رغم إنه يعتقد بعض المحللين أن العد التنازلي لحرب إقليمية قد
بدأ، ولكن السؤال يتمحور حول: ما مدى توافق هذا مع الواقع؟ لكن الجدير بالذكر أن
منطقة الشرق الأوسط باتت حبلى
بتطورات مهمة، وهو ما اتضح في تحذيرات إسرائيل من المهاجمة الوشيكة للبنان
واستحضار المزيد من الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية لذلك، وتحذير واشنطن من
اتساع نطاق هذه الحرب الإقليمية خشية انضمام إيران والجماعات المسلحة التابعة لها
سواء في العراق أو اليمن وسوريا إليها.
أولاً: التصعيد اللبناني الإيراني في مواجهة تل أبيب
أعلنت قيادت حزب الله اللبناني أنه مستعد تماماً لمواجهة مثل
هذه الحرب الكبيرة، كما حذر قبرص من مساعدة إسرائيل، ولاسيما إذا سمحت لإسرائيل باستخدام قواعدها العسكرية في
توجيه ضربة للبنان، وإلا فإنها ستكون هدفاً لهجمات انتقامية، فقد كشف تقرير نشرته
صحيفة الغارديان البريطانية عن أن دبلوماسيين غربيين يعملون في قبرص أعربوا عن قلقهم
من تهديدات حزب الله وانجرار قبرص للصراع المحتدم في الشرق الأوسط، إذا اندلعت حرب
شاملة بين لبنان وإسرائيل.
وبالتوازى مع ذلك، حذرت إيران إسرائيل من الانجرار وراء أي قرار
غير حكيم بما قد يؤدي إلى حرب جديدة في المنطقة، وقد عملت هذه الأحداث على وجود أجواء من التوقعات
والقلق في المنطقة؛ حيث حذر وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني، إسرائيل
من السقوط في البئر اللبنانية، قائلاً: "لا
ننصح الصهاينة أبداً بالعودة إلى هزيمتي 2000 و2006 اللتين منيا بهما في
لبنان" في إشارة الصراعات التي شهدتها على مدى السنوات السابقة الحدود
اللبنانية الإسرائيلية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم إيرانياً".
ثانياً: انضمام وكلاء إيران إلى الحرب
يعد انضمام الجماعات المسلحة التابعة لإيران من العراق إلى
سوريا والضفة الغربية وغزة واليمن إلى الحرب القادمة بين حزب الله وإسرائيل بمثابة
تهديد كبير للمسؤولين في تل أبيب، ولاسيما أن الهجمات التي يقوم حزب الله اللبناني
على إسرائيل إلى تهجير نحو 250 ألف إسرائيلي من سكان منطقة الجليل في شمال إسرائيل
إلى المناطق الوسطى.
وبالتوازى مع ذلك، تسببت هجمات جماعة حزب الله ضد المراكز
والمنشآت العسكرية في إسرائيل في وقوع خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهو
الأمر الذى يخفيه هذا النظام دائماً. لقد وصل الأمر إلى حد أن بعض القادة
السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يصرخون بغضب بأن علينا مهاجمة لبنان وتدمير حزب
الله والبنية التحتية اللبنانية، وهو ما أرسلت على إثره واشنطن التي تدرك خطورة
هذا العمل الإسرائيلي المحتمل، ممثلها الخاص للشؤون اللبنانية "عاموس
هوشستين" إلى المنطقة.
لكن تم التأكيد للمبعوث الأمريكي من قبل السلطات اللبنانية على أن العملية في جنوب لبنان مرتبطة بالحرب في
غزة، وإذا أوقفت إسرائيل الحرب في غزة فإن العملية في جنوب لبنان ستتوقف أيضاً،
أما غير ذلك فإن هذه العملية ستستمر.
ثالثاَ: استعدادات حزب الله اللبناني
في الوقت الذى كان يزور فيه المبعوث الأمريكي لشؤون لبنان
المنطقة، قام حزب الله بعمل مهم للغاية وذا معنى؛ حيث كشف حزب الله عن إحدى طائرته
الاستطلاعية المتطورة للغاية والتي تسمى "المقنعة"، والتي تمكنت من
اجتياز جميع العوائق، من القبة الحديدية إلى أنظمة الرادار الإسرائيلية المتقدمة،
لتصوير ميناء حيفا المهم ومحيطه لساعات والعودة بسلام إلى قاعدتها في لبنان.
ولم يبث حزب الله سوى أجزاء من هذا الفيلم البالغ مدته حوالي
نصف ساعة، وأظهر أنه يعرف مواقع جميع الأهداف العسكرية والمدنية في حيفا بإحداثيات
دقيقة، وأنه في حالة نشوب أي حرب قادر على تدمير جميع هذه الأهداف. وهو ما اعتبره
عدد من المحللين ضربة أمنية واستخباراتية قاسية لإسرائيل وانتصاراً كبيراً
للمقاومة، وأظهر أن قبة إسرائيل الحديدية ومنشآت الرادار والمراقبة الضخمة التي
أنفقت عليها مئات الملايين من الدولارات، لا قيمة
لها على الإطلاق، والمقاومة لديها معلومات كاملة، ويمكنها أن تحرق البنية التحتية
لإسرائيل من مستودعات المياه والكهرباء والغاز والوقود والمواد الغذائية، خلال
دقائق معدودة، وتضع إسرائيل على حافة الدمار.
وفي هذه الأثناء، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر
الله مخاطباً إسرائيل: "لا تخيفونا من الحرب". لأنكم أنتم من يجب أن
تخافوا من الحرب معنا"، وأضاف نصر الله قائلاً: "لدينا أسلحة سنكشف عنها
في الحرب، ولن نراعي أي حدود أو قواعد في الحرب المقبلة؛ وفي الوقت الحالي، هناك
أكثر من 100 ألف من مقاتلينا جاهزون لدخول ساحة المعركة".
والجدير بالذكر، أن حزب
الله يستهدف حالياً فقط المراكز والمعدات والمنشآت العسكرية ويمتنع عن ضرب المراكز
السكانية ومنشآت البنية التحتية لإسرائيل. ويكشف حديث نصر الله عن أنه لن يلتزم
بهذه القواعد في الحرب المقبلة، كما تعلم إسرائيل أن الهجوم على منطقة الجليل
الأعلى والاستيلاء عليها ي على يد ما تسمى بقوات "الرضوان" جاهزة
للتنفيذ، وهكذا الحرب ستعني تدمير نظام الاحتلال.
وفي النهاية: يمكن القول أن تحذيرات نصر الله لقبرص من منح
مجالها الجوى ومطاراتها لإسرائيل، وإلا فإنها ستضطر إلى قبول عواقب التعاون هذا مع
إسرائيل. وقد أقلق هذا التهديد سلطات نيقوسيا، لدرجة أن الرئيس ووزير الخارجية
القبرصي اتصلا على الفور بالمسؤولين اللبنانيين وأكدوا أن قبرص محايدة في هذه
الحرب وهي جزء من الحل وليس من الحرب.
لكن حصل حزب الله على معلومات أفادت بأن الجيش الإسرائيلي أجرى
مناورات في جزء من الأراضي القبرصية بسبب تشابه طبيعة الجزء الأوسط من قبرص مع
طبيعة جنوب لبنان، كما استخدمت الطائرات العسكرية التابعة لإسرائيل أجواء قبرص
أيضاً ومطاراتها عدة مرات. وكذلك فإن قاعدة "أكروتيري" الواقعة على
الساحل الشرقي لقبرص تقدم أكبر قدر من المساعدات لإسرائيل؛ حيث كانت هذه القاعدة
غرفة عمليات مشتركة بين واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب لتخطيط العمليات ضد الوكلاء
التابعين لإيران في المنطقة.