لم تجد إسرائيل فى ذروة صدمتها من اكتشاف حقل غاز شروق المصرى الجديد وانعكاساته المحتملة على طموحاتها الإستراتيجية والاقتصادية، وهى الانعكاسات التى جرى وصفها بأنها تعد بمنزلة حرب يوم غفران اقتصادية تشنها مصر ضد إسرائيل، غير توجيه تحذير انفعالى يطالب مصر بالكف عن محاولاتها تمرير مشروع قرار لفرض الرقابة الدولية على المنشآت النووية الإسرائيلية خلال المؤتمر العام السنوى للوكالة الدولية للطاقة الذرية. التحذير نقلته صحيفة هآرتس الإسرائيلية التى أوضحت أن من قام بنقله إلى القاهرة كان كل من اسحق مولخو المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية ويوسى كوهين مستشار الأمن القومي، وأنهما التقيا وزير الخارجية المصرى سامح شكري، وقدما عتاباً مفاده أن المساعدات الكبيرة التى تقدمها إسرائيل لمصر فى مكافحة التنظيمات الإرهابية فى سيناء بما فى ذلك موافقتها على إدخال قوات كبيرة من الجيش المصرى إلى شبه جزيرة سيناء بشكل يتجاوز بكثير، العدد المسموح به فى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، لم تغير شيئاً فى الموقف المصرى من الشأن النووى الإسرائيلي. الكشف عن هذا التحذير اقترن بإظهار التحدى للسياسة المصرية، حيث نقلت الصحيفة عن المسئولين الإسرائيليين (مولخو وكوهين) قولهما إن الخطوة المصرية الجديدة لن تعطى أى نتيجة وإن إسرائيل ستنجح فى صدها مثلما فعلت مرات فى السنوات الأخيرة. السؤال الذى فرض نفسه بعد تعمد الكشف عن هذا التحذير عبر الصحافة الإسرائيلية هو: هل ستمضى مصر قدماً فى خطتها أم ستتراجع؟
يذكر أن مصر كانت قد أخذت على عاتقها مسئولية التصدى للانحياز الدولى لمصلحة الكيان الصهيونى وقدراته النووية العسكرية وخاضت معركة دبلوماسية شديدة الضراوة ضد هذا الانحياز قادها وزير الخارجية سامح شكرى وفريق من ألمع مساعديه حيث ألقى كلمة مصر أمام المؤتمر الدورى لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (أبريل مايو 2015) وطالب ببلورة معاهدة إقليمية تنشأ بمقتضاها منطقة الشرق الأوسط الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخري، وأعلن أنه لا يعقل أن تنفرد دولة بالسلاح النووى دون غيرها، وكان يعنى إسرائيل، كما أبدى انزعاجه من ضآلة الجهود الدولية والتى تستهدف تحقيق عالمية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لضمان استمرار مصداقيتها. من هذا المنطلق قدمت مصر توصيتها بضرورة تضمين البيان الختامى لذلك المؤتمر نصاً يطالب بفتح المنشآت النووية الإسرائيلية أمام مراقبى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانعقاد مؤتمر دولى لتجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا فضلت عدم صدور بيان نهائى عن هذا المؤتمر عن أن يصدر بيان يتضمن هذا النص المصرى الذى ظلت مصر ملتزمة به فعلياً منذ عام 1991. على ضوء هذه الخلفية كان من المستحيل أن تتراجع مصر عن موقفها فقدمت مشروع قرارها إلى المؤتمر السنوى للوكالة الدولية للطاقة الذرية (انهى أعماله الخميس الماضى) الذى يطالب بوضع المنشآت النووية فى كل دول الشرق الأوسط تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويطالب أيضاً بانضمام كل الدول لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ويؤكد ضرورة جعل الشرق الأوسط إقليماً خالياً من الأسلحة النووية. وبسبب عمومية هذا المشروع فقد حظى بدعم 126 دولة وامتنعت 13 دولة عن التصويت وهو انتصار للموقف المصري، لكنه ليس انتصاراً كافياً لأن قراراً آخر قدمته المجموعة العربية كان أكثر صراحة من المشروع المصرى بالإصرار على ذكر اسم إسرائيل والمطالبة بفرض الرقابة الدولية على القدرات النووية الإسرائيلية ومطالبة الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقديم تقارير سنوية عن تلك القدرات، هذا المشروع حاربته إسرائيل بضراوة وحاربته الولايات المتحدة واستراليا وكندا ونجحوا فى تكتيل تجمع دولى وصل إلى 58 دولة رفضت هذا المشروع الذى لم تؤيده غير 46 دولة وكان من الدول التى انحازت إلى إسرائيل دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكل دول الاتحاد الأوروبى ونيوزيلندا ودول من أمريكا الجنوبية بل من إفريقيا (كينيا) وامتنعت دول مثل الهند والبرازيل عن التصويت الأمر الذى أثار غبطة بنيامين نيتانياهو وحكومته التى خرجت عن معايير الانضباط فى إبداء مظاهر الفرح بانحياز الأغلبية الدولية لرفض الرقابة الدولية على منشآتها النووية، فى حين لم يساند العرب غير إيران وروسيا والصين وتركيا وجنوب أفريقيا وباقى مجموعة دول عدم الانحياز.
مصر تتابع هذا كله بقلق شديد وتتحسب للمسعى الإسرائيلى المدعوم من الكونجرس واللوبى الصهيونى بالحصول على تعويضات مناسبة لفشل الخيار الإسرائيلى الذى بات مؤكداً بدفع الكونجرس لرفض الاتفاق النووى مع إيران.. ما يطمح إليه الإسرائيليون الآن كثمن لقبولهم الاضطرارى بالاتفاق الدولى مع إيران حول برنامجها النووى هو اعتراف أمريكى صريح يتبعه اعتراف دولى بها كدولة أمر واقع نووية الأمر الذى يعنى وضع نهاية مأساوية للمسعى المصرى الإستراتيجى بتجريد إسرائيل من قدراتها النووية العسكرية وجعل الشرق الأوسط إقليماً خالياً من الأسلحة النووية. يسعى الإسرائيليون أيضاً إلى دحض أى تصور عند الإدارة الأمريكية ينطلق من فكرة معاقبة نيتانياهو دون معاقبة إسرائيل لمصلحة الدفع بقناعة بديلة هى أن إسرائيل تستحق التعويض، وهناك من يراهنون على رسالة بعث بها جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى إلى الكونجرس حسب ما كتب ناحوم برنياع فى صحيفة يديعوت أحرونوت قال فيها إنه من ناحية الإدارة الأمريكية فإن أمن إسرائيل هو قدس الأقداس وليس أقل من ذلك وإنه، أى جون كيري، وعد بأن يبلور مع أصدقاء إسرائيل فى الكونجرس رزمة مساعدات جديدة من منطلق مقولة ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطانى الأسبق عندما تنتصر كن سخياً.. وسخاء أوباما هو سخاء المنتصرين. وتأكيداً لهذا المسعى نشرت صحيفة هآرتس (12/9/2015) أن الولايات المتحدة بدأت بشكل غير رسمى محادثات ما يسمى اليوم الذى يلى الاتفاق النووى مع إيران، وأن هذه المحادثات تشمل الاتفاق النووى والتعاون الأمنى والسياسى والاستخبارى بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران والسعى لفرض عقوبات أخرى جديدة يمكن تفعيلها ضد إيران فى قضايا لا ترتبط بالمشروع النووى كدعم الإرهاب.
كما أجرت واشنطن وتل أبيب محادثات تناولت المساعدات الأمريكية لتطوير قدرات الجيش الإسرائيلى وضمان تفوقه النوعى على كل الجيوش الأخرى فى الشرق الأوسط، وسوف يصل موشى يعلون وزير الحرب الصهيونى إلى واشنطن تمهيداً للبحث مع نظيره الأمريكى صفقة المساعدات العسكرية والأمنية لإسرائيل، وأن اللقاء الأهم سيكون بين الرئيس الأمريكى مع بنيامين نيتانياهو الذى سيصل إلى واشنطن فى الثامن من نوفمبر القادم لإلقاء خطاب فى مؤتمر الكونفيدرالية اليهودية فى أمريكا الشمالية.
كل هذا فى مجال التعويضات الأمنية البديلة لإفشال الاتفاق النووى مع إيران لكن تبقى التعويضات السياسية هى الأهم وهى الملف الفلسطينى الذى يريد الإسرائيليون إغلاقه نهائياً ووقف أى حديث عن حل الدولتين، وأن يبقى حل هذا الملف إسرائيلياً بحتاً وبما يحقق كل مطالب وشروط الأمن الإسرائيلي، ولعل التصعيد الراهن ضد المسجد الأقصى هو مجرد مؤشرات إسرائيلية تريد إسرائيل أن تنقل عبرها رسالة إلى واشنطن مفادها أنه إذا كنا قد سمحنا لكم بإقرار اتفاق نووى مع إيران فيجب أن تقبلوا أن نحمى أمننا ووجودنا بما نراه من إجراءات وسياسات تحقق لنا هذا الأمن دون وصاية من أحد. تطورات وتحديات خطيرة يصعب على مصر تجاهلها.. فكيف ستتعامل معها؟
يذكر أن مصر كانت قد أخذت على عاتقها مسئولية التصدى للانحياز الدولى لمصلحة الكيان الصهيونى وقدراته النووية العسكرية وخاضت معركة دبلوماسية شديدة الضراوة ضد هذا الانحياز قادها وزير الخارجية سامح شكرى وفريق من ألمع مساعديه حيث ألقى كلمة مصر أمام المؤتمر الدورى لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (أبريل مايو 2015) وطالب ببلورة معاهدة إقليمية تنشأ بمقتضاها منطقة الشرق الأوسط الخالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل الأخري، وأعلن أنه لا يعقل أن تنفرد دولة بالسلاح النووى دون غيرها، وكان يعنى إسرائيل، كما أبدى انزعاجه من ضآلة الجهود الدولية والتى تستهدف تحقيق عالمية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لضمان استمرار مصداقيتها. من هذا المنطلق قدمت مصر توصيتها بضرورة تضمين البيان الختامى لذلك المؤتمر نصاً يطالب بفتح المنشآت النووية الإسرائيلية أمام مراقبى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانعقاد مؤتمر دولى لتجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا فضلت عدم صدور بيان نهائى عن هذا المؤتمر عن أن يصدر بيان يتضمن هذا النص المصرى الذى ظلت مصر ملتزمة به فعلياً منذ عام 1991. على ضوء هذه الخلفية كان من المستحيل أن تتراجع مصر عن موقفها فقدمت مشروع قرارها إلى المؤتمر السنوى للوكالة الدولية للطاقة الذرية (انهى أعماله الخميس الماضى) الذى يطالب بوضع المنشآت النووية فى كل دول الشرق الأوسط تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويطالب أيضاً بانضمام كل الدول لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ويؤكد ضرورة جعل الشرق الأوسط إقليماً خالياً من الأسلحة النووية. وبسبب عمومية هذا المشروع فقد حظى بدعم 126 دولة وامتنعت 13 دولة عن التصويت وهو انتصار للموقف المصري، لكنه ليس انتصاراً كافياً لأن قراراً آخر قدمته المجموعة العربية كان أكثر صراحة من المشروع المصرى بالإصرار على ذكر اسم إسرائيل والمطالبة بفرض الرقابة الدولية على القدرات النووية الإسرائيلية ومطالبة الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقديم تقارير سنوية عن تلك القدرات، هذا المشروع حاربته إسرائيل بضراوة وحاربته الولايات المتحدة واستراليا وكندا ونجحوا فى تكتيل تجمع دولى وصل إلى 58 دولة رفضت هذا المشروع الذى لم تؤيده غير 46 دولة وكان من الدول التى انحازت إلى إسرائيل دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكل دول الاتحاد الأوروبى ونيوزيلندا ودول من أمريكا الجنوبية بل من إفريقيا (كينيا) وامتنعت دول مثل الهند والبرازيل عن التصويت الأمر الذى أثار غبطة بنيامين نيتانياهو وحكومته التى خرجت عن معايير الانضباط فى إبداء مظاهر الفرح بانحياز الأغلبية الدولية لرفض الرقابة الدولية على منشآتها النووية، فى حين لم يساند العرب غير إيران وروسيا والصين وتركيا وجنوب أفريقيا وباقى مجموعة دول عدم الانحياز.
مصر تتابع هذا كله بقلق شديد وتتحسب للمسعى الإسرائيلى المدعوم من الكونجرس واللوبى الصهيونى بالحصول على تعويضات مناسبة لفشل الخيار الإسرائيلى الذى بات مؤكداً بدفع الكونجرس لرفض الاتفاق النووى مع إيران.. ما يطمح إليه الإسرائيليون الآن كثمن لقبولهم الاضطرارى بالاتفاق الدولى مع إيران حول برنامجها النووى هو اعتراف أمريكى صريح يتبعه اعتراف دولى بها كدولة أمر واقع نووية الأمر الذى يعنى وضع نهاية مأساوية للمسعى المصرى الإستراتيجى بتجريد إسرائيل من قدراتها النووية العسكرية وجعل الشرق الأوسط إقليماً خالياً من الأسلحة النووية. يسعى الإسرائيليون أيضاً إلى دحض أى تصور عند الإدارة الأمريكية ينطلق من فكرة معاقبة نيتانياهو دون معاقبة إسرائيل لمصلحة الدفع بقناعة بديلة هى أن إسرائيل تستحق التعويض، وهناك من يراهنون على رسالة بعث بها جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى إلى الكونجرس حسب ما كتب ناحوم برنياع فى صحيفة يديعوت أحرونوت قال فيها إنه من ناحية الإدارة الأمريكية فإن أمن إسرائيل هو قدس الأقداس وليس أقل من ذلك وإنه، أى جون كيري، وعد بأن يبلور مع أصدقاء إسرائيل فى الكونجرس رزمة مساعدات جديدة من منطلق مقولة ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطانى الأسبق عندما تنتصر كن سخياً.. وسخاء أوباما هو سخاء المنتصرين. وتأكيداً لهذا المسعى نشرت صحيفة هآرتس (12/9/2015) أن الولايات المتحدة بدأت بشكل غير رسمى محادثات ما يسمى اليوم الذى يلى الاتفاق النووى مع إيران، وأن هذه المحادثات تشمل الاتفاق النووى والتعاون الأمنى والسياسى والاستخبارى بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران والسعى لفرض عقوبات أخرى جديدة يمكن تفعيلها ضد إيران فى قضايا لا ترتبط بالمشروع النووى كدعم الإرهاب.
كما أجرت واشنطن وتل أبيب محادثات تناولت المساعدات الأمريكية لتطوير قدرات الجيش الإسرائيلى وضمان تفوقه النوعى على كل الجيوش الأخرى فى الشرق الأوسط، وسوف يصل موشى يعلون وزير الحرب الصهيونى إلى واشنطن تمهيداً للبحث مع نظيره الأمريكى صفقة المساعدات العسكرية والأمنية لإسرائيل، وأن اللقاء الأهم سيكون بين الرئيس الأمريكى مع بنيامين نيتانياهو الذى سيصل إلى واشنطن فى الثامن من نوفمبر القادم لإلقاء خطاب فى مؤتمر الكونفيدرالية اليهودية فى أمريكا الشمالية.
كل هذا فى مجال التعويضات الأمنية البديلة لإفشال الاتفاق النووى مع إيران لكن تبقى التعويضات السياسية هى الأهم وهى الملف الفلسطينى الذى يريد الإسرائيليون إغلاقه نهائياً ووقف أى حديث عن حل الدولتين، وأن يبقى حل هذا الملف إسرائيلياً بحتاً وبما يحقق كل مطالب وشروط الأمن الإسرائيلي، ولعل التصعيد الراهن ضد المسجد الأقصى هو مجرد مؤشرات إسرائيلية تريد إسرائيل أن تنقل عبرها رسالة إلى واشنطن مفادها أنه إذا كنا قد سمحنا لكم بإقرار اتفاق نووى مع إيران فيجب أن تقبلوا أن نحمى أمننا ووجودنا بما نراه من إجراءات وسياسات تحقق لنا هذا الأمن دون وصاية من أحد. تطورات وتحديات خطيرة يصعب على مصر تجاهلها.. فكيف ستتعامل معها؟