المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

رؤية استشرافية... التداعيات العامة لنتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في إيران

الأربعاء 14/أغسطس/2024 - 03:46 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

اسفرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الـ14 في إيران والتي تم إجرائها يوم الجمعة الموافق 28 يونيو 2024 عن حصول المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان  10 مليون و415 ألف و191 صوت، أي ما نسبته 42% من الأصوات، والمرشح الأصولي سعيد جليلي على 9 ملايين و478 ألف و298 صوت، بنسبة 39% من الأصوات، بينما حصل محمد باقر قاليباف على 3 مليون و383 ألف و340 صوت، ومصطفى بور محمدي على 206 ألف و396 صوت. أما الأصوات الباطلة فقد بلغت 1056159 صوت.

ونتيجة لعدم حصول أي من المرشحين الأربعة عن النصاب اللازم للفوز في هذه الاستحقاقات الانتخابية والمتمثل في ما نسبته 50% من عدد الأصوات + 1، فسيتم إجراء جولة ثانية لهذه الاستحقاقات في 5 يوليو الجاري. ومن هذا المنطلق سيتم العرض فيما يلي لأبرز تداعيات نتائج هذه الانتخابات على كافة الأصعدة فيما يلي:

أولاً: نتائج الانتخابات وانعكاساتها علي الأوضاع الداخلية بايران

تعكس نسبة المشاركة الشعبية المنخفضة في هذه الاستحقاقات والتي وصلت إلى 40% فقط حالة اليأس المجتمعي من أي تغيرات يمكن أن تطرأ على سياسات نظام الولي الفقيه في إيران، ومن هذا المنطلق نجد أننا إزاء سيناريوهيين أساسيين يتمثلان في فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان والمرجح فوزه بنسبة كبيرة حسب استطلاع الرأي الذى أجرته شركة ديتاك الإيرانية في 1 يوليو الجاري وقبل اجراء المناظرة الرئاسية الأولى، تقدم بزشكيان بـ ٥٠.٦٪ في مقابل ٤٧.٣٪ لسعيد جليلي.

وعليه، من شأن فوز بزشكيان أن يؤثر على الأوضاع الداخلية في إيران من نواح عدة يتمثل أبرزها في

1-     تحسين الأوضاع الاقتصادية: أكد بزشكيان خلال المناظرات الانتخابية التي أجراها مع نظرائه من المرشحين على أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إيران في الوقت الحالي ستكون إحدى أهم أولوياته، والتي سيعمل على التقليل من حدة تداعياتها السلبية من خلال دعم سعر الصرف والتقليل من التأثير السلبي لبعض المؤسسات الأخرى مثل الحرس الثوري على الاقتصاد، بالإضافة إلى التفاوض مع القوى الكبرى في الغرب من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران والتي تم تكثيفها مؤخراً سواء بسبب ملف حقوق الإنسان أو الدعم العسكري الإيراني لروسيا في عمليتها العسكرية الشاملة في أوكرانيا.

2-     التخفيف من حدة القمع: عكست الحملات الانتخابية التي قام بها المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان في المحافظات التي تقطنها الأقليات والدعم الشعبي الذى حصل عليه منها مدى الآمال المعلقة على انفتاح المجال العام في إيران في حالة فوزه وهو ما أكد عليه؛ حيث أشار إلى أن حكومته ستتبنى ذات النهج المتبع في حكومة الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمى الذى أتاح المجال لحريات عديدة مثل الصحافة والإعلام والحد من بعض العقوبات القاسية مثل عقوبة الإعدام.

3-     تحجيم دور التيار المتشدد: من المتوقع أن يؤدى فوز بزشكيان إلى الحد من الدور الكبير الذى يتمتع به التيار المحافظ في إيران ولاسيما فيما يتعلق بالحرس الثوري المنخرط في كافة مؤسسات الدولة والمسيطر على كافة مفاصلها. وسيؤدى ذلك إلى إعادة بروز التيار الإصلاحي مرة أخرى واستعادة الثقة التي كانت مفقودة في إمكانية عودته إلى الساحة السياسية مرة أخرى وتقديمه للجديد من السياسات والمبادرات.

والعكس من ذلك هو المتوقع أن يحدث في حال فوز المرشح المحافظ سعيد جليلي؛ حيث ربما تستمر الأزمة الاقتصادية موجودة وخاصة في عدائه الشديد للغرب ورفضه لفكرة التفاوض معهم بشأن برنامج إيران النووي، بما يؤدى لرفع العقوبات. وكذلك سيتمر التضييق على المجال العام والحد من الحريات العامة مثل حرية الصحافة والإعلام، بالإضافة إلى مواصلة السياسات الهادفة إلى فصل التابعين للتيار الإصلاحي من وظائفهم، وفتح الباب أمام مزيد من السيطرة والتأثير بالنسبة للتيار المتشدد وفي القلب منه الحرس الثوري.

ثانياً: العلاقات الإيرانية مع القوي الغربية

تعد العلاقات الإيرانية مع الغرب ولاسيما فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي من أبرز الملفات التي ستتأثر بنتائج الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية، ففي حالة فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، من المتوقع أن تتضح أبرز محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه هذه الدول على النحو التالي:

1-     العودة إلى طاولة المفاوضات: من المتوقع أن يكون الملف النووي الإيراني على رأس أولويات بزشكيان حال فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك لإدراكه بأن العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على إيران تعد بمثابة العقبة الأساسية أمام حل غالبية الأزمات الإيرانية في الداخل وعلى رأسها الاقتصادية والاجتماعية.

2-     تقليص الدعم الإيراني لروسيا: ربما يؤدى المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان إلى الحد من علاقات إيران المتطورة مع روسيا، ولاسيما فيما يتعلق بدعمها عسكرياً في حربها على أوكرانيا بغرض اقناع الدول الغربية برفع العقوبات المفروضة على إيران في هذا الشأن.

3-     سعى إيران لاصلاح العلاقات مع واشنطن وبروكسل: تأسيساً على النقطة السابقة، من المتوقع أن تتجه إيران لتهدئة حدة التوترات مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي على خلفية رغبتها في مواصلة مفاوضات العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة واستعادة علاقاتها الطبيعية مع هذه الدول.

وخلافاً لذلك هو المتوقع أن يحدث حال فوز المرشح المحافظ سعيد جليلي المعروف بعدائه الشديد للغرب وعدم إيمانه بجدوى الاتفاق النووي؛ والشاهد على ذلك هو تدهور علاقة إيران مع الغرب مما أدى لفرض المزيد من العقوبات على إيران عندما كان جليلى يتولى منصب كبير المفاوضيين النويين في عهد الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد.

ثالثاً: العلاقات الإيرانية مع الدول العربية

من المتوقع ألا تتأثر العلاقات الإيرانية مع الدول العربية وخاصة أبوظبي والرياض وكذلك الدعم الإيراني لحركة حماس الفلسطينية في حربها مع إسرائيل كثيراً بنتائج الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية، على خلفية إعلان الأمين العام للمجلس الأمن القومي علي أكبر أحمديان والمعنى برسم الخطوط العامة للسياسة الخارجية الإيرانية عقب وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مايو 2024 عن أن أجندة السياسة الخارجية لطهران تجاه دول الجوار لن تتغير وأن طهران ستواصل جهودها الرامية إلى حل الملفات الخلافية مع هذه الدول.

ولكن الجدير بالذكر إنه ربما لم تمنح الحكومة في إيران حال فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان في هذه الانتخابات الاهتمام الكافي لكهذا ملفات نتيجة انشغالها بقضية الملف النووي النووي مع الغرب كما كان الحال في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني، والشاهد على ذلك هو تحالف وزير الخارجية في عهد روحاني جواد ظريف مع المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان وغالباً سيكون هو وزير الخارجية القادم حال فوزه.

رابعاً: انعكاسات نتائج الانتخابات علي مسار التقارب ( المصري - الإيراني )

رغم إنه من المتوقع أن يؤدى انشغال حكومة المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان حال فوزه في الجولة الثانية من الاستحقاقات الرئاسية بحل إشكالية الملف النووي مع الغرب على مساعي طهران لتحسين علاقتها مع جمهورية مصرالعربية، إلا إنه يبدو أن هناك رغبة كبيرة من قبل النظام (المرشد والمجلس الأعلى للأمن القومي) في مواصلة المفاوضات مع مصر وصولاً إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة كما حدث مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعد سنوات من القطيعة، والشاهد على ذلك هو إعلان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية تخطيط طهران لإرسال وفد تجاري إلى مصر في يناير 2025.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟