المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
منار عبد الغني
منار عبد الغني

تأثير الجالية الإسلامية على ملامح المشهد السياسي في بريطانيا تجاه العدوان على غزة

الأحد 29/ديسمبر/2024 - 03:13 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

تنتشر لافتات "حلال" في العديد من محلات البقالة والمطاعم في لندن، حيث تقدم العديد من المطاعم وجبات تتماشى مع الشريعة الإسلامية. وهذا الأمر مفهوم نظرًا لاستقبال المدينة للعديد من السياح والزوار من الدول الإسلامية، ومع ذلك، فإن مطاعم "الحلال" ليست حكرًا على المناطق السياحية فحسب، بل توجد أيضًا في مناطق وأحياء متعددة في لندن ومدن بريطانية أخرى، حتى تلك التي لا تجذب الكثير من السياح(1). ويعكس هذا الأمر دور المسلمين كجزء لا يتجزأ من المجتمع البريطاني، الذي أصبح التنوع سمة رئيسية له في مختلف أنحائه. ويتميز المسلمون في بريطانيا بتنوع كبير من حيث الهوية العرقية، الخلفية الإثنية، الطائفة الدينية الإسلامية، بلد المنشأ، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ومنطقة الإقامة في المملكة المتحدة. على الرغم من كونهم وجودًا ملحوظًا في المملكة المتحدة لعقود، فإن هذا التنوع بغناه وأيضًا التحديات التي قد يطرحها غالبًا ما يتم تجاهله في المجالات السياسة والأكاديمية ووسائل الإعلام ولكن منذ طوفان الأقصى واستمرار المظاهرات المناهضة للعدوان ؛ لتأتي الانتخابات الأخيرة المنعقدة في يوليو 2024  لتثير اهتمام مراقبين يسعون لمعرفة حجم تأثير تلك الفئة من الناخبين على  تلك نتائج الانتخابات.

أولاً- الجالية المسلمة في بريطانيا والحرب على غزة :

وفقًا لأحدث إحصاء رسمي، يقدر عدد المسلمين في بريطانيا بنحو 4 ملايين، مما يمثل حوالي 6.5% من إجمالي سكان المملكة المتحدة. وتتواجد الجاليات المسلمة بشكل رئيسي في خمس مناطق حضرية كبرى: برمنجهام في المقدمة بحوالي 350 ألف مسلم، تليها براتفورد بحوالي 167 ألف مسلم، ثم لندن التي يقطنها حوالي 145 ألف مسلم، ومانشستر التي تضم حوالي 123 ألف مسلم.

تشير التقديرات إلى أن المسلمين قد انتشروا أيضًا في مناطق أخرى خارج مراكز التجمع التقليدية. ومع ذلك، يعيش نحو 40% من الأقليات المسلمة في ظروف صعبة، حيث تعاني من الفقر وغياب العدالة الاجتماعية. ويؤكد التقرير الصادر عن المجلس الإسلامي في بريطانيا أن الأرقام الرسمية تختلف عن الدعاية التي يروجها اليمين المتطرف بشأن زيادة أعداد المسلمين، ويظهر أن هذه الجاليات لا تزال تتعرض للتهميش والحرمان والإقصاء المنهجي.(2)

وبينما ترتفع أصوات الاحتجاج من بعض الأوساط المتطرفة ضد طالبي اللجوء في بريطانيا، قدر مجلس المهاجرين البريطاني، وهو منظمة غير حكومية، عدد طلبات اللجوء في المملكة المتحدة خلال العام 2023بنحو 67 ألف طلب، وهو ما يمثل انخفاضاً قدره حوالي 17% مقارنةبعام 2022. ورغم ذلك، يشكل طالبي اللجوء نسبة ضئيلة من إجمالي الوافدين إلى البلاد، مما يجعل بريطانيا تحتل المرتبة العشرين بين الدول الأوروبية في هذا المجال.

كما أظهرت الإحصاءات الرسمية انخفاضاً في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا القناة الإنجليزية في السنوات الأخيرة، حيث سجل خفر السواحل البريطاني عبور حوالي 603 قوارب في عام 2023، مقارنةً بحوالي ألف قارب في عام 2022. وأوضح مجلس المهاجرين أن وزارة الداخلية البريطانية قامت بالبت في حوالي 25% فقط من طلبات اللجوء.(3) 

وبالتالي تتناقض هذه الأرقام مع الروايات التي يروج لها اليمين المتطرف، والتي يراها كثيرون محاولة لتضخيم أعداد المهاجرين القادمين من دول عربية وإسلامية إلى بريطانيا، بهدف تبرير خطاب الكراهية ضدهم.

أثار التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، عقب الهجمات الفلسطينية المفاجئة في 7 أكتوبر، استجابة متباينة في بريطانيا. بينما تدعم الجالية المسلمة القضية الفلسطينية، يساند بعض اليهود وغيرهم من الأفراد موقف تل أبيب، معتبرين أن الإجراءات الإسرائيلية تمثل "دفاعًا عن النفس."، هذا الاستقطاب أدى إلى تصاعد الاعتداءات على الأفراد والشركات والمراكز الدينية من الجانبين، وأثار تفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في تأجيج مشاعر الكراهية والانقسام داخل المجتمع البريطاني. وقد شهدت بريطانيا زيادة ملحوظة في جرائم الكراهية، حيث سجلت الشرطة بين الأول و18 أكتوبر أكثر من 100 جريمة ضد المسلمين، مقارنة بـ42 جريمة في نفس الفترة من العام السابق. في الوقت نفسه، ارتفعت جرائم "معاداة السامية" من حالتين فقط إلى 218 جريمة خلال نفس الفترة. ووفقًا للإحصاءات البريطانية، تم تسجيل حوالي 218 جريمة "معادية للسامية" بين 1 و18 أكتوبر 2023، مقارنة بـ15 جريمة فقط في نفس الفترة من العام الماضي، مما يعكس زيادة بمعدل 14 ضعفًا، كما سجلت الفترة من 7 إلى 19 أكتوبر تعرض المسلمين لـ291 اعتداءً، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 6 أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ووفقًا لمنظمة "تيل ماما"، تنوعت هذه الاعتداءات بين هجمات فعلية وأخرى عبر الإنترنت، مع تسجيل زيادة ملحوظة في الهجمات المادية ضد المسلمين في مناطق مختلفة من إنجلترا، بما في ذلك لندن ومانشستر الكبرى ولانكشاير.(4)

ثانياً- الموقف البريطاني من العدوان على غزة :

كان هناك اتفاق واضح حول دعم إسرائيل تماشيًا مع الموقف الأمريكي؛ فجاءت تصريحات رئيس حزب المحافظين ورئيس الحكومة السابق " ريشي سوناك" متوافقة مع رئيس حزب العمال  ورئيس الحكومة الحالي " كيرستارمر" في رؤيتهم في وصف هجوم 7 أكتوبر بالوحشي مع التأكيد على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها (5)، كما صرحت الحكومة البريطانية أنها ستعمل على إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة . من جانب أخر  أطلق الوزير الأول في اسكتلندا السابق " حمزة يوسف"  زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي، دعوة وصفها الإعلام البريطاني بأنها "الأولى من نوعها من قبل زعيم غربي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وفتح ممرات إنسانية لغزة"، ورغم تعبير يوسف عن تفهمه لرغبة إسرائيل في حماية نفسها من الإرهاب، شدد على أن العقاب الجماعي للرجال والنساء والأطفال، الذين لا علاقة لهم بالإرهاب، لا يمكن تبريره. كما دعا المملكة المتحدة إلى استقبال اللاجئين الفلسطينيين، مقترحًا أن تكون اسكتلندا أول من يبادر بذلك(6). ويمكن القول موقفه يأتي لدعم حركات الاستقلال وتقرير المصير، تماشيًا مع أهداف حزبه الساعية إلى الانفصال عن المملكة المتحدة.

بالنسبة لموقف الأحزاب وقطاعات المجتمع المدني ذات الميول اليمنية اعتبرت أن من حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها مؤكدة عن رفضها لمعاداة السامية مع تصوير هجوم حماس بأنه نتاج عن التطرف الإسلامي في إشارة إلى الهجمات التي عانت منها بعض العواصم الأوروبية في الأعوام الماضية من جراء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " وبالتالي يعد ذلك محاولة لمحو الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي تمامًا من المعادلة .

 وجاء موقف الجماعات والأحزاب اليسارية ومجتمعات المهاجرين مغايرة تمامًا ؛ حيث دعمت القضية الفلسطينية حتى أنها وصفت حماس " بالمقاومة ".(7) وتحول مواقف اليسار الغربي من دعم إسرائيل إلى تأييد القضية الفلسطينية؛  ففي البداية، حظيت إسرائيل بتأييد واسع من قبل اليسار في أوروبا، الذي اعتبرها تمثل قضية تتعلق بحق تقرير المصير لأقلية مضطهدة. ومع مرور الوقت وتحديدًا بعد حرب عام 1967، تغيّرت صورة إسرائيل من دولة ضعيفة مهددة إلى قوة إقليمية مهيمنة، مما دفع اليسار لإعادة تقييم موقفه، ومع انتخاب أول حكومة يمينية في إسرائيل عام 1977، وزوال الدعم التقليدي من اليسار، إضافة إلى صعود جيل جديد من اليساريين الذين ينظرون إلى إسرائيل كدولة استعمارية، أدى إلى تحول ملحوظ في موقف اليسار الأوروبي نحو تأييد القضية الفلسطينية. وتعاني الأحزاب اليسارية من صعوبة تحديد موقفها بين دعم الفلسطينيين أو الدفاع عن حقوق اليهود في أوروبا؛ مما  أدى إلى تصدعات داخل الأحزاب اليسارية في دول مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، مما أحرج زعماءها وأجبرهم على اتخاذ مواقف متباينة، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي داخل تلك الأحزاب.(8)

ويتخبط حزب العمال البريطاني بقيادة كير ستارمر في تحديد موقف واضح تجاه الحرب في غزة بعد انتخابه بسبب ضغوط متعددة، منها فقدانه لأصوات مهمة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة لصالح مرشحين مستقلين مؤيدين للقضية الفلسطينية، كما  يعكس تردد وزير الخارجية ديفيد لامي بين تأييده لوقف إطلاق النار والسعي لموقف أكثر "توازناً" مخاوف داخلية من فقدان التأييد الشعبي ومن الحاجة لإرضاء شريحة متزايدة من الناخبين المؤيدين للفلسطينيين داخل بريطانيا.(9)

ويلاحظ تغيرًا في موقف حزب العمال عن موقف الحكومة السابقة، حيث دعا ستارمر إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأكد وزير الخارجية على التزام بريطانيا بقرارات المحكمة الجنائية الدولية في حال صدور مذكرة توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين. ومع ذلك، يعتبر هذا التحول محدودًا ومبنيًا على الاعتبارات السياسية الداخلية والضغوط الشعبية، بما في ذلك ضرورة مراجعة توريد الأسلحة إلى إسرائيل واتخاذ موقف أقوى ضد الاستيطان غير القانوني في الضفة الغربية. في النهاية، يعكس الموقف المتذبذب لحزب العمال إدراكه لتزايد التأييد الشعبي لحقوق الفلسطينيين داخل بريطانيا، لكنه لا يصل إلى حد تغيير جذري في سياسته الخارجية .

ثالثًا- انعكاسات الحرب في غزة على المشهد السياسي البريطاني :

1- العلاقة مع الإسلام السياسي :

مع تصاعد جرائم الكراهية التي استهدفت المسلمين واليهود على حد سواء، اتخذت الحكومة خطوة جديدة مرتبطة بحرب غزة، وهي إعادة تقييم علاقاتها مع جماعات الإسلام السياسي. وقد تم تبني تعريف جديد للتطرف يشمل "أي نشاط يروج أو ينشر أيديولوجية تدعو إلى العنف أو الكراهية أو عدم التسامح، بهدف تدمير الحقوق الأساسية للمواطنين أو تقويض الديمقراطية والليبرالية."

التعريف الجديد لم يقتصر فقط على جماعات الإسلام السياسي بل شمل أيضًا منظمات من اليمين المتطرف. ومع ذلك، حذر أساقفة "كانتربري" و"يورك" من أن التعريف قد يؤثر بشكل غير متناسب على الجماعات الإسلامية. دعا كل من جاستن ويلبي وستيفن كوتريل إلى مراجعة هذا التعريف بشكل أكثر دقة قبل اعتماده، معبرين عن قلقهما من أن يزيد من الانقسامات والخلافات في المجتمع البريطاني.وقد أثار هذا التعريف قلق العديد من التجمعات الأخرى، خصوصًا بعد حظر جماعة "حزب التحرير" التي دعت إلى الجهاد ضد إسرائيل، مما أدى إلى حظرها بعد نحو 40 عامًا من العمل في المملكة المتحدة .(10)

 كما قامت حكومة المحافظين السابقة  بتخصيص 3 ملايين جنيه إسترليني لحماية التجمعات والمراكز الدينية اليهودية (11)، وفي مارس 2024 أعلنت تخصيص  117 مليون جنيه إسترليني (137 مليون يورو) لتعزيز حماية المساجد والمدارس الدينية ومراكز الجالية الإسلامية في المملكة المتحدة، معتبرةً أن الأعمال المعادية للإسلام المرتكَبة في البلاد لا يمكن الدفاع عنها(12) ويضاف المبلغ المخصص إلى أكثر من 29 مليون جنيه إسترليني رُصدت سابقا لتُصرف بين 2023 و2024.(13)

2- التصويت العقابي للمحافظين:

مُني حزب المحافظين بخسارة فادحة في الانتخابات ؛فقد خسر المحافظون على ثلاثة جبهات. أولاً، تراجع عدد مقاعدهم من 362 مقعداً في انتخابات 2019 إلى 121 مقعداً فقط في الانتخابات الأخيرة، أي أنهم فقدوا حوالي ثلثي مقاعدهم. ثانياً، تدهورت حصتهم من الأصوات بشكل كبير، حيث انخفضت من أكثر من 40% في عام 2019 إلى 24% في انتخابات 2024.ثالثًا، إضافة إلى الهزائم الأخرى، فقد المحافظون عدداً غير مسبوق من وزرائهم في الانتخابات الأخيرة، حيث خسر 11 وزيراً من حكومة ريشي سوناك مقاعدهم في البرلمان. من بين هؤلاء الوزراء، بيني موردونت التي كانت تُعتبر مرشحة محتملة لزعامة الحزب، بالإضافة إلى وزير الدفاع جرانت شابس، وزير النقل مارك هاربر، ووزير التعليم جيليان كيجان. كما شملت الخسائر ليز تروس، التي شغلت منصب رئيس الوزراء لمدة 49 يوماً فقط في خريف 2022، والتي كانت تخفيضاتها الضريبية غير الممولة السبب في اضطراب الأسواق المالية وارتفاع تكاليف الاقتراض.(14)

3-خسارة الأصوات والمقاعد البرلمانية:

كان من المتوقع أن يشكل حزب العمال الحكومة، ليس بسبب برنامج انتخابي قوي، ولكن بسبب فقدان حزب المحافظين لمصداقيته بعد 14 عامًا من الحكم، حيث اتسمت السنوات الأخيرة بسياسات يمينية متطرفة وفشل كبير في إدارة الأزمات.وفي الوقت ذاته تعرض زعيم حزب العمال  كير ستارمر لانتقادات  من قبل الداعمين التقليديين لحزب العمال بسبب تردده في دعم وقف إطلاق النار في غزة منذ البداية، مما أدى إلى استقالة 10 من أعضاء الحزب في نوفمبر 2023 بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد القطاع.

وخسر حزب العمال البريطاني مقاعد في البرلمان بسبب موقفه من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في انتخابات 2024 ؛ حيث فقد الحزب أربعة مقاعد لصالح مرشحين مستقلين مؤيدين لفلسطين، في مناطق ذات كثافة سكانية مسلمة عالية. في هذا السياق، خسر الوزير في حكومة الظل، جوناثان آشورث، مقعده في ليستر ساوث لصالح مرشح مستقل من قائمة مؤيدة لفلسطين، مع العلم أن نسبة الناخبين المسلمين في هذا المقعد تصل إلى 35%، كما فشل الحزب في الحفاظ على مقاعد ديوسبري وباتلي في ويست يوركشاير، وبلاكبيرن في لانكشاير، حيث تبلغ نسبة المسلمين في هذه المناطق حوالي 45% من السكان. أما وزير الصحة في حكومة الظل، ويس شتريتينغ، والنائب البارز جيس فيليبس، فقد فازا بمقعدين بفارق ضئيل للغاية عن منافسيهم المؤيدين لفلسطين، حيث فاز شتريتينغ بأغلبية 528 صوتًا، وفيليبس بأغلبية 693 صوتًا.في المقابل، تمكن زعيم حزب المحافظين السابق، إيان دنكان سميث، من الحفاظ على مقعده في تشينغفورد وودفورد غرين، بعد أن تم تقسيم الأصوات اليسارية بين حزب العمال والمرشحة المستقلة المؤيدة لفلسطين فايزة شاهين. (15)

 4- تأثير على السياسات المستقبلية للحكومة:

قد تؤدي الحرب في غزة إلى تغييرات في السياسات البريطانية تجاه الشرق الأوسط، مثل مراجعة توريد الأسلحة إلى إسرائيل وزيادة الدعم الإنساني للفلسطينيين ؛ مما دفع المملكة في سبتمبر 2024  إعلانها تعليق 30 رخصة لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل بعد مراجعة داخلية استمرت شهرين. ويأتي هذا القرار بسبب "خطر واضح" من استخدام الأسلحة في انتهاك القانون الإنساني الدولي، خصوصًا في ظل التعامل مع الأسرى الفلسطينيين وتوريد المساعدات إلى غزة.

ويشمل التعليق مكونات للطائرات العسكرية والمروحيات والطائرات بدون طيار ومعدات الاستهداف، لكنه يستثني مكونات برنامج طائرة F-35 بسبب ارتباطها ببرنامج عالمي، كما أكد وزير الخارجية البريطاني "ديفيد لامي"  أن القرار لم يصل إلى مستوى الحظر الكامل، ولكنه يمثل تغييرًا مهمًا في سياسة المملكة المتحدة تجاه إسرائيل(16).

إن القرار قد يسبب توترات مع إدارة بايدن والحكومة الأمريكية، وكذلك مع بعض الجمهوريين المقربين من ترامب، كما يمكن أن تعكس  هذه الخطوات التزام الحزب بالقانون الدولي وتلبية لمطالب الناخبين، لكنها تظل غير مؤكدة بسبب الحسابات السياسية المعقدة .

وفي الختام،  يحاول حزب العمال التوازن بين الحفاظ على علاقاته الدولية، خصوصًا مع إسرائيل، وبين تلبية المطالب الداخلية الداعمة للفلسطينيين. هذا التوازن يمثل تحديًا سياسيًا كبيرًا، حيث يجب على الحزب أن يُظهر اهتمامًا بالمطالب الشعبية دون التسبب في توترات دبلوماسية مع الحلفاء التقليديين، وفضلا عن التوترات المحتملة حول قرار تعليق صفقات الأسلحة فإن التوقعات  تشير إلى استمرار السياسة البريطانية الحالية، مع وجود احتمال لتعديلات في ضوء ضغوط حقوق الإنسان، كما أنه من المرجح أن تظل العلاقات بين بريطانيا وإسرائيل متينة، لكن قد يشهد المستقبل بعض التغييرات في سياسات حزب العمال، مما يعكس تحولات في السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط.

 

 

 

الهوامش

1)     محمد عبدالرؤوف ،" ما حجم تأثير أصوات المسلمين والعرب على نتائج الانتخابات البريطانية؟"، BBC عربي، يونيو 2024.

https://www.bbc.com/arabic/articles/cd11x92ekedo

2)     أيوب الريمي، "تفاصيل موجة العنف ضد المسلمين في بريطانيا" موقع الجزيرة، أغسطس  2024، الرابط:

https://2u.pw/x9o3Brqa

3)     أيوب الريمي، مرجع سابق

4)     محمد أبو سريع ،" ما تداعيات حرب غزة على المجتمعات الأوروبية؟"، القاهرة الإخبارية، نوفمبر 2023، الرابط:

.https://2u.pw/luxrrrfc

5)     _______," UK Labour leader Starmer: Israel must always have right to defend itself", Reuters, Oct 2023.

Available at:

 https://www.reuters.com/world/uk/uk-labour-leader-starmer-israel-must-always-have-right-defend-itself-2023-10-10/

6)     محمد العشيري ،" ما موقف الأحزاب البريطانية الكبرى من الحرب في غزة؟" BBC News عربي، أكتوبر 2023.

https://www.bbc.com/arabic/articles/c03e57lyew9o

7)        Maria Luisa & Nathalie Tocci, “Europe is Stuck over the Israel-Hamas War”, The International Spectator, Nov 2023.

https://www.iai.it/en/pubblicazioni/europe-stuck-over-israel-hamas-war

8)     ديما عودة ،" حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟"، BBC News عربي، يناير 2024.

https://www.bbc.com/arabic/articles/c9r63gq7vp4o

9)     أبوب الريمي ،" لماذا يتخبط حزب العمال في موقفه تجاه حرب غزة بعد انتخابه؟"، موقع الجزيرة، يوليو 2024.

https://2u.pw/ujOabsfe

10)  بهاء العوام، 5 متغيرات أفرزتها حرب غزة في بريطانيا خلال 6 أشهر"، اندبندنت عربية، أبريل 2024.

https://2u.pw/7Y26TFNm

11)   James Cleverly , Tom Tugendhat, “ Record funding will protect Jewish communities from harm”, GOV.UK, 29 February 2024.

https://www.gov.uk/government/news/record-funding-will-protect-jewish-communities-from-harm

 

12)  "بريطانيا تُخصص 117 مليون جنيه إسترليني لحماية الجالية المسلمة"، جريدة الشرق الأوسط، مارس 2024.

.https://2u.pw/LGSk8JGX

13)   James Cleverly , Tom Tugendhat, Ibid .

14)  باسم راشد ،" دلالات الانتخابات البرلمانية في بريطانيا وتحديات الحكومة الجديدة "، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يوليو 2024.

15)   Anna Gross, “ Labour loses seats over Gaza stance”, The Financial Times , JULY 5 2024.

https://www.ft.com/content/35d8ec99-5a02-45c8-b902-4fbfcab95dee

16)   Patrick Wintour , “ UK suspends 30 arms export licences to Israel after review”, the Guardian,  2 Sep 2024.

https://www.theguardian.com/politics/article/2024/sep/02/uk-suspends-30-arms-export-licences-to-israel-after-review

 

قائمة المراجع:

 

1-  محمد عبدالرؤوف ،" ما حجم تأثير أصوات المسلمين والعرب على نتائج الانتخابات البريطانية؟"، BBC عربي، يونيو 2024.

https://www.bbc.com/arabic/articles/cd11x92ekedo

2-  أيوب الريمي، " تفاصيل موجة العنف ضد المسلمين في بريطانيا" موقع الجزيرة، أغسطس 2024.https://2u.pw/x9o3Brqa

3-  محمد أبو سريع ،" ما تداعيات حرب غزة على المجتمعات الأوروبية؟"، القاهرة الإخبارية، نوفمبر 2023 .https://2u.pw/luxrrrfc

4-_______," UK Labour leader Starmer: Israel must always have right to defend itself", Reuters, Oct 2023.

 Available at: https://www.reuters.com/world/uk/uk-labour-leader-starmer-israel-must-always-have-right-defend-itself-2023-10-10/

5-  محمد العشيري ،" ما موقف الأحزاب البريطانية الكبرى من الحرب في غزة؟" BBC News عربي، أكتوبر 2023.

https://www.bbc.com/arabic/articles/c03e57lyew9o

6-Maria Luisa & Nathalie Tocci, “Europe is Stuck over the Israel-Hamas War”, The International Spectator, Nov 2023.

https://www.iai.it/en/pubblicazioni/europe-stuck-over-israel-hamas-war

7-  ديما عودة ،" حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟"، BBC News عربي، يناير 2024.

https://www.bbc.com/arabic/articles/c9r63gq7vp4o

 8- أبوب الريمي ،" لماذا يتخبط حزب العمال في موقفه تجاه حرب غزة بعد انتخابه؟"، موقع الجزيرة، يوليو 2024.https://2u.pw/ujOabsfe

 9-بهاء العوام، 5 متغيرات أفرزتها حرب غزة في بريطانيا خلال 6 أشهر"، اندبندنت عربية، أبريل 2024.https://2u.pw/7Y26TFNm

10- James Cleverly , Tom Tugendhat, “ Record funding will protect Jewish communities from harm”, GOV.UK, 29 February 2024.

https://www.gov.uk/government/news/record-funding-will-protect-jewish-communities-from-harm

11-  " بريطانيا تُخصص 117 مليون جنيه إسترليني لحماية الجالية المسلمة"، جريدة الشرق الأوسط، مارس 2024.

.https://2u.pw/LGSk8JGX.

12-  باسم راشد ،" دلالات الانتخابات البرلمانية في بريطانيا وتحديات الحكومة الجديدة "، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يوليو 2024.

13- Anna Gross, “ Labour loses seats over Gaza stance”, The Financial Times , JULY 5 2024.

https://www.ft.com/content/35d8ec99-5a02-45c8-b902-4fbfcab95dee

14-  Patrick Wintour , “ UK suspends 30 arms export licences to Israel after review”, the Guardian,  2 Sep 2024.

https://www.theguardian.com/politics/article/2024/sep/02/uk-suspends-30-arms-export-licences-to-israel-after-review


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟