مقدمة
دخلت حركة طالبان بؤرة اهتمام العالم، خاصة بعد
الهجوم على مركز التجارة العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001،
وهي من أكثر التنظيمات الإسلامية محافظة وتشددًا.
فقد قامت واشنطن بغزو أفغانستان في أكتوبر 2001 للإطاحة
بنظام طالبان، وكانت طالبان وقتها هي الحاكمة لدولة أفغانستان، بعد توجيه اتهامات
إليه بحماية تنظيم القاعدة. وعلى
الرغم من ذلك، في 15 أغسطس 2021، استطاعت حركة طالبان السيطرة على العاصمة
الأفغانية كابول وإسقاط حكومة الرئيس الأسبق أشرف غني والعودة إلى الحكم مرة أخرى بعد
قرار الولايات المتحدة الخروج من أفغانستان. كما أنه يمكن القول إن حصيلة حكم
طالبان منذ أن عادت إلى الحكم في أفغانستان في 2021، وضع الأزمة في أفغانستان على
أعتاب مرحلة جديدة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الصعوبات الداخلية، وقد تعزز أيضًا من
التدخلات والضغوط الخارجية.
وبالتالي تحاول الدراسة
معرفة كيفية وأسباب هذا الصعود لحركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان باعتبارها
حركة إرهابية إلى الحكم في أفغانستان دون غيرها وإلى أي مدى نجحت في السيطرة على الدولة
وإدارة شئونها، من خلال المحاور التالية:
إطار نظري لفكر حركة طالبان وأهم دوافع ظهور الجماعات الإرهابية عموماً في
أفغانستان كحركة طالبان، العوامل التي ساهمت في قدرة حركة طالبان في السيطرة على الحكم
في أفغانستان دون غيرها من التنظيمات الإرهابية، ووضع دولة أفغانستان في ظل نظام حكم
طالبان، وكذلك تحليل مدى قدرة نظام طالبان على الاستمرار في السيطرة على الأوضاع داخل
أفغانستان.
أولاً- التعريف بفكر حركة طالبان وظهور
الجماعات الإرهابية في أفغانستان
يعد البُعد العقيدي من أكثر الأبعاد بروزا وتوجيهاً
لحركة طالبان، حيث يتبنى أنصاره خط مرجعي متشدد في تطبيق المذهب الحنفي السُني
الذي ينتمون إليه، يؤكدون من خلاله إصرارهم على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية،
وذلك من أجل إقامة دولة إسلامية حقة في أفغانستان. وينتمي كل زعماء حركة طالبان
إلى المدرسة الديبونية، وهي اتجاه سُني في المذهب الحنفي ومذهب أبي منصور
الماتريدي في الاعتقاد والأصول. وقد انتشرت هذه المدارس الدينية بكثافة في
أفغانستان وباكستان في القرن العشرين خاصة في المناطق الريفية، ويُشكل الكثير منهم
أفراد حركة طالبان.
وقد اتصفت هذه المدرسة بمجموعة من الخصائص التي نجدها
متمثلة في حركة طالبان، منها: عداوة الاستعمار واعتزال ثقافته والتأهب لقتاله،
الاستقلال المعرفي والمالي عن الاستعمار ودول ما بعد الاستعمار، تفعيل دور المجتمع
في بناء المؤسسات التعليمية الإسلامية المستقلة، والمعيارية في البناء المعرفي
الموحد بين جميع خريجيها، تموضع علماء الدين كقادة للمجتمع وحراس لقيمه، النمط
التعليمي القديم القائم على الزهد وطول الصحبة والروابط الروحية المتينة بين
مجتمعات الأساتذة والطلاب، وأخيراً القدرة على الحشد والإدارة اللامركزية لشبكاتها
التعليمية العريضة.(1)
وتجدر الإشارة إلى إن الدعوة الديوبندية انتشرت في
بلاد كثيرة خاصةً في جنوب آسيا، كما صنفت ضمن المذاهب الجامدة في التفسير حيثُ أنه
يعارض التجديد ويرفض ضم العلوم العصرية إلى العلوم الدينية في مناهج الدراسة.
وينبغي ملاحظة أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى
وصول طالبان لحكم أفغانستان في نهاية التسعينيات ثم عودتها القوية بعد عشرين عاما
من الحرب الدولية عليها، وعدم تحقق هذا الأمر في الدول الأخرى التي دخلتها الدعوة.
لكن في البداية، سيتم توضيح عوامل انتشار الجماعات الإرهابية عموماً في دولة
أفغانستان، ثم التركيز على حركة طالبان وقدرتها على الوصول إلى الحكم وإدارة
الدولة.
يمكن القول إن هناك العديد من العوامل السياسية
والاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية وحتى الجغرافية المترسخة التي ساهمت في
ظهور الجماعات الإرهابية بأفغانستان، وساهمت في فشل محاولات بناء مؤسسات دولة مركزية
قوية ومستقرة في أفغانستان.
أحد أهم هذه العوامل هو وجود
العديد من المجتمعات العرقية والقبلية والطائفية التي تسكن مناطق جبلية وعرة،
وتحرس استقلالها المجتمعي، كما تلجأ إلى العنف لحل المشاكل الشخصية والطائفية، بالإضافة
إلى أنها عرضة للتلاعب والوقيعة من خلال التدخل من قبل القوى الخارجية.(2)
كما قدم ديفيد إدوارد
تفسيرًا للأوضاع السياسية في أفغانستان على أنها تنبع "بدرجة أقل من
الانقسامات بين المجموعات العرقية والدينية والطائفية أو من طموحات أفراد معينين
بقدر ما تنبع من التنافر الأخلاقي في أفغانستان نفسها"، وهذا التنافر
الأخلاقي هو نتاج اتحاد ثلاثة أنظمة أو قوانين أخلاقية متناقضة وغير متوافقة تشكل
أساس الثقافة السياسية الأفغانية هي: قواعد الشرف الفردية المتطرفة (نانغ)،
والنظام الأخلاقي العالمي للإسلام، وقوانين حكم الدولة الملكية.(3)
كما يمكن القول أن الصراعات
الطائفية الداخلية في أفغانستان هي جزء من مشكلات عديدة مشتركة بين العديد من دول
ما بعد استعمار الاتحاد السوفييتي والمجتمعات المتعددة الجنسيات، وخاصة الأصغر
حجماً والأكثر فقراً، والتي وجدت نفسها في موقع جغرافي استراتيجي داخل النظام
العالمي الجديد الأحادي القطب في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتي، وهو ما يفسر
أيضاً الوضع الحالي المعقد في أفغانستان ومحاولاتها لبناء الدولة القومية التي
باءت بالفشل في ظل الظروف الجيوسياسية الأوسع التي تتسم بالتلاعب الأجنبي والحروب
بالوكالة وبالتالي أدت إلى ظهور أشكال معينة من الفصائل العرقية والجماعات
الإرهابية.
وحركة طالبان هي حركة قومية إسلامية سنية مؤيدة
للباشتون(4)، ظهرت عام 1994 شمالي باكستان، بعد الحرب الأهلية التي
أعقبت انسحاب القوات السوفيتية بين عامي 1979 و1989 ونزاعا داخليا في صفوف
المجاهدين إثر انهيار النظام الشيوعي في كابول في عام 1992، حيث اجتذبت الحركة
الدعم الشعبي في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي الأولى من خلال الوعد بفرض
الاستقرار وسيادة القانون بعد أربع سنوات من الصراع (1992-1996) بين جماعات
المجاهدين المتنافسة.(5) فبعد انتهاء الحرب السوفيتية في أفغانستان،
انقسمت البلاد بين الجماعات والفرق المتصارعة. وفي تلك الفترة، كانت حكومة الرئيس
برهان الدين رباني تسيطر على سبع ولايات فقط في شمال ووسط أفغانستان، بينما يسيطر
القائد الشيوعي السابق رشيد دوستم على ست ولايات في الشمال، وكانت جماعة شورى
ننجرهار(6) تحكم ثلاث ولايات في الشرق، وإدارة إسماعيل خان تتحكم في
غرب أفغانستان، إضافةً إلى الكثير من الولايات التي كانت دون أي نوع من الإدارة.(7)
لذا كانت للحروب الأهلية الطاحنة التي نشبت بين فصائل المعارضة الأفغانية بسبب
الصراع على السلطة، عامل لإقبال قطاعات عريضة من الأفغان على الانضمام إلى حركة
طالبان كملاذا آمنا من ويلات الحرب والبحث عن الاستقرار.
وعلى غرار غالبية سكان أفغانستان، ينحدّر طالبان من
إتنية البشتون، وكانت توجد بشكل أساسي في الجنوب الغربي لأفغانستان ومناطق الحدود
الباكستانية(8)، وقد نشأت في مدارس قرآنية بباكستان، حيث وجدت حركة
طالبان في الإسلاميون السنة ملاذا آمنا إبان النزاع مع القوات السوفيتية. وقد بدأ
ظهور حركة طالبان في صورة تيار ديني علمي منتشر في أرياف أفغانستان، ثم تشكل من
هذا التيار مجموعات محلية مقاتلة عمادها علماء وطلبة علم ديني في مرحلة جهاد
السوفييت في ثمانينيات القرن الماضي.(9)
وفي أكتوبر 1994، سيطرت طالبان بدون عناء على
قندهار (جنوب)، عاصمة المملكة البشتونية السابقة. وبترسانتها العسكرية وقدراتها
المالية التي جمعتها من الحروب والتي تتيح لها ضم قادة محليين، استطاعت الحركة السيطرة
على العديد من المناطق وصولاً إلى كابول التي سيطرت عليها في 27 سبتمبر 1996. وبحلول
عام 1998، كانت طالبان قد سيطرت على حوالي 90% من أفغانستان.(10)
وقد تم نقل مقر السلطة إلى قندهار، حيث أقام الملا
عمر في منزل بناه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. واستقطبت الأراضي الخاضعة
لسيطرة طالبان الجهاديين من مختلف أنحاء العالم، وتحوّلت إلى معسكرات تدريب خصوصا
لتنظيم القاعدة.
ثانياً- حكم طالبان لأفغانستان
بعد الهجمات الإرهابية على مركز التجارة العالمي
بالولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001، تدخَّل المجتمع الدولي بزعامة
الولايات المتحدة الأمريكية لوضع نهاية لنظام حكم طالبان، وأصدر مجلس الأمن التابع
للأمم المتحدة قراراً يأذن باستخدام القوة للإطاحة بطالبان. وفي 7 أكتوبر بدأت
الولايات المتحدة الأمريكية، وقد استنفدت الوسائل الدبلوماسية ورفض نظام طالبان
تسليم أسامة بن لادن(11)، في قصف طالبان وفي دعم مقاومة الجبهة المتحدة
(المعروفة أيضاً بالتحالف الشمالي) التي وفرت القوات البرية. وبالرغم من اغتيال
القائد أحمد شاه مسعود الخبير الاستراتيجي العسكري للجبهة في 9 سبتمبر 2001،
استولت القوات الشمالية على كابول في 14 نوفمبر 2001.(12) وفي 6 ديسمبر
2001، استسلم نظام طالبان وفر قادته مع قادة القاعدة إلى جنوب البلاد وشرقها وإلى
باكستان، وتضاعفت الهجمات والكمائن ضد القوات الأجنبية المنتشرة في البلاد.(13)
وقد استمر
الغزو الأمريكي لأفغانستان نحو عقدين من الزمن، لتصبح رسمياً أطول حرب في تاريخ
الولايات المتحدة. وبعد هزيمة حركة طالبان 2003، تحولت الولايات المتحدة
وحلفاءها إلى إعادة بناء الدولة، ففي يناير 2002 استعرض الرئيس بوش هذه المهمة
الموسعة قائلاً "إن الولايات المتحدة وأفغانستان حليفان ضد الإرهاب.. وأننا
سنكون شركاء في إعادة بناء ذلك البلد".(14) وقد دعم الكونجرس
إدارة بوش في هذا النهج، من خلال تقديم المساعدات لتحقيق العديد من الأهداف في
سبيل بناء دولة حديثة بأفغانستان مثل: تأسيس الدستور عام 2003؛ دعم إصلاح الجهاز
القضائي؛ وتعزيز هياكل الدولة؛ تقديم المساعدة للجنة الأفغانية المستقلة المعنية
بحقوق الإنسان (من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالإضافة إلى مساهمات
كبيرة في الصندوق الاستئماني لتعمير أفغانستان ARTF)؛ كما قدمت كلا من المملكة المتحدة والدانمرك المساعدة بشكل مباشر
(الأخير من خلال المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان)؛ وكذلك المساعدة من خلال برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي لنزع سلاح المقاتلين السابقين وتسريحهم وإعادة دمجهم.(15)
وبعدما انتهت المهمة القتالية للقوة الدولية للمساعدة
الأمنية التابعة لحلف شمال الأطلسي في نهاية عام 2014، تحوّلت إلى مهمة الدعم
الحازم لتقديم المشورة والدعم، وباتت قوات الأمن الأفغانية تتصدى بمفردها لطالبان
وغيرها من الجماعات المتمردة، بمؤازرة جوية أمريكية.
وفي يوليو 2015، كانت أولى جولات المحادثات المباشرة
التي استضافتها باكستان، بين كابول وطالبان، لكن الحوار لم يستمر.(16) وفي
منتصف عام 2018، انطلقت مفاوضات سرية بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان في الدوحة
بقطر، توقّفت مرارا بسبب هجمات استهدفت القوات الأمريكية. وفي 29 فبراير 2020،
وقّعت واشنطن اتفاقا مع طالبان يتضمن انسحاب كل القوات الأجنبية مقابل ضمانات
أمنية وإطلاق مفاوضات بين المتمردين وكابول.(17) وفي 6 يوليو 2021،
أعلن الجيش الأمريكي أنه أنجز أكثر من 90% من انسحابه. وفي 9 يوليو 2021، أكدت
حركة طالبان أنها سيطرت على 85% من أراضي أفغانستان في إطار هجوم ضد القوات
الحكومية الأفغانية(18)، وفي 3 سبتمبر 2021، تقدمت الحركة للسيطرة على
وادي بانشير آخر جيوب المقاومة ضدها.(19)
يمكن القول هنا أنه بالرغم من أن سقوط حكومة الرئيس
أشرف غني كان أمرا حتميا مع بدء انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية في مايو عام 2021، لكن لم يكن من المتوقع استيلاء
طالبان على السلطة بهذا الشكل السريع. فقد تمكنت حركة طالبان من الصعود إلى الحكم
في أفغانستان مرة أخرى، على الرغم من الدعم الكبير الذي حصل عليه الجيش الأفغاني
من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على مدار عقدين. فوفقاً لوزارة الدفاع
الأمريكية، أنفقت واشنطن منذ عام 2002 حوالي 88 مليار دولار في عملياتها في
أفغانستان، ذهب معظمها لتجهيز الجيش ليكون قادراً على حماية الحكومة الأفغانية بعد
انسحاب القوات الأمريكية.(20) ويمكن القول إن هناك عدة عوامل أدت إلى نجاح
حركة طالبان في السيطرة على الحكم في أفغانستان.
من العوامل الداخلية، نجد أنه
منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان، اعتمدت الحكومات الأفغانية المتعاقبة بشكل كامل على
الدعم الأمريكي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وقامت بتطبيق سياساته الاستعمارية دون
النظر إلى احتياجات المجتمع الأفغاني نفسه، وبعيداً عن الاستعداد الحقيقي لسيناريو
ما بعد الاحتلال. وقد أدى ذلك إلى ضعف صورة الحكومة الأفغانية، وجعلت دورها أقرب
للدور الوظيفي في خدمة الاحتلال، وهو ما عزز من تأثير حركة طالبان، خصوصاً في
المناطق النائية والقبائل المهمشة، التي توافقت مع طالبان في اعتبار الحكومة
الأفغانية حكومة عميلة.
كذلك يوجد ضعف الجيش الأفغاني، وذلك على الرغم من
الدعم الموسع الذي حصل عليه من الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن إرجاع ذلك لعدة
أسباب؛ منها استشراء الفساد في المؤسسة العسكرية بمختلف أجهزتها، إضافة إلى أن
التدريب الذي حصل عليه الجيش الأفغاني ركز بشكل أساسي على الهجوم الخارجي في حين
لم يُدرَّب على التعامل مع التمردات الداخلية، إذ استبعدت تماماً فكرة إمكانية
عودة حركة طالبان للحكم. فضلاً عن افتقاد هذا الجيش للعقيدة العسكرية والإرادة
القتالية أمام حركة طالبان التي تعد عقيدتها العسكرية وإرادتها القتالية أحد أهم
العوامل التي أسهمت في اكتساحها للمشهد الأفغاني.
كذلك يمكن اعتبار أحد العوامل هي التقييمات المفرطة
في التفاؤل من جانب المسؤولين الأمريكيين التي حجبت، وفي بعض الحالات أخفت عمدًا،
الأدلة على الفساد المتجذر، وانخفاض الروح المعنوية، وحتى الجنود الأشباح والشرطة
الذين كانوا موجودين فقط على جداول رواتب وزارتي الدفاع والداخلية الأفغانية،
وفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين شاركوا بشكل مباشر في جهود التدريب. ففي تقرير قدمه
المفتش العام الخاص إلى الكونجرس في 30 يوليو 2021، ذكر إن القوات الأمريكية
"واصلت تصنيف المعلومات التفصيلية عن استنزاف قوات الدفاع الوطني الأفغانية،
باستخدام اختصار لقوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، وأن بعض المعلومات ببساطة
لم تعد متاحة، بما في ذلك المعلومات العملياتية". ورغم أن سرية البنتاغون
ربما يمكن الدفاع عنها لأسباب أمنية، فقد تركت انطباعاً مضللاً عن مدى السرعة التي
قد تنهار بها تلك القوات تحت ضغط طالبان. كما ذكر السيناتور "جوني
إرنست" الجمهوري عن ولاية أيوا، وهو مقدم متقاعد بالجيش وعضو لجنة القوات المسلحة
الذي عارض انسحاب القوات الأمريكية "كانت العمليات الخاصة تعمل بشكل جيد
للغاية.. ولكن هذا يحدث دائمًا عندما يكون لديهم أمريكيون يقدمون لهم المشورة
ويساعدونهم".(21)
وهنا، وجد الجيش الأفغاني نفسه بمفرده أمام حركة
طالبان، عقب الانسحاب السريع الذي نفذته القوات الأمريكية. وقد ساهمت عملية
الاستحواذ السريع من قبل حركة طالبان، وتوقيعها اتفاقات مع مختلف قيادات القبائل،
إضافة إلى تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن الجيش الأفغاني، في تفكك الجيش
الأفغاني تماماً، ومن ثم حسم المشهد الأمني كلياً لصالح حركة طالبان.
ومن العوامل الداخلية أيضاً نجد أن تنويع طالبان في
استراتيجياتها وأدواتها ساهم في قدرتها على الصعود إلى الحكم، حيث أنه وعلى الرغم
من غيابها عن المشهد الأفغاني أكثر من عقدين، عادت طالبان بشكلها القديم لكن وفق
مضمون مختلف إلى حد ما عن سياساتها القديمة. وقد وجد أن دورها لم يعد يقتصر على
القتال فقط، بل أصبحت الجهود السياسية إحدى الوسائل التي تنشدها الحركة لتحقيق
قبول محلي ودولي على حد سواء. وعلى الرغم من قبولها الانخراط في المفاوضات
السياسية، لم تتنازل حركة طالبان عن مطالبها في خروج الاحتلال تماماً، ورفضت التعامل
مع الحكومة الأفغانية بوصفها امتداداً لذلك الاحتلال، وهو ما أكسبها قبولاً شعبياً
لدى بعض القبائل والولايات.
أما عن العوامل الخارجية، فقد كان هناك مجموعة
من العوامل الخارجية التي لعبت دوراً كبيراً في تمكين حركة طالبان. يعد أهم
هذه العوامل، قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان، حيث أنه على الرغم من
معارضة كثير من المحللين لقرار بايدن الأحادي في إعلان الانسحاب من أفغانستان، فقد
رأى الكثير ضرورة وقف استنزاف المقدرات الأمريكية في حرب لا منتهية، إذ تعد حرب
أفغانستان أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية في تاريخها، خسرت فيها أكثر
من 2300 جندي أمريكي، وجُرح أكثر من 20 ألفاً آخرين. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة
براون عام 2019، رصدت عملية الإنفاق على الحرب في كل من أفغانستان وباكستان، فقد
أنفقت الولايات المتحدة حوالي 978 مليار دولار (تشمل تقديراتهم أيضاً الأموال
المخصصة للسنة المالية 2020).(22) كما يوضح الشكل التالي تكاليف الحرب الأمريكية على
أفغانستان منذ عام 2001 حتى 2022 والتي بلغت 2.313 تريليون دولار.
الشكل رقم (1)
تكاليف الحرب الأمريكية على أفغانستان منذ عام 2001 حتى 2022
وفي خطاب وجهه الرئيس جو
بايدن إلى الأمة في 31 أغسطس 2021، استشهد بتقديرات تكاليف الحرب للتعبير عن العبء
المالي والبشري للحرب المستمرة منذ 20 عامًا في أفغانستان، حيث دافع عن قراره
بالانسحاب من البلاد، قائلاً "لم يعد لدينا هدف واضح في مهمة مفتوحة في
أفغانستان.. بعد إنفاق أكثر من 2 تريليون دولار في أفغانستان، قدر الباحثون في
جامعة براون أن التكاليف ستبلغ أكثر من 300 مليون دولار يوميا لمدة 20 عاما.. نعم،
يجب على الشعب الأمريكي أن يسمع هذا... ما الذي فقدناه نتيجة لذلك، من حيث
الفرص؟.. أنا أرفض إرسال أبناء وبنات أمريكا لخوض حرب كان ينبغي أن تنتهي منذ فترة
طويلة".(23)
كذلك نجد أن أحد العوامل الخارجية المؤثرة يتمثل في
تغير الاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة، حيث تأتي عملية الانسحاب من أفغانستان
ضمن توجه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاهتمام بالصين والهند بدلاً من
الشرق الأوسط، وهو ما انعكس على كثير من الملفات الشائكة في هذه المنطقة، وخاصة
انسحابها السريع من أفغانستان. فعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن
أن عملية سحب القوات ستبدأ في 14 أبريل 2021 وتنتهي في 11 سبتمبر من نفس العام،
جاء الانسحاب المستعجل مباغتاً لكل الأطراف، فقد وجدت الحكومة الأفغانية نفسها
مكشوفة الظهر فجأة، ولم يتمكن الجيش الأفغاني من الصمود أمام زحف حركة طالبان،
التي تمكنت بسهولة من السيطرة على مختلف الولايات من خلال دبلوماسيتها الناعمة،
ومن خلال فقدان الثقة بالحكومة الأفغانية التي تخلت عنها الولايات المتحدة
الأمريكية كلياً لتواجه مصيرها بمفردها.
ثالثاً- حركة طالبان وممارسة إرهاب الدولة
استسلم الجنود الأفغان أمام حركة طالبان، وسقطت
الحكومة الأفغانية بقيادة الرئيس أشرف غني في 31 أغسطس عام 2021م، وجدير بالذكر
أنه بعد اتفاق السلام الذي عقدته حركة طالبان مع الولايات المتحدة في العاصمة
القطرية الدوحة في فبراير 2021، تعهّدت بإقامة إمارة إسلامية جديدة.(24)
وبعد عودة
طالبان إلى حكم أفغانستان، بدأت في وضع بعض القواعد والممارسات العنيفة التي غيرت
الأوضاع الداخلية للدولة بشكل كبير، فيما يعد إرهاب الدولة. وفيما يلي سيتم عرض
بعض الإجراءات التي قامت بها طالبان على الصعيد الداخلي:
·
الوضع السياسي
والأمني
وضع استيلاء حركة طالبان عسكريا على أفغانستان في
أغسطس 2021 حدا لـ 43 عاماً تقريباً من الحرب المستمرة، وتركز اهتمام العالم في
البداية على التداعيات الإنسانية والاقتصادية الكارثية. ولم ينتبه سوى القليل من
المراقبين الخارجيين إلى التحولات الجذرية في الوضع الأمني.
فبعد ثلاثة أسابيع من سيطرة طالبان على العاصمة
كابول، قامت بتشكيل حكومة انتقالية متشددة تبلورت بعد مناقشات حادة بين الفصائل
المتنافسة داخل الحركة. وقد عُيّن على بهذه الحكومة، الملا حسان أخوند رئيسًا
لوزراء الحكومة الانتقالية مع اثنين من النواب، هما: الملا عبد الغني برادر،
ومولوي عبد السلام حنفي (أما زعيم الحركة الروحي أو مَن يسمّى بأمير المؤمنين فهو
هبة الله أخوند زاده). كما عُيّن أيضًا سراج الدين حقاني وزيرًا للداخلية وهو قائد
حركة حقاني، المصنّفة في قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية،
التي قادت معظم الهجمات على قوّات الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى المدنيين
الأفغان، قبل انسحاب القوّات الأجنبية من البلاد.(25)
وجدير بالذكر أن نظام
طالبان كان قد وعد بتشكيل حكومة جامعة، وأجريت اتصالات مع معارضين سابقين على غرار
الرئيس السابق حامد كرزاي وشخصيات من وادي بانشير الذي تقطنه أغلبية من اتنية
الطاجيك، وأرسلت الحركة أيضًا ممثلين عنها للقاء أفراد من أقلية الهزارة الشيعية
التي تم اضطهادها من حركة طالبان في تسعينيات القرن الماضي.(26)
وفي مؤتمر صحفي عُقد في 17 أغسطس 2021، أعلن
المتحدث باسم طالبان "ذبيح الله مجاهد" عفو طالبان عن الموظفين
الحكوميين، قائلاً "إنني أود أن أؤكد لجميع المواطنين، سواء كانوا مترجمين،
أو كانوا يقومون بأنشطة عسكرية أو سواء كانوا مدنيين، جميعهم لن يتم التعامل مع
أحد بالانتقام، لقد تم العفو عن آلاف الجنود الأفغان الذين حاربونا لمدة 20 عامًا
بعد الاحتلال".(27)
أما فيما يتعلق بالممارسة العملية، فقامت الحركة باحتكار
السلطة وإبعاد معارضيها مما أجهض فرصة طالبان للبدء بحوار سياسي مع الفصائل
المنافسة بعد الانسحاب الأمريكي، وسرعان ما تحوّل المشهد السياسي في أفغانستان إلى
ساحة تنافس كبيرة بين طالبان ومنافسيها من الفصائل والمجموعات المسلحة، وبدأت
المعارضة الداخلية لنظام طالبان بالظهور، ولم تستطِع الحركة تثبيت أركان حكمها
بسرعة للتمكن من إدارة البلاد بفاعلية، وذلك لافتقارها إلى الدعم الشعبي اللازم. كما
أنه على الرغم من وعود نظام طالبان بالاعتدال، لم يُبدِ النظام أيةّ شفافية،
واستمرّت علانيةً في توجهها نحو التسلط وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية.(28)
وللحصول على صورة دقيقة للبيئة الأمنية في
أفغانستان فإنه أمرا صعبا دائما، وقد أصبح الأمر أكثر صعوبة بعد استيلاء طالبان
على السلطة، وتعتمد البيانات المتاحة عن حوادث العنف على تقارير وسائل الإعلام،
التي أصبحت أقل موثوقية مع قمع طالبان لجهود التحقيق، ومبالغة جماعات المعارضة في
ادعاءات تحقيق انتصارات صغيرة. ونتيجة لذلك، يصعب تحديد اتجاهات العنف بشكل كامل.
ومع ذلك، يمكننا القول بشكل عام أن وفي الأشهر
الأولى من عام 2022، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تراجع القتال إلى 18% فقط من
المستويات السابقة. وتوصلت مقارنة أخرى، للأشهر العشرة الأولى من حكم طالبان مع
نفس الفترة من العام السابق، إلى أن معدل المعارك والانفجارات وأشكال العنف الأخرى
في الأسبوع قد انخفض بمقدار خمسة أضعاف (كما يوضحه الشكل التالي). وعلى الرغم من
ذلك، بدأت قوات الأمن التابعة لطالبان في تنفيذ عمليات اعتقال تعسفي، وتعذيب،
وإعدام سواء لعناصر أمن سابقين وأعضاء أو مؤيدي جماعات المقاومة المسلحة.(29)
الشكل رقم (2)
معدل المعارك والانفجارات وأشكال العنف الأخرى خلال
الفترة (15 سبتمبر 2020 ـ 15 يوليو 2022)
كما لا يوجد أحد من
المواطنين على يقين من أن فترة الراحة من سنوات الفوضى السابقة سوف تستمر، وقد ظل
هذا الأمر محل للتكهنات بين الأفغان الذين يراقبون بتوتر منذ وصول طالبان إلى
السلطة. وقد أوضح أحد الصحفيين الأفغان يدعى تقي دريابي في لقاءه مع صحفيي موقع بي
بي سي نيوز، أنه أثناء تغطيته مظاهرة مع زميل له قام عناصر طالبان بأخذه إلى مركز
للشرطة، وقد ذكر أحد عناصر طالبان له: "عليك أن تكون ممتناً لي لأنني لم أقطع
رأسك". وأضاف: "بعد سيطرة طالبان على البلاد لا يمكن لأحد أن يشعر
بالأمان. في الماضي رأيناهم يقتلون ويخطفون ويضربون الصحفيين... عليهم أن يسمحوا
لنا بالعمل بحرية".(30) كما نجد
أنه منذ تولّي طالبان السلطة، نفّذت الجماعة الإسلامية المسلحة "تنظيم الدولة
الإسلامية ـ ولاية خراسان"، الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية (المعروف
أيضا بداعش)، هجمات كثيرة على المدارس والمساجد، مستهدفة غالبا الشيعة الهزارة،
المحرومين من الحماية الأمنية أو الوصول إلى الرعاية الطبية والمساعدات الأخرى. وقد
حثت الأمم المتحدة الدول المجاورة لأفغانستان
على إبقاء حدودها مفتوحة، بعد أن أُجبر مئات الآلاف من الأشخاص في البلاد على
الفرار من منازلهم، مع استمرار القتال بين القوات الحكومية الأفغانية وحركة طالبان
للسيطرة على البلاد.(31)
كما ساهمت حملة طالبان لتهميش الأقليات العرقية
والدينية في تفاقم حالة التمرد بالبلاد، على الرغم من ادعاء نظام طالبان منح
المجموعات المسلحة العفو، ومنها تنظيم "داعش ـ خراسان". وقد نتج عن
الاشتباكات العنيفة بين نظام طالبان وجماعة أحمد مسعود(32) في وادي
بنجشير سقوط عدد كبير من مقاتلي جبهة المقاومة الوطنية، ما أفقد الجبهة قدرتها على
فتح محادثات مع طالبان للحصول على حقائب وزارية في الحكومة الجديدة. وأُجبرت
الجبهة على مغادرة شمال أفغانستان إلى طاجيكستان، وقد دفع رفض طالبان تشكيل حكومة
شاملة الجبهة للعودة إلى خطوط مقاومتها في الشمال الشرقي للبلاد في يونيو 2022م، كما
أنه نتيجةً للتوترات العرقية التي سبّبتها طالبان لجأ أعضاء من الحركة للانضمام
إلى جبهة المقاومة الوطنية في الشمال الغربي. كما حاول كلّ من حزب الوحدة الإسلامي
في أفغانستان، والحركة الإسلامية الوطنية في أفغانستان، وغيرهما من الجماعات،
تجنيد مقاتلي طالبان من البشتون.
وفي 13 أغسطس 2022م قبضت حركة طالبان على إسماعيل
خان أحد أبرز أمراء الحرب في أفغانستان والمعروف بلقب "أسد هرات"، في
مدينة هرات المحاذية للحدود الإيرانية، وسلّمت جماعة إسماعيل خان مدينة هرات
لطالبان، بعد أن وعدتهم الحركة بالسماح لقائدهم بالعيش بكرامة، دون الخوف من
الاعتقال أو الموت.(33)
ولا يزال الأمن الداخلي في أفغانستان متقلباً،
ولمعرفة عناصر مقاومة نظام طالبان بشكل مختصر، نجد أن المصدر الرئيس للمقاومة يأتي
من جهتين: الأول يتعلق بالفرع المحلي
لتنظيم الدولة الإسلامية (ولاية خراسان الإسلامية)، الذي ظهر في عام 2015 وكثف
محاولاته منذ ذلك الحين لتحدي طالبان. ترجع جذور الخلاف بين الجانبين إلى خلافات
أوسع بين السلفية والديوبندية، حيث يتهم تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان
حركة طالبان بالمرتدين والمشركين، في حين تعتبر طالبان السلفيين في تنظيم الدولة
الإسلامية في ولاية خراسان خوارج أو متطرفين. وفي الأشهر التي تلت استيلاء طالبان
على السلطة، شن تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان هجمات أكثر من أي وقت آخر.(34)
كما يبدو أن ارتفاع وتيرة العنف كان مدفوعاً بعاملين: الفوضى التي أعقبت انتصار
طالبان على القوات الأفغانية، والذي خلق فراغاً أمنياً في بعض المناطق الشرقية؛
وتحول تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان في تكتيكاته نحو الهجمات عالية
التردد ومنخفضة التأثير.
كما لُوحِظَ أن هجمات تنظيم "الدولة
الإسلامية-ولاية خراسان" ازدادت من حيث عدد الأقاليم التي وقعت فيها من ستة
أقاليم خلال عام 2021 إلى 11 إقليماً بحلول منتصف 2022، وشملت هجمات التنظيم مناطق
في غرب وشمال وجنوب أفغانستان، ومعاقل حركة طالبان في كل من قندهار وبكتيا وبروان.(35)
وجدير بالذكر أنه لم يكن يوجد ما يشير إلى أن تنظيم ولاية خراسان لديه القدرة على
تحدي طالبان على المدى القصير، مع انخفاض الهجمات واسعة النطاق التي شوهدت في
أواخر عام 2021 والأشهر الأولى من عام 2022. ومع ذلك، أعادت الجماعة تصعيد هجماتها
في أبريل ومايو 2022.(36) فعلى الرغم من أن تنظيم
"الدولة الإسلامية ـ ولاية خراسان" مجموعة ضعيفة نسبياً فيما يتعلق
بالقوة العددية، غير أن هناك عوامل محددة يمكن أن تُضيف إلى قوة التنظيم، أهمها أن
عمليات القمع الوحشية التي نفذتها حركة طالبان ضد السلفيين في أفغانستان بعد أغسطس
2021 والتي شملت إغلاق مدارسهم ومساجدهم واعتقال علمائهم وأفراد عاديين، يمكن أن
تساعد تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" في عملية تجنيد العديد من
السلفيين.
ونظرا للضغوط العسكرية
التي يمارسها نظام طالبان على تنظيم "الدولة
الإسلامية-ولاية خراسان"، فمن
المرجح أن يستمر التنظيم في التكيف بحثاً عن طرق جديدة لتقويض عدوه الوجودي، وهذا
ما يمكن أن نفسر به النجاح الضئيل لمحاولات تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية
خراسان لجذب المقاتلين بعيداً عن طالبان، ولكن يفترض أن المجموعة ستستمر في
المحاولة، حيث لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان يتمتع بالدعم
المالي والسياسي من التنظيم الأم، ويحتفظ أعضاؤه ببعض القدرة على العمل عبر الحدود
في المنطقة.
أما الصراع الثاني فيشمل
جهات فاعلة كانت مرتبطة سابقًا بجمهورية أفغانستان الإسلامية، وهو النظام السياسي
الذي انهار عام 2021. وقد برزت جبهة المقاومة الوطنية كأكبر هذه الجماعات، في البداية
في مقاطعة بنجشير شمال شرق كابول، وبعد ذلك أعلن العديد من الجماعات عن أنفسهم. وجدير
بالذكر، أن الصراع بين حركة طالبان وأسلاف هذه الجماعات يعود إلى التسعينيات، ولكن
منذ وصول الحركة إلى السلطة في أغسطس 2021، انقلبت أدوار المتمردين ومكافحة
التمرد.
ويمكن القول إنه لم تشكل
أي من هاتين الحركتين تهديداً خطيراً لحكم طالبان. كما شهدت البلاد تراجعا حادا في
أعمال العنف، مع تركز انعدام الأمن في جيوب في الشرق والشمال، على خلاف العقود
السابقة عندما كانت البلاد بأكملها تقريبا منطقة حرب. كما يلاحظ أنه عندما يندلع
القتال، فإنه في أغلب الأحيان لا يبدأ من قبل المتمردين بل من قبل حركة طالبان
نفسها، حيث تقوم السلطات الجديدة بأعمال هجومية لتعزيز سلطتها بالقوة المسلحة، وتشمل
الاشتباكات الأخرى جماعات المعارضة والمجرمين وعناصر طالبان المنشقة. ويبين الشكل التالي
التركيز الجغرافي للعنف.
الشكل رقم (3)
التركيز الجغرافي للعنف داخل دول أفغانستان
وعلى الرغم من أن قادة "جبهة المقاومة
الوطنية" قد أعلنوا في 17 مايو 2022، خلال اجتماع في تركيا ضم حوالي 40 شخصية
سياسية أفغانية، رسمياً عن تشكيل "المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية لإنقاذ
أفغانستان"، وأصدر
السياسيون بيانا شددوا
فيه على ضرورة إجراء محادثات للتوصل إلى حل سلمي، وأعربوا عن دعمهم للمعركة في
بنجشير وباغلان وتخار وسمنغان وبدخشان وباروان وكابيسا ومناطق أخرى، ووصفوها بأنها
مشروعة(37)، لكنَّ "جبهة المقاومة
الوطنية" لم تتمكن من وضع بصمة جوهرية لها في المشهد السياسي والعسكري في
أفغانستان، رغم
أن عمليات حرب العصابات التي تقوم بها تتسبب في خسائر يومية لحركة طالبان، كما تتزايد
صفوف "جبهة المقاومة الوطنية" مع انضمام عناصر الأمن السابقين.
وجدير بالذكر أن حركة طالبان وعدت بمنع أفغانستان
من أن تصبح قاعدة للمنظمات الإرهابية للعمل ضد الدول الأخرى ومحاربتها لمنع
التهديدات لجيرانها، وأنه إذا لم يسيطر نظام طالبان على أفغانستان بشكل جيد، فقد
تصبح البلاد مرة أخرى ملاذاً آمناً ومعسكراً للإرهابيين الدوليين. وقد لجأت حركة طالبان
إلى الحد من أعمال العنف التي تمارسها جبهة المقاومة الوطنية من خلال ممارسة أعمال
وحشية ضد السكان المحليين على شكل عمليات اعتقال عشوائية وإعدام دون محاكمة
وتشريد، إلى جانب منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطقهم.
وقد
ذكر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "جيريمي لورانس" أن
قسم حقوق الإنسان بالبعثة حصل على تقارير موثوقة، في الفترة بين سيطرة طالبان على
السلطة في 15 أغسطس 2021 و30 يونيو 2023، تفيد بأن سلطات الأمر الواقع مسؤولة عن
218 حالة قتل خارج نطاق القضاء، و14 اختفاء قسريا، وأكثر من 144 حادثة تعذيب
وإساءة معاملة، و424 اعتقالا واحتجازا تعسفيا. كما ذكر أن تلك الانتهاكات وقعت على
الرغم من تعهدات سلطة الأمر الواقع بعدم استهداف أولئك الأشخاص، وذكر إن ذلك يعد
خيانة لثقة الناس.(38)
·
الأداء
الاقتصادي لحكومة طالبان
أدت مجموعة من العوامل إلى ظهور أزمة الجوع، وتدهور الاقتصاد الأفغاني، ومعه حال عامّة الأفغان، خلال العام الأول من تولّي حركة طالبان الحكم. فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والأرز بشكل كبير، وأدى الجفاف الشديد في معظم أنحاء البلاد إلى تدمير المحاصيل. بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد الاحتياطات الأجنبية المقدّرة بأكثر من 9 مليارات دولار، والمساعدات الخارجية لأفغانستان الذي تعتمد عليها بالأساس في الاستيراد ودعم العملة. وقد أصبح تدهور الناتج المحلي والعملة وتراجع الدخول والقوة الشرائية واضحًا في معالم التدهور الاقتصادي الملموس في بأفغانستان، ويوضح الشكل التالي مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي وتدفقات المساعدات الخارجية لأفغانستان خلال الفترة من 2002 – 2019، حيث توضح حجم التطور خلال هذه الفترة.
الشكل رقم (4)
مؤشرات الناتج المحلي
الإجمالي وتدفقات المساعدات الخارجية لأفغانستان
خلال الفترة من 2002 – 2019 (بالمليار دولار أمريكي)
فقبل سيطرة طالبان، كان ما يقرب من 80٪ من ميزانية
الحكومة الأفغانية السابقة المدعومة من الغرب يتم تغطيته بمنح من الشركاء الدوليين، ومع ذلك، غالبًا ما كانت الحكومة الأفغانية تفتقر إلى
القدرة الفنية اللازمة للحفاظ على الأصول التي قدمتها الولايات المتحدة.(39)
ومع قطع هذه المنح، لم يتمكن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يعملون في وظائف
القطاع العام مثل المعلمين وموظفي المحاكم، من الحصول على رواتبهم لمدد طويلة.
فبعد سيطرة حركة طالبان على السلطة مرة ثانية، أصبحت
أفغانستان معزولة فعليا عن بقية العالم، كما نجد أن عدم الاستقرار السياسي وانعدام
الأمن في أفغانستان كان له عواقب وخيمة على الوضع الاقتصادي حيث تم وقف المساعدات
الدولية المقدمة للدولة بسبب الشكوك التي صاحبت عودة طالبان. كما أن القيود
الإضافية التي فرضتها سلطات الأمر الواقع على حقوق الإنسان في البلاد ساهمت في
تعميق هذه العزلة، خاصة وأن القيود التي فرضها نظام طالبان على تعليم المرأة
وتوظيفها قد تؤدي أيضًا إلى تقويض عملية تسليم المساعدات الإنسانية، ومن شأن ذلك
أن يؤدي إلى تفاقم الضغوط على سعر الصرف والتضخم، مما يؤدي إلى انخفاض الواردات،
وانخفاض إيرادات الجمارك، وهي مصدر رئيسي لإيرادات الموازنة. وبالتالي تنخفض
السيولة، وقد تصبح المعاملات الدولية أكثر صعوبة. وقد ذكر السفير الأمريكي السابق
لدى أفغانستان "بي مايكل ماكينلي" لمجلة فورين أفيرز: "إن أي
مساعدة موسعة لأفغانستان تخاطر بالاتهام بأنها تعمل على ترسيخ طالبان في السلطة
وإضعاف نفوذها للتأثير على سلوكهم".(40)
كما ظهرت ما يسمى بأزمة الجوع، وفي هذا السياق ذكرت
"هسياو وي لي" المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في أفغانستان في
بيان لها: "وسط مستويات الجوع وسوء التغذية المثيرة للقلق، نحن مضطرون
للاختيار بين الجياع والذين يتضورون جوعا، مما يترك ملايين الأسر تكافح للحصول على
وجبتها التالية. بالموارد القليلة المتبقية لدينا، لا يمكننا خدمة كل هؤلاء الأشخاص
الذين يتأرجحون على حافة العوز المطلق".(41)
وقد جاءت نظرة البنك الدولي لآفاق الاقتصاد
الأفغاني على المدى القريب متشائمة للغاية، إذ وصف في تقريره الصادر في أبريل 2022
آفاق الاقتصاد الأفغاني في ظل الظروف الراهنة بأنها كارثية. كما كشف التقرير عن
تراجع دخل الفرد الأفغاني بمقدار الثلث في الأشهر الأخيرة لعام 2021م، ما قضى على
التقدّم الاقتصادي، الذي أُحرز منذ عام 2007م حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي في
أفغانستان 14.58 مليار دولار في عام 2021، كما قدّر نصيب الفرد من إجمالي الناتج
المحلي الإجمالي لعام 2021 بنحو 363.70 دولار، كما بلغت نسبة البطالة عام 2020 إلى
11.70% وفقًا لبيانات البنك الدولي.(42)
كما تشير التقديرات الأممية إلى أن أكثر من نصف
السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي. وفي ذات السياق، أوضح "إيكويزا"
ممثل اليونيسف في أفغانستان خلال مؤتمر صحفي في نيويورك أن "2.3 مليون طفل
يُتوقع أن يواجهوا سوء التغذية الحاد خلال العام الحالي، وأن 175 ألفا منهم
يحتاجون علاجا من سوء التغذية الحاد الوخيم الذي يهدد الحياة. وبالإضافة إلى ذلك
من المتوقع أن تعاني نحو 140 ألف امرأة حامل ومرضع، خلال هذا العام وحده، من سوء
التغذية الحاد الذي يهدد قدرتهن على إعطاء أطفالهن أفضل بداية صحية لحياتهم".(43)
وقد أطلقت منظمة الأمم المتحدة على اقتصاد أفغانستان بأنه "في حالة سقوط حر" وحذرت من كارثة إنسانية في أفغانستان.(44)
كما ذكر "رامز الأكبروف" نائب الممثل
الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في
أفغانستان، أن معدلات انعدام الأمن الغذائي والفقر والديون ارتفعت منذ عودة طالبان
إلى السلطة.(45)
ومنذ وصولها إلى السلطة، تضغط حركة طالبان على
المجتمع الدولي للاعتراف بها "سلطة شرعية" في أفغانستان فيما يعد هذا
الأمر حاسما لطالبان لكي تتجنب انهيار اقتصاد البلاد في ظل انتشار الفقر والجوع
وبلوغ انعدام الأمن الغذائي في المجتمعات الحضرية مستويات مماثلة للمناطق الريفية
والنائية لأول مرة في البلاد.
كما تم عزل أفغانستان عن النظام المالي العالمي، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية
بتجميد أصول بقيمة 9 مليارات دولار تابعة للبنك المركزي، وبالتالي فإن البنك ليس
لديه أموال سائلة كافية لتلبية طلبات السحب. كما قدر صندوق النقد الدولي أن
الاقتصاد الأفغاني قد ينكمش بنسبة تصل إلى 30%.(46)
وفي 13 أغسطس 2021، وصف برنامج الغذاء العالمي نقص الطعام
في أفغانستان بالمريع، وحذر من كارثة إنسانية. فقد قدر البرنامج أن ثلث الأفغان
(14 مليون شخص) يعانون من الجوع - ويطالب بـ 200 مليون دولار إضافية لتلبية
احتياجاتهم المتزايدة.(47) ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابعة
لمنظمة للأمم المتحدة، فإن 2% فقط من الأفغان لديهم ما يكفي من الغذاء، وحذرت
المنظمة من أن الجوع الحاد قد ينتشر على نطاق واسع، ويعاني أكثر من ثلاثة ملايين
طفل من سوء التغذية.
وفي يناير 2022، أطلقت الأمم المتحدة "أكبر
مناشدة على الإطلاق" لتقديم مساعدات إنسانية لدولة واحدة حيث شددت على أنها في
حاجة إلى تمويل يبلغ 4.4 مليار دولار (3.9 مليار يورو) للحيلولة دون تفاقم الأزمة
الإنسانية في أفغانستان التي باتت "الأسرع نموا في العالم".
وقد أعلن البنك الدولي في يوليو 2023، إن العملة
المحلية الأفغانية ارتفعت مقابل العملات الرئيسية، حيث يمكن للعملاء سحب المزيد من
أموالهم من الودائع الفردية الموجودة منذ ما قبل أغسطس 2021. كما أجرت طالبان
محادثات تتعلق بالاستثمار مع دول المنطقة، بما في ذلك الصين وكازاخستان، كما تطالب
الحكومة برفع العقوبات والإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال المجمدة، لكن
المجتمع الدولي يربط كل هذا بشروط، منها رفع القيود المفروضة على النساء والفتيات.
وفي أكتوبر 2023، اجتمع الممثلون الخاصون
والمبعوثون لأفغانستان من كل من كندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا
واليابان والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في روما، وأصدر المشاركون
بيانا مشتركا أقروا فيه بالوضع الإنساني والاقتصادي الصعب الذي يواجهه الشعب
الأفغاني، بحيث يحتاج أكثر من 29 مليون أفغاني إلى المساعدة العاجلة، وركزوا على
ضرورة معالجة الأزمة الإنسانية في أفغانستان، وكرروا دعوتهم إلى حركة طالبان لضمان
وصول كافة العاملين في مجال المساعدات الإنسانية بدون عوائق، سواء كانوا من الرجال
أو النساء، بغرض أداء وظائفهم بفعالية في مختلف مناطق البلاد، مع التركيز على الحاجة
إلى خدمة الفئات السكانية الضعيفة التي لا يمكن الوصول إليها بدون توظيف النساء.
كما سلط المشاركون الضوء على المساعدات الإنسانية الكبيرة التي تقدمها حكوماتهم
ومنظماتهم إلى أفغانستان، والتي تبلغ بمجملها حوالي 6,3 مليار دولار أمريكي منذ
أغسطس 2021 وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، مما يمثل حوالي 74%
من كافة مساهمات المساعدات الإنسانية المقدمة لأفغانستان منذ ذلك الوقت، إلا أنهم
أشاروا إلى أن مستويات المساعدات الإنسانية آخذة في الانخفاض بينما الاحتياجات لم
تنخفض.(48)
وفي يوليو ٢٠٢٣، اجتمع الوفد الأمريكي بممثلين عن
المصرف المركزي الأفغاني ووزارة المالية الأفغانية لمناقشة وضع الاقتصاد الأفغاني
والتحديات التي يواجهها القطاع المصرفي. واطلع المسؤولون الأمريكيون على بيانات
حديثة تشير إلى انخفاض معدل التضخم ونمو صادرات وواردات السلع في أفغانستان في العام
2023، وأعربوا عن انفتاحهم لعقد حوار فني بخصوص شؤون إرساء الاستقرار الاقتصادي
عما قريب.(49)
وبالرغم من هذه التطورات الإيجابية التي يشهدها
الاقتصاد الأفغاني على الصعيد النقدي، التي ظهرت نتائجها جلياً من خلال تعزُّز
قيمة العملة الأفغانية، بجانب تحسُّن علاقة حكومة طالبان بكلٍّ من الصين والولايات
المتحدة – وهي التطورات التي من المحتمل أن تحمل منافع اقتصادية مهمة للدولة
الأفغانية خلال الفترة المقبلة – فإنه حتى الوقت الراهن لم ينعكس أي تحسُّن أو
توقعات إيجابية في الاقتصاد على الحالة الإنسانية في الدولة؛ والتي لا تزال تعاني
من وضع مُزْرٍ. فبينما كانت تخطط الولايات المتحدة للإفراج عن 3.5 مليار دولار من
احتياطيات النقد الأجنبي المجمدة من أصل 9.5 مليار دولار، لكنها أوقفت تلك العملية
نتيجة المخاوف المثارة بشأن مدى استقلال البنك المركزي عن طالبان، وأوجه القصور في
ضوابط مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب؛ وذلك بحسب المفتش العام المختص بإعادة
إعمار أفغانستان في يوليو 2023، بما يدلل على كون مساعي إصلاح العلاقات الأفغانية
مع الولايات المتحدة، لا تزال محل شك، خاصةً أنه لا تزال حكومة طالبان غير مُعترَف
بها دولياً، بما يدفع إلى القول بأنه من غير المُرجَّح أن تنحسر الأزمة الاقتصادية
الحالية في أفغانستان، إذا استمرت الأوضاع المحلية والدولية لحكومة طالبان على
حالها دون تغيير، بالإضافة الى استمرار تصاعد النشاط الإرهابي لتنظيم داعش في
الدولة.(50)
رابعاً- التحديات التي تواجه أفغانستان في ظل
حكم طالبان
قد يكون التصميم والصمود
الذي يحظى به نظام طالبان من المؤشرات الرئيسة على نجاح الحركة حتى الآن. وقد ذكر
"عبد السلام ضعيف" الذي كان يعمل مبعوثًا لنظام طالبان إلى باكستان
عندما كانوا يحكمون أفغانستان في التسعينيات "سر نجاحهم هو أنهم متحدون".(51)
كما لا توجد معارضة مسلحة أو سياسية تتمتع بدعم محلي أو خارجي كافٍ للإطاحة
بطالبان.
وبالرغم من ذلك، تعاني
حركة طالبان من تحديات رئيسة، يتمثل أحد أهم هذه التحديات الرئيسة للحركة في وجود
انقسامات على أسس قبلية وأيديولوجية، يتمثل أهمها في الانقسام بين "طالبان
قندهار" (دوراني بشتون بشكل رئيس) وشبكة حقاني (غلزاي بشتون بشكل رئيس). وفي
حين أن القائد الأعلى لحركة طالبان "الملا هيبة الله أخونزاده" ينتمي
إلى "طالبان قندهار"، فإن شبكة حقاني بقيادة "سراج الدين
حقاني" وزير الداخلية وأعضاء أسرته تظل القوة الدافعة لنظام طالبان الحالي.
ويعود الفضل في صعود أسرة حقاني في حركة طالبان ونظامها الحالي بشكل كبير إلى
باكستان التي دعمت بقوة هذه الأسرة للاحتفاظ بنفوذها على أفغانستان، وهو أمر يزيد
من استياء أعضاء الحركة من "طالبان قندهار". وقد ذكر في كلمة له في فبراير 2023، أمام تجمع ديني في
خوست، القاعدة الداعمة له بأنه محبط من الوضع دون أن يسمي أحدًا، كما ذكر
"نحن نعتبر أن من حقنا تحدي واحتكار وتشويه سمعة النظام بأكمله وقد أصبح هذا
أمرًا شائعًا".(52)
وفي حين يُشكِّل
"طالبان قندهار" فصيلاً كبيراً في الحركة مقارنة بشبكة حقاني، غير أن
الأخيرة تعمل على تعزيز نفسها عسكرياً من خلال عمليات التجنيد والتدريب والتسليح
المستمرة لوحداتها الخاصة، مثل "بدري 313" و"العمري".(53)
كما تحتفظ شبكة حقاني بعلاقة قوية مع بعض المجموعات التابعة لحركة "طالبان
باكستان" التي تنحدر من منطقة شمال وزيرستان القبلية. وفي حال حدوث مواجهة
عسكرية بين الفصيلين، فإن شبكة حقاني قد تحصل على دعم قوي من الجيش الباكستاني
والجماعات الجهادية الكشميرية مثل "جيش محمد" و "لشكر طيبة".
وقد يظهر الانقسام الآخر داخل
قيادة نظام طالبان بين معتدلين ومتشددين، وتتمحور هذه الاختلافات حول الكثير من
القضايا، بما في ذلك حقوق المرأة وتشكيل حكومة تشمل كل أطياف المجتمع الأفغاني،
ومستقبل الإرهابيين الدوليين التابعين للحركة. جدير بالذكر أن القيادة المعتدلة
لنظام طالبان الحالي تتألف إلى حد كبير، من الأشخاص الذين شَكَّلوا جزءًا من
الفريق المفاوض مع الولايات المتحدة في اتفاق الدوحة مثل الملا برادار وشير محمد
عباس ستانكزاي وغيرهم، ويدرك هؤلاء القادة حساسيات المجتمع الدولي، ويرغبون في
التعامل معها. أما القيادة المتشددة في الحركة فتضم الملا هيبة الله أخونزاده
(زعيم طالبان)، والملا حسن أخوند (رئيس الوزراء)، وهم لا يشعرون بأنهم ملزمون
بالتعهدات التي قُدِّمَت للمجتمع الدولي، وبخاصة إذا ما كانت هذه التعهدات ـ بحسب
اعتقادهم ـ تتعارض مع قيمهم ومفاهيمهم الدينية، وقد تسبَّب هذا في نقل كبار القادة
المعتدلين في الحركة، مثل شير عباس ستانكزاي والملا بارادار الذي يُعَدُّ المؤسس
المشارك للحركة ونائب زعيمها، إلى مواقع الصف الثاني من القيادة في التشكيلة
الحالية.
ويعود السبب الرئيس وراء
فرض المتشددين نسختهم المتشددة من الإسلام في أنهم يحتلون مناصب عليا في الحركة،
ما يعني نشر الخطاب المتشدد على مدى العقدين الماضيين من التمرد.(54) كما
يعتقد المتشددون أنه في حال تقديم تنازلات حول مواقفهم السابقة فإن هذا قد يؤدي
إلى انتقادات حادة في صفوف الحركة، وبالتالي حدوث انشقاقات داخل تنظيم حركة طالبان.
كما تسود مخاوف من أنه في حال حدوث انقسامات، فإن مثل هؤلاء المنشقين قد يشكلون
جماعات منافسة أو الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية خراسان أو حركة طالبان
ـ باكستان، وبالتالي تدعيم قوة هذه الحركات المنافسة.
كما أنه من بين أهم التحديات أيضًا، العلاقة الارتباطية
بين عودة طالبان للحكم في أفغانستان وإعادة تشكيل خريطة العودة للتنظيمات
الإرهابية، خاصة تنظيمي القاعدة وداعش، لاسيما أن الحركة تضم ما يسمى بالحرس
القديم، وهم قادة متأثرون بالفكر الجهادي للقاعدة. كما أن سيطرة طالبان على السلطة
يمكن أن يساهم في منح الفرصة لهذه التنظيمات لإعادة بناء هيكلها وقدراتها القتالية
من جديد، كما قد يساهم في تعزيز فرص وإمكانية ظهور تنظيمات إرهابية جديدة وتوسيع
نطاق عملياتها داخل أفغانستان أو في المناطق المجاورة.(55)
وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن هناك اختلافات
عديدة بين حركة طالبان والقاعدة، فحركة طالبان تعتنق العقيدة الديوبندية، التي
تعتمد على عقيدة أبي منصور الماتريدي في العقيدة، والفكر الحنفي في الفقه. أما
القاعدة تعتمد على الفكر السلفي الجهادي في معتقدها وفكرها الحركي. كما إن حركة
طالبان يقتصر نشاطها كحركة محلية على الحدود الجغرافية للدولة الأفغانية، بينما
يقوم فكر القاعدة على توسيع رقعة الانتشار والتوسع الجغرافي في مختلف دول العالم.(56)
كما أن هناك عديد من الخلافات بين تنظيم داعش
والقاعدة، وصلت إلى تكفير كل تنظيم للآخر؛ وتبرز أهم هذه الاختلافات في قضية اختيار
المنضمين، والتي تمثل واحدة من أهم الاختلافات بين التنظيمين. فتنظيم القاعدة
يعتمد على انتقاء الأعضاء المنتمين إليه على أسس واختبارات شرعية وفقهية، بينما
يتم اختيار الأعضاء المنضمين إلى تنظيم داعش وفق معايير لا يمكن أن توصف بالشرعية،
كما أن غالبيتهم لديهم سجلات إجرامية. كما يعتمد تنظيم القاعدة على مبدأ الشورى في
عملياته الجهادية، بينما يتحرك تنظيم داعش على أساس الأحكام السلطانية التي يفرضها
ولي الأمر. كذلك يعتمد تنظيم القاعدة على مفهوم الجهاد التضامني خاصة فيما يتعلق
بالعدو البعيد، بينما يعتمد تنظيم داعش على مفهوم جهاد التمكين، والذي ظهر جليًا
بشكل واضح في إعلان الدولة واهتمام التنظيم بالسيطرة الميدانية.
كما يشكل مفهوم الدولة أحد الارتكازات الفكرية التي
يقوم عليها تنظيم داعش، وهذا ما ظهر بعد إعلان التنظيم خلافته في سوريا والعراق؛
حيث قام ببناء مؤسسات سياسية وعسكرية ومالية كما هو الحال بالنسبة للدول. على
الجانب الآخر، فإن تنظيم القاعدة لا يهتم بالسيطرة المكانية أو تكوين دولة.(57)
وبناءً على ما سبق، يمكن
القول إن حكم طالبان يواجه العديد من التحديات الكبيرة، وأن الحركة بمفردها لا
يمكنها تجاوز هذه التحديات والتي تُعَدُّ ذات طبيعة متنوعة ومعقدة، وتحتاج طالبان
إلى دعم داخلي وخارجي لمواجهة هذه التحديات.
وفي ضوء هذه التحديات، يظل
مستقبل نظام طالبان في حكم دولة أفغانستان مرهونًا بعدة عوامل، يتمثل أبرزها في
سعي أفغانستان لحل أزمة الشرعية وكسب الاعتراف الدولي بما يزيد من فرصها في الحصول
على المساعدات والخدمات الاقتصادية والإنسانية، ويُتيح لها الوصول إلى الأسواق
الأمريكية والأوروبية ووضعها على مسار الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي
على المدى البعيد.
وبالتالي، قد تعمل السلطات
الأفغانية على إعادة رسم سياستها الداخلية والخارجية بما يزيد من احتمالية كسب ثقة
العالم، لاسيما فيما يتعلق بملف إيوائها لأعضاء وقادة التنظيمات والحركات
الإرهابية والعنيفة على غرار تنظيم القاعدة، لضمان عدم الإضرار بالمصالح الأمريكية
والغربية في المنطقة.
بالتالي يمكن أن تبذل المساعي
الحثيثة لحل الأزمة، وتُقدم طالبان الأفغانية أمام العالم كنموذج هام في معادلة
إرساء السلام والاستقرار في المنطقة.
الخاتمة
مما سبق، يتضح إن نظام طالبان يعد صعود للهياكل
الدينية والاجتماعية التقليدية بخصائصها إلى الحكم، على الرغم من الجهود الكثيفة
السوفيتية ثم الأمريكية في القضاء على نظام طالبان وترسيخه لنظم حكم بأفغانستان.
وعلى الرغم من ذلك، ما زال أمام نظام طالبان العديد من التحديات التي يمكن أن تعيق
استمراره بالحكم، ولعل أهمها الجماعات الإرهابية التي ما زالت تشكل تهديدا خطيرًا
لطالبان.
كما يمكننا التحذير بأن العقاب الجماعي من المجتمع
الدولي للشعب الأفغاني من خلال اقتصاد أفغانستان هو استراتيجية جيوسياسية خاطئة، فيمكن أن
يكون لفشل تجربة طالبان في الحكم مردود إيجابي مؤقت يتمثل في إضعاف أنشطة
التنظيمات الجهادية الأخرى خارج نطاق جنوب آسيا خاصة في الشرق الأوسط والتي عملت
على استغلال نجاح حركة طالبان في التسويق لتحركاتها ومشروعاتها السياسية، ولكن
هناك أيضا بعض التداعيات الأكثر واقعية والتي تتمثل في تحول الحركة مرة أخرى للعمل
المسلح، وعمل شبكات توسعية مع حركات إرهابية أخرى داخل أفغانستان والمنطقة.
الهوامش
1)
كرم الحفيان، تجربة
طالبان: قراءة خلدونية: دراسة سوسيولوجية في جذور وظهور طالبان، تركيا: مركز
المجدد للبحوث والدراسات، 2021، ص 10.
2)
Larry P Goodson, Afghanistan's Endless
War: State Failure, Regional Politics and the Rise of Taliban, Seattle:
University of Washington Press, 2001, P.11.
3)
David B Edwards, Heroes of the Age: Moral Fault Lines on
the Afghan Frontier. Berkeley: University of California Press, 1996, P.3.
4)
AFGHAN TALIBAN, Counter Terrorism Guid, at:
https://www.dni.gov/nctc/groups/afghan_taliban.html
5)
Lindsay Maizland, The Taliban in
Afghanistan, Council on Foreign Relations, January 19, 2023,
https://www.cfr.org/backgrounder/taliban-afghanistan
6)
ولاية ننجرهار من إحدی
الولايات الـ 34 بأفغانستان تقع شرقي البلاد مع الحدود الباکستانية.
7)
Mohammad Ismail Siddiqi, Afghan Conflicts
and Soviet Intervention — Perception, Reality and Resolution, GeoJournal, Vol.
18, No. 2 (March 1989), pp. 123-132, at:
https://www.jstor.org/stable/41144389
8)
أفغانستان والتحديات أمام
حُكم طالبان، ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي، 17 أكتوبر 2021، الرابط:
https://epc.ae/ar/details/scenario/-afghanistan-watahadiyat-amam-hukm-taliban-
9)
كرم الحفيان، تجربة
طالبان: قراءة خلدونية "دراسة سوسيولوجية في جذور وظهور طالبان"، مركز المجدد
للبحوث والدراسات، 2021، ص 6.
10) وليد
بدران، من هم طالبان، الذين فشلت أمريكا في القضاء عليهم وفاوضتهم بعد 19 عاماً من
الحرب؟، موقع عربي BBC News، 22 أغسطس 2017، الرابط:
https://www.bbc.com/arabic/world-41011538
11)
Julia Hollingsworth, Who are the Taliban and
how did they take control of Afghanistan so swiftly?, CNN, August 24, 2021,
https://edition.cnn.com/2021/08/16/middleeast/taliban-control-afghanistan-explained-intl-hnk/index.html
12) الصكوك
الدولية لحقوق الإنسان: وثيقة أساسية تشكل جزءاً من تقارير الدول الأطراف
لأفغانستان، موقع الرسمي للأمم المتحدة، HRI/CORE/AFG/2007، 26 أغسطس 2009،
الرابط:
https://docstore.ohchr.org/SelfServices/FilesHandler.ashx?enc=FhOD6sgqgzAhFXD9F%2FeKaFMm83LbFY75RhkIFGrig%
2B4YkgXcgz4YFQKdgRo5KSn1UpeMBY6yklbz%2F1fjc5c5gJ3qxR51BiKqdNxDuIH9Csab7YYoZnE4kXD2168vwBC5
13)
Clayton Thomas, U.S. Military Withdrawal and Taliban Takeover in
Afghanistan: Frequently Asked Questions, Congressional Research Service,
September 17, 2021, at:
https://crsreports.congress.gov/product/pdf/R/R46879
14)
President Delivers State of the Union
Address, White House, January 29, 2002, at:
https://georgewbush-whitehouse.archives.gov/news/releases/2002/01/20020129-11.html.
15)
Establishing the Rule of Law in
Afghanistan, United States Institute of Peace, March 2004, at:
https://www.usip.org/sites/default/files/sr117.pdf
16)
China's Xi pledges security equipment,
training for Afghanistan, Reuters, JULY 10, 2015, at:
https://www.reuters.com/article/us-china-afghanistan-security-idUSKCN0PK0Q020150710
17)
Zalimay Khalilzad, Briefing with Special
Representative for Afghanistan Reconciliation Ambassador Zalmay Khalilzad on
the Afghanistan Peace Negotiations: Special Briefing, U.S Department of State,
September 11, 2020,
https://2017-2021.state.gov/special-representative-for-afghanistan-reconciliation-ambassador-zalmay-khalilzad-on-the-afghanistan-peace-negotiations/
18)
طالبان... منذ نشأتها عام
1996 إلى سيطرتها على 85 بالمئة من الأراضي الأفغانية، موقع euronews، 10 يوليو 2021، الرابط:
https://arabic.euronews.com/2021/07/10/taliban-chronology-in-afghanistan-since-1996
19) [1] أفغانستان تحت حكم طالبان: الحركة تتقدم
للسيطرة على وادي بانشير آخر جيوب المقاومة ضدها، عربي BBC News، 3 سبتمبر 2021، الرابط:
https://www.bbc.com/arabic/world-58435289
20)
More details see: Defense Budget Overview
"United States Department of Defense Fiscal Year 2023 Budget
Request", Office of the Under Secretary of Defense (Comptroller)/Chief
Financial Officer, April 2022, P. 1-3, 1-4.
21)
Bryan Bender and Paul Mcleary, The $88
billion gamble on the Afghan army that’s going up in smoke, Politico Playbook,
August 13, 2021, at:
https://www.politico.com/news/2021/08/13/afghan-army-pentagon-504469
22) فريق
تقصي الحقائق بموقع عربي BBC News، الحرب في
أفغانستان: كم كلف ذلك الصراع الولايات المتحدة؟، 19 أبريل 2021، https://www.bbc.com/arabic/world-56792790
23) Stephanie
Savel, Twenty years from now, we’ll still be reckoning with the high societal
costs of the Afghanistan and Iraq wars — long after U.S. forces are gone,
August 31, 2021, University of Brown,
https://www.brown.edu/news/2021-09-01/costsofwar
24)
N. N. Bobkin, The
End of the War in Afghanistan: The Defeat of the United States and the
Consequences for Regional Security, Herald of the Russian Academy of Sciences,
2022, Vol. 92, Suppl. 4, pp. S331–S339.
25)
Hardliners get key posts in new Taliban
government, BBC News, September 7, 2021,
https://www.bbc.com/news/world-asia-58479750
26)
ديفيد فوكس، ماذا ينتظر
أفغانستان بعد عودتها إلى حكم طالبان؟، تايمز أوف إسرائيل، 1 سبتمبر 2021، الرابط: https://bit.ly/4axwOsy/
27)
Transcript of Taliban’s first news
conference in Kabul, Al Jazeera, August 17, 2021.
28)
أفغانستان: عام على حكم
"طالبان" الكارثي، موقع Human Right Watch، 11 أغسطس
2022، الرابط:
https://www.hrw.org/ar/news/2022/08/11/afghanistan-talibans-catastrophic-year-rule
29)
For more details see: POLICY OPTIONS FOR
PREVENTING MASS ATROCITIES IN AFGHANISTAN: Atrocity Assessment Workshop,
Summary Report, The United States Holocaust Memorial Museum, AUGUST 2023, at:
chromeextension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/https://www.ushmm.org/m/pdfs/Afghanistan_Policy_Brief_-_August_2023.pdf
30) سيكوندر
كرماني، طالبان: كيف تغيرت أفغانستان منذ الإطاحة بالحركة قبل عشرين عاماً؟، موقع
عربي BBC
News، 12 سبتمبر 2021، https://www.bbc.com/arabic/world-58522277
31)
الحرب في أفغانستان: الأمم
المتحدة تطالب الجيران بالإبقاء على الحدود مفتوحة وتحذر من كارثة إنسانية، الأمم المتحدة،
13 أغسطس 2021، الرابط:
https://www.bbc.com/arabic/world-58196753
32)
أحمد مسعود هو قائد جبهة
المقاومة الوطنية في أفغانستان.
33)
One Year Since the Taliban Takeover: The
Group’s Unassailable Grip on Power and the Impasse in Its Foreign Policy, International
Institute for Iranian Studies, September 4, 2022, at:
chrome-extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/https://rasanah-iiis.org/english/wp-content/uploads/sites/2/2022/09/One-Year-Since-the-Taliban-Takeover-The-Groups-Unassailable-Grip-on-Power-and-the-Impasse-in-Its-Foreign-Policy.pdf
34)
[1]Amira Jadoon, Abdul Sayed and Andrew
Mines, The Islamic State Threat in Taliban Afghanistan: Tracing the Resurgence
of Islamic State Khorasan, CTC Sentinel, January 2022.
35)
Islamic State Khorasan Province (ISKP),
European Union Agency for Asylum, January 2023, at:
https://euaa.europa.eu/country-guidance-afghanistan-2023/22-islamic-state-khorasan-province-iskp
36)
Afghanistan – Security Situation: Country
of Origin Information Report, European Union Agency for Asylum (EUAA), August
2022, P. 52, at:
https://coi.euaa.europa.eu/administration/easo/PLib/2022_08_EUAA_COI_Report_Afghanistan_Security_situation.pdf
37)
No group could govern in Afghanistan
forcibly: Supreme Council of Resistance to Save Afghanistan, Aamaj News, May
19, 2022, at:
https://aamajnews24.com/afg-anti-taliban-front/
38)
"لإنقاذ
أفغانستان".. سياسيون وأمراء حرب يشكلون مجلسًا أعلى للمقاومة، موقع التليفزيون
العربي، 19 مايو 2022، الرابط:
https://bit.ly/4arbiWt
39)
[1]تقرير أممي: طالبان
استهدفت مسؤولين سابقين على الرغم من العفو الشامل، 22أغسطس 2023، الرابط:
https://news.un.org/ar/story/2023/08/1123007
40)
What We Need to Learn: Lessons from Twenty
Years of Afghanistan Reconstruction, Special Inspector General for Afghanistan
Reconstruction (SIGAR), August 2021, p.40,
https://www.sigar.mil/pdf/lessonslearned/SIGAR-21-46-LL.pdf
41)
Lindsay Maizland, A Look at Afghanistan’s Humanitarian Crisis,
Council of Foreign Relations, January 12, 2022,
https://www.cfr.org/article/afghanistan-humanitarian-crisis-famine-foreign-aid-taliban
42)
الاختيار بين "الجياع
والذين يتضورون جوعا": نقص التمويل يقطع المساعدات عن 10 ملايين أفغاني،
الأمم المتحدة، 5 سبتمبر 2023، الرابط:
https://news.un.org/ar/story/2023/09/1123347
43)
الموقع الرسمي للبنك
الدولي، الرابط:
https://data.albankaldawli.org/country/afghanistan?display=
44)
ممثل اليونيسف في
أفغانستان يدعو المجتمع الدولي إلى تخفيف محنة الأطفال الأفغان، الأمم المتحدة، 18
مايو 2023 ، الرابط:
https://news.un.org/ar/story/2023/05/1120487
45)
دعوة أممية إلى الحيلولة
دون انزلاق أفغانستان إلى كارثة إنسانية، الأمم المتحدة،
17 أغسطس 2023،
الرابط:
https://news.un.org/ar/story/2023/08/1122907
46)
رامز الأكبروف، بعد عام
على استيلاء حركة طالبان على السلطة: لا يمكننا أن ندير ظهورنا لمستقبل أفغانستان،
مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، 15 أغسطس 2022، الرابط:
https://unsdg.un.org/ar/latest/blog/one-year-taliban-takeover-we-cant-turn-our-backs-afghanistans-future
47)
Lindsay Maizland, A Look at Afghanistan’s
Humanitarian Crisis, ibid.
48)
الحرب في أفغانستان: الأمم
المتحدة تطالب الجيران بالإبقاء على الحدود مفتوحة وتحذر من كارثة إنسانية، الأمم
المتحدة، مرجع سبق ذكره.
49)
Joint Statement on Afghanistan, U.S.
Department of State, OCTOBER 31, 2023,
https://www.state.gov/joint-statement-on-afghanistan-3/
50)
Meeting of U.S. Officials with Taliban
Representatives, U.S Department of States, July 23, 2023,
https://www.state.gov/meeting-of-u-s-officials-with-taliban-representatives/
51)
سهير الشربيني، تكلفة
العزلة: كيف تعاملت طالبان مع أزماتها الاقتصادية؟، إنترريجونال للتحليلات
الاستراتيجية، 5 أكتوبر 2023، الرابط:
https://www.interregional.com/article/%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%84%D8%A9:/441/Ar
52)
EBRAHIM NOROOZI, The Taliban are
entrenched in Afghanistan after two years of rule. Women and girls pay the
price, El Pais, at:
https://english.elpais.com/international/2023-08-14/the-taliban-are-entrenched-in-afghanistan-after-two-years-of-rule-women-and-girls-pay-the-price.html.
53)
بوادر
انقسامات داخلية وعلنية نادرة داخل طالبان، موقع يورو نيوز، 16 فبراير
2023، الرابط:
54) خلاف
عميق يظهر إلى العلن بين قادة جماعة طالبان وشبكة حقاني...، موقع نبض، 16 فبراير
2023، الرابط:
https://nabd.com/s/115429131-8d4141/9%85,
خلافات وصلت حد الشجار.. ماذا يجري داخل قيادة طالبان؟، موقع سكاي نيوز
عربية، 15 سبتمبر 2021، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1463818
55) فقر،
وعنف، وطالبان: التحديات التي تواجه أفغانستان في ظل نظام كابول الجديد، ملتقى أبو
ظبي الاستراتيجي: وحدة الدراسات الآسيوية، 7 مارس 2023، الرابط:
https://epc.ae/ar/details/scenario/faqar-wa-unf-wa-taliban-altahadiyat-alati-tuajih-afghanistan-fi-zil-nizam-kabul-aljadid
من هم أبرز
زعماء طالبان الذين قادوا الحركة للسيطرة على أفغانستان؟، فرانس 24، 16 أغسطس
2021، الرابط: https://www.france24.com/ar/
56)
Roy Gutman, The Taliban Is Back, and the
World’s Jihadis Are Coming, The Washington Institute for Near East Policy, Aug
18, 2021,
https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/taliban-back-and-worlds-jihadis-are-coming
57) مصطفى
صلاح، تداعيات متعددة: صعود طالبان ومستقبل التنظيمات المتطرفة في أفغانستان، مجلة
السياسة الدولية، 19 أغسطس 2021، الرابط:
https://www.siyassa.org.eg/News/18095.aspx
58) أحمد
سلطان، مستقبل العلاقة بين القاعدة وطالبان وداعش بعد مقتل أيمن الظواهري، المركز
المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 17 أغسطس 2022، الرابط: https://ecss.com.eg/20509/