أزمات متفاقمة ...أبرز التحديات التى تواجه المحادثات بين المملكة العربية السعودية والحوثيين
ألقى قرار وزارة الخارجية السعودية في 9 ستمبر 2022 عن
ترحيب المملكة بالبيان الصادر من الحكومة الشرعية اليمنية بشأن الموافقة الاستثنائية
على طلب الأمم المتحدة السماح بدخول عددٍ من سفن الوقود إلى موانئ الحديدة، على أن
يتم استكمال إجراءاتها القانونية في وقتٍ متزامن بموجب الآلية الأممية على
أبرز التحديات التى تعيق تطور المحادثات بين المملكة العربية السعودية وجماعة
الحوثي اليمنية.
وسيتم
العرض فيما يلي لأبرز التحديات التى تواجه استكمال المحادثات بين جماعة الحوثي
اليمنية والمملكة العربية السعودية:
أولاً- نقض الهدنة
كشفت بعض
التقديرات إلى إنه على عكس أهدافها تسير الهدنة في اليمن نحو طريق مسدود، في ظل تعثر
بنودها الأساسية التي أعلنت في إبريل الماضي ولاسيما فك الحصار عن مدينة تعز، في
الوقت الذي يستعرض فيه الحوثيون قوتهم العسكرية في مناطق سيطرتهم، يشهد معسكر
الحكومة الشرعية استمرار حالة الانقسام والصراع، اللذين وصلا أخيراً إلى حد
الاقتتال في محافظة شبوة، جنوبي البلاد. ويعكس هذا المشهد التعقيدات أمام محاولة
استغلال الهدنة للتوصل إلى حل سياسي شامل للحرب في اليمن.
وتعيش
الهدنة اليمنية الهشة، بعد تمديد ثالث أُعلن عنه في 2 أغسطس 2022، لمدة شهرين،
حالة من الركود والتعثر في أحد ملفاتها الأساسية، إذ توقف تطبيق بنودها عند فتح
الطرقات في مدينة تعز، وهو البند الذي يقع تطبيقه على عاتق جماعة الحوثيين، التي
تفرض حصاراً على المدينة منذ ست سنوات. ويستمر
تعثّر تطبيق بنود الهدنة على الرغم من أن موافقة الأطراف اليمنية على تمديدها كان
بناءً على الالتزام بتطبيق هذه البنود، بالإضافة للتفاوض على اتفاق هدنة موسّع
جديد.
وفي مؤشر
إضافي على تعثّر تطبيق الهدنة، أعلنت الحكومة اليمنية، تعليق مشاركتها في
المحادثات مع الحوثيين التي ترعاها الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان، واتهمت
الحكومة، الحوثيين بشن هجوم عسكري واسع استمر على مواقع للجيش، وأسفر عن مقتل 10
جنود وجرح 7 آخرين، في منطقة الضباب غرب مدينة تعز. ورداً على هجوم الحوثيين،
علّقت اللجنة العسكرية الحكومية المشاركة في محادثات عمّان.
ثانيًا- انفلات سلاح
الحوثي
رغم التعثر الحاصل في مسار الهدنة،
التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، إلا أن ترسانة الأسلحة، التي بحوزة الحوثيين تشكل،
وفق سياسيين يمنيين، أكبر عقبة في مسار إنهاء الحرب. والتوصل إلى سلام شامل،
وإعادة الاستقرار لهذا البلد، الذي مزقته حرب، بلغت ذروتها باجتياح الحوثيين
للعاصمة صنعاء في النصف الثاني من عام 2014، وبات سلاح الحوثي واقعاً ميليشيوياً
موجهاً ضد اليمنيين.
وفي هذا السياق، يتفق سياسيون وخبراء في النزاعات
ومحللون على أن الموقف السياسي للحوثيين، خلال فترة التسوية وعقب إيقاف الحرب، ليس
بحد ذاته عقبة في طريق إنهاء النزاع وعودة الاستقرار، بل إن ترسانة الأسلحة التي
استولوا عليها من مخازن الجيش، بخاصة الصواريخ بعيدة المدى والدبابات الحديثة.
وما تلا
ذلك من حصولهم على تقنية الطائرات المسيرة، والصواريخ البالستية، التحدي الذي
يواجه التسوية، التي رسمت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسارها، والقائمة على
اتفاق شامل لوقف القتال، تحت إشراف مراقبين محليين ودوليين، ويعقب ذلك من تشكيل
حكومة من كل الأطراف المتصارعة، تتولى الإشراف على مرحلة انتقالية، يتم خلالها
الاتفاق على دستور الدولة وشكلها. وبالتزامن مع ذلك يعمل خبراء عسكريون دوليون
ويمنيون على البدء بدمج التشكيلات المسلحة، وجمع الأسلحة الثقيلة.
ثالثًا- تقاعس المجتمع
الدولي
يجب على المجتمع
الدولي تذكر لمسؤولياته القانونية التي تنص عليها مبادئ ميثاق الأمم المتحدة في
حماية مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، ومكافحة الأنشطة الإرهابية،
والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عبر تشديد العقوبات على النظام الإيراني
لوقف تدخلاته في الشأن اليمني، وممارسة ضغوط حقيقية وفاعلة على مليشيا الحوثي بما
في ذلك إدراجها ضمن قوائم الإرهاب الدولية وتجميد أصولها ومنع سفر قيادتها
وملاحقتهم في المحاكم الدولية، ودفعها لفك ارتباطها المعلن بإيران، والانخراط بحسن
نية وجدية في جهود التهدئة ومسار بناء السلام.
وتكشف
بعض التقديرات عن أن أغلب المنظمات الدولية قد تشكلت هويتها السياسية عقب الحرب
الباردة وبالتالي فهي تحاول توظيف تلك الهوية في علاقتها مع المجتمع الدولي، كما
باتت الآن بمثابة لوبي يحاول الضغط على كافة الدول وفقا لأجنداته الخاصة ومصالحه
التي يرغب في تمريرها، فالمنظمات الدولية التي تعمل حاليا في اليمن وفقا لآراء بعض
الباحثين هي أداة في يد الدول الكبرى الفاعلة التي ترغب في لعب دور على الساحة
الدولية، وتعتبر المنظمات الغير حكومية من ضمن الجهات الفاعلة داخل المجتمعات، ففي
تقرير لمركز ميدل إيست بريفينج بواشنطن؛ نشر أن الولايات المتحدة من خلال برنامج
الشراكة الشرق أوسطية والتي تقوم فيها بدعم منظمات المجتمع المدني والمنظمات الغير
حكومية تسعى للتماشي مع أهداف الأمن الداخلي الأمريكي وتعد اليمن من ضمن البلاد
المستهدفة.
وعلى
الرغم من زيادة الحاجة للمساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المنظمات
الدولية داخل اليمن، إلا أنه قد زاد التضييق عليها مؤخرا وقابلت تعثرات في سبيل
وصول المنح والمساعدات لليمن، وعلى سبيل المثال فقد منع الحوثيون بعض المنظمات
الدولية من تقديم المنح والمساعدات في مديرتي الزهرة وعبس، كما حاولت الضغط على
المنظمات للحصول على معلومات عن الموجودين بمخيمات اللاجئين خاصة الذين ينتمون
لأحزاب معارضة لسياسات الحوثيين، وتعمل نقاط التفتيش على احتجاز موظفي المنظمات ثم
الإفراج عنهم بعد عدة أيام من أجل التضييق عليهم وعلى أعمالهم، وحتى في المناطق
الجنوبية والتي حررت من سيطرة الحوثيين؛ فما زال عمل المنظمات الإغاثية محدودا في
ظل ما تعانيه من تضييقات من جانب داعش وتنظيم القاعدة الإسلامية.