ثلاثة أهداف إسرائيلية فى خيار «الدولة الكردية»
الثلاثاء 26/سبتمبر/2017 - 01:04 م
ليس من المستغرب أن تكون إسرائيل هى الدولة الوحيدة فى العالم التى أعلنت وانحازت ودعمت الاستفتاء الذى أصرت رئاسة إقليم كردستان العراق على إجرائه أمس الاثنين (25/9/2017) لفصل هذا الإقليم عن العراق. يجيء هذا الموقف متناغماً ومنسجماً مع سياسة إسرائيلية تاريخية مع أكراد العراق منذ عقد الستينيات من القرن الماضي.
وامتداداً لهذا الموقف جاء إعلان بنيامين نيتانياهو، قبل أقل من أسبوعين من موعد هذا الاستفتاء، فى تغريدة نقلتها صحيفة «هآرتس» قال فيها إن بلاده «تدعم الجهود المشروعة التى يبذلها الشعب الكردى من أجل الحصول على دولة خاصة به». لذلك لم يكن غريباً أن تكشف صحيفة «معاريف» (9 مايو 2015) النقاب عن أن حكومة إقليم كردستان العراق أرسلت مستشاراً سياسياً للتباحث مع كبار المسئولين الإسرائيليين حول سبل الدعم السياسى الذى يمكن أن تقدمه إسرائيل للتحرك الكردى نحو الاستقلال.
البُعد الزمنى لهذا التوجه الإسرائيلى الداعم لقرار انفصال إقليم كردستان العراق عن العراق، شديد الأهمية وبالذات مجمل التطورات الإقليمية المتزامنة مع هذا التوجه الإسرائيلى الداعم هذا الاستفتاء، وعلى الأخص ما تموج به الساحة السورية من صراعات ترى إسرائيل أنها لم تعد تعمل فى صالحها بل تعمل لصالح أعدائها (إيران وحزب الله والرئيس السورى بشار الأسد)، ناهيك عن تهيؤ العراق لمرحلة سياسية جديدة ظهرت بعض ملامحها تقول أن العراق بات فى مقدوره أن يبدأ عهداً جديداً من استعادة عافيته بعد اكتمال الانتصارات على تنظيم «داعش»، إذا أخذنا هذا كله فى الاعتبار يمكننا أن نحدد ثلاثة أهداف إسرائيلية عليا من هذا الانحياز الإسرائيلى المكشوف لانفصال إقليم كردستان عن العراق.
أول هذه الأهداف يخص العراق ويرمى إلى منع العراق من العودة مجدداً قوياً وقادراً على التأثير ومنعه أيضاً من التفرغ لإعادة التعمير والبناء المادى والمعنوى للدولة العراقية بعد كل التدمير الممنهج الذى تعرضت له أولاً على أيدى الاحتلال الأمريكى منذ عام 2003، وعلى أيدى المنظمات الإرهابية ابتداءً من تنظيم «القاعدة» وامتداداً إلى تنظيم «داعش». إسرائيل تتابع انتهاء «عصر داعش» فى العراق وسوريا، وترى أن الدور الوظيفى لهذا التنظيم الإرهابى فى أفول، ما يعنى أن العراق، يمكن أن يعود مجدداً لامتلاك عناصر قوته، وهناك ملامح كثيرة لذلك أبرزها المراجعات السياسية وخاصة من جانب كبار القادة الشيعة أمثال رئيس الحكومة حيدر العبادى ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وعمار الحكيم رئيس حزب «تيار الحكمة» زعيم «التحالف الوطني»، الذين قدموا مشروعات سياسية ترمى إلى إحداث توازن فى علاقات العراق الإقليمية مع إيران والدول العربية ومن ثم ضرب «سياسة الاستقطاب الشيعي- السُني» التى حرصت إسرائيل على توظيفها للتغلغل فى دول عربية سُنية تحت عنوان «الحرب على المحور الشيعى»، وترمى أيضاً إلى إجراء تغييرات موضوعية فى العملية السياسية لصالح دولة المواطنة والديمقراطية على حساب «دولة المحاصصة الطائفية»، وهذا كله معناه أن يستعيد العراق عافيته ووحدته الوطنية وهو ما ترفضه إسرائيل، وتتحسب له فى «مرحلة ما بعد داعش» وتحرص على إيجاد سبب قوى يبقى العراق مجدداً «رهناً لخيار الدم المستباح» أى لسياسة الاقتتال الدائم.
تأكيداً لذلك نجد أن بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكتف بالإشادة بدور «داعش» واعتباره أن القضاء عليه «أمر سيئ لإسرائيل» واعتباره أيضاً أن «داعش» كان يضطلع بـ «دور السد الذى يحول دون تعاظم التهديد المحدق بإسرائيل» بل إنه أخذ يحذر من «مخطط إيرانى يهدد إسرائيل ودول المنطقة»، ومن «ضيق الخيارات الإسرائيلية لمواجهة هذا الخطر». ومن هنا تجئ أهمية تبنى إسرائيل لدعم خيار «الدولة الكردية».
ثانى هذه الأهداف هو إطلاق مخطط إعادة تقسيم دول المنطقة الكفيل بإنهاء خطر الدول الكبيرة على إسرائيل، والتأسيس لواقع إقليمى بديل يرتكز على دويلات صغيرة طائفية وعرقية ودينية من شأنه أن يعطى للدولة اليهودية القدرة على السيطرة والهيمنة والتفوق المطلق وتأمين الوجود، وهو الهدف ذاته الذى كان عنواناً للغزو والاحتلال الأمريكى للعراق الذى حمل شعار «إعادة ترسيم الخرائط السياسية» وظل يدعو إليه السيناتور جون ماكين بأن «التقسيم هو الحل» لمواجهة مخاطر الصراعات الداخلية فى العراق.
الوزير الإسرائيلى السابق جدعون ساعر كشف أهمية هذا الهدف بقوله إن «الأكراد كانوا وسيبقون حلفاء طويلى الأمد يعتمد عليهم لأنهم مثلنا أقلية فى الشرق الأوسط ومن حقهم أن تكون لهم دولة مستقلة»، ومطالبته قادة إسرائيل بدعم خيار الدولة الكردية وقوله «علينا أن نشجع استقلال الأقليات التى ظلمتها الاتفاقيات الإقليمية منذ سايكس- بيكو، على مدى المائة عام الماضية».
أما ثالث هذه الأهداف وأهمها فهو «فرض وجود إسرائيل دولة جوار إقليمى لإيران فى دولة كردستان العراق» بعد أن نجحت إيران أن تكون دولة جوار إقليمى لإسرائيل فى لبنان وسوريا، بهدف ردع إيران ومنعها من تهديد الأمن والوجود الإسرائيلي، وتمكبن إسرائيل من العمل بقوة وفعالية فى الداخل الإيرانى انطلاقاً من دولة كردستان الملاصقة للحدود الإيرانية.
وإذا كان الجنرال يائير جولان نائب رئيس الأركان الإسرائيلى السابق، المكلف الآن بإعداد نظرية جديدة للأمن الإسرائيلى قد أفصح عن هذا الهدف علناً أمام معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى منذ أسبوعين، فإن هذا الهدف يلقى إجماعاً إستراتيجياً إسرائيلياً عبر عنه «آلون بن ديفيد» معلق الشئون العسكرية فى صحيفة معاريف (يونيو 2015) بقوله إن «دولة كردية تضم أجزاء من العراق وإيران وسوريا وتركيا ستمثل (حليف أحلام) بالنسبة لإسرائيل»، أما صحيفة هآرتس فقد أكدت أن هناك عدداً من المزايا لإسرائيل فى استقلال كردستان من أهمها الموقع الإستراتيجى للإقليم الذى يقطع طريق إيران إلى سوريا ولبنان، كما أنها ستكون بمنزلة (صداع) ليس فقط بالنسبة لإيران، بل بالنسبة أيضاً للمنافسين المحتملين ومن ضمنهم العراق وتركيا وسوريا.
ثلاثة أهداف مهمة تأملها إسرائيل فى خيار انحيازها لخيار الدولة الكردية، لكن يبقى السؤال الأهم: إلى أى حد سيكون بمقدور إسرائيل تحقيق هذه الأهداف؟ وهل هناك نتائج عكسية لهذا الخيار قد لا تستطيع إسرائيل دفع أثمانها؟ هذا هو التحدى الحقيقى الآن الذى يلخص جوهر الصراعات الإقليمية.
وامتداداً لهذا الموقف جاء إعلان بنيامين نيتانياهو، قبل أقل من أسبوعين من موعد هذا الاستفتاء، فى تغريدة نقلتها صحيفة «هآرتس» قال فيها إن بلاده «تدعم الجهود المشروعة التى يبذلها الشعب الكردى من أجل الحصول على دولة خاصة به». لذلك لم يكن غريباً أن تكشف صحيفة «معاريف» (9 مايو 2015) النقاب عن أن حكومة إقليم كردستان العراق أرسلت مستشاراً سياسياً للتباحث مع كبار المسئولين الإسرائيليين حول سبل الدعم السياسى الذى يمكن أن تقدمه إسرائيل للتحرك الكردى نحو الاستقلال.
البُعد الزمنى لهذا التوجه الإسرائيلى الداعم لقرار انفصال إقليم كردستان العراق عن العراق، شديد الأهمية وبالذات مجمل التطورات الإقليمية المتزامنة مع هذا التوجه الإسرائيلى الداعم هذا الاستفتاء، وعلى الأخص ما تموج به الساحة السورية من صراعات ترى إسرائيل أنها لم تعد تعمل فى صالحها بل تعمل لصالح أعدائها (إيران وحزب الله والرئيس السورى بشار الأسد)، ناهيك عن تهيؤ العراق لمرحلة سياسية جديدة ظهرت بعض ملامحها تقول أن العراق بات فى مقدوره أن يبدأ عهداً جديداً من استعادة عافيته بعد اكتمال الانتصارات على تنظيم «داعش»، إذا أخذنا هذا كله فى الاعتبار يمكننا أن نحدد ثلاثة أهداف إسرائيلية عليا من هذا الانحياز الإسرائيلى المكشوف لانفصال إقليم كردستان عن العراق.
أول هذه الأهداف يخص العراق ويرمى إلى منع العراق من العودة مجدداً قوياً وقادراً على التأثير ومنعه أيضاً من التفرغ لإعادة التعمير والبناء المادى والمعنوى للدولة العراقية بعد كل التدمير الممنهج الذى تعرضت له أولاً على أيدى الاحتلال الأمريكى منذ عام 2003، وعلى أيدى المنظمات الإرهابية ابتداءً من تنظيم «القاعدة» وامتداداً إلى تنظيم «داعش». إسرائيل تتابع انتهاء «عصر داعش» فى العراق وسوريا، وترى أن الدور الوظيفى لهذا التنظيم الإرهابى فى أفول، ما يعنى أن العراق، يمكن أن يعود مجدداً لامتلاك عناصر قوته، وهناك ملامح كثيرة لذلك أبرزها المراجعات السياسية وخاصة من جانب كبار القادة الشيعة أمثال رئيس الحكومة حيدر العبادى ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وعمار الحكيم رئيس حزب «تيار الحكمة» زعيم «التحالف الوطني»، الذين قدموا مشروعات سياسية ترمى إلى إحداث توازن فى علاقات العراق الإقليمية مع إيران والدول العربية ومن ثم ضرب «سياسة الاستقطاب الشيعي- السُني» التى حرصت إسرائيل على توظيفها للتغلغل فى دول عربية سُنية تحت عنوان «الحرب على المحور الشيعى»، وترمى أيضاً إلى إجراء تغييرات موضوعية فى العملية السياسية لصالح دولة المواطنة والديمقراطية على حساب «دولة المحاصصة الطائفية»، وهذا كله معناه أن يستعيد العراق عافيته ووحدته الوطنية وهو ما ترفضه إسرائيل، وتتحسب له فى «مرحلة ما بعد داعش» وتحرص على إيجاد سبب قوى يبقى العراق مجدداً «رهناً لخيار الدم المستباح» أى لسياسة الاقتتال الدائم.
تأكيداً لذلك نجد أن بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكتف بالإشادة بدور «داعش» واعتباره أن القضاء عليه «أمر سيئ لإسرائيل» واعتباره أيضاً أن «داعش» كان يضطلع بـ «دور السد الذى يحول دون تعاظم التهديد المحدق بإسرائيل» بل إنه أخذ يحذر من «مخطط إيرانى يهدد إسرائيل ودول المنطقة»، ومن «ضيق الخيارات الإسرائيلية لمواجهة هذا الخطر». ومن هنا تجئ أهمية تبنى إسرائيل لدعم خيار «الدولة الكردية».
ثانى هذه الأهداف هو إطلاق مخطط إعادة تقسيم دول المنطقة الكفيل بإنهاء خطر الدول الكبيرة على إسرائيل، والتأسيس لواقع إقليمى بديل يرتكز على دويلات صغيرة طائفية وعرقية ودينية من شأنه أن يعطى للدولة اليهودية القدرة على السيطرة والهيمنة والتفوق المطلق وتأمين الوجود، وهو الهدف ذاته الذى كان عنواناً للغزو والاحتلال الأمريكى للعراق الذى حمل شعار «إعادة ترسيم الخرائط السياسية» وظل يدعو إليه السيناتور جون ماكين بأن «التقسيم هو الحل» لمواجهة مخاطر الصراعات الداخلية فى العراق.
الوزير الإسرائيلى السابق جدعون ساعر كشف أهمية هذا الهدف بقوله إن «الأكراد كانوا وسيبقون حلفاء طويلى الأمد يعتمد عليهم لأنهم مثلنا أقلية فى الشرق الأوسط ومن حقهم أن تكون لهم دولة مستقلة»، ومطالبته قادة إسرائيل بدعم خيار الدولة الكردية وقوله «علينا أن نشجع استقلال الأقليات التى ظلمتها الاتفاقيات الإقليمية منذ سايكس- بيكو، على مدى المائة عام الماضية».
أما ثالث هذه الأهداف وأهمها فهو «فرض وجود إسرائيل دولة جوار إقليمى لإيران فى دولة كردستان العراق» بعد أن نجحت إيران أن تكون دولة جوار إقليمى لإسرائيل فى لبنان وسوريا، بهدف ردع إيران ومنعها من تهديد الأمن والوجود الإسرائيلي، وتمكبن إسرائيل من العمل بقوة وفعالية فى الداخل الإيرانى انطلاقاً من دولة كردستان الملاصقة للحدود الإيرانية.
وإذا كان الجنرال يائير جولان نائب رئيس الأركان الإسرائيلى السابق، المكلف الآن بإعداد نظرية جديدة للأمن الإسرائيلى قد أفصح عن هذا الهدف علناً أمام معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى منذ أسبوعين، فإن هذا الهدف يلقى إجماعاً إستراتيجياً إسرائيلياً عبر عنه «آلون بن ديفيد» معلق الشئون العسكرية فى صحيفة معاريف (يونيو 2015) بقوله إن «دولة كردية تضم أجزاء من العراق وإيران وسوريا وتركيا ستمثل (حليف أحلام) بالنسبة لإسرائيل»، أما صحيفة هآرتس فقد أكدت أن هناك عدداً من المزايا لإسرائيل فى استقلال كردستان من أهمها الموقع الإستراتيجى للإقليم الذى يقطع طريق إيران إلى سوريا ولبنان، كما أنها ستكون بمنزلة (صداع) ليس فقط بالنسبة لإيران، بل بالنسبة أيضاً للمنافسين المحتملين ومن ضمنهم العراق وتركيا وسوريا.
ثلاثة أهداف مهمة تأملها إسرائيل فى خيار انحيازها لخيار الدولة الكردية، لكن يبقى السؤال الأهم: إلى أى حد سيكون بمقدور إسرائيل تحقيق هذه الأهداف؟ وهل هناك نتائج عكسية لهذا الخيار قد لا تستطيع إسرائيل دفع أثمانها؟ هذا هو التحدى الحقيقى الآن الذى يلخص جوهر الصراعات الإقليمية.