمناقشة والعمل الجماعي؟ هل يُعطي التلاميذ أدوار تساعدهم على تحمل – ولو جزءًا – من مسئولية تعلمهم وتنمى لديهم مهارات البحث والاستكشاف وحل المشكلات والحصول على المعلومات وتنظيمها وعرضها وإنجاز المشروعات التي تحل مشاكل مجتمعنا الغالي؟ أم لا يُسمح لهم إلا بتلقي واستقبال المعارف بشكل سلبي وغير فاعل؟ هل فعّلنا مواد التربية الدينية والتربية الوطنية بحيث يتدرب الطلبة على تنمية القيم الروحية والدينية والوطنية التي تحميهم من الإنجراف والتجنيد على يد الجماعات الإرهابية؟ أم أهملنا تدريبهم على هذه القيم وركزنا فقط على تحفيظفهم إياها – من أجل اجترارها في الامتحان التحريري؟ هل جعلنا من مدارسنا بيئة تربوية – يتدرب فيها فلذات أكبادنا على ممارسة مهاراتهم وهواياتهم التي تعدهم لغدٍ مشرق؟ أم جعلنا منها قاعات للتلقين، والتسميع وفرض الرأي واجترار المعلومات وبعض المعارف؟ هل جعلنا من مدارسنا الإعدادية والثانوية دور تربوية تعج بأنشطة التعلم النشط وممارسة مهارات البحث العلمي والتفوق الرياضي والفني والديني؟ أما خوت من الطلبة؟ لأننا وصّلنا لهم التلقين والتحفيظ والتسميع والاجترار (ديليفري) في المنازل والبيوت ومراكز الدروس الخصوصية؟
وهنا نأتي لأهم وأخطر الأسلحة لمحاربة الإرهاب والتطرف: ألا وهم زملائي وزميلاتي المعلمين والمعلمات. هناك قول بأن "المعلم قد يحيي الكتاب أو يدمره"، ولنا في اللـه ورسله خير عبرة حين أنزل كتابه على نبيه وجعل من سنته جزءًا لا يتجزأ من ديننا الحنيف، وأنزل الكتب السماوية على رسله الكرام (عليهم وعلى نبيينا الصلاة والسلام)، وكلفهم بدعوة خلقه لعبادته سبحانه. وهنا يجب علينا أن نفكر في التساؤلات التالية: هل أعددنا هؤلاء المعلمين – في كليات التربية والجامعة – باستخدام محتوى ومناهج تحقق الأهداف التي حددها الدستور للتعليم، لاتباع وتطبيق المنهج العلمي والتفكير الناقد وتنمية المهارات الذاتية والاجتماعية التي تنمي مهارات التواصل والحوار المناظرة والإقناع والعرض، وترسخ فيهم قيم التسامح والعفو والنقد البنّاء، وهل تم إعداد معلميهم وأساتذتهم لتنمية هذه المهارات لديهم، وهل تدربوا – قبل العمل بالتدريس وأثناءه – على هذه المهارات والاتجاهات الإيجابية؟ أم أنهم لم يعرفوا إلا أسلوب المحاضرة والتلقين؟ ولم تتح لهم الفرصة لممارسة مهارات تيسير التعلم النشط من: العمل في فريق ولعب الأدوار وإنجاز المشروعات الدراسية والتعلم المبني على إنجاز المهام والعروض الجماعية والمناظرات والحوار؟ هل يتم تدريبهم على تنفيذ المنهج واستخدام كتاب المعلم بما يذخر به من طرق متنوعة وحديثة للتدريس وإدارة الفصل وتنفيذ مشروعات التعلم والزيارات الميدانية وربط الحياة العامة بالفصل ودراسة أساليب التعلم لدى تلاميذهم ومراعاة ذلك وغيره من – العوامل الذهنية والوجدانية والبدنية – التي تؤثر على تعلم هؤلاء التلاميذ؟ هل ينمون لدى تلاميذهم مهارات الحوار والمناقشة ومهارات التعلم الذاتي وتعلم الأقران والعمل في مجموعات ومحاكاة الواقع وتحديد مشاكله واقتراح حلول لها؟ أم أنهم لا يعرفون إلا أسلوب المحاضرة والتلقين (ما يسمى خطًا بالشرح) حيث يجلس أمامهم التلاميذ صامتين مثل الأوعية الخاوية (والحسابات البنكية) التي يحاولون ملأها بالمحتوى والمعلومات؟ وليس على هؤلاء الطلبة إلا الاستماع والاستذكار ثم اجترار هذه المعلومات؟ مما يقتل فيهم روح الإبداع والابتكار؟ ولا يُعدهم إلا للسمع والطاعة وعدم القدرة على التعبير عن آرائهم ومهارات الحوار والنقد البنّاء. هل يستمع الموجهون ومدراء المدارس إلى آراء المعلمين والمعلمات في حجم المحتوى والمناهج؟ هل يتم تدريب المعلمين والمعلمات على الأساليب الفعالة في الإدارة الصفية؟ أم يضطرون إلا التدريس كما كان يُدرّس معلموهم ومعلمو معلميهم (من خلال التلقين) مما ينتج أجيال لا تعرف إلا السمع والطاعة والحفظ، وغير قادرة على التفكير العلمي والتعبير الواضح والتحاور والمناظرة ونقد الأفكار وحل المشكلات، مما يؤدي إلا وقوع أبنائنا – حتى المتفوقين مدرسيًا منهم – فريسة للتجنيد في تلك الجماعات. وكأننا – بكل أسف – نُعدّهم بأيدينا لهذه الجماعات الإرهابية.
رابعًا بيئة التعلم
تعد بيئة التعلم من أهم عناصر العملية التعليمية. وهنا نبدأ بالفصل، هل يتم تنظيم المقاعد الدراسية بشكل يساعد التلاميذ على التعلم النشط والتعاوني ومهارات الحوار والمناقشة؟ أم يجلسون – لساعات طويلة – في مقاعد غير مريحة في صفوف لا تساعدهم على بناء مهارات التواصل والحوار والمناقشة والعمل الجماعي؟ هل يُعطي التلاميذ أدوار تساعدهم على تحمل – ولو جزءًا – من مسئولية تعلمهم وتنمى لديهم مهارات البحث والاستكشاف وحل المشكلات والحصول على المعلومات وتنظيمها وعرضها وإنجاز المشروعات التي تحل مشاكل مجتمعنا الغالي؟ أم لا يُسمح لهم إلا بتلقي واستقبال المعارف بشكل سلبي وغير فاعل؟ هل فعّلنا مواد التربية الدينية والتربية الوطنية بحيث يتدرب الطلبة على تنمية القيم الروحية والدينية والوطنية التي تحميهم من الإنجراف والتجنيد على يد الجماعات الإرهابية؟ أم أهملنا تدريبهم على هذه القيم وركزنا فقط على تحفيظفهم إياها – من أجل اجترارها في الامتحان التحريري؟ هل جعلنا من مدارسنا بيئة تربوية – يتدرب فيها فلذات أكبادنا على ممارسة مهاراتهم وهواياتهم التي تعدهم لغدٍ مشرق؟ أم جعلنا منها قاعات للتلقين، والتسميع وفرض الرأي واجترار المعلومات وبعض المعارف؟ هل جعلنا من مدارسنا الإعدادية والثانوية دور تربوية تعج بأنشطة التعلم النشط وممارسة مهارات البحث العلمي والتفوق الرياضي والفني والديني؟ أما خوت من الطلبة؟ لأننا وصّلنا لهم التلقين والتحفيظ والتسميع والاجترار (ديليفري) في المنازل والبيوت ومراكز الدروس الخصوصية؟
وصلت نسبة الأمية في مصر في عام 2012 إلى "28%" بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و 30 عاما، وأن ثلثي هذا العدد من الإناث
خامسًا والأهم: نظام التقويم
وهنا يكمن السبب الرئيس لمحنتنا في التعليم قبل الجامعي وعجزه عن تحقيق أهدافه. ورغم بعض المحاولات لتطبيق التقويم الشامل والفاعل – ما زلنا لا نطبّق إلا نوع واحد من أساليب التقويم وطرقه وهو الامتحان والاختبار التحريري، مما يؤصل لمهارات الحفظ والاستذكار واجترار المعارف ولا يُفعّل مهارات التحدث والتواصل (الشفهي) والمناظرة وتقديم العروض، ولا يقيس إلا المحتوى المعرفي وبعضَا من الجانب الوجداني وبشكل نهائي ويهمل التقويم البنائي المستمر، والذي يساعد الطلبة أثناء عملية التعلم ويبني لديهم الثقة بالنفس ومهارات تعلم كيفية التعلم metalearning. إن تركيز منظومة التعليم لدينا على التدريس من أجل الامتحان والاختبار التحريري، يجعل الجميع بمن فيهم المعلمون والمعلمات لا يألون جهدًا في ملء حاوياتهم (عقول الطلبة) استعدادًا لتفريغها في الاختبارات والامتحانات التحريرية. مما يُعد هذه العقول للسقوط كفريسة للتجنيد وقبول التعاليم المتطرفة والمزيفة وتنفيذ ما يُملى عليهم من أوامر وفتاوى ما أنزل اللـه بها من سلطان، دون مناقشتها ونقدها والقدرة على مناظرة ومجادلة أصحابها.
سادسًا: إتاحة التعليم عالي الجودة للجميع
بناءًا على البيانات الواردة في الخطة الإستراتيجية الحالية للتعليم قبل الجامعي، ما زلنا غير قادرين على إتاحة التعليم لجميع الفئات العمرية. حيث وصلت معدلات الإتاحة في رياض الأطفال "30.8%" والابتدائي"97.1"% والإعدادي " 93.4"% والثانوي نحو 67%. وحسب هذه الخطة وصلت نسبة الأمية في مصر في عام 2012 إلى "28%" بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و 30 عامًا، وأن ثلثي هذا العدد من الإناث. إذا كان ما يزيد على ربع سكان مصرنا الغالية لا يستطيع القراءة والكتابة، ألا يستحق ذلك صحوة منا ومبادرة وطنية لمحو الأمية؟ إن مصرنا الغالية - التي علم معلموها وأساتذتها أجيالًا عديدة في أقطار عالمنا العربي الغالي وأقطار العالم الغربي - لقادرة على تصميم مشروع وطني (يضاهي مشروع بناء قناة السويس الجديدة وهدية مصر إلى العالم) لمحو أمية هذه الثروة البشرية الغالية، حتى لا تقع فريسة لمخططات التجنيد في الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
إذن وفي ضوء ما سبق، يجب علينا – ونحن نشن حربًا ضروسًا على الإرهاب والتطرف حتى لا يُسلَب منا وطننا وحياتنا كما يحدث في العديد من بقاع العالم – خاصة في وطننا العربي - وحتى لا يُنهى حاضرنا وتُمحى حضارة أجدادنا إلا أن نراجع رؤيتنا للتعليم قبل الجامعي ونجعلها متسقة مع أهداف التعليم في دستورنا العظيم، ونُراجع مناهج التعليم ومحتواه لكي نتأكد من قدرتها على بناء الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية بشكل متوازن وفعال، ونُمكّن معلمينا ومعلماتنا من تنمية مهارات البحث العلمي والاستقصاء والاستكشاف والتعلم النشط لدى أبنائنا، ونعيد مدارسنا إلى مجدها القديم كمؤسسات تربوية تحفل بجماعات الخطابة والشعر والمسرح والفنون وغيرها من أشكال الابتكار والإبداع، وأن يمارس فيها أبناؤنا المناظرات والحوار والنقد البناء وحل مشكلاتهم ومشكلات مجتمعهم، وأن يتم تطوير وإصلاح منظومة التقويم لتقيس الجوانب الثلاث (المعرفي والمهاري والوجداني)، وأن نٌحيي التقويم البنائي المستمر formative assessment والتقويم من أجل التعلم بالإضافة إلى التقويم النهائي، وأن ننفِّذ مشروعًا قوميًا لمحو الأمية.
- باحث في معهد التربية بكلية لندن الجامعية بجامعة لندن.
أهم المراجع
- الهيئة العامة للاستعلامات، (2014) دستور جمهورية مصر العربية، متاح على موقعhttp://www.sis.gov.eg/Newvr/consttt%202014.pdf ، بتاريخ 4 أغسطس 2015
- وزارة التربية والتعليم، (2014) الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2014 – 2030، متاحة على الموقع
http://planipolis.iiep.unesco.org/upload/Egypt/Egypt_Strategic_Plan_Pre-University_Education_2014-2030_Arabic.pdfبتاريخ 4 أغسطس 2015
وهنا يكمن السبب الرئيس لمحنتنا في التعليم قبل الجامعي وعجزه عن تحقيق أهدافه. ورغم بعض المحاولات لتطبيق التقويم الشامل والفاعل – ما زلنا لا نطبّق إلا نوع واحد من أساليب التقويم وطرقه وهو الامتحان والاختبار التحريري، مما يؤصل لمهارات الحفظ والاستذكار واجترار المعارف ولا يُفعّل مهارات التحدث والتواصل (الشفهي) والمناظرة وتقديم العروض، ولا يقيس إلا المحتوى المعرفي وبعضَا من الجانب الوجداني وبشكل نهائي ويهمل التقويم البنائي المستمر، والذي يساعد الطلبة أثناء عملية التعلم ويبني لديهم الثقة بالنفس ومهارات تعلم كيفية التعلم metalearning. إن تركيز منظومة التعليم لدينا على التدريس من أجل الامتحان والاختبار التحريري، يجعل الجميع بمن فيهم المعلمون والمعلمات لا يألون جهدًا في ملء حاوياتهم (عقول الطلبة) استعدادًا لتفريغها في الاختبارات والامتحانات التحريرية. مما يُعد هذه العقول للسقوط كفريسة للتجنيد وقبول التعاليم المتطرفة والمزيفة وتنفيذ ما يُملى عليهم من أوامر وفتاوى ما أنزل اللـه بها من سلطان، دون مناقشتها ونقدها والقدرة على مناظرة ومجادلة أصحابها.
سادسًا: إتاحة التعليم عالي الجودة للجميع
بناءًا على البيانات الواردة في الخطة الإستراتيجية الحالية للتعليم قبل الجامعي، ما زلنا غير قادرين على إتاحة التعليم لجميع الفئات العمرية. حيث وصلت معدلات الإتاحة في رياض الأطفال "30.8%" والابتدائي"97.1"% والإعدادي " 93.4"% والثانوي نحو 67%. وحسب هذه الخطة وصلت نسبة الأمية في مصر في عام 2012 إلى "28%" بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و 30 عامًا، وأن ثلثي هذا العدد من الإناث. إذا كان ما يزيد على ربع سكان مصرنا الغالية لا يستطيع القراءة والكتابة، ألا يستحق ذلك صحوة منا ومبادرة وطنية لمحو الأمية؟ إن مصرنا الغالية - التي علم معلموها وأساتذتها أجيالًا عديدة في أقطار عالمنا العربي الغالي وأقطار العالم الغربي - لقادرة على تصميم مشروع وطني (يضاهي مشروع بناء قناة السويس الجديدة وهدية مصر إلى العالم) لمحو أمية هذه الثروة البشرية الغالية، حتى لا تقع فريسة لمخططات التجنيد في الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
إذن وفي ضوء ما سبق، يجب علينا – ونحن نشن حربًا ضروسًا على الإرهاب والتطرف حتى لا يُسلَب منا وطننا وحياتنا كما يحدث في العديد من بقاع العالم – خاصة في وطننا العربي - وحتى لا يُنهى حاضرنا وتُمحى حضارة أجدادنا إلا أن نراجع رؤيتنا للتعليم قبل الجامعي ونجعلها متسقة مع أهداف التعليم في دستورنا العظيم، ونُراجع مناهج التعليم ومحتواه لكي نتأكد من قدرتها على بناء الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية بشكل متوازن وفعال، ونُمكّن معلمينا ومعلماتنا من تنمية مهارات البحث العلمي والاستقصاء والاستكشاف والتعلم النشط لدى أبنائنا، ونعيد مدارسنا إلى مجدها القديم كمؤسسات تربوية تحفل بجماعات الخطابة والشعر والمسرح والفنون وغيرها من أشكال الابتكار والإبداع، وأن يمارس فيها أبناؤنا المناظرات والحوار والنقد البناء وحل مشكلاتهم ومشكلات مجتمعهم، وأن يتم تطوير وإصلاح منظومة التقويم لتقيس الجوانب الثلاث (المعرفي والمهاري والوجداني)، وأن نٌحيي التقويم البنائي المستمر formative assessment والتقويم من أجل التعلم بالإضافة إلى التقويم النهائي، وأن ننفِّذ مشروعًا قوميًا لمحو الأمية.
- باحث في معهد التربية بكلية لندن الجامعية بجامعة لندن.
أهم المراجع
- الهيئة العامة للاستعلامات، (2014) دستور جمهورية مصر العربية، متاح على موقعhttp://www.sis.gov.eg/Newvr/consttt%202014.pdf ، بتاريخ 4 أغسطس 2015
- وزارة التربية والتعليم، (2014) الخطة الإستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2014 – 2030، متاحة على الموقع
http://planipolis.iiep.unesco.org/upload/Egypt/Egypt_Strategic_Plan_Pre-University_Education_2014-2030_Arabic.pdfبتاريخ 4 أغسطس 2015