البرنامج النووي الإيراني .. النشأة، الأهداف، والمراحل
تُعد الطاقة النوويَّة مشروعًا تسعى إليه
معظم دول العالم، لما لها من آثار سياسيَّة واقتصاديَّة، وعسكريَّة وأمنيَّة
واستراتيجيَّة؛ ولذلك تحرص الدول إلى بناء ترسانة نوويَّة بشكلٍ عامٍ وامتلاك سلاح
نووي بشكل خاص، وبالتالي حظيَ
البرنامج النووي الإيراني بالمزيد من الاهتمام منذ نشأته وحتى وقتنا هذا، من قبل
العلماء والمفكرين والمحللين وصناع القرار على مستوى العالم، وبالرغم من نفي إيران دومًا سعيها لامتلاك
أسلحة الدمار الشامل، حيث كانت من الدول الساعية لمنع الانتشار النووي، ووقعت على
العديد من الاتفاقيات التي تدل على أنَّها لم يكن لديها طموح في مجال البرنامج
النووي كمعاهدة منع الانتشار النووي عام 1968، واتفاقيَّة الضمانات النوويَّة عام
1973، وغيرها من الاتفاقيات، إلاَّ أنَّها بدأت برنامجها النووي في منتصف الخمسينات في ظل
نظام الشاه محمد رضا بهلوي، حيث كان امتلاك إيران للقدرة النوويَّة حلم يراودها
منذ بداية عهد الشاه واستمرت القيادة الإيرانيَّة بالسير تجاه تحقيق هذا الحلم
بشتى القدرات والطرق لتحقيق طموحاتها الإقليميَّة والدوليَّة وبروزها كقوة
إقليميَّة عظمى في منطقة الشرق الأوسط ككل، لتعزيز مكانتها الدوليَّة والإقليميَّة؛
فامتلاك إيران للسلاح النووي يساعدها في الوقوف أمام الدول العظمي وبالتالي تعزيز
النفوذ الإيراني في المنطقة.
المحور الأول: ماهية البرنامج النووي الإيراني
وتحدياته
أولاً- ماهية البرنامج النووي الإيراني:
ظل طموح امتلاك قدرة نوويَّة حلمًا يراود
الإيرانيين منذ تولى محمد رضا بهلوي باعتبارها إحدى وسائل تحقيق الحضارة الحديثة،
ولإثبات دورها كقوة إقليميَّة رائدة ومع العلاقات الوديَّة التي أقامها الشاه مع
الولايات المتحدة الأمريكيَّة، والدور الذي اضطلع به كشرطي للمنطقة أمام امتداد
النفوذ السوفيتي خلال الحرب الباردة لم يكن هناك من يعترض على تملك إيران قدرة
نوويَّة، خاصة مع وجود الثروة البترولية فيها؛ ممَّا يساعدها في تمويل لهذا
المشروع (1).
ومن ثمَّ؛ سعت إيران في عام 1953م إلى تعزيز
دورها الإقليمي في الشرق الأوسط، حيث أبرمت اتفاقًا مع ألمانيا وفرنسا لبناء أول
مفاعل نووي الذي أطلق عليه مفاعل "بوشهر"، ولكن مع أعقاب الثورة
الإسلاميَّة انسحب كلًّ من فرنسا وألمانيا، وتوقف العمل لحين انتهاء حرب الخليج
الأولي، ولكن الأهمية الاستراتيجيَّة التي تتمتع بها إيران دفعت إيران إلى امتلاك
المفاعل النووي، حيث إنَّها تحتل موقعًا جيواستراتيجي على طول الخليج العربي وبحر
العرب وبحر قزوين، وتمتد حدودها أيضًا ما بين الاتحاد السوفيتي شمالاً إلى منطقة
الخليج العربي جنوبًا وبين جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى أنَّها من
الدول المنتجة والمصدرة للنفط(2).
وفي هذا السياق؛ شكَّل البرنامج النووي
الإيراني منذ نشأته حالة من القلق الإقليمي لما سيترتب عليه من تداعيات، تؤثر في
قضايا المنطقة وتوجهاتها، وتأثير ذلك على اختلاف موازين القوى، فكانت فرصة هذا
البرنامج في زيادة دور السياسة الإيرانيَّة وتدخلاتها في المنطقة، والدفع في إيران
للدخول في مفاوضات مع الدول الغربيَّة، ينتج عنه أدوار وسياسات جديدة لها في
المنطقة، على حساب دول المنطقة(3).
ولكن أخذ القلق الدولي يتزايد حول الأنشطة
النوويَّة الإيرانيَّة، وذلك عندما صرح الرئيس الإيراني السابق (محمد خاتمي) في
عام ٢٠٠٣م، وللمرة الأولى عن نية بلاده في تطوير دورة وقود نووي كاملة من خلال
معالجة اليورانيوم لاستعماله في المفاعلات الكهربائيَّة النوويَّة، وكان الهدف من
ذلك حسب قول الرئيس الإيراني هو تلبية الحاجة المحليَّة للوقود من أجل تجنب اللجوء
إلى مجهزين أجانب لا يمكن الوثوق بهم؛ ممَّا نتج عن هذا التصريح تفاقم الجدل حول
البرنامج النووي الإيراني، وأنَّ إيران كانت تستعمل بشكل سري تقنيات الوقود النووي
دون أنْ تصرح عن أنشطتها للوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة على عكس ما هو منصوص
عليه في اتفاقيَّة الوقاية التي وقعتها إيران في عام 1974م مع الوكالة الدوليَّة
للطاقة الذريَّة، فضلاً عن مخالفتها للنظام الأساسي للوكالة الدوليَّة للطاقة
الذريَّة (IAEA) والبروتوكول الإضافي الموقع
مع إيران عام ٢٠٠٣م، وهو الأمر الذي أثار قلق البعض بأنَّ إيران قد تكون في مرحلة
تأسيس وتطوير المنشآت اللازمة لإنتاج مواد انشطارية ضمن إطار برنامج أسلحة نوويَّة
وذلك تحت غطاء برنامج مدني للطاقة النوويَّة(4).
وكان هدف إيران من وراء بناء ترسانتها
النوويَّة تحقيق أهداف سياسيَّة وجيوبوليتيكية تساعدها على تحقيق هدفها المتمثل في
لعب دور إقليمي قيادي، على عكس تصريح المسئولين الإيرانيين أنَّ الهدف الإيراني من
برنامجها النووي إنتاج الطاقة النوويَّة لأغراض سلميَّة، حيث إنَّ ذلك من حق إيران
وفقًا لأحكام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويَّة (NPT)، وهذا ما يتعارض مع سياسات دول الخليج التي
ترى أنَّ امتلاك إيران للسلاح النووي سوف يجعلها رهينة السياسات الإيرانيَّة
الطامحة للهيمنة على المنطقة وتكريس التفوق الإيراني الذي بدوره يسبب خلل
استراتيجي في ميزان القوة لصالح إيران على حساب دول الخليج، إلاَّ أنَّه يمكن
القول بأنَّ هناك أسباب متعددة دفعت إيران باتجاه بناء مفاعلاتها النوويَّة وهي
كالآتي:
§
القطيعة السياسيَّة بين إيران وحليفتها
الاستراتيجيَّة في المنطقة الولايات المتحدة الأمريكيَّة، والتي عملت على تمكين
إيران في الإقليم.
§
نتائج الحرب العراقيَّة، خاصة في مجال
الأسلحة الجرثوميَّة والكيماويَّة.
§
رغبة إيران بالاستفادة من حلفائها الجدد،
الصين وروسيا، بتزويدها بما تحتاجه من إمدادات نوعيَّة لتطوير قدرتها النوويَّة(5).
ثانيًا-
التحديات التي تواجه البرنامج النووي الإيراني:
[1] التحديات
الداخليَّة:
أ.
المعارضة الإيرانيَّة: حيث تعد المعارضة
الإيرانيَّة من أهم التحديات التي تهدد تنفيذ المفاعل النووي الإيراني وصعوبة
القبض عليهم لعدم إمكانية حصرهم في أماكن محددة، حيث تكمن خطورتهم بقدرتهم على
الوصول والاختراق للقائمين على البرنامج النووي الإيراني، ومن ثم تزويد الولايات
المتحدة الأمريكيَّة ووكالة الطاقة النوويَّة الدوليَّة بكافة البيانات والمعلومات
من خلال رسائل تبثها في المواقع الإلكترونيَّة(6).
ب. افتقار إيران
للخبرات الفنيَّة في مجال التكنولوجيا النوويَّة، على الرغم من اعتمادها على
الخبرات الفنيَّة الروسيَّة والصينيَّة والباكستانيَّة لسد هذا النقص، بالإضافة
إلى التغيير المتكرر للمسؤولين عن البرنامج النووي الذي يعتبر أحد أكبر المعوقات المهمة
له(7).
[2] التحديات
الخارجيَّة:
تمثلت هذه التحديات بالولايات المتحدة
الأمريكيَّة وإسرائيل: حيث تلعب الولايات المتحدة الأمريكيَّة دورًا مهمًا في التحديات
التي تقف أمام البرنامج النووي الإيراني عن طريق تنظيم ومتابعة كافة القيود
المفروضة على إيران لمنعها من امتلاح السلاح النووي، وبالرغم من ذلك فقد استمرت
الجهود الإيرانيَّة النوويَّة بقوة باعتبارها مكونًا رئيسيًا من مكونات المشروع
السياسي الذي تتبناه الحكومة الإيرانيَّة(8).
حيث تدرك إيران رغبة أعدائها في القضاء على مفاعلاتها النوويَّة وتدميرها، ولكن ذلك الأمر لم يكن سهلاً؛ وذلك لأسباب عديدة تعود إلى انتشار وتوزيع مفاعلاتها النوويَّة في أرجاء البلاد الواسعة ولكن المتفق عليه هو أن على الخصوم أن ينجحوا في ضربة واحدة في تدمير كامل البرنامج النووي الإيراني، وهذا غير متاح ولن يحصل الأمر الذي يضع الشكوك حول توجيه ضربات خارجيَّة لإيران لأنَّ إيران ستقوم بتوجيه ضربات انتقامية لأهداف الخصوم المجاورة لها في أفغانستان والخليج لأنها لن تكون قادرة على ضرب العمق الأمريكي بسبب بعد المسافة، وبالتالي فلم تشعر الولايات المتحدة الأمريكيَّة وإسرائيل بالرضا للتقدم الذي أحرزته إيران في مجال برنامجها النووي؛ وذلك بسبب ما يثار من مخاوف حول تزايد قوة إيران منذ احتلال الولايات المتحدة الأمريكيَّة لأفغانستان عام 2001، والعراق عام(9).
المحور الثاني: أهداف إيران لامتلاك السلاح
النووي
وتتمثل الأهداف والدوافع للبرنامج النووي
الإيراني فيما يلي:
[1]
الأهداف الاقتصاديَّة:
يعد الهدف الاقتصادي من أبرز أهداف البرنامج
النووي الإيراني، فقد أشارت الحكومة الإيرانيَّة أنَّ البرنامج النووي الإيراني
يهدف إلى تأمين (20%) من طاقتها الكهربائيَّة بواسطة المحطات النوويَّة لتخفيض
استهلاكها من الغاز والنفط، خاصة وأنَّ الزيادة السكانيَّة العالية وخطط التنمية
الاقتصاديَّة سوف تؤدي إلى زيادة معدلات استهلاك الطاقة في إيران، فالمحللون الأمريكيون
والغربيون قد أشاروا إلى أنَّ المفاعلات النوويَّة سوف تتكلف مليارات الدولارات
بالعملة الصعبة وهي ليست لها فائدة كبيرة من الناحية الاقتصاديَّة بالنسبة لدولة
تملك محزونًا ضخمًا من النفط والغاز يمكن استغلاله لتوليد الكهرباء بتكلفة لا تتعدى
(18: 20%) من تكلفة الكهرباء النوويَّة في ظل أسعار السوق مثل دولة إيران(10).
[2]
الأهداف السياسيَّة:
تنقسم الدوافع السياسيَّة للبرنامج النووي
الإيراني تنقسم إلى مستويين داخلي وخارجي، فعلي المستوى الداخلي يرتبط ارتباطًا
وثيقًا بمبررات الوحدة الوطنية ليمثل الأساس المتين الذي يلتف من خلاله الإيرانيون
حول النظام السياسي وهذا ما عبر عنه صراحة الإمام الخامنئي بقوله "إذا أصبحت إحالة
الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن حقيقة دافعة، فالمشروع النووي رغبة شعبيَّة
عظيمة وحق من حقوق الشعب الإيراني وان التراجع عنه هزيمة وهدم للاستقلاليَّة
الوطنيَّة"(11).
[3]
تعزيز المكانة السياسيَّة الدوليَّة وتحقيق
الأمن والاستقلال:
تسعى إيران لتعزيز مكانتها الإقليميَّة
والدوليَّة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث إنَّ امتلاكها للسلاح النووي
يساعدها في تقويتها وحصولها على مكاسب سياسيَّة من خلال تفاوضها مع الدول
الإقليميَّة والعالميَّة، وبالتالي فإنَّ امتلاكها للسلاح النووي يعطيها مكانة
سياسيَّة وقدرة تفاوضيَّة أكبر لتحقيق مكاسب سياسيَّة تحقق لها الأمن والاستقرار؛
ممَّا يعطيها ثقلاً وتأثيرًا فكريًّا وسياسيًّا وايدلوجيًّا في ما وراء حدودها، بالتالي
يمنحها مكانة سياسيَّة وقدرة تفاوضيَّة أكبر لتحقيق مكاسب سياسيَّة تحقق لها الأمن
والاستقرار(12).
[4]
الأهداف العسكريَّة:
تستند الأهداف العسكريَّة وراء البرنامج
النووي الإيراني إلى امتلاك قوة عسكريَّة من خلال تركيز الفكر الاستراتيجي على
الدروس المستفادة من الحرب العراقيَّة - الإيرانيَّة، والتهديدات الأمريكيَّة
الإسرائيليَّة لإيران والتي من أبرزها ضرورة استعداد إيران لأي احتمالات في
المستقبل، أيضًا استنتجت أنَّها يجب أنْ لا تعتمد كثيرًا على القيود الذاتيَّة
التي يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالالتزامات الدوليَّة تجاه إيران؛
ممَّا نتج عنه محاولات الحكومة الإيرانيَّة للحصول على أسلحة نوويَّة لردع
الولايات المتحدة الأمريكيَّة وبدرجة أقل إسرائيل عن توجيه ضربة لقدراتها
الاستراتيجيَّة، فإيران تُدرك جيدًا ضعف قوتها العسكريَّة مقارنة بالقوة
العسكريَّة الأمريكيَّة(13).
[5]
الرغبة في توسيع النفوذ الإيراني في منطقة
الخليج العربي:
تُعد رغبة إيران في توسيع نفوذها في منطقة
الخليج إحدى الاستراتيجيات والأهداف الرئيسيَّة لها، ويعتبر أحد العوامل التي تمكن
إيران من توسع نفوذها في منطقة الخليج العربي هو امتلاكها للسلاح النووي، حيث
تتعدد الآثار التي يمكن أنْ يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج
سواء كانت بيئيَّة أو أمنيَّة كتهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج العربي،
وبالتالي فامتلاك السلاح النووي من شأنه التأثير على الاستقرار منطقة الخليج
العربي من خلال تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث إنَّ حقائق الجغرافيا
السياسيَّة تشير إلى أنَّ القوة الإيرانيَّة الحالية لن تتجه في الشمال أو الشرق،
ففي الشرق هناك القوى النوويَّة الآسيويَّة الكبرى "الهند وباكستان
والصين"، وفي الشمال هناك "روسيا"، وبالتالي تكون إمكانية التمدد
المتاحة أمام إيران في الغرب(14).
[6]
الدوافع الجيوبوليتيكيَّة:
تتمتع إيران بموقع جغرافي واستراتيجي مهم في
المنطقة يتمثل في سيطرتها على مضيق هرمز وتأثيرها المباشر على الملاحة في الخليج
العربي، وأيضًا في مواصلات وإمدادات النفط، وأنَّها تمتلك احتياطيًّا كبيرًا من
النفط، بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من المخزون للغاز الطبيعي، وتتوفر فيها
موارد اقتصاديَّة وزراعية، فإنَّ امتلاكها للسلاح النووي يؤدي دورًا فعالاً لها
ويعزز تأثيرها في القضايا الخارجيَّة وبناء شبكة من الروابط والتحالفات في الدوائر
الجيوبوليتيكيَّة المحيطة بها من أجل تعزيز مكانتها الإقليميَّة والدوليَّة وحماية
مصالحها الاستراتيجيَّة(15).
[7]
تحقيق الردع مع إسرائيل:
تُعد أحد الدوافع المهمة وراء امتلاك إيران
للقدرات النوويَّة هو رغبتها في تحقيق الردع مع القوى الإقليميَّة المجاورة
كإسرائيل. كما أنَّ سعي إيران لامتلاك السلاح النووي يعبر عن رفض إيران لسياسة
الغرب بتطبيق دول الشرق الأوسط التفتيش الدولي على المنشئات الدوليَّة في إسرائيل
أو مطالبة إسرائيل بالتوقيع على اتفاقيَّة منع انتشار الأسلحة النوويَّة.
ونتيجة لهذا الخلل في ميزان القوى سعت إيران
إلى أحداث نوع من التوازن من خلال امتلاكها للسلاح النووي، حيث تقع إيران وسط محيط
إقليمي نووي يمتد من إسرائيل غربًا إلى الهند وباكستان شرقًا، وبالتالي فامتلاك
إيران للسلاح النووي يشكل تهديدًا مباشرًا لوجود إسرائيل. كما أنَّ السياسات
الراديكالية التي تتبعها إيران بجانب امتلاكها للسلاح النووي يجعل إسرائيل تشعر
بأن ذلك يشكل تهديدًا لها ولأمنها؛ ممَّا يجعل موازين القوى بين الدولتين متساوية(16).
[8]
تعزيز قدرة إيران في إدارة العلاقة مع
الولايات المتحدة:
شكَّلت الخلافات الإيرانيَّة الأمريكيَّة
حالة فريدة في التاريخ السياسي، فمن ناحية ترى واشنطن أنَّ بينها وبين إيران عداءً
استراتيجيًا تاريخيًا، منذ أنْ أطاحت الثورة الإيرانيَّة عام ١٩٧٩م بكل المصالح
الأمريكيَّة في المنطقة، وبعد أنْ قضت على نظام الشاه الذي شكل إحدى المرتكزات
الأساسيَّة للاستراتيجيَّة الأمريكيَّة في الشرق الأوسط ولنظامها الدفاعي ضد
الاتحاد السوفيتي، وأرست نظامًا دينيًا شديد العداء للولايات المتحدة، خاصة أنَّ
الثورة الإيرانيَّة قد جاءت في وقت كان الاتحاد السوفيتي يعمل فيه على التوسع
والانتشار مرة أخرى، وشهد هذا التوقيت دخول القوات السوفيتيَّة إلى أفغانستان؛
ممَّا أدى إلى شعور واشنطن بالهزيمة وأنَّها سوف تخسر الحرب الباردة، وأيضًا فشل
أمريكا في إنقاذ الأمريكيين الذين اختطفوا من قبل الإيرانيين كرهائن لمدة تزيد عن
سنة والذي أصبح مبررًا للانتقام من إيران باعتبارها قطبًا من أقطاب ما أطلقت عليه
"محور الشر"، ولقد سعت الولايات المتحدة للترويج لفكرة أنَّ لدى إيران
برنامجًا تسليحيًا نوويًا موازيًا لما تقوم أنشطة سلميَّة؛ لذلك فعلى إيران أنْ
تعمل على امتلاك كافة أشكال القوة التي تمكنها من ردع خصومها على المستويين
الإقليمي والدولي، خاصة أنَّها أصبحت محاطة بقوى نوويَّة، فضلاً عن الوجود
الأمريكي المكثف في منطقة الخليج منذ حرب الخليج الثانية واحتلال العراق. كما
استشعرت إيران أنَّ هناك تهديدات فعلية ومحتملة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل
والعراق، ورغم اختلاف هذه التهديدات ما بين كل من هذه الدول الثلاث، إلاَّ أنَّ
إيران قد أشارت إلى أنَّ إنتاج الأسلحة النوويَّة يمكن أنْ يوفر لها ضمانًا ضد أية
تهديدات في المستقبل من جانب الولايات المتحدة وحلفائها(17).
[9]
الأهداف الاستراتيجيَّة:
للسلاح النووي دور في الاستراتيجيَّة
الإيرانيَّة على المدى الطويل، بشكل يسمح لإيران بالقيام بدور استراتيجي على
الأصعدة الإقليميَّة والدوليَّة، إلى جانب ضمان بناء القوات المسلحة الإيرانيَّة،
ضمن برنامج متكامل وشامل؛ لذلك فإنَّ السلاح النووي يمكن أنْ يقدم لإيران أداة
بالغة الأهمية لتعزيز مكانتها الإقليميَّة والدوليَّة(18)، ولعل من أهم
الدوافع الاستراتيجيَّة للسياسة الإيرانيَّة الآتي(19):
أ. طموح إيران
للعب دور قيادي في العالم الإسلامي تجاه دخول النادي النووي بعد دخول باكستان.
ب. دور إيران في
الشرق الأوسط يفرض عليها تصحيح موازين القوى والتي تتمثل في امتلاك كلًّ من الهند
وباكستان وإسرائيل للسلاح النووي.
ج. الاستفادة من
تجربة احتلال العراق عام 2003، وفقًا لفرضيَّة إذا امتلكت العراق السلاح النووي
لما أقدمت الولايات المتحدة على مهاجمتها.
د. تحقيق مصالح
إيران على كافة المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة والجيوبوليتيكيَّة.
ه. امتلاك إيران للسلاح النووي قد يشكل معادلة
جديدة قادرة على تغيير موازيين القوى في الخليج العربي.
[10]الأهداف القوميَّة والدينية:
تسعى إيران إلى استحضار وإحياء فكرة
الإمبراطوريَّة الفارسيَّة من خلال الاعتبارات الخاصة بها والماثلة في الشعور
القومي الإيراني بوجهٍ عامٍ، وسعيها لإبراز قوتها ومكانتها الإقليميَّة
والدوليَّة، واتهامها للغرب بمحاولة إبقائها في دائرة الدول الفقيرة أو النامية
وحرمانها من أنْ تكون واحدة من الدول التكنولوجيَّة المتقدمة، ومع تتبع سياسة
إيران الخارجيَّة نجد تعدد اهتمامها وامتدادها لمناطق خارج الاهتمام الإيراني في
السابق، فضلاً عن استغلال نفوذها وتأثيرها الديني على الطائفة الشيعيَّة في
العالم، وبالتالي تسعى إلى إعداد نفسها قائدة الشيعة والمدافعة عن المذهب الجعفري،
فعند امتلاكها للسلاح النووي يشكل معادلة جديدة تعمل على تغيير قواعد اللعبة في
المنطقة بما يضمن لها إقامة كتلة إسلاميَّة قوية تضم إيران وجمهوريات آسيا الوسطى
الإسلاميَّة تستطيع الوقوف أمام الولايات المتحدة الأمريكيَّة وحلفائها(20).
يمكن تلخيص الأهداف والدوافع الأساسيَّة للطموحات النوويَّة الإيرانيَّة في
الآتي:
(أ)
افتقار إيران إلى الأمن الإقليمي:
يحيط بإيران دول جوار يربطها بها تاريخ
مضطرب؛ لذا فإنَّها تشعر بحاجة إلى إظهار نفسها كقوة متفوقة، فعلاقتها متوترة مع
العرب ومع بحر قزوين ومتأرجحة مع تركيا وباكستان وأفغانستان وسيئة مع إسرائيل(21).
(ب)
فشل السياسة الخارجيَّة الإيرانيَّة:
نادرًا ما كانت إيران قادرة على تكوين
تحالفات استراتيجيَّة مع جيرانها، أو علاقات تقوم على التعاون المشترك طويل المدى،
فهي في فترة حكم الشاه كانت تربطها علاقات جيدة مع أوروبا والولايات المتحدة
وإسرائيل، وكانت أيضًا متحالفة مع تركيا وباكستان، ولكن هذه التحالفات كانت لأغراض
الحرب الباردة آنذاك، ونجم عن انتصار الثورة الإسلاميَّة عُزلة نسبية لها من
المجتمع الدوليَّة، وأسهمت نشوب الحرب العراقيَّة-الإيرانيَّة في إفساد علاقاتها
مع الدول العربيَّة(22).
وفي المقابل ترى الولايات المتحدة
الأمريكيَّة وإسرائيل المخاطر التي ستترتب عليها من امتلاك إيران القدرات النوويَّة
كالآتي:
§
يُشكل امتلاك إيران للقدرات النوويَّة
تهديدًا مباشرًا للوجود الأمريكي في المنطقة وأيضًا تهديدًا للوجود الإسرائيلي
خاصة في ظل العداء الإيراني المعلن ضدهما والسياسات الراديكاليَّة التي تتبعها
إيران.
§
تشعر الدول العربيَّة والخليجيَّة أنَّ
امتلاك إيران للقدرات النوويَّة سيهدد أمنها. كما يحدث خلل في موازين القوى
الإقليميَّة، والذي بدوره سوف يؤدي إلى سباق تسلح وسعي الدول الإقليميَّة الأخرى
لامتلاك السلاح النووي.
§
ترفض الولايات المتحدة الأمريكيَّة والدول
الإقليميَّة المبررات الإيرانيَّة حول الدوافع السلميَّة للطاقة النوويَّة(23).
المحور الثالث: مراحل تطور البرنامج النووي الإيراني
أولاً- مرحلة
النشأة وإقامة البنية الأساسيَّة (1957- 1979):
تعود الطموحات الإيرانيَّة لامتلاك السلاح
النووي إلى عهد حكـم الشـاه محمد رضا بهلوي، حيث أنشأت إيران برنامجها النووي لأول
مرة في عام 1957م باتفاق حول التعاون النووي مع الولايات المتحدة في إطار برنامج
الذرة من أجل السلام(24)، وبموجب ذلك الاتفاق زودت الولايات المتحدة
إيران بمفاعلها البحثي الأول بالإضافة إلى إمدادات اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم
والنظائر الانشطارية(25).
ففي عام 1960 اشترت إيران من الولايات
المتحدة مفاعلاً صغيرًا للأبحاث يقع في مركز طهران للأبحاث النوويَّة، وقد بدأ
المفاعل في عام 1967، ثم وقعت إيران على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويَّة في
عام 1968، في اليوم الذي فتحت فيه للتوقيع قدمت الولايات المتحدة وقود اليورانيوم
عالي التخصيب في السنوات العديدة الأولى من تشغيل المفاعل(26).
وفي هذا الصدد، قد أعلن في عهد الشاه عن
تأسيس الهيئة الإيرانيَّة للطاقة النوويَّة عام ١٩٧٤م، ووقع اتفاقيَّة مع واشنطن
لتزويد بلاده بالوقود النووي وفي ذات العام عام 1975م اتفاقًا للتعاون النووي مع
الهند، ومع ألمانيا عام ١٩٧٦. كما وافقت جنوب أفريقيا في ذات العام على تزويد
إيران بما قيمته ۷۰۰ مليون دولار من الكعكة الصفراء، ووقعت
إيران مع فرنسا اتفاقًا للتعاون النووي عام 1977، واشترى في ذات العام 10% من محطة يوروديف لتخصيب اليورانيوم المشتركة بين فرنسا وبلجيكا واسبانيا
وإيطاليا، وينص الاتفاق بإدخال إيران للتكنولوجيا النوويَّة عبر خطة لإنشاء محطة
نوويَّة تكون عاملة في أواسط التسعينات(27).
ويمكن حصر سمات حقبة الشاه كما يلي(28):
1.
توفير العنصر البشري وتدريبه وإبرام العديد
من الاتفاقات لضمان ذلك.
2.
إقامة بنية تحتية للبرنامج النووي الإيراني
وإنشاء العديد من المفاعلات لهذا الشأن.
3.
فرض إيران ذاتها على منطقة الخليج لتملأ
الفراغ الذي أحدثته بريطانيا بانسحابها من الخليج وقناة السويس، ومن ثم احتلاله
لجزر أبو موسي وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
4.
محاولة شراء صواريخ بالستية من طراز أريحا.
5.
استفادة الشاه من حرب أكتوبر عام 1973م
بارتفاع سعر النفط وقام بتسوية ذاته للولايات المتحدة الأمريكيَّة ليكون الأكثر
ضمانًا للمصالح الأمريكيَّة في الشرق الأوسط.
ثانيًا- مرحلة عدم الاكتراث واللامبالاة (1979-1984).
منذ انتصار الثورة الإيرانيَّة وحتى بدايات
الحرب العراقيَّة الإيرانيَّة، يمكن أنْ نطلق عليها فترة الإهمال، حيث كان قادة
الثورة الإيرانيَّة ينتقدون برنامج "الشاه" ويعتبرون مساعيه مثالاً على
ميل الحكم الملكي البهلوي الفاسد للمشاريع الضخمة، وقد اعتبر "آية الله
الخميني" مفاعلات "بوشهر" مشروعًا يقف ضد الإسلام، ووصف رئيس
الوزراء "محمد رجائي" مشروع المفاعلات النوويَّة بأنَّها "منشآت
ضارة" أنهكت المجتمع الإيراني، وتحملت الميزانية العامة والدولة مبالغ طائلة
نتيجة إلغاء عقودها، حيث رفضت الدول المشرفة على البرنامج النووي في العهد البهلوي
مثل "الولايات المتحدة الأمريكيَّة وألمانيا وفرنسا" التعاون مع قادة
الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران، وفرضت عليها حظرًا شاملاً في كافة مجالات
التسليح. كما تعرضت المنشآت النوويَّة للقصف الجوي والصاروخي أثناء الحرب
العراقيَّة – الإيرانيَّة(29).
ومع انهيار نظام الشاه عام ١٩٧٩، وقيام
الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة بنجاح ثورتها، توقف البرنامج النووي الإيراني
عن العمل نتيجة لإيقاف ألمانيا تعاونها مع إيران، وانسحاب مجموعة يوروديف الفرنسيَّة
من مشروع بناء مفاعل نووي بعد قيام الثورة الإسلاميَّة في إيران، وكذلك هروب
العديد من علماء الذرة الإيرانيين، ونجاح العراق في قصف المنشآت النوويَّة
الإيرانيَّة وتدميرها خلال الحرب بين البلدين؛ ممَّا دعا الخميني لإصدار أوامره
بإلغاء البرنامج النووي الإيراني، وإن كـان مركـز الأبحاث النوويَّة في جامعة
طهران قد ظل يعمل لإعداد متخصصين في هذا المجال(30).
ثالثاً: مرحلة
إعادة إحياء البرنامج النووي: (1984- 2002)
من أجل إنهاء العقوبات الاقتصاديَّة
المفروضة على إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكيَّة منذ عام 1979، وإعادة
العمل على تفعيل العمل بالبرنامج النووي على أثر قصف المواقع النوويَّة
الإيرانيَّة من قبل العراق وقصف المفاعل النووي العراقي من قبل إسرائيل، وتعرض
المشروع النووي الإيراني للقصف أكثر من مرة أثناء الحرب العراقيَّة الإيرانيَّة من
قبل العراق؛ ممَّا أدى إلى إدراك القيادة الإيرانيَّة لأهمية هذا البرنامج(31).
ففي عام 1984 عادت إيران إلى التفكير بإحياء
برنامجها النووي، وبدأت الإدارة الإيرانيَّة تعطي البرنامج النووي وتطويره اهتمامًا
بالغًا إلى أن أصبح من أهم الأولويات الموضوعة على قائمة اهتمامات السياسة
الإيرانيَّة(32)، حيث سعت إيران إلى إحياء برنامجها النووي من خلال
استئناف العمل في مفاعل "بوشهر"؛ ونظرًا لاستجابة ألمانيا للضغوط الأمريكيَّة
برفض إكمال المشروع فقد توجهت إيران إلى الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، ثم الصين
لاحقًا، وقد وضعت إيران برنامجًا طموحًا وطويل الأمد من أجل بناء مصانع للطاقة
النوويَّة للتوصل إلى الاكتفاء الذاتي من الطاقة، لكن هناك من يؤكد أن إيران كانت
على اتصال شبكة "عبد القدير خان" منذ ثمانينيات القرن الماضي بغية إعطاء
برنامجها مسارًا جديدًا(33).
كما تتضمن هذه
المرحلة عدة خطوات أساسيَّة يمكن التمييز من بينها على النحو التالي:
أولاً- انطلاق العمل في البرنامج
بصورة فعلية:
برز في هذه المرحلة اهتمام منظمة
الطاقة الذريَّة لإيران بدفع العمل في كل جوانب البرنامج النووي في ظل وجود
المنشآت والمراكز التابعة لها كمركز التكنولوجيا المتقدمة في أصفهان ومركز الأبحاث
النوويَّة في بوشهر وكان نشاطها أكثر ما يكون وضوحًا في تدريب العلماء الإيرانيين
والحصول على اليورانيوم المخصب والحصول على المساعدات في مجال تطوير البرنامج من
روسيا والصين وكوريا الشماليَّة(34).
في سنة
1984 وقفت الحكومة الإيرانيَّة وراء قرار
المنظمة استئناف العمل بمحطات بوشهر وقاد الرئيس الأسبق "هاشمي
رفسنجاني" عمليَّة إحياء البرنامج وتم افتتاح مركز أصفهان للبحوث النوويَّة لتشغيل
المفاعل فيها بقدرة 400 ميجاوات بمساعدة فرنسيَّة استمرت حتى سنة 1985 لتحل محلها
الصين(35)، ومن ثم
وجدت القيادة الإيرانيَّة أنه من الضروري لها أنْ تهتم بإعادة إحياء برنامجها
النووي، وبالتالي خصصت مبالغ هائلة لفريق العمل في مفاعل طهران الذي استمر نشاطه
تحت إشراف الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة(36)، وفي عام 1986 أعلن
الرئيس الخميني عن التزام بلاده بمواصلة تطوير قدراتها النوويَّة كبداية لنشاط
إيراني مكثف في المجال النووي(37).
ثانيًا- توسيع البنية التحتيَّة للمفاعلات النوويَّة:
من أهم اتفاقيات التعاون النووي
الإيراني اتفاقيَّة إيران مع كلاً من الصين عام 1991م، وباكستان عام 1987م
واشتملتا على تدريب العاملين وتبادل الخبرات، ففي إطار اتفاقيَّة الصين اشتمل
العقد على تزويد إيران بمفاعل نيوترون (MNSR) بقدرة 27 كيلو وات، ومفاعلين من نوع كونيشان بقدرة 300
كيلو وات(38).
أمَّا اتفاقيَّة باكستان فقد
اشتملت تزويد إيران بمساعدات نوويَّة قيمة منها تدريب العلماء الإيرانيين في مجال
استخلاص البلوتونيوم وفي أبحاث التخصيب باستخدام الليزر وأنَّ التدريب جرى في
مختبرات "كاهوتا" حيث جرت أبحاث التخصيب وتركيب القنبلة، وتطورًا لهذا التعاون
وقع الجانبان الإيراني والباكستاني في عام 1987م على اتفاقيَّة لإرسال مهندسين
إيرانيين للتدريب في باكستان ووقع الاتفاقيَّة عن الجانب الإيراني مدير منظمة
الطاقة النوويَّة الإيرانيَّة "رضا أمر الله" وعن الجانب الباكستاني
نظيره "منير أحمد خان"، وتنص الاتفاقيَّة على تدريب ما لا يقل عن 6
علماء إيرانيين في معهد العلوم والتكنولوجيا النوويَّة ومعهد الدراسات النوويَّة
في باكستان(39).
ولم تكتفِ إيران بذلك فقامت
بالاتفاق مع الأرجنتين للحصول على اليورانيوم المخصب لمفاعل طهران التجريبي، ثم
الاتفاق من جنوب أفريقيا خلال عامي 1988-1989م للحصول على كميات من اليورانيوم
تسمح لها بإجراء تجارب نوويَّة. كما أنَّها حصلت على اليورانيوم المخصب من السوق
السوداء(40).
ثالثًا- دفع مجالات البحث والتطوير:
استمرت إيران في جهودها، حتى جاء عام
١٩٩٢م فأعلنت روسيا أنَّها وقعت اتفاقًا مع إيران لبناء مفاعل للماء الخفيف في
بوشهر واتفاقًا آخرًا حول التعاون النووي في المجال السلمي، فوصل إليها أكثر من
100 خبير روسي لبناء مفاعل للماء الخفيف وبعد ثلاثة أعوام حصلت إيران على مفاعلين
نوويين يعملان بالماء الخفيف بطاقة 1,000 ميجاوات، وتم إنجاز أول مفاعل نووي في
بوشهر لتوليد 30-50 ميجاوات خلال أربعة أعوام وتدريب 15 خبيرًا نوويًا إيرانيًا(41)،
ثم تمكنت إيران عام 1998م من إقناع روسيا بضرورة الإبقاء على البلوتونيوم في
البلاد وتعويضها ماليًا واستمر التعاون الروسي الإيراني، ثم استقبلت روسيا عددًا
من المهندسين الإيرانيين لتدريبهم، ففي عام 2001م عرض الروس خططًا لبناء مفاعلات
إضافية في بوشهر كاستجابة لبناء ثلاثة مفاعلات قدرت قيمتها 3 مليار دولار(42).
رابعاً: مرحلة بدء الشكوك الدوليَّة واستكمال المفاوضات (2002- 2021)
في أغسطس عام 2002م، تم الكشف عن البرنامج
النووي من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانيَّة، وهو جماعة معارضة في المنفي،
حيث تم الكشف عن قيام إيران ببناء موقعين نوويين سريين لتخصيب اليورانيوم لم تكشف
عنها للوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة، أحداهما في "ناتانز" والآخر
لإنتاج الماء الثقيل في مدينة "أراك"(43).
وفي عام 2003م اصدر مجلس حكام الوكالة
الدوليَّة للطاقة الذريَّة قرارًا يلزم إيران بالوقف الفوري الكامل لكافة عمليات
تخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البرتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار
الأسلحة النوويَّة الذي يسمح بتفتيش منشأتها النوويَّة دون قيد أو شرط(44).
بعد توقيع البروتوكول
الذى أعطى للوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة حق التفتيش الاستثنائي اعتبرت إيران
متعاونة بحسب الوكالة ولكن ليس بالمطلق وفى 18 يونيو 2004 صوت أعضاء مجلس أمناء
الوكالة الدوليَّة وثلثهم من الأمريكان بوجوب إشعار إيران بأنَّها لا تقدم دعمًا
كاملاً للبروتوكول، لاسيما بعد تأجيلها لزيارة وفد من الوكالة لعدد من مواقع أجهزة
الطرد المركزي p2 وعدم تسلميها مخططات وتصاميم هذه الأجهزة وكذلك نتائج أبحاث أجرتها
حول تحويل واختبار مواد نوويَّة، ونتيجة لذلك طلبت الوكالة من
إيران أنْ تكون متعاونة في تنفيذ بنود البروتوكول وحل المشاكل القائمة بينها ومن
ضمنها قضيَّة تلوث أجهزة الطرد المركزي بيورانيوم عالي التخصيب ومنذ هذا التاريخ
أخذت الولايات المتحدة الأمريكيَّة وحلفاؤها في مجلس أمناء الوكالة الدوليَّة
للطاقة الذريَّة بالادعاء المباشر بأنَّ المشروع النووي هو مشروع تسليحي يسعى
لإنتاج قنبلة نوويَّة بأقرب فرصة ممكنة(45).
وفي عام 2005م قامت إيران
بفك أختام الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة ووسائل مراقبتها على منشأتها، وإصدار
الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة بالإجماع على حرمان إيران من جميع الأنشطة
المتعلقة بتخصيب اليورانيوم؛ ممَّا أدى إلى إيقاف العمل في مفاعل أصفهان(46).
وفي عام 2006 تم تحويل
الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، حيث رفضت إيران المقترح الروسي بنقل عمليات
التخصيب إلى الأراضي الروسية؛ ضمانًا لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض
تصنيع سلاح نووي، وقوبل الرفض الإيراني باتفاق في وجهات النظر الأوروبيَّة
والأمريكيَّة، ودعم روسيا والصين على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل
كامل، وبالتالي توحدت المواقف الدوليَّة وصدر قرار مجلس محافظي الوكالة ليقضي
بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في هذه
المرحلة، حيث لا يزال الأمر متعلقًا بالشك في طبيعة هذا البرنامج، ومن ثم أصبحت
إيران في مرمى فرض عقوبات عليها ما لم تمتثل لقائمة الطلبات التي احتواها قرار
مجلس محافظي الوكالة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من عام 2006(47).
وفي هذا السياق، صدر قرار
مجلس الأمن رقم (1696) بالإجماع في 31 يوليو 2006م، والذي دعا إيران إلى وقف جهود
تخصيب اليورانيوم خلال شهر واحد، وفي 23 ديسمبر 2006، أصدر مجلس الأمن القرار
(1737)، الذي يفرض عقوبات دوليَّة على إيران، تم تبني قرار ثالث لمجلس الأمن
(1747) في مارس 2007، ثم أعلنت إيران أنَّها وصلت إلى قدرات تخصيب اليورانيوم على
نطاق صناعي بتركيب 3000 جهاز طرد مركزي في نطنز، وفي مارس 2008، صدر قرار مجلس
الأمن رقم (1803)، الذي يفرض مزيدًا من العقوبات الاقتصاديَّة على إيران(48).
وفي 25 سبتمبر 2009م أعلن
مسؤولون أمريكيون وبريطانيون وفرنسيون عبر وسائل الإعلام أنَّ إيران تبني مفاعلات
نوويَّة تحت الأرض، دون علم الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة، إلاَّ أنَّ طهران
نفت ذلك، وأعلنت أنَّ ذلك مجرد ادعاءات، وفي 10 يناير 2010م رفضت الولايات المتحدة
الأمريكيَّة طلبًا لإسرائيل بقصف المنشآت النوويَّة الإيرانيَّة بصواريخ مخترقة
للتحصينات، وفي 9 يونيو من العام نفسه فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران في
المجالات العسكريَّة والتجاريَّة والمالية وحظرت التعاون مع إيران(49).
ثم بدأ العمل في محطة "بوشهر" للطاقة النوويَّة الإيرانيَّة في 10 مايو
2011م، عند مستوى منخفض وفقًا للشركة الروسية التي قامت ببنائها "أتوم ستروي
إكسبورت"(50).
وفي نوفمبر 2012م أنتجت
إيران حوالي 137 كيلو جرام من المواد المخصبة بنسبة 20% في موقع نطنز، بهدف توفير
الوقود لمفاعل طهران البحثي(51).
وفي 24 نوفمبر 2013، توصلت
إيران ومجموعة 5+1 إلى اتفاق مؤقت من شأنه أنْ يقيد البرنامج النووي الإيراني بشكل
كبير لمدة ستة أشهر مقابل تخفيف متواضع للعقوبات. وتعهدت إيران بتخفيض مخزونها من
اليورانيوم المخصب بنسبة 20% ووقف التخصيب 5%، والتوقف عن تركيب أجهزة طرد مركزي.
كما التزمت طهران بوقف بناء مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، وفي ديسمبر من
العام نفسه اجتمعت مجموعة 5+1 وإيران في جنيف على المستوى الفني لمناقشة تنفيذ
الاتفاق النووي المؤقت، ثم اجتمعت مجموعة 5+1 وإيران مرة أخرى في جنيف لإجراء
محادثات فنيَّة حول تنفيذ خطة العمل المشتركة لشهر نوفمبر(52).
وعلى الرغم من أنَّ ((JPOA المعروف أيضًا باسم اتفاقيَّة جنيف المؤقتة بدأ تنفيذها في 20
يناير 2014، وكان من المقرر أنْ تستمر لمدة ستة أشهر، ولكن قد تم تمديدها عدة مرات
مع بنود إضافية لكلا الجانبين. وكانت JPOA بمثابة اتفاق عمل مؤقت حتى توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة
النهائيَّة، بعد أن أبلغت الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة أن طهران كانت ملتزمة
باتفاق JPOA،
التقى المفاوضون من كلا الجانبين في فيينا ومسقط وجنيف ولوزان طوال عام 2014
وأوائل عام 2015 قبل الاجتماعات النهائية في فيينا(53).
وفي هذا السياق، اجتمعت مجموعة 5+1 وإيران في فيينا في 30 يونيو، ثم
تم الإعلان عن اتفاق نهائي لخطة العمل الشاملة المشتركة في 14 يوليو 2015 م(54)، وفي
20 يوليو2015، اتخذ مجلس الأمن بالإجماع القرار 2231 (2015) الذي أيَّد فيه خطة
العمل الشاملة المشتركة، وينص القرار على إنهاء العمل بأحكام قرارات مجلس الأمن
السابقة بشأن المسألة النوويَّة الإيرانيَّة، ويضع القيود المحددة التي تسري على
جميع الدول دون استثناء، والدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة (25) من ميثاق الأمم
المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها(55).
ثم دخلت
الاتفاقيَّة حيز التنفيذ في 16 يناير2016م، بعد أن أصدرت الوكالة الدوليَّة للطاقة
الذريَّة الشهادة المطلوبة لإكمال إيران للمهام المنصوص عليها(56).
ولكن الإدارة الأمريكيَّة
لم تكن راضية عن ذلك الاتفاق، ومن ثم اتخذت من تجربة الصاروخ الباليستي الإيراني
في 2017 سببًا لفرض العقوبات من جديد، وفي هذا السياق أعلن رئيس
الولايات المتحدة "دونالد ترامب" في يوم 8 مايو عام 2018م رسميًا خروج
بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، وتم فرض عقوبات جديدة عليها(57). وبعد
عام من انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة، بدأت إيران في انتهاك متطلبات خطة
العمل الشاملة المشتركة، ولكن اعتبارًا من يناير 2020، توقفت عن الاعتراف بمعظم
القيود الرئيسيَّة على برنامج التخصيب(58).
ثم بدأت محادثات غير
مباشرة بين طهران وواشنطن في أبريل عام 2021 في فيينا حول العودة إلى اتفاق 2015،
وفي ذات الوقت، أعلنت إيران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% وهي نسبة تمثل مخالفة
للاتفاق. وفي يونيو: قال "إنريكي مورا" المسؤول بالاتحاد الأوروبي الذي
يقوم بتنسيق المحادثات: إنَّه يعتقد أنَّه سيتم الاتفاق على صفقة في الجولة
القادمة من المحادثات في منتصف يونيو، وفي 20 يونيو قررت إيران والقوى العالميَّة
تأجيل جلسات التفاوض للتباحث(59).
خاتمة
تسعى السياسة النوويَّة الإيرانيَّة إلى مجموعة من الدوافع والأهداف من امتلاك السلاح النووي، كما يشير المسئولين الإيرانيين دومًا إلى أنَّ السعي لإنتاج البرنامج النووي للرغبة في الاستفادة من الاستخدامات السلميَّة للطاقة النوويَّة، وهناك مجموعة من الدوافع التي ساهمت في استكمال برنامجها النووي رغم الضغوط الدوليَّة والإقليميَّة، ولكن هناك تحديات تواجه البرنامج النووي تنقسم إلى تحديات داخليَّة تتمثل في المعارضة الإيرانيَّة وافتقار إيران للخبرات الفنيَّة في مجال التكنولوجيَّة النوويَّة، وأخرى تحديات خارجيَّة تتمثل في الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن هدف إيران من بناء ترسانتها النوويَّة تحقيق أهداف سياسيَّة وجيوبوليتيكيَّة تساعدها على تحقيق هدفها المتمثل في لعب دور إقليمي قيادي، كما مرَّ البرنامج النووي الإيراني بعدة مراحل منذ انطلاقته الأولى في خمسينات القرن الماضي بدعم من الولايات المتحدة الأمريكيَّة بموجب برنامج "الذرة من أجل السلام"، وبالتالي فقد تطورت الأحداث المتعلقة بالبرنامج النووي يومًا بعد يوم، وقد تأثرت كل مرحلة من مراحل البرنامج النووي بالبيئة الدوليَّة والإقليميَّة، وكذلك البيئة الداخليَّة في إيران.
الهوامش
1- صالح أحمد أبو بصير، "أثر انتشار الأسلحة النوويَّة على استقرار
منطقة الشرق الأوسط"، رسالة دكتوراه، جامعة النيلين، كلية الدراسات العليا،
السودان، 2012، ص49.
2- ثائر رضوان الطاهات، "أثر البرنامج
النووي الإيراني على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط 2003-2018"، مرجع
سابق، ص18.
3- عبدالله شهاب أبو وندي، "آثر الاتفاق
النووي الإيراني على الأمن القومي العربي"، رسالة ماجستير، جامعة
مؤتة، كلية عمادة الدراسات العليا، الأردن، 2016، ص22.
4- قحطان حسين طاهر، "مجلس الأمن والملف النووي الإيراني"، مجلة
العلوم الإنسانيَّة، جامعة بابل- كليَّة التربية للعلوم الإنسانيَّة، العدد
(4)، 2010، ص75.
5- سلطان منير الحارثي، "انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني على دول
مجلس التعاون الخليجي"، المجلة العلميَّة للدراسات التجاريَّة والبيئيَّة،
جامعة قناة السويس - كلية التجارة، المجلد (8)، العدد (1)، 2017، ص56.
6- مريم عبدالسلام أحمد موسي، "الموقف الإسرائيلي من الملف النووي
الإيراني"، آفاق سياسيَّة، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد (54)،
أبريل 2020، ص92.
7- أحمد إبراهيم محمود، "البرنامج النووي لإيراني"، مجلة
السياسة الدوليَّة، العدد (131)، 1998، ص312.
8- محمد نور الدين عبدالمنعم، "النشاط النووي الإيراني: من
النشأة وحتى فرض العقوبات"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، الطبعة
الأولي، 2009، ص22.
9- مريم عبدالسلام أحمد موسي، "الموقف الإسرائيلي من الملف النووي
الإيراني"، مرجع سابق، ص92.
10- منتهي محمود منصور عبيدات، "المسألة
النوويَّة الإيرانيَّة والأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي: دراسة في ضوء
الاتفاق النووي"، مجلة كليَّة التجارة للبحوث العلميَّة، جامعة أسيوط،
العدد (62)، يونيو 2016، ص271.
11- عدنان كاظم الشيباني، "الاتفاق النووي
الإيراني وانعكاساته الإقليميَّة والدوليَّة: دراسة في الجغرافيا
السياسيَّة"، حولية المنتدي للدراسات الإنسانيَّة، المنتدي الوطني
لأبحاث الفكر والثقافة، العدد (37)، 2019، ص27.
12- عمرو محمد إبراهيم، "البرنامج النووي الإيراني والصراع على
الشرق الأوسط"، المركز الديمقراطي العربي، 2016، متاح على الرابط
التالي: https://democraticac.de/?p=28369، تاريخ الدخول 1 أكتوبر 2021.
13- فراقد داود سلمان الشلال، "انعكاس
الاتفاق النووي الإيراني- الغربي (5+1) على أمن الخليج العربي"، مجلة آداب
البصرة، جامعة البصرة - كلية الآداب، العدد (85)، 2018، ص326.
14- سعد مجيل فلاح،
البرنامج النووي وأثره على توجهات السياسة الخارجيَّة الكويتيَّة (2003 :2012)، رسالة
مقدمة استكمالاً للحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسيَّة، جامعة الشرق
الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2013، ص ص47، 48.
15- إياد رشيد محمد الكريم، "أمن الخليج العربي في ظل التحدي
الإيراني"، مجلة جيل الدراسات السياسيَّة والعلاقات الدوليَّة، مركز
جيل البحث العلمي، العدد (10)، سبتمبر 2017، ص19.
16- جهاد أبو سعدة، "إسرائيل واستراتيجيَّة مواجهة البرنامج النووي
الإيراني"، مجلة الدراسات الإيرانيَّة، المعهد
الدولي للدراسات الإيرانيَّة، المجلد (2)، العدد (7)، يونيو 2018، ص ص84، 85.
17- منتهي محمود منصور عبيدات، "المسألة
النوويَّة الإيرانيَّة والأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي: دراسة في ضوء
الاتفاق النووي"، مرجع سابق، ص273.
18- سالي محمد فريد، "آثار البرنامج النووي الإيراني على الدول
الخليجيَّة والأفريقيَّة (دراسة)"، مركز فاروس للاستشارات والدراسات
الاستراتيجيَّة، متاح على الرابط التالي: https://pharostudies.com/?p=6773، تاريخ الدخول 15 سبتمبر 2021.
19- كمال عبدالله حسن الجاف، "أهمية الملف النووي الإيراني في
الرؤية الجيواستراتيجيَّة الأمريكيَّة حيال منطقة الخليج العربي"، مجلة
كلية القانون للعلوم القانونيَّة والسياسيَّة، جامعة اليرموك - كلية القانون
والعلوم السياسيَّة، المجلد (8)، العدد (28)، فبراير 2019، ص201.
20- إياد رشيد محمد الكريم، "أمن الخليج العربي في ظل التحدي
الإيراني"، مرجع سابق؛ ص19.
21- أميرة زكريا نور محمد طلحة، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على
أمن دول الخليج "2005- 2016"، المركز الديمقراطي العربي، متاح على
الرابط التالي: https://democraticac.de/?p=34475، تاريخ الدخول 15 سبتمبر 2021.
22- المرجع نفسه.
23- فراقد داود سلمان، "موقف الترويكا الأوروبيَّة من البرنامج
النووي الإيراني 1997-2009"، مجلة دراسات تاريخيَّة، جامعة البصرة-
كلية التربية للبنات، العدد (21)، 2016، ص187.
24-
Foad
Izadi, Hakimeh Saghaye-Biria, "A Discourse Analysis of Elite
American Newspaper Editorials: The Case of Iran’s Nuclear Program", Journal
of communication inquiry, Vol. 31, No. 2, April 2007, p. 145.
25-
Leonard Weiss," Israel's
future and Iran's nuclear program", Middle East Policy, Vol.16,
No.3, 2009, p. 80.
26-
David
Albright, Andrea Stricker, "Iran's nuclear program", The Iran
Primer, No.7, 2010, p2, On: https://iranprimer.usip.org, accessed 1/10/2021.
27- نديم خليل محمد، "خيارات السياسة
الخارجيَّة الأمريكيَّة في التعامل مع ملف إيران النووي للفترة من
2018-2002"، مجلة الآداب، جامعة بغداد - كلية الآداب، العدد (134)،
2020، ص315.
28- عمرو محمد إبراهيم، "البرنامج النووي الإيراني والصراع على
الشرق الأوسط"، المركز الديمقراطي العربي، 2016، متاح على الرابط التالي: https://democraticac.de/?p=28369، تاريخ الدخول 1 أكتوبر 2021.
29- محمد محمد العناني، "تحديات الدور الإيراني في المنطقة
العربيَّة وإقليم الشرق الأوسط"، مجلة الاستقلال، مركز الاستقلال
للدراسات الاستراتيجيَّة والاستشارات، العدد (1)،
أبريل 2015، ص85.
30- حمد عدنان الخالدي، التسلح النووي الإيراني
وأثره لي أمن دول الخليج العربيَّة: 1991-2006، مرجع سابق، ص103.
31- محمد عبدالعزيز عبدالحليم الرمامنة، تداعيات الاتفاق النووي على
مستقبل السياسة الإيرانيَّة تجاه الدول العربيَّة الآسيويَّة، رسالة ماجستير،
الجامعة الهاشميَّة، كلية الدراسات العليا، الأردن، 2017، ص22.
32- محمد محمد العناني، "تحديات الدور الإيراني في المنطقة
العربيَّة وإقليم الشرق الأوسط"، مرجع سابق، ص85.
33- سعد أبن نامي، "الملف النووي الإيراني بين العقوبات الغربيَّة
والتهديدات الإسرائيليَّة"، مجلة دراسات شرق أوسطيَّة، مركز دراسات
الشرق الأوسط، المجلد (16)، العدد (59)، 2012، ص86.
34- Chris Quillen, "Iranian nuclear weapons policy: past, present
and possible future", Middle East Review of International Affairs, Vol.
6, No. (2), June 2002, p. 21.
35- عطا محمد زهرة، "البرنامج
النووي الإيراني"، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، الطبعة
الأولى، 2015، ص22.
36-
Nihat Ali Ozcan , Ozgur
Ozdamar, "Iran's Nuclear Program and the Future of U.S. Iranian
Relations", Middle East Policy, Vol. 16, No.1, 2009, p. 123.
37- أزهار عبدالله حسن الجبالي، "الولايات المتحدة الأمريكيَّة
والبرنامج النووي الإيراني: حسابات ومواقف"، مجلة كلية القانون للعلوم
القانونيَّة والسياسيَّة، جامعة كركوك، كلية القانون والعلوم السياسيَّة،
المجلد (4)، العدد (12)، 2015، ص352.
38-
Anthony H. Cordesman,
"Iran and Nuclear Weapons", Center for Strategic International
Studies, Washington D.C. 2000, p. 7.
39- عبدالله فالح المطيري، أمن الخليج العربي والتحدي النووي الإيراني، رسالة
ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2011، ص ص48، 49.
40- عدنان كاظم جبار الشيباني، "الاتفاق النووي الإيراني وانعكاساته
الإقليميَّة والدوليَّة: دراسة في الجغرافيا السياسيَّة"، مرجع سابق،
ص19.
41- محسن عامر أبو جعفر المرغني، "انعكاسات الاتفاق النووي بين
إيران والدول الكبرى على تركيا"، المجلة العلميَّة للدراسات التجاريَّة
والبيئيَّة، جامعة قناة السويس - كلية التجارة، المجلد (10)، العدد (3)، 2019، ص686.
42- زينب خالد عبد المنعم السيد، "الملف
النووي الإيراني والمستقبل السياسي لمنطقة الشرق الأوسط 2003- 2016"، المركز الديمقراطي العربي، متاح
على الرابط التالي:
https://democraticac.de/?p=34549#_ftn31، تاريخ الدخول 11 نوفمبر 2021.
43-
Paul K. Kerr, " Iran's
Nuclear Program: Status", Congressional Research Service, August
11, 2009, p. 4.
44- البرنامج النووي الإيراني، موقع الجزيرة،
متاح على الرابط التالي: https://www.aljazeera.net،
تاريخ الدخول 12 نوفمبر 2021.
45- رائد حسين عبد الهادي، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته على الأمن
القومي الإسرائيلي، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، كلية
الآداب والعلوم الإنسانيَّة، 2011، ص ص48، 49.
46- ثائر رضوان الطاهات، "أثر البرنامج
النووي الإيراني على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط 2003-2018"، مرجع
سابق؛ ص41.
47- فؤاد عاطف العبادي، السياسة الخارجيَّة الإيرانيَّة وأثرها على أمن
الخليج العربي(1991-2012)، رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في العلوم
السياسيَّة، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2012، ص101.
48- Ali Vaez, Karim Sadjadpour, "Iran's Nuclear Odyssey: Cost
and Risks" Carnegie Endowment For International
Peace, Federation of American scientists, 2013, pp. 10-11.
49- سجاد كاظم حسين، دور دبلوماسية إيران في الملف النووي 2005-2017، رسالة
ماجستير، جامعة آل البيت، معهد بيت الحكمة، الأردن، 2018، ص ص32، 33.
50-
Holly Dagres, "Timeline:
Iran's Nuclear program", The Cairo Review of Global Affairs,
October 2013, p. 191.
51-
Tom Z. collina, Kelsey
Davenport, Daryl G. Kimball, Greg thielmann, "Solving The Iranian Nuclear
puzzle", Washington, DC: An Arms Control Association (ACA) Briefing
Book, February 2013, p. 4.
52-
Samira N. Nikou,"Time
line of Iran's Nuclear Activities", The Iran primer, Auguest
17,2021, On: https://iranprimer.usip.org, accessed 15/12/2021.
53-
Halit M.E. Tagma, Paul E. Lenze,
JR, Understanding and Explaining the Iranian Nuclear 'Crisis': Theoretical
Approaches, Published by Lexington Books, New York, 2020, p. 59.
54-
Paul K. Kerr, Kenneth Katzman,
"Iran Nuclear Agreement", Congressional Research Service,
January 19, 2016, p. 8.
55- الأمم المتحدة، قرار مجلس الأمن رقم 2231
لعام 2015، ص4.
56-
Paul K. Kerr, Kenneth Katzman,
"Iran Nuclear Agreement And US exit", Congressional Research
Service, July 20, 2018, p. 8.
57- إسراء أحمد فؤاد، "أخطر 10 مراحل مر بها الملف النووي
الإيراني"، متاح على الرابط التالي: https://www.youm7.com/، تاريخ الدخول
11 نوفمبر 2021.
58- إريك بروير، "برنامج إيران المتطور
...وانعكاساته على سياسة الولايات المتحدة"، موقع التجدد، متاح على الرابط
التالي: https://altajadud.com/، تاريخ
الدخول 15 نوفمبر 2021.
59- شريف طارق، "تسلسل زمني لتطور المحادثات الإيرانيَّة"، زاوية عربي، متاح على الرابط التالي: https://www.zawya.com، تاريخ الدخول 15 نوفمبر 2021.