قضايا بيئية في مصر
مستخلص:
هدفت
الدراسة إلى الكشف عن التهديدات التي تتعرض لها البيئة وتواجهها لما لها من
تأثيرات سلبية علي حياة الكائنات الحية. فالبيئة هي البيت الأول والأخير وهي ركيزة
أساسية للحفاظ على حياتنا وكوكبنا، وأهمية وضع حلول والاستفادة من الدراسات الخاصة
بالأمن البيئي حيث يعتبر الأمن البيئي من القضايا الهامة والجوهرية في الوقت
الحالي. نظرا لكثرة الأخطار وعلامات التدهور البيئي. أن سنة ١٩٧٧ هي بداية
الاهتمام بالأمن البيئي علي مستوي عالمي انطلاقا من فكرة مفادها أن الأمن البيئي
هو محور نجاح أنواع مستويات الأمن الأخرى أي أن الأمن البيئي أولا ثم بقية الأمن الأخرى
لما له من أهمية في وقتنا الحالي.
الكلمات
المفتاحية :
البيئة،
الأمن، الأمن البيئي، التهديدات البيئية، الجهود.
Abstract:
The
study aimed to reveal the threats to the environment and face them because of
their negative effects on the life of living organisms. The environment is the first and last home,
and it is an essential pillar for preserving our lives and our planet, and the
importance of developing solutions and benefiting from studies related to
environmental security, as environmental security is considered one of the
important and fundamental issues at the present time. Due to the many dangers and signs of environmental
degradation. The year 1977 marks the
beginning of interest in environmental security on a global level, based on the
idea that environmental security is the focus of the success of other types of
levels of security, meaning that environmental security comes first and then
the rest of the other security because of its importance in our current.
Key words:
Environment,
security, environmental security, threats, efforts
مقدمة :
منذ
الثورة الصناعية والتطور التكنولوجي، يتزايد التلوث البيئي بشكل مضطرد، ما يؤثر
سلباً على الكائنات الحيّة ومصادر الحياة. الأسباب معروفة وكذلك الحلول، ولكن
الدول الصناعية الكبرى تماطل وتؤجل تطبيق الحلول لأنها تقلص من أرباحها. لم يعد
تلوّث البيئة مشكلة محلية أو تقتصر على الدول الصناعية الكبرى، فقد باتت مشكلة
عالميّة بسبب تراكم تأثيراتها وتأجيل تنفيذ الحلول. العواقب المرتبطة بتلوث
البيئة، تجلت في أواخر القرن الماضي؛ الاحتباس الحراري وذوبان الجليد الطافي في
القطب الشمالي وانبعاث الجزيئات الدقيقة والمرض أو الموت، كلها تأثيرات ضارة
تتزايد يوماً بعد يوم، بالرغم من توقيع 190 دولة اتفاقية باريس حول المناخ في
نهاية العام 2016، والتي تهدف إلى وقف ارتفاع حرارة الأرض عبر خفض انبعاثات الغازات
مفعول الدفيئة. واضطرت 55 دولة تمثل 55٪ على الأقل من الانبعاثات العالمية إلى التوقيع
على المعاهدة.
يعد
التلوث البيئي من اخطر المشكلات والأزمات التي اضحت تهدد كل اشكال الحياه وعناصر
الوجود في عالمنا المعاصر، ولاشك في ان الإنسان هو الملوث الأول للبيئة التي يحيا
فيها ، ان تزايد ظواهر التلوث البيئي وقلة الوعي البيئي وسوء التعامل مع البيئة من
قبل اغلب الناس الى جانب انعدام التخطيط البيئي السليم سيؤدي الى تصاعد وتيرة المشكلات
البيئية والاجتماعية والاقتصادية، كما ان تزايد اعداد السكان بشكل كبير وانعدام
التخطيط العائلي في وضع تتنافر فيها المشكلات البيئية شكل هاجسا عند الكثير. مشكلة
البيئة من المشكلات التي تواجه معظم البلاد في وقتنا الحاضر اذ تتفاقم مشكلة
التلوث في البلاد بفعل نمو المدن الكبرى وتزايد سكانها وارتفاع الحجم السكانية وسرعة
انتشار المناطق الصناعية، ومع تزايد الحجم السكاني وبالأخص في المناطق الفقيرة والأحياء
المتدنية حول المدن الكبرى ظهرت علامات التلوث واضحة سواء كان تلوث في الهواء او
الماء او التربة.
المشكلة البحثية :
إن
السؤال الرئيسي وهو المتغيرات التي تسبب تلوث في البيئة يندرج تحته مجموعة من
الأسئلة الفرعية مثل :
١_
المشاكل البيئية التي تقف كعائق في ظل
تنامي التهديدات.
٢_
سبل تحقيق الأمن البيئي للوقوف أمام تحدي هذه التهديدات ومن أجل تحقيق الأمن
البيئي.
الأهمية :
يمكن تحديد أهمية الدراسة الحالية من الجوانب
التالية :
1 - الأهمية النظرية :
تأتي الأهمية النظرية للدراسة في كونها تلقي
الضوء على واحدة من القضايا الخطيرة التي أفرزتها حركة التقدم العلمي المعاصر
بالاهتمام بالمشكلات البيئية باعتبارها ظاهرة حديثة العهد نسبيا، فضلاً عن إثراء
المكتبة العربية بهذا النوع من الدراسات في حقل علم اجتماع التنمية.
2 - الأهمية التطبيقية :
تتجسد الأهمية التطبيقية للدراسة من خلال تشخيص
المشكلات الاجتماعية للتلوث البيئي في المجتمع، وأهم أسبابها ومحاولة معالجتها
للتقليل من حدتها عليه،
أهداف الدارسة :
تهدف
هذه الدراسة إلى تسليط الضوء علي الآثار السلبية من التلوث علي البيئة والإنسان،
وتعميق الوعي البيئي لدي أبناء المجتمع، وبيان أهمية البيئة.
المنهج المستخدم :
المنهج الوصفي: إن طبيعة الدراسة وأهدافها يحددان الاستراتيجية المنهجية المناسبة التي
يستند إليها الباحث في القيام بتصميم بحثه. واستخدم الباحث المنهج الوصفي
التحليلي، وقام باستعراض التراث بالرجوع إلى المراجع والأدبيات التي تطرقت إلى
قضايا البيئة ، والموضوعات المتعلقة بقضايا تلوث البيئة وسبل الحفاظ عليها في
محاولة لتحليل البيانات المختلفة حول مشكلات تلوث البيئة في مصر وأهم السبل
لمواجهتها.
أسباب اختيار الموضوع :
وذلك
لأن قضية البيئة من الملفات المهمة خاصه في الوقت الحالي لما له من تأثيرات سلبية
علي حياة الكائنات الحية لما تسببه من ضرر من خلال الإنسان الذي لا يراعي البيئة
في اكتشافاته واختراعاته. فترتب على ذلك أن أصبحت البيئة تشكو منا وتوعدنا باقتراب
الأجل بسبب استهتار الإنسان فجأت هذه الدراسة لتلقى الضوء علي التهديدات البيئية
مع ذكر الوعي البيئي كنوع من إرشاد الإنسان.
حدود الدراسة :
_
الإطار الموضوعي : التلوث البيئي المشكلات البيئية
_
الإطار المكاني : مصر
الإطار المفاهيم في الدراسة :
مفهوم
البيئة :
ليس من اليسير تعريف مصطلح البيئة، نظرا ً لتعدد المفاهيم المستخدمة لهذا المصطلح،
وذلك لأن مدلولها يرتبط بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها بحسب وجهة نظره، وحسب
تخصصه، حيث كان ينظر إليها فيما مضى من جوانبها الفيزيائية والبيولوجية. وهناك عدة
تعريفات للبيئة أهمها :
1- يلاحظ المتدبر في القرآن الكريم وجود
الكثير من الآيات القرآنية التي جاءت بهذا المعنى اللغوي للبيئة، ومنها قوله تعالى
: (وكذلك مكنا لِيُوسُفَ فِي الْأرْضِ يتبوأ مِنْها حَيْثُ يَشَاءُ ). وتفسير ذلك
أي وهكذا مكنا ليوسف في أرض يتخذ منها منزلاً حيث يشاء.
وأيضا قوله تعالى : " وَأوحينا إلى ٰ موسى
وأخيه َن تبوا لِقوْمِكُمَا بمِصْرَ
بيُوتا". وفي الحديث الشريف " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من
النار" أي لينزل منزله من النار.
أما في اللغة الانجليزية فإن البيئة تستخدم
بلفظ »Environment« للدلالة على الظروف المحيطة المؤثرة على
النمو.
2- لا يختلف المعنى الاصطلاحي للبيئة عن
مدلوله اللغوي كثيرا وعلى الرغم من أنه لم
يكن هناك اتفاق ما بين الباحثين والعلماء على تحديد معنى البيئة اصطلاحًا بشكل دقيق، إلا إن معظم التعريفات
تشير إلى المعنى نفسه، فالبيئة كعلم والذي يقابله بالإنجليزية« » écology وبالفرنسية » écologie « أصله إغريقي شقه الأول « oikos » أي المنزل، والثاني « logos » أي العلم، وهذا يفضي إلى علم البيئة.
: ( The Pollution )
مفهوم التلوث -
ليس هناك تعريف عام مقبول للتلوث، ولكن معظم التعريفات
تشمل المفاهيم التالية: عرف التلوث بأنه
تقديم الفضلات Waste أو الطاقة الزائدة SurplusEnergy من ِقبل الإنسان إلى البيئة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مسببه
للأشخاص الذين لهم علاقة مباشرة بالشخص المسبب للتلوث، لذا فالتلوث ناتج عن تكوين
فضلات أو طاقة زائدة بسبب نشاطات الإنسان. وقد تكون هذه الفضلات على شكل غازي أو
مواد صلبة أو سائلة أو طاقة زائدة على شكل إشعاع أو حرارة أو بخار أو ضوضاء.
وعند
انتقال الملوثات عبر الهواء أو الماء أو الأرض قد تصبح الحياة
"بايلوجي"،
أو قد تتحول كيمائياً بالتفاعل مع بعض عناصر البيئة الطبيعية أو مع فضلات أخرى.
وتصنف هذه الفضلات أو الطاقة الزائدة كمواد ملوثة عندما تسبب أضرار لمواد أخرى
سواء أكانت هذه المواد حية أم غير حية.
وعرف
التلوث أيضاً بأنه كل تغير كمي أو كيفي في مكونات البيئة الحية وغير الحية والذي
لا تستطيع الأنظمة البيئية استيعابه من دون أن يختل توازنها. والتلوث لهذا المعنى
متنوع المسببات بيولوجياً أو كيميائياً أو فيزيائياً ، مما يتسبب في انتشار
الملوثات وبنسب مختلفة في الهواء والماء والتربة.
الفصل
الأول
مقدمة :
(الأمن
في القرآن)
الحمد
لله الذي جعل الأمن مقرونا بالإيمان فقال سبحانه وتعالى :{ الذين آمنوا ولم يمسسهم
إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، وأشهد أن لا إلا الا الله وحده لا شريك
له وسبحانه وتعالي عما يشركون وأشهد أن محمد عبده ورسوله الصادق المأمون صلي الله
عليه وعلي آلة وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون وسلم تسليما كثيرا} .
إن
تحقيق الأمن بصفة عامة، وأمن البيئة بصفة خاصة يعتبر من المهام التي تحتاج إلى
تخطيط ،واستعمال إدارة محنكة بحيث تصبح السيطرة عليها سهلة ، وتندرج تحتها العديد
من النتائج التي تتحقق بفاعلية كبيرة، ومساهمة في تطوير الوضع القائم، لذا فإن
التحدي الاستراتيجي الأساسي أمام الدولة يعتمد علي التعرف علي المشاكل، والظروف
التي بإمكانها أن تقضي علي البشرية والتعامل أيضا معها لنصبح آمنين.
يتم
تقسيم هذا الفصل إلى المباحث التالية :
المبحث
الأول : التأصيل النظري لمفهوم الأمن البيئي.
المبحث
الأول :
مفهوم
الأمن البيئي :
بعد
عقودٍ من الحروب التي استخدم فيها البشر مُختلف أنواع الأسلحة ذات التأثير الخطير
على البشر والطبيعة على حدٍ سواء، ظهرت أصواتٌ تنادي بضرورة مراعاة البيئة التي
نعيش فيها والحفاظ عليها من مختلف أشكال التلوث، بدءًا من الأسلحة وصولًا إلى ما
يشهده العالم حاليًّا من ثوراتٍ صناعيةٍ تُعدُّ البيئة الخاسر الأكبر فيها. هنا
ظهرت بوادر حروبٍ ونزاعاتٍ قد يكون سببها تغيّر الظروف البيئية كالجفاف وقلة مصادر
الغذاء والتلوث، إضافةً لقلة الثروات الطبيعية. ما دفع العديد من الدول إلى اعتماد
سياساتٍ تُراعي من خلالها ما نُطلق عليه الآن مصطلح الأمن البيئي (Environmental
Security).
هو
مصطلحٌ ظهر للدلالة على وجود علاقةٍ بين أمن البشر والبيئة التي بقيت موضع نقاشٍ
ومثار جدلٍ خلال العقود الأخيرة، حتى ظهر مفهوم الأمن البيئي بالتوازي مع تحديد
معنى استراتيجية الدفاع والمجتمع البيئي، وإيجاد نوعٍ من التفاهم والارتباط بين
الفكر التقليدي للأمن الوطني والحماية البيئية وتطوير السياسة.
يمكن
القول إن الأمن البيئي هو أحد مجالات الأمن الوطني والإقليمي الذي يقلل ويمنع من
حصول التهديدات المتعلقة بمصادر الطاقة وطرق إمدادها والمخاطر البيئية والضغوطات
المسببة لزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي وحدوث النزاعات والصراعات بين
البلدان.
مع
محاولاتٍ عديدةٍ لإيجاد مفهومٍ واضحٍ ومحددٍ للأمن البيئي، برزت عدة أفكارٍ
ومفاهيمَ تدور في فلك هذا المصطلح.
تعتبر
البيئة واحدةً من أهم وأكثر القضايا التي تتجاوز الحدود الوطنية للدول، ويُعتبر
الأمن المتعلق بها إحدى ركائز إحلال السلام والأمن الوطني وضمان حقوق الإنسان، وهي
من أكثر المفاهيم دراسةً في محاولةٍ لتوضيحها بالشكل الأمثل.
من
المتوقع أن يتغير حوالي ثلث معالم الأرض الحالية خلال المئة عام القادمة، خاصةً مع
التحديات والصعوبات المتزايدة التي يواجهها البشر في مختلف أنحاء الكرة الأرضية
والمتمثلة بالاستهلاك والنظم البيئية والتجديد أو التعويض والإدارة والمحافظة.
يُنظر
للأمن البيئي كقضيةٍ جوهريّةٍ بالنسبة للأمن الوطني؛ حيث يتضمن الحركة والعلاقات
التي تربط المصادر الطبيعية والتركيبة الاجتماعية والعجلة الاقتصادية من أجل
الإبقاء على جوِّ الاستقرار سائدًا على الصعيد المحلي والإقليمي بين الدول.
لا
يزال موضوع تأثير البيئة وعلاقتها بمتغيرات الصراعات والأمن مثار جدلٍ ونقاشٍ،
خاصةً وأن دورها في إحلال السلام ونشوب الصراعات وزعزعة الاستقرار وتهديد أمن
البشر يتغير من حالةٍ لأخرى، حيث وُجدت مؤشراتٌ ودلالاتٌ متزايدةٌ تؤكد أن البيئة
هي سببٌ غير مباشرٍ لحدوث النزاعات والصدامات على هذا الكوكب.
الفصل
الثاني
لاشك
أن الإنسان له دور فعال في إيجاد المشاكل البيئية بعد أن أخل بتصرفاته غير
المسئولة بالتوازن البيئي عن عمد أحياناً ودون عمد أحياناً أخرى، ومن هنا فإن
المسؤولية تقع على الإنسان الذي يجب أن يعمل
جاهدًا على التغلب على هذا الخلل قبل فوات الأوان وإعادة التوازن البيئي
حتى يستطيع العيش بسلام وفي جو بيئي سليم ونظيف.
هذا
هو التحدي الحقيقي الذي يجابه مستقبلنا، ولا يمكن من دون هذا الفهم الالتزام بسلوك
بيئي جديد أن نتوقع حماية بيئتنا، وهذه الجهود ما هي إلا خطوات أولية تحتاج إلى برامج
وخطط تفصيلية تجعل من التنمية البيئية درعاً لمستقبل التنمية الاقتصادية
والاجتماعية وحتى السياسية. ومثل هذا الالتزام من قِبلنا مجتمعين أفرادا ومؤسسات
ومسئولين سيكون المفتاح للمستقبل الذي نصبو إليه جميعاً .
يتم
تقسيم هذا الفصل إلى المباحث التالية :
المبحث
الأول : التحديات البيئية في مصر.
المبحث
الثاني : الجهود المسخرة لخدمة مجال البيئة.
المبحث
الأول :
مشكلات
التلوث البيئي في مصر ( التحديات في مصر)
ونلقى الضوء هنا على بعض من أشكال التلوث البيئي
في مصر وهى كما يلي :
١-
تلوث الهواء في مصر :
بدأت مشكلة تلوث الهواء في مصر مع النهضة
الصناعية التي شملت المدن الكبرى فيها مع عدم اتخاذ أية إجراءات وقائية أو قانونية
في هذا الوقت، فتكونت بذلك فوق المدن الكبرى الصناعية في مصر طبقة من "
الدخان " وبعضها من النوع " الدخان الكيموضوئى " الذي تتمثل مصادره
في الهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين
التوزيع
الجغرافي لمناطق تلوث الهواء في مصر :
تعانى المناطق الصناعية في مصر من تلوث الهواء،
ومن دراسة الخريطة الصناعية في مصر يلاحظ أن المناطق الصناعية تنتشر في معظم
المحافظات، فالكثير من المدن المصرية تمثل بيئات صناعية متكاملة مثل القاهرة
والجيزة والإسكندرية وفى داخل أحيائها، مثل شبرا الخيمة وحلوان بالقاهرة الكبرى،
والعامرية بالإسكندرية، والزيتية بمدينة السويس.
الملوثات الغازية للهواء :
يبين التحليل الدوري للهواء أن أهم خمسة مكونات
لهذه الملوثات هي أول أكسيد الكربون، والعوالق من الجسيمات الصلبة والسائلة، وثاني
أكسيد الكبريت، والهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين.
وتتمثل خطورة غاز أول أكسيد الكربون في أنه غاز
سام عديم اللون الرائحة ومصدره في الهواء هو احتراق الوقود الكربوني، أما ثاني
أكسيد الكبريت فهو غاز عديم اللون وكريه الرائحة ومصدره الرئيس احتراق الوقود في
محطات توليد الكهرباء والمنشآت الصناعية، ولهذا الغاز تأثير ضار على الجهاز
التنفسي للإنسان والحيوان، إلى جانب أنه يعمل على تآكل الأبنية، وهو السبب في تكوين
الأمطار الحمضية. ويسهم كل من أكسيد النيتريك وثاني أكسيد النيتروجين في تكوين
الدخان الضوئي الكيميائي، لاتحاده مع عوادم السيارات في وجود ضوء الشمس، وينتج عن
ذلك تكوين كيماويات ملهبة للعين. كذلك إذا ما وصل أكسيد النيتريك إلى طبقة الأوزون
يؤدى إلى تدمير جزء منها.
تلوث
الهواء بالجسيمات العالقة :
وتشمل الأتربة العالقة والأتربة المتساقطة
والدخان، وتتمثل مصادرها في محطات توليد الكهرباء، والعمليات الزراعية، وصناعات
تكسير الأحجار والأسمنت ، وصناعة الحديد والصلب، واستغلال الغابات. وتتمثل خطورة
هذه الجسيمات في أنها قد تكون سامة نتيجة لخواصها الكيميائية أو الفيزيائية، مثل
الرصاص والأسبستوس، وبعضها يعمل كحامل لمواد سامة ممتزجة على سطحها.
ويعبر عن تركيز الجسيمات العالقة في الهواء
بمعرفة الكثافة بالميكروجرام في المتر المكعب، وتختلف أحجام وأشكال الجسيمات
العالقة في الهواء. وعادةً لا تبقى الجسيمات العالقة في الهواء دون حدود زمنية،
كما إنها لا تترسب " تسقط "
تلقائيًا وسريعاً ، وتعتمد سرعة الترسب " السقوط" على حجم
الجسيمات، واتجاهات الرياح والتي يمكنها تحريك الجسيمات ونشرها على مساحات شاسعة،
مما يؤثر على المناخ.
ومن دراسة قِيم تلوث الهواء بالجسيمات العالقة
لمدينة القاهرة، وجد أن كمية الأتربة المتساقطة فوق المدينة تفوق مثيلاتها في
الدول المختلفة، وتزيد بأكثر من عشر مرات عن المواصفات القياسية الموضوعة لحماية
المدن. ويرجع ذلك إلى النشاط الصناعي والتجاري، ونشاط تكسير الأحجار من هضبة
المقطم إلى جانب الأتربة الطبيعية خاصة خلال فترات العواصف الرملية، مما جعل
معدلات التلوث بمدينة القاهرة أعلى من أي معدل سجل في أكثر بلدان العالم تلوثاً.
الدخان
:
يتمثل
مصدر الدخان في الاحتراق غير التام في السيارات والعمليات الصناعية، ولهذا فقد
أوضحت الدراسات أن أعلى تركيز للدخان عادةً ما يكون في هواء وسط المدن، يليه في
ذلك هواء المناطق الصناعية. كذلك فإن التغير اليومي في نسب الدخان يتطابق مع
التغير في حركة السيارات على مدار اليوم، وهذا يشير إلى أن المصدر الأساسي للدخان
في الهواء هو عادم السيارات .
ففي مدينة القاهرة أوضحت دراسة عن تلوث الدخان
بها أن تركيزاته وصلت في بعض الأوقات إلى أكثر من ١٣٠٠ ميكروجرام / م٣، وتتمثل
خطورته فيما يحتويه من بعض المواد العضوية المسببة لمرض السرطان.
ويتبع الزيادة الكبيرة في مستويات ملوثات الهواء
بالجسيمات العالقة تدهور درجة الرؤية، فقد بينت الدراسات في هذا المجال أن نسبة
درجة الرؤية القليلة بمدينة القاهرة في ازدياد مستمر منذ عام ١٩٦٠ وحتى الآن.
التلوث
الحراري :
توصل
العلماء إلى أن درجة حرارة جو الأرض كانت تتغير بمعدل ربع درجة مئوية في القرن
الماضي قبل عام ١٨٨٠. وقد وصل التغير إلى ما يعادل درجة واحدة مئوية تقريباً منذ
هذا الوقت حتى منتصف القرن العشرين، ومن المنتظر أن يصل الارتفاع في درجة حرارة
الجو إلى إلي ما يتراوح بين درجتين وخمس
درجات مئوية بحلول عام ٢٠٥٠.
وفى دراسة تمت عن التغيرات ت المناخية في مصر،
فقد تم متابعة تغير عنصر الحرارة في محطتي الإسكندرية وحلوان خلال الفترة من ١٩٠٠
حتى ١٩٧٤، وتبين حدوث ارتفاع طفيف في درجات الحرارة في المتوسط يصل إلى حوالي نصف
درجة مئوية في الإسكندرية، وفي حلوان كان ارتفاع معدل الحرارة في الفترة من ١٩٣٥
حتى ١٩٧٤ أكثر من درجة مئوية.
كذلك أوضحت الدراسات التي تمت عن التغير المناخي
في مصر وجود زيادة مطردة في الرطوبة النسبية ودرجة حرارة الليل ودرجة الحرارة
الصغرى ؛ نظرا لميل الجو إلى الاستقرار في الفترة الأخيرة على مصر، مما يساعد على
زيادة كثافة الملوثات خاصة في المناطق الحضرية والداخلية من اليابس. ومن دراسة
التغير في درجة الحرارة على مدينة الإسكندرية خلال التسع عقود الماضية يتبين أن
درجة الحرارة قد ازدت بشكل نسبى ملحوظ في العقد الأخير.
تلوث
المياه في مصر :
تعانى مناطق كثيرة في مصر من مشكلة تلوث المياه
خاصة في المناطق الصناعية، فقد أوضحت دارسة أجريت عن تلوث المياه بمنطقة حلوان
الصناعية من خلال إجراء تحليل لعدد ٧١ عينة من المياه السطحية من نهر النيل وترعتي
الخشاب والحاجر. وترجع الزيادة الواضحة في نسبة التلوث في المياه في منطقة حلوان
الصناعية للأسباب التالية :
1-النمو
الضخم للعديد من الصناعات الاستراتيجية والتحويلية في مدينة حلوان، وما ارتبط بها
من زيادة واضحة في كمية المخلفات الصناعية والمواد السائلة التي تنصرف من المصانع
إلى نهر النيل والترع.
2-الزيادة
الواضحة في استخدام الوقود الحفري بأنواعه المختلفة كقوى محركة في المصانع ،
ووسائل النقل الأغراض الزراعية
3-استخدام
الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية في الأراضي الزراعية.
4-ارتفاع
نسبة ثاني أكسيد الكبريت والرصاص في الهواء والمنبعثة من المصانع وعوادم السيارات
والتي تؤدى إلى تلوث مياه الأمطار.
هذا وتعانى البحيرات الشمالية في مصر من ارتفاع
نسب التلوث في مياهها، وخير مثال على ذلك حالة التدهور الخطرة التي تعانى منها
مياه بحيرة مريوط منذ السبعينيات وحتى الآن، حيث أدت ارتفاع نسب التلوث في مياه
البحيرة إلى قتل الحياة بصفة شبه كاملة في مساحات كبيرة منها، وذلك بسبب الكميات
الهائلة من مياه الصرف الصحي والصناعي التي تلقى في البحيرة والتي تصل إلى ٧٥٠ ألف
متر مكعب يومياً تصل من عدة مصارف، وقد نتج عن ذلك اختفاء عدة أنواع من الأسماك
والحيوانات الأخرى.
تلوث
التربة في مصر :
أصبح الريف المصري يواجه تزايد في تلوث بيئته من
جراء التوسع في استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، مع التوسع في
استخدام الطائرات لمكافحة الآفات وتلوث الماء والهواء بهذه المبيدات السامة.
ويذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن ٣٧٥ ألف
حالة تسمم بهذه المبيدات الكيميائية ولاسيما الفسفورية تحدث كل عام في الدول
النامية، وفي مصر نستهلك سنوياً ما يقرب من ٢٠ ألف طن من المبيدات في السنوات
شديدة الإصابة بالآفات تسهم إلى حد كبير في تلوث البيئة وتسبب للإنسان أضرارا جسيمة
وأمراض قاتلة، بالإضافة إلى تسمم
الحيوانات، ففي قرية قطور بمحافظة الغربية قضت المبيدات الفسفورية على آلاف من
الماشية والحيوانات نتيجة الرش بالطائرات.
وتعانى الأسماك كالسلمون والقشريات كالجمبري
والطيور كالسمان وأبي قردان من مشكلة التسمم بالمبيدات، وقاربت طيور أبى قردان على
الاختفاء على الرغم من أهميتها في القضاء على ديدان القطن.
وتتمثل خطورة المبيدات الحشرية في بقاء أثرها في
التربة لمدة قد تطول إلى اثني عشر عاماً ، وتنتقل هذه الآثار إلى بذور الكثير من
النباتات كالشعير والقمح والبرسيم وفول الصويا والعديد من الخضروات وخاصة الجزر .
المبحث
الثاني :
أهم
الجهود والاستراتيجيات للحفاظ على البيئة
يقترح
الخبراء بعض الحلول لتجنب التلوث البيئي ومخاطرة منها، تقليل الأنشطة الملوثة
وتشجيع الإنتاج العضوي مع احترام الإدارة البيئية وحماية البيئة (معيار ISO
14001). في الوقت نفسه، يجب الحدّ من إنتاج
النفايات وتجنب استنفاد الموارد بأن تعتمد جميع الدول إعادة تدوير النفايات
ومعالجتها. فهذا يؤدي إلى استهلاك أقل للمواد، ويحد من النفايات وإطلاق الكربون في
الغلاف الجوي.
بالإضافة
إلى ذلك، يجب أيضاً تقييد تدمير الموائل الطبيعية أو الموطن الطبيعي، لحماية
التنوع البيولوجي، وحظر الصيد المكثف للحيوانات المهددة بالانقراض، وما إلى ذلك
وقبل كل ذلك، من المهم للغاية الحد من استهلاك السكان في الدول الغنية.
كما
يشدد الخبراء على وجوب استخدام الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وتوربينات الرياح
وتوربينات المد والجزر والطاقة الكهروضوئية والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية
الأرضية وغيرها. قد يكون تركيبه مكلف للغاية، ولكن بفضل هذا النظام، من الممكن
استهلاك طاقة أحفوريه أقل، وبالتالي توفير في فاتورة الكهرباء والأهم توفير تلوث
البيئة.
مشروعات
التحكم في التلوث الصناعي بوازرة الدولة لشئون البيئة :
١
– مشروعات تم الانتهاء منها :
١
_ مشروع التحكم في التلوث الصناعي المرحلة الأولى (١٩٩٧– ٢٠٠٧) :
قـام مـشروع الـتحكم فـي التلـوث الـصناعي
" المرحلـة الاولـى " بتحـسين الوضـع البيئـي ومـساعدة المنـشآت
الــصناعية للتوافـق مـع القـوانين البيئيـة، ورفـع الـوعي بأهميـة مكافحـة
التلـوث الـصناعي، وتـرويج مفهـوم التكنولوجيـا الأنظـف التي يقـصد بهـا اسـتخدام
التكنولوجيا بأقل قدر من الأضرار البيئية، من خلال قـرض البنـك الدولي بمبلـغ ٣٥
مليـون دولار أمريكي، حيث تم تنفيذ ٢٤ مشروع لمعالجة ملوثات الهواء والصرف الصناعي
٢_
مشروعات معالجة الصرف الصناعي للمنـشآت الـصناعية التابعـة لـصندوق حمايـة البيئة
قطاع الأعمال العام الممول من بنك التعمير الألماني ١٩٩٧ – ٢٠٠٨ :
قام بنك التعمير الألماني بتوفير منحة قدرها ٨
ر٢٩ مليون يورو وذلك لتمويل مشروعات معالجة الصرف الصناعي للمنشآت الصناعية، وقد
تم تنفيذ عدد ٥٤ مشروعً ا بـ ٢٦ منشأة صناعية، حيث بلغت الاستثمارات الكلية
للمشروعات ٧٠ مليون يورو (٥٠٠ مليون جنية مصري ) ، وذلك لشركات القطاع الأعمال
العام خاصاً لمعالجة مشاكل الصرف الصناعي ( معالجة نهائية أو تعديلات في العمليات
الإنتاجية ). وقدم المشروع منحة قدرها ٥٠
% من القيمة الاجمالية لمشروعات نهاية الأنبوب ( المعالجة النهائية ) ومنحة قدرها
٢٥ % لمشروعات التعديل في العمليات الانتاجية بجميع القطاعات الصناعية.
٣_مشروع
حماية البيئة للقطاع الخاص وقطاع الأعمال العام الصناعي والممول من بنك التعمير
الألماني ( ٢٠٠٨-٢٠١٢) :
الأهداف
العامة للمشروع هي تمويل مشروعات مكافحة التلوث الصناعي بالمنشآت الكبيرة بالإضافة
للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في مصر، وبالتركيز على محافظات الدلتا والوجه القبلي
وذلك للوصول للتوافق التام مع القوانين البيئية.
وبدأ المشروع في يناير عام ٢٠٠٨ لتمويل استثمارات
بيئية تقدر بحوالي ٢٦٠ مليون جنية مصري ( ٧ ر٣١ مليون يورو تقدم للشركات من خلال
حزم ميسرة (٢٠ % منحة للصناعات الكبرى و٣٠ % منحة للصناعات الصغيرة والمتوسطة ) من
إجمالي الاستثمارات دون اشتراط حصول
الشركة على قرض ، ويقوم المشروع بإدارة ثلاثة برامج فرعية كالتالي :
١-PPSI وتبلغ إجمالي المنحة به ٥ ر٦ مليون يورو مخصصة للشركات.
٢-
PPSIوتبلغ
إجمالي المنحة به ٥ ر٨ مليون يورو مخصصة للشركات.
٣-PPSI الجزء الممول من صندوق حماية البيئة وتبلغ إجمالي المنحة به ٦٦٥
ر٠ مليون يورو للصناعات الصغيرة والمتوسطة.
الخاتمة
:
وفي
ختام بحث عن قضية البيئة نكون قد وضحنا كافة العناصر الهامة بشأن قضية التهديدات
البيئية وتأثيرها علي حياة الكائنات الحية، وتوضيح بعض الحلول الإيجابية للحد من تلك الظاهرة فالإنسان مكلف بإعمار
الأرض و الحفاظ عليها وتعميرها ، وهذا ما أمرنا الله سبحانه وتعالى في قوله “هو
الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ”، لذا يجب أن تبدأ بنفسك أولًا، ونشر
التوعية لمن حولك لنضمن حياة كريمة ومستقبل أمن، ولنقضي علي الخطر الذي يبدد
حياتنا.
المصادر
:
١_
د.
صفاء علي رفاعي : التحديات البيئية والآفاق المستقبلية لتنمية المستدامة في مصر،
كلية التربية، جامعة الإسكندرية.
٢_
مقال عن التلوث البيئي.. أسباب مخاطر وحلول في ١٥:٤٨ في ٢٠٢١.
٣_
كلية الحقوق / جامعة طنطا المؤتمر العلمي الرابع بعنوان : القانون والبيئة بعنوان؛
رهانات الأمن البيئي في أفريقيا : تحديات قائمة واستجابات محددة يومي ٢٢ _ ٢٣
أفريل ٢٠١٨.
٤_
د. وسيم وجيه الكسان رزق الله /مقال عن : أثر التغيرات المناخية على الحاصلات
الزراعية.
٥_
كريم أحمد، مقال بعنوان : مشاكل البيئة في ٢٨ يونيو ٢٠٢٢.