أدان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد أسابيع قليلة من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، قمع رجال النظام في إيران للنساء الإيرانيات اللواتي يطالبن بحقوقهن، لكن أكدت الكاتبتين أن إدارة ترامب وجهت بعد ذلك ضربة هائلة للنساء الإيرانيات من خلال إعادة فرض العقوبات على إيران، وتقييد مبيعات النفط والوصول إلى النظام المصرفي العالمي، ودفع الاقتصاد الإيراني إلى ركود عميق. فمنذ ربيع 2018، فقد الريال الإيراني 68 % من قيمته، وفي مارس 2020، بلغ معدل التضخم حوالي 41٪. في نفس الفترة، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.5 %، وبلغ معدل البطالة 10.8%؛ حيث أفسدت العقوبات أحد الفوائد الرئيسية للاتفاق النووي، والاستثمار الأجنبي وخلق فرص العمل التي كان من المقرر أن يواكب انفتاح الأسواق الإيرانية على العالم.

ويتجلى تدمير الاقتصاد الإيراني في تمزيق مكاسبهم الهشة في التوظيف والمناصب الإدارية العليا والأدوار القيادية في الفنون والتعليم العالي، مع الحد من قدرتهم على السعي وراء الإصلاحات القانونية والحماية. فعندما فرضت العقوبات، كانت مهسة محمدي وهي محررة ومدرسة لغة في طهران تبلغ من العمر 45 عامًا، تدخر لدفع تكاليف الحصول على درجة الدراسات العليا في إحدى جامعات إسطنبول، لكن تضاعف إيجارها في طهران بسبب التضخم، واضطرت للانتقال مع ابنها الصغير إلى مدينة صغيرة بلا حياة ثقافية؛ حيث استمر التضخم في الارتفاع، وتضاعفت الإيجارات مرة أخرى.

فبحسب آراء العديد من النساء في إيران، تفشل الحجج الأمريكية المتشددة لتغيير النظام والضغط الدائم في فهم التعقيدات التي يتعين عليهن التعامل معها؛ حيث تبدو الأصوات الداعمة لحقوق الإنسان من قبل مؤيدي العقوبات جوفاء عندما تؤدي تلك العقوبات إلى تراجع النمو الاقتصادي. لطالما  طالبت النساء الإيرانيات بمزيد من الحقوق والديمقراطية لعقود من الزمن، الأمر الذى قاد نشطاء الطبقة الوسطى للمكافحة ضد القيود الأكثر تعقيدًا  المفروضة من قبل المؤسسة الدينية في إيران.

فرغم أن عدد النساء يفوق الرجال في الالتحاق بالجامعة، إلا أنهن غالبًا ما يتخرجن ليجدن أن أصحاب العمل يفضلون توظيف الرجال، ولكن قضت العقوبات وتفشي جائحة كوونا على  زيادة معدلات توظيف النساء في السنوات الأخيرة؛ ففي الفترة من مارس إلى سبتمبر 2020 فقد الرجال 637000 وظيفة بينما خسرت النساء  اللواتي تبلغ مشاركتهن في القوى العاملة 17.5 % فقط،  ومع استئناف الإيرانيين العمل في الخريف، زاد توظيف الرجال في مقابل النساء. وبالتالي، تفاقم تأخر إنتاج المرأة وتمثيلها في عدد من القطاعات، بما في ذلك المجال الثقافي الذي يهيمن عليه الرجال، حتى في الأفلام، الصناعة الوحيدة التي ازدهر فيها دور النساء في إيران بغض النظر عن التيار الوطني الموجود في سدة الحكم، تلاشي فيها دور المرأة بشكل كبير.

ووسط الصراع المكثف مع الولايات المتحدة الأمريكية، برزت المؤسسة الأمنية الإيرانية كمنتج رئيسي للتلفزيون والأفلام الرائجة التي تركز على براعة الحرس الثوري وأجهزة استخباراته، والتى ارتكزت موضوعاتها الرئيسية حول النسخ المحلية المتطورة لفيلم "الوطن" ، والثقافة والزواج والسلطة. لكن تسبب الانكماش الاقتصادي في حدوث صدمة في حياة النساء وآفاقهن السياسية؛ حيث أوضحت فاطمة، التي تعمل مع الناجيات من العنف الأسري، أن اختفاء الدخل وارتفاع النفقات دفع النساء إلى العودة إلى ظروف معيشية مسيئة، وقالت أيضًا إن العديد من زملائها الشباب والعزاب الذين أقنعوا عائلاتهم بالسماح لهم بالعيش بشكل مستقل، أُجبروا على العودة إلى منازلهم نظراً لتقلص الدخل وعدم استقراره وارتفاع الإيجارا، في محاولة لوقف انزلاقهن إلى الفقر، الأمر الذى يشير إلى أنه لا يمكن للمرأة الإيرانية أن تولي نفس الاهتمام لتعزيز الحقوق القانونية والتغيير السياسي الأعمق.

ومن ناحية أخرى، اتضح أن النشطاء يكافحون من أجل البقاء؛ حيث أكدت شيفا الناشطة البارزة نزارهاري، التي غادرت إيران قبل عامين، على أنه إذا انتهى بهم الأمر بقليل من الوقت في نهاية اليوم لنشاطهم، فغالبًا ما يكونون منهكين للغاية ومنشغلون بالبقاء الاقتصادي ليكونوا فعالين. الأمر الذى يتزامن مع تزايد الأصوات المطالبة بقمع المجتمع المدني من خلال الاعتقالات والترهيب، كما أدت مدافعة  إدارة ترامب  عن حقوق المرأة الإيرانية إلى زيادة الشك في نشاط المرأة؛ حيث  حُكم على المحامية هدى عميد بالسجن ثماني سنوات لإدارتها ورشة عمل حول حقوق المرأة في الزواج.

المصدر