يتابع الإسرائيليون باهتمام بالغ مآلات الأزمات والحروب المتفجرة على خريطة وطننا العربي، باعتبارها أزمات تصب فى مصلحتهم، ما يعنى أن ما يشغل إسرائيل الآن هو إدارة هذه المصالح. هى تتابع باهتمام شديد إلى أين ستنتهى الأزمات فى العراق وليبيا وسوريا، والجديد هو الأزمة الخليجية، ولا تغفل لحظة عن الأزمة المكبوتة بين مصر وإثيوبيا وهم حريصون على فعل كل شئ لمنع حدوث أى تطور فى إدارة هذه الأزمات ينحرف بها فى اتجاه يهدد المصالح الإسرائيلية، ومن هنا جاءت حالة الهلع الحالية داخل أروقة صنع القرار الاستراتيجى فى إسرائيل من التطورات المستجدة بالنسبة للأزمة السورية خشية أن تؤثر هذه التطورات على الهدفين الإسرائيليين المحوريين فى الأزمة السورية وهما أولاً الحصول على اعتراف دولى بالسيادة الإسرائيلية المطلقة على هضبة الجولان المحتلة وضمها نهائياً إلى إسرائيل. وثانيا منع إيران من خلق أى وجود عسكرى أو نفوذ سياسى دائم لها فى سوريا، أو على الأقل منع إيران والميليشيات والتنظيمات «الشيعية» الحليفة التى تقاتل معها فى سوريا من الاقتراب من جنوب سوريا خشية أن يؤدى ذلك إلى تمكين إيران وحزب الله «اللبناني» من تأسيس جبهة مواجهة جديدة على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع سوريا فى الجولان. تدرك إسرائيل أنها، وحدها، ستكون عاجزة عن تحقيق أى من هذين الهدفين. من هنا جاء التوجه الإسرائيلى نحو روسيا باعتبارها القوة الدولية الكبرى القادرة على التأثير أكثر من غيرها فى مجريات الأزمة السورية ولكن دون الإخلال بأسس وقواعد التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأول التاريخى والاستراتيجي، لذلك كان قرار المجلس الوزارى الأمنى الإسرائيلى المصغر (الكابينيت) بتحميل رئيس حكومته بنيامين نتنياهو طلباً إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بألا تتضمن أى تسوية حول سوريا فى المستقبل وجود أى نفوذ لإيران. وأعد هذا المجلس خطة حملها نتنياهو معه فى لقائه مع ترامب (5/2/2017) هدفها «صد التهديد الإيرانى الذى قد ينشأ على الحدود الشمالية لإسرائيل فى حال حظيت إيران بنفوذ فى سوريا». وللسبب نفسه كان لقاء نتنياهو مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين (9/3/2017) وهى الزيارة الأولى التى يقوم بها نتنياهو إلى موسكو هذا العام سبقتها أربع زيارات فى العام الماضي. كانت الزيارات الأربع السابقة تستهدف التنسيق مع روسيا سواء بخصوص الحصول على ضوء أخضر روسى لضرب أهداف فى سوريا تتعلق أساساً بعمليات نقل أسلحة متقدمة إلى «حزب الله» من شأنها أن تكسر التوازن الذى يعمل لمصلحة إسرائيل، والتنسيق مع روسيا لمنع حدوث أى احتكاك غير مقصود بين الطيران الإسرائيلى والطيران الروسى فى الأجواء السورية، وغالباً ما كانت تنتهى تلك الزيارات بقدر لا بأس به من التوافق مع القيادة الروسية، لكن الزيارة الأخيرة كانت تتعلق بـ «خطوط حمراء إسرائيلية» تستهدف احتواء الدور المستقبلى لإيران فى سوريا، ومنع إيران و«حزب الله» من الوصول إلى الحدود مع إسرائيل فى الجولان، إضافة إلى تلميح إسرائيلى برفض أى تسوية لسوريا تبقى بشار الأسد، باعتبار أن بقاء الأسد «ليس فى المصلحة الأمنية الإسرائيلية» ولكونه يعنى أيضاً أن «إيران وحزب الله سيبقيان فى سوريا».
بغض النظر عن الجواب الروسي، فالواضح أن هناك تفاهمات حول هذه المطالب: تفاهمات إسرائيلية- روسية، وإسرائيلية- أمريكية، والجديد الآن هو التفاهمات الأمريكية الروسية من خلال المشاركة الأمريكية فى محادثات «أستانة» والتى ركزت جولتها الأخيرة على تحديد المناطق الأربع الآمنة فى حمص وأدلب ودمشق إضافة إلى جبهة درعا فى الجنوب، حيث طرحت أفكار لمنع إيران أو أية ميليشيات شيعية من أن يكون لها وجود فى جبهة درعا الجنوبية التى تحظى باهتمامات أمنية أردنية وإسرائيلية. وإذا لم تحقق هذه التفاهمات ما تريده إسرائيل وتدعمه الولايات المتحدة فإن إسرائيل ستكون مضطرة للسير فى خيارين بشكل متوازٍ لتحقيق ما تهدف إليه.
الخيار الأول هو إقامة «حزام أمنى إسرائيلى فى الجولان»، على غرار الحزام الأمنى الذى سبق أن أنشأته عام 1976 فى جنوب لبنان تحت اسم «جيش لبنان الجنوبي» (مجموعة المرتزقة تحت قيادة سعد حداد ومن بعده أنطون لحد)، ولكن هذه المرة من خلال المجموعات الإرهابية الموالية التى تسيطر على بعض المواقع قرب حدود الجولان فى شمال درعا، إذ تشير المعلومات إلى أن ما تقدمه إسرائيل من دعم وإسناد لوجستى وعسكرى واستخباراتى وصحى لهذه المجموعات يدخل فى إطار التمهيد لهذه الخطوة. ووفقاً لموقع «دافار» فإن إسرائيل توصلت إلى تفاهمات مع تنظيمات مثل «جبهة النصرة» (هيئة تحرير الشام) وجبهة «أحرار الشام» بشأن المنطقة لإبعاد الجيش السورى وإيران والتنظيمات المؤيدة عنها».
هذا الخيار تحدث عنه بوضوح شديد «ألوف بن» المحرر العسكرى لصحيفة «هاآرتس» بقوله إن «إنشاء منطقة حزام أمنى فى الجولان تسيطر عليها ميليشيات سورية موالية لإسرائيل بات فى نظر القادة العسكريين شبيهاً بما كان يُعرف سابقاً بجيش لبنان الجنوبى الذى كان يسيطر على الحزام الأمنى الذى أقامته إسرائيل فى جنوب لبنان». وقد اعترف «تسفى برئيل» فى صحيفة «هاآرتس» بأن إسرائيل تقدم مساعدات إنسانية وعسكرية للميليشيات التى تعمل فى هضبة الجولان السورية وفى منطقة درعا جنوب سوريا، وأن إسرائيل أبلغت روسيا والولايات المتحدة أنها «لا توافق على مشاركة الميليشيات الشيعية فى الرقابة على المنطقة الآمنة الجنوبية فى محيط مدينة درعا».
أما الخيار الثانى الذى لا يلغى الخيار الأول الذى يحاول «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» بمنع وصول إيران وحزب الله إلى الحدود الشمالية لإسرائيل فى الجولان، فهو المبادرة بشن عدوان على لبنان على غرار عدوان عام 2006 لإرباك كل الحسابات الإيرانية وحتى الروسية فى سوريا اعتقاداً منها أنها سيكون بمقدورها، نتيجة لهذا العدوان، فرض نفسها كقوة شريكة وفاعلة فى فرض ما تريده فى سوريا. الخيار الأخير فى حاجة إلى قرار أمريكي، أو هو بالأحرى لن يكون إلا قراراً أمريكياً ولن يصدر إلا إذا وصلت واشنطن إلى طريق مسدود مع موسكو فى إدارة الأزمة فى سوريا.
خياران إسرائيليان للخروج من المأزق، لكنهما خياران مأزومان فى ذاتهما، فمصير الحزام الأمنى المأمول فى الجولان قد يلقى مصير نظيره اللبناني، أما التورط بحرب فى لبنان قد تكون مدخلاً لواقع أكثر مأساوية بالنسبة لإسرائيل نفسها التى يبدو أنها باتت فاشلة فى هندسة الخيارات، وأنها ستبقى أسيرة واقعها المأزوم وحساباتها الخاطئة.
بغض النظر عن الجواب الروسي، فالواضح أن هناك تفاهمات حول هذه المطالب: تفاهمات إسرائيلية- روسية، وإسرائيلية- أمريكية، والجديد الآن هو التفاهمات الأمريكية الروسية من خلال المشاركة الأمريكية فى محادثات «أستانة» والتى ركزت جولتها الأخيرة على تحديد المناطق الأربع الآمنة فى حمص وأدلب ودمشق إضافة إلى جبهة درعا فى الجنوب، حيث طرحت أفكار لمنع إيران أو أية ميليشيات شيعية من أن يكون لها وجود فى جبهة درعا الجنوبية التى تحظى باهتمامات أمنية أردنية وإسرائيلية. وإذا لم تحقق هذه التفاهمات ما تريده إسرائيل وتدعمه الولايات المتحدة فإن إسرائيل ستكون مضطرة للسير فى خيارين بشكل متوازٍ لتحقيق ما تهدف إليه.
الخيار الأول هو إقامة «حزام أمنى إسرائيلى فى الجولان»، على غرار الحزام الأمنى الذى سبق أن أنشأته عام 1976 فى جنوب لبنان تحت اسم «جيش لبنان الجنوبي» (مجموعة المرتزقة تحت قيادة سعد حداد ومن بعده أنطون لحد)، ولكن هذه المرة من خلال المجموعات الإرهابية الموالية التى تسيطر على بعض المواقع قرب حدود الجولان فى شمال درعا، إذ تشير المعلومات إلى أن ما تقدمه إسرائيل من دعم وإسناد لوجستى وعسكرى واستخباراتى وصحى لهذه المجموعات يدخل فى إطار التمهيد لهذه الخطوة. ووفقاً لموقع «دافار» فإن إسرائيل توصلت إلى تفاهمات مع تنظيمات مثل «جبهة النصرة» (هيئة تحرير الشام) وجبهة «أحرار الشام» بشأن المنطقة لإبعاد الجيش السورى وإيران والتنظيمات المؤيدة عنها».
هذا الخيار تحدث عنه بوضوح شديد «ألوف بن» المحرر العسكرى لصحيفة «هاآرتس» بقوله إن «إنشاء منطقة حزام أمنى فى الجولان تسيطر عليها ميليشيات سورية موالية لإسرائيل بات فى نظر القادة العسكريين شبيهاً بما كان يُعرف سابقاً بجيش لبنان الجنوبى الذى كان يسيطر على الحزام الأمنى الذى أقامته إسرائيل فى جنوب لبنان». وقد اعترف «تسفى برئيل» فى صحيفة «هاآرتس» بأن إسرائيل تقدم مساعدات إنسانية وعسكرية للميليشيات التى تعمل فى هضبة الجولان السورية وفى منطقة درعا جنوب سوريا، وأن إسرائيل أبلغت روسيا والولايات المتحدة أنها «لا توافق على مشاركة الميليشيات الشيعية فى الرقابة على المنطقة الآمنة الجنوبية فى محيط مدينة درعا».
أما الخيار الثانى الذى لا يلغى الخيار الأول الذى يحاول «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» بمنع وصول إيران وحزب الله إلى الحدود الشمالية لإسرائيل فى الجولان، فهو المبادرة بشن عدوان على لبنان على غرار عدوان عام 2006 لإرباك كل الحسابات الإيرانية وحتى الروسية فى سوريا اعتقاداً منها أنها سيكون بمقدورها، نتيجة لهذا العدوان، فرض نفسها كقوة شريكة وفاعلة فى فرض ما تريده فى سوريا. الخيار الأخير فى حاجة إلى قرار أمريكي، أو هو بالأحرى لن يكون إلا قراراً أمريكياً ولن يصدر إلا إذا وصلت واشنطن إلى طريق مسدود مع موسكو فى إدارة الأزمة فى سوريا.
خياران إسرائيليان للخروج من المأزق، لكنهما خياران مأزومان فى ذاتهما، فمصير الحزام الأمنى المأمول فى الجولان قد يلقى مصير نظيره اللبناني، أما التورط بحرب فى لبنان قد تكون مدخلاً لواقع أكثر مأساوية بالنسبة لإسرائيل نفسها التى يبدو أنها باتت فاشلة فى هندسة الخيارات، وأنها ستبقى أسيرة واقعها المأزوم وحساباتها الخاطئة.