المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

إعادة تموضع....كيف يبدو المشهد في إيران قبيل الانتخابات الرئاسية المبكرة؟

الأربعاء 14/أغسطس/2024 - 03:19 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

آثارت الأحداث المتسارعة ورغبة السلطات في إيران لسبق الزمن للانتقال إلى مرحلة ما بعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الانتباه حول الملفات المختلفة سواء على صعيد المشهد السياسي فيما يتعلق بالتجهيز للاستحقاقات الرئاسية المبكرة  والمرشحين المحتملين وقدرة التيارات والتكتلات السياسية المختلفة على الوقوف وراء مرشحين بعينهم ولاسيما فيما يتعلق بالتيار الإصلاحي الذى تم تهميشه خلال فترة إبراهيم رئيسي.

ويتوازى ذلك مع تصاعد الانتقادات لاستمرار النظام في التركيز على التيار المتشدد ودعمه في الانتخابات القادمة ولاسيما بعد أن سيطر الفصيل ذاته على مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) عبر فوز المنتمين له بالعدد الأكبر من المقاعد وإعادة انتخاب رئيسه السابق محمد باقر قاليباف مرة أخرى خلال الدورة الجديدة. وأما على الصعيد النووي، فتصاعدت الانتقادات الداخلية في إيران ولاسيما من التيار الإصلاحي على خلفية التأخر في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بالتزامن مع احتمالات عودة الرئيس الأمريكي السابق ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى.

أولاً:  المشهد الانتخابي

بعد تراجع اهتمام الصحف الإيرانية بملف رحيل الرئيس الإيراني بحادث تحطم المروحية، تركز اهتمامها على الانتخابات الرئاسية المبكرة، المزمع عقدها الشهر المقبل لاختيار خليفة لإبراهيم رئيسي. وشرعت التيارات السياسية المختلفة في تقديم قوائم للمرشحين المحتملين، ففيما يتعلق بالتيار المتشدد قدم بعض الشخصيات المهمة والتي كان ومازال لها أدوار على الساحة السياسية واتضح أبرزهم في المقرب من حكومة رئيسي، ورئيس الوفد التفاوضي الإيراني في عهد حكومة أحمدي نجاد، والذى يشغل حالياً منصب ممثل المرشد الأعلى في المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي. وكان هذا الأخير أول المترشحين للاستحقاقات الرئاسية  وأن هناك اجتماعات عقدت في هذا الخصوص بمكتب جليلي حول قرار ترشحه.

أما عن التيار الإصلاحي، فيبدو إنه مازال لم يستعيد مكانته على الساحة السياسية ربما لإدراك قادة هذا التيار أنهم مستبعدون من قبل النظام خلال هذه الفترة على خلفية البدء في التحضير لمرحلة ما بعد المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي.

 ورغم الحديث عن إمكانية ترشح إحدى الشخصيات المعتدلة مثل رئيس البرلمان الأسبق علي لاريجاني، إلا إنه لم يحسم ترشح إي من الشخصيات الإصلاحية، ولاسيما بعد أن أعلن وزير الخارجية السابق جواد ظريف عدم نيته الترشح في هذه الاستحقاقات واستبعاد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني من عضوية مجلس الخبراء، الأمر الذى آثار روحاني على إثره حملة على النظام وأرسل العديد من الرسائل التي طلب فيها سبب استبعاده ودعا بعدها إلى الحفاظ على صلاحيات منصب رئيس الجمهورية في إيران والتي باتت في التقلص الشديد من وجهة نظره.

ثانياً: المشهد الاقتصادي- الأمني

بالتوازي مع حالة الاستقطاب الكبيرة على الساحة السياسية مازال الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران كما هو، بل ومن المتوقع أن يستمر ذلك خلال فترة الرئيس المؤقت محمد مخبر، ولاسيما إنه بات منشغل بإدارة البلاد مع رغبته في الحفاظ على منصبه كنائب أول للرئيس. ورغم تعويل إيران خلال فترة إبراهيم رئيسي على تخطى العقوبات الاقتصادية عن طريق تعزيز علاقاته الاقتصادية بدول الجوار، إلا إنه كشفت إحدى التقارير الصادرة في 27 مايو 2024 عن أن علاقات إيران التجارية مع بعض الشركاء في دول الجوار أظهرت أن لديها عجزاً تجارياً كبيراً مع 15 دولة، بحيث قد يصل الفارق بين الصادرات والواردات أحياناً إلى نحو 15 مليار دولار.

وقد يصل الفارق بين الصادرات والواردات أحياناً إلى نحو 15 مليار دولار؛ حيث صدرت إيران إلى العراق 9 مليارات دولار في 2023، فيما بلغت واردات العراق من إيران 582 مليون دولار. وعلى الرغم من إمكانية الحفاظ على سوق التصدير هذه على المدى القصير بسبب ضعف البنية التحتية في بعض البلدان، فمن الضروري التخطيط لبعض الإجراءات للحفاظ عليه على المدى الطويل. وعلى الصعيد الأمني، فهناك حالة من الاستقطاب في الشارع الإيراني على خلفية إعلان وكالة الأنباء الألمانية في 27 مايو 2024 أن دول أوروبية عدة تسعى إلى تصنيف الحرس الثوري، الأمر الذى يعد بمثابة إشكالية قد لا تبدو هينة على اعتبار إنه جزء من القوات المسلحة الإيرانية.

ثالثاً: الملف النووي

رغم حرص السلطات الإيرانية عقب مصرع الرئيس السابق إبراهيم رئيسي بالتأكيد على مواصلة المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الإطار، إلا إنه ثارت حالة من الشد والجذب على الساحة السياسية في إيران عقب إعلان أن مستشار المرشد الأعلى للشؤون السياسية علي شمخاني كان ومازال يتولى الإشراف على المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بهدف إحياء الاتفاق النووي. وذكرت تقارير غير رسمية أن شمخاني تولى إدارة الملف النووي، منذ بداية مارس 2024، وأشرف شمخاني على المحادثات النووية التي أجرتها وزارة الخارجية في زمن الرئيس الأسبق حسن روحاني، خلال توليه منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي مدة 10 سنوات. وهو ما وجهت له اتهامات على إثره عرقلة صفقة لإحياء الاتفاق النووي، في المحادثات التي جرت خلال الشهور الستة الأخيرة لحكومة حسن روحاني.

وبالتوازي مع ذلك، كشف تقرير سري صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 27 مايو 2024 عن أن إيران زادت من مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من مستوى صنع الأسلحة؛ حيث تمتلك الآن 142.1 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، بنسبة تصل إلى 60 بالمائة، بزيادة قدرها 20.6 كيلوغرام منذ التقرير الأخير في فبراير 2024. وبحسب التقرير، يبلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 6201.3 كيلوغرام، وهو ما يمثل زيادة قدرها 675.8 كيلوغرام عن النسبة المماثلة الصادرة في التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني.

وفي النهاية: يمكن القول إنه رغم تحديد السياسات العليا في إيران من قبل بعض مؤسسات صنع القرار رفيعة المستوى مثل المرشد الأعلى والمجلس الأعلى للأمن القومي، مما يكشف عن أن مصرع الرئيس الإيراني السابق لن يكون له تأثير كبير على مسار العمل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا إنه يمكن القول أن  إيران مقبلة على  مرحلة حرجة ستتضح بعدها الخطوط العريضة لسياساتها على كافة الأصعدة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟