المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

ملامح واضحة ...هل يؤدى تزايد نفوذ تركيا في سوريا لتعزيز دورها في البحر المتوسط؟

الثلاثاء 04/فبراير/2025 - 07:59 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

لطالما كانت منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​ مسرحاً للتنافس والتحالفات المتغيرة؛ حيث يعكس إعلان أنقرة عن اتفاقية محتملة لمنطقة اقتصادية خالصة مع الحكومة السورية الجديدة على غرار الاتفاقية البحرية التي أبرمتها عام 2019 مع حكومة الوفاق الوطني الليبية مستوى دورها المتزايد في هذه المنطقة خلال الفترة القادمة.  وسمحت هذه الاتفاقية السابقة لتركيا بالمطالبة بموطئ قدم في شرق البحر الأبيض المتوسط، وإعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية لصالحها. واليوم، تنتهج أنقرة استراتيجية مماثلة في سوريا، باستخدام وعد الدعم الاقتصادي والسياسي لوضع نفسها كلاعب مهيمن في البلاد. وتؤكد هذه المناورات الموازية على رؤية أنقرة الأوسع لليبيا وسوريا كركائز مترابطة لاستراتيجيتها الجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط، حيث تعزز الإجراءات في إحدى الساحتين النفوذ في الأخرى.

تسعى تركيا إلى الاستفادة من التدخلات العسكرية والاتفاقيات السياسية والأدوات الاقتصادية لتعزيز أهدافها. ففي ليبيا، ضمن تدخل تركيا في عام 2019 لها موطئ قدم حاسم من خلال نشر الطائرات بدون طيار والمرتزقة السوريين والدعم العسكري المباشر. وسمح هذا لأنقرة بالتفاوض على اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أعادت من وجهة نظرها ترسيم الحدود البحرية وتحدت مطالب اليونان وقبرص وبعض القوى الأخر في البحر الأبيض المتوسط.

ولم تكن الاتفاقية مجرد مناورة اقتصادية؛ بل كانت خطوة استراتيجية لمواجهة المنافسين في البحر الأبيض المتوسط ​​بشأن المياه الإقليمية وموارد الطاقة. وبعد خمس سنوات، تسعى أنقرة إلى إبرام اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة مع الحكومة السورية الجديدة من شأنها أن توسع مطالباتها البحرية إلى أبعد من شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي حين تضع تركيا هذه الإجراءات في إطار تأكيدات مشروعة لحقوقها، فمن المرجح أن تنظر إليها القوى الإقليمية باعتبارها استفزازات تعمل على تعميق التوترات في بيئة متقلبة بالفعل.

أولاً: موازنة الدور الروسي في ليبيا

تحتل ليبيا دوراً مركزياً في استراتيجية تركيا المتوسطية، حيث تعمل كبوابة لطموحات أنقرة الإقليمية ومنصة لإبراز النفوذ. وقد تعرضت مذكرة التفاهم لعام 2019 مع حكومة الوفاق الوطني، والتي أسست حدوداً بحرية متنازع عليها منذ فترة طويلة، لانتقادات بسبب إثارة قضايا السيادة وشرعيتها المشكوك فيها بموجب القانون الدولي. وبعيدًا عن هذه التحديات القانونية، فإن موقف تركيا في ليبيا معقد بشكل أكبر بسبب تغلغل روسيا، من خلال مجموعة فاغنر - التي أعيدت تسميتها مؤخرًا باسم فيلق أفريقيا – عبر دعم قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، وإيجاد موطئ قدم لها بمناطق سيطرته. إن التقارير عن عمليات نقل الأسلحة الروسية عبر المجال الجوي الذي تسيطر عليه تركيا من قاعدة حميميم الجوية السورية إلى شرق ليبيا بعد سقوط دمشق توضح الطبيعة المتناقضة للتنافس بين تركيا وروسيا. ظاهريا، قد تبدو مثل هذه التطورات ذات طابع براجماتي، لكنها تعكس استراتيجية أنقرة الأوسع نطاقاً، والتي تتضمن الحفاظ على النفوذ من خلال وضع حدود للعمليات الروسية مع الاستفادة من دورها كعامل موازن إقليمي.

ثانياً: التمدد في سوريا

يعكس نهج تركيا في سوريا طموحاتها الأوسع لدمج استراتيجياتها عبر الساحات، وتعزيز نفوذها من خلال سياسات مترابطة؛ حيث إن سعي تركيا إلى تحقيق مكاسب بحرية في سوريا يبني على نجاحات اتفاقها مع ليبيا مع تسليط الضوء على المخاطر الكامنة في تكرار هذه الاستراتيجية في سياق جيوسياسي مختلف. وتتطلب التوترات المتداخلة في ليبيا وسوريا إعادة ضبط مستمرة.

ولكن هناك تحديات كبيرة تلوح في الأفق في سوريا، وأبرزها تلك التي تتعلق بإسرائيل؛ ففي أعقاب انهيار نظام الأسد، تصاعدت الغارات الجوية الإسرائيلية، مستهدفة عدداً لا يحصى من المنشآت العسكرية والطائرات وأنظمة الرادار ومواقع الصواريخ. ويتفاقم هذا القلق بسبب الاعتقاد بأن إيران ستواصل المناورة من أجل النفوذ، وترى أن الأصول الاستراتيجية لسوريا قيمة للغاية بحيث لا يمكن التخلي عنها.

وإذا ثبت أن هذه الرؤية غير قابلة للتحقيق، فقد تلجأ إسرائيل إلى كبح النفوذ التركي من خلال تقويض وحدة سوريا، وتوجيه الدعم للأقليات العرقية والدينية لتفتيت البلاد وإضعاف موقف أنقرة، وقد يمهد هذا الطريق لمسار تصادمي محتمل بين الطرفين. إن قدرة تل أبيب على العمل خارج المعايير الدولية التقليدية، كما تجلى بشكل صارخ في غزة، وتأمين الدعم الثابت من حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين، بغض النظر عن أساليبها ـتكشف عن عدم التماثل الوشيك الذي تواجهه تركيا في هذه المنافسة الجيوسياسية.

ثالثاً: تعزيز النفوذ في البحر الأبيض المتوسط

تعمل تركيا في ظل التحديات التي تواجه تطلعاتها الأوسع في البحر الأبيض المتوسط، على بناء التآزر بين استراتيجياتها في ليبيا وسوريا لتعظيم نفوذها، مما يعكس طموحها لإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للبحر الأبيض المتوسط ​​وتعزيز موقفها التفاوضي. ففي ليبيا، تكيفت أنقرة مع المشهد السياسي المتغير، وتواصلت مع الفصائل الليبية الشرقية وعائلة حفتر لتوسيع نفوذها. ويشير هذا التواصل إلى تحول عملي من المواجهة إلى الدبلوماسية الحذرة، حيث تسعى تركيا إلى تحويل الخصوم السابقين إلى أصحاب مصلحة متعاونين أثناء التنقل في الساحة الجيوسياسية الليبية. وفي سوريا، وضع النفوذ السياسي تركيا كمحور رئيسي للمشاركة الإقليمية مع الحكومة السورية، والتوسط بين دمشق والجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية، بما في ذلك الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، وربما روسيا.

ومن خلال مواءمة استراتيجياتها في ليبيا وسوريا، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها عبر المسرحين؛ حيث يؤكد هذا النهج المحسوب جهود أنقرة الرامية إلى وضع نفسها كلاعب لا غنى عنه في البحر الأبيض المتوسط، وترجمة المناورات التكتيكية إلى مكاسب جيوسياسية أوسع نطاقاً في حين تستبق التحديات التي تهدد طموحاتها. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية عالية المخاطر تترك تركيا مكشوفة، فالتوترات المتداخلة في ليبيا وسوريا تتطلب إعادة ضبط مستمرة، حيث يمكن أن تنتقل التطورات في ساحة واحدة بسرعة في ساحة أخرى.

كما إن عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض هذا الشهر تلوح في الأفق باعتبارها ربما العامل الأكثر أهمية في تشكيل ديناميكيات المنطقة. كما إن النهج البراغماتي الذي يتبناه ترامب في السياسة الخارجية قد يوفر لأنقرة فرصاً لتعزيز دورها بشكل أكثر عدوانية، وخاصة مع استغلالها لموقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، فإن هذا النهج نفسه قد يؤدى لانسحاب الولايات المتحدة بشكل أكبر من الصراعات الإقليمية، مما يترك تركيا لمواجهة تحديات متصاعدة من موسكو وإسرائيل وقوى إقليمية أخرى دون دعم من حلفائها الغربيين التقليديين.

وفي النهاية: تعكس استراتيجية تركيا المتوسطية فرص ومخاطر الطموح والضعف، وكما تنظر أنقرة إلى ليبيا وسوريا كمسرحين مترابطين، ينبغي للجهات الفاعلة الغربية أن تغتنم هذه اللحظة من التغيير لإعادة تقييم علاقاتها الثنائية مع تركيا، والاعتراف بالمصالح المشتركة في الاستقرار البحري والتنمية الإقليمية.

ويعني هذا في ليبيا دعم العملية السياسية التي تخفف

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟